إعدام "سيف الإسلام".. نظام القذافي في مرمى انتقام إخوان ليبيا

الثلاثاء 28/يوليو/2015 - 04:54 م
طباعة إعدام سيف الإسلام..
 
تعد أسرة معمر القذافي أحد الأهداف التي تسعى جماعة الإخوان الإرهابية في ليبيا إلى القضاء عليها؛ وذلك بسبب التاريخ الدموي بين الجماعة ونظام القذافي، في محاولة منها للثأر؛ لما شهدته عقب قيام ثورة الفاتح؛ حيث أصدرت محكمة استئناف طرابلس التابعة للحكومة الموازية الموالية لجماعة الإخوان المسلمين، اليوم الثلاثاء 28 يوليو 2015 حكمًا بإعدام سيف الإسلام رميًا بالرصاص.

إعدام سيف الإسلام..
صدر عن المحكمة الحكم ذاته بحق البغدادي المحمودي آخر رئيس وزراء في عهد النظام الليبي السابق، وعبد الله السنوسي المقرب من القذافي وصهره.
وصدر الحكم بحق نجل القذافي غيابيًّا بسبب إقامته في الزنتان منذ القبض عليه نهاية عام 2011 أما البغدادي المحمودي، آخر رئيس وزراء بحكم القذافي، وعبدالله السنوسي صهر القذافي ورئيس جهاز المخابرات في عهده فهما في قبضة ميليشيات موالية للمؤتمر الوطني المنتهية ولايته في طرابلس. 

وأعلنت المحكمة عن أحكام قضائية ضد عدد آخر من أركان العقيد معمر القذافي تراوحت بين الإعدام والبراءة والسجن المؤبد، فقد بثت قنوات تلفزيونية مقربة من الميليشيات المسيطرة على العاصمة طرابلس، تلاوة قاضٍ لقرار وصفه بحكم القضاء القاضي بالإعدام رميًا بالرصاص أيضًا بحق منصور ضو رئيس الحرس الجمهوري، وأبو زيد دوردة الذي تولى رئاسة جهاز المخابرات إلى جانب السنوسي، بالإضافة إلى ميلاد دامان رئيس جهاز الأمن الداخلي في عهد القذافي.
ويقبع سيف الإسلام في سجن سري تابع للثوار بالزنتان، 180 كلم جنوب غرب طرابلس، منذ 19 نوفمبر الماضي بعد اعتقاله على الحدود الجنوبية أثناء محاولته الهرب إلى النيجر.
ووجهت طرابلس التي يسيطر عليها ميليشيات فجر ليبيا الموالية للمؤتمر الوطني الليبي المنتهية ولايته، لنجل معمر القذافي ورفاقه تهما، بينها المشاركة في قتل الليبيين بعد ثورة 17 فبراير عام 2011 والتحريض على القتل والإبادة الجماعية والنهب والتخريب وارتكاب أفعال غايتها إثارة الحرب الأهلية في البلاد وتفتيت الوحدة الوطنية وتشكيل عصابات مسلحة وجرائم أخرى تتعلق بفساد مالي وإداري وترويج المخدرات.
وشملت هذه المحاكمة أيضا أبرز مصطفى الخروبي، أحد أكبر أركان القذافي الذي أعلن عن وفاته قبل أيام من الإعلان عن النطق بالحكم في حق المعتقلين.
الجدير بالذكر أن محكمة الجنايات أجلت عدة مرات، النطق بالحكم ضد المتهمين، وكانت المرة الأخيرة التي مثل فيها سيف الإسلام القذافي أمام المحكمة في 27 أبريل الماضي، عبر نظام الدائرة المغلقة بالفيديو من سجنه في الزنتان.
وكانت محكمة استئناف طرابلس عقدت 20 جلسة أغلبها بغياب محامي المتهمين.
وتشهد ليبيا انقسام داخلي في السلطة، حيث تنقسم إلى حكومة وبرلمان معترف بهما دوليا في طبرق، وأخرى موازية وتقيم في طرابلس، ويوالي الأخيرة جماعة الإخوان بدعم من ميليشيات فجر ليبيا.
إعدام سيف الإسلام..
وتعترض حكومة طبرق المعترف بها دوليًا على محاكمة سيف الإسلام القذافي في طرابلس، إذ تعتبر أن المحاكمة "غير قانونية" بسبب عقدها في مدينة خارجة عن نطاق الدولة.
في موازاة ذلك ناشد وزير العدل في طبرق المبروك قريرة، المجتمع الدولي عدم الاعتراف بهذه المحاكمات وكشف أن القضاة بالمحاكم في مدينة طرابلس يعملون تحت تهديد السلاح، ويخشون القتل والخطف من جانب الميليشيات.
ومنذ اندلاع ثورة فبراير، ويقود إخوان ليبيا العديد من العمليات الإرهابية ضد المجموعات الموالية لنظام القذافي.
يأتي ذلك فيما اتخذ القذافي موقفًا عدائيًا من الإخوان، فمنذ قيام ثورة الفاتح عام 1969، وخلع الملك إدريس السنوسي، وإعلان الجمهورية الليبية، تولى معمر القذافي الحكم، واتخذ موقفاً عدائيًا من "الإخوان" وقلب لهم تخطيطاتهم رأسًا على عقب، على الرغم من مشاركتهم في الوزارات المختلفة التي شُكلت حتى العام 1973، ولكن في العام نفسه، قبض على قادة الإخوان وسرعان ما ظهروا تليفزيونيا وأعلنوا عن حل الجماعة.
واستمرت حكومة القذافي في مراقبة جميع حركات الإسلام، لضمان خلو الحياة الدينية من أي بعد سياسي، من خلال مراقبة المساجد وانتشار ثقافة المراقبة الذاتية بشكل عام، مع بقاء كل من رجال الدين وأتباعهم في حدود الخطوط الآمنة من الممارسات المقبولة، إلى درجة أن المساجد الموقوفة من قبل أسر بارزة قد امتثلت بشكل عام لتفسير الإسلام الذي أقرته الحكومة.

إعدام سيف الإسلام..
وسرعان ما ارتد الإخوان إلى التنظيم السرى مرة أخرى وعانوا من التهميش والعزلة في عهد القذافي، وكان الخبر الوحيد الذي تم نشره عن الإخوان المسلمين في التليفزيون الرسمي الليبي في منتصف الثمانينيات، عندما عُلقت جثثهم في أعمدة الإضاءة، ووصفوا آنذاك بأنهم زنادقة منحرفون، وهي الواقعة التي هرب بعدها الكثيرون منهم إلى الولايات المتحدة؛ حيث أصدروا مجلة "المسلم" عام 1982، وحين حاول بعض الأعضاء العودة لليبيا لإعادة بناء الجماعة هناك، كان مصيرهم إما السجن أو الإعدام، وكان مصير عديد من قادتها السجن أو المنفى.
في عام 1991م أجريت انتخابات لاختيار مجلس للشورى، ومن بين أعضائه، يختار المجلس المراقب العام. وعمل الإخوان على جمع بعض الأموال لمساعدة الفقراء، وشنت السلطات الأمنية اعتقالات واسعة في عام 1995، شملت عدة تنظيمات، لكن التنظيم ظل يعمل سرًّا حتى اكتشف عام 1998 إذ اعتقل أكثر من مائة وخمسين من قياداتهم كان أغلبهم من أساتذة الجامعات والأطباء والمهندسين فيما تمكن عشرات آخرون من الفرار خارج البلاد.
وفي 16 فبراير من العام 2002 أصدرت محكمة الشعب الخاصة التي شُكلت لمحاكمتهم حكمها بالإعدام على المراقب العام للإخوان المسلمين في ليبيا الدكتور عبد القادر عز الدين أستاذ الهندسة النووية في جامعة الفاتح ونائب المراقب العام الدكتور سالم أبو حنك رئيس قسم الكيمياء بكلية العلوم جامعة قار يونس في بني غازي، فيما حُكم على ثلاثة وسبعين متهما منهم أعضاء من مجلس الشورى بالسجن المؤبد، ولكنهم هربوا إلى الخارج.

إعدام سيف الإسلام..
الإخوان المسلمين في ليبيا تم اعتبارهم من قبل العديد من المصادر كحلفاء للنظام الليبي من خلال علاقتهم الطيبة بسيف الإسلام معمر القذافي، وفي بداية عام 2000م تغير موقف الإخوان داخل ليبيا من العداء لنظام القذافي إلى المهادنة، حيث تعاونوا مع سيف القذافي حين طرح مشروعه الإصلاحي عام 2005.
وفى أعقاب ثورة 17 فبراير عام 2011 ضد نظام معمر القذافي، بدأ الإخوان ينتعشون، وأظهروا أنفسهم أمام الجميع وعلى الملأ، واستفاد إخوان ليبيا من تجارب نُظرائهم بمصر، حيث شكلوا خلايا في كل من جربة وبنغازي والقاهرة، ثم دخلوا عبر بوابة المجلس الوطني الانتقالي، وسيطروا على الحكومة.
وسعوا آنذاك للقضاء على رموز وبقايا نظام القذافي، لعدم عودتهم إلى المشهد السياسي مجددًا في ظل الصراع على السلطة في البلاد.

شارك