كتاب جديد عن أزمة شارلي يتساءل: هل تشويه الآخرين حرية تعبير؟

الثلاثاء 04/أغسطس/2015 - 04:42 م
طباعة كتاب جديد عن أزمة
 
صدر الأسبوع الماضي في فرنسا كتاب (من هو شارلي – سوسيولوجيا أزمة دينية) من تأليف عالم الاجتماع الفرنسي الشهير إيمانويل تود والكتاب أثار ضجة كبرى، وجدلا للقضية الساخنة الصادمة التي يثيرها من خلال الطريقة التي تعرض لها بشكل مختلف لتحليله للهجوم الإرهابي على صحيفة «شارلي إيبدو» ومظاهرات 11 يناير الماضي والتي اعتبرها صورة لسيطرة الطبقات الثرية على الدولة الفرنسية المعاصرة والأقليات. والتي كانت في الماضي ضد الثورة الفرنسية ومبادئها، والحاملة للخلفية التقليدية الكاثوليكية. وفي عرضه للكتاب ورد فعل المجتمع الفرنسي حوله قال الدكتور خالد يايموت أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط أن الفكرة الرئيسية التي يطرحها الكتاب تدور حول مشكلة الإحساس بالتسامي الإنساني الفرنسي وانحطاط قدر المسلم؛ حيث يولّد تبريرًا يلخصه تود بالقول: «لقد رسمنا النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) دفاعًا عن مبدأ الحرية المطلقة لأي شخص في رسم ما يريد. فيقول تود: نحن لا نزال نؤمن بحقنا في انتقاد كل الديانات، لكننا بقيادة هذه الفئة الميسورة والمهيمنة على المجتمع نستهجن انتقاد قيمنا ومعتقداتنا المتحضرة، ونلجأ إلى الحشود لصناعة حق يحمل في طياته عنفًا تجاه الغير لذلك تساءل المؤلف في كتابه «بأي حق تنادي الحشود بحرية تشويه النبي محمد في رسوم كاريكاتورية؟ وأي منطق هذا الذي صار يجعل من تشويه صورة الإسلام والمسلمين حريةَ تعبير؟ حسب إيمانويل تود، هذه الفئات بخلفياتها تدافع عن حقها وحدها في الاستهزاء بمعتقدات وقيم الفئات الأقل نفوذًا منها، وهو ما يعني سوسيولوجيا- اجتماعيا- عند تود- أن «السخرية من الإسلام تعني محاولة إذلال الأقلية الأضعف في المجتمع». وبالتالي، فرسم الرسول كاريكاتيريًا، هو جزء من عملية إضعاف طبقة اجتماعية ومحاصرتها قيَميا وحركيًّا داخل فرنسا المعاصرة. ويحدث هذا في ظل نوع من التحالف الموضوعي مع العلمانية المتطرفة التي تنظر إلى المسلم بوصفه خطرًا إرهابيًا متحرّكًا لا يجوز أن يتمتع بحقوق المواطَنة.
ويدق تود ناقوس الخطر عندما يشير إلى ما يجعل من الحراك الاجتماعي معركة سياسية. وحضور الإرهاب في بؤرة الصراع إذا كان يعبر عن عمق أزمة الطبقات المهمشة فإن كبير السوسيولوجيين الفرنسيين تود يعتبر أن «التركيز على الإسلام يعكس في الحقيقة وجود حاجة مَرَضية في أوساط الطبقات المتوسطة والعليا لتوجيه سهام الكُره في اتجاه ما، وليس فقط خوفًا من تهديد الطبقات الفقيرة. إن كره الأجانب الذي كان حِكرًا في الماضي على الشرائح الشعبية صار الآن شعار النخبة والطبقات الميسورة التي تبحث عن كبش فداء من خلال الإسلام».
ومن هنا، وفق تود، يمكن فهم لماذا كانت الطبقات الميسورة هي المتزعم لمظاهرة 11 يناير 2015م، ولماذا غاب عنها الفقراء ومهمشو الضواحي، إذ إن فعل الهيمنة وطريقة استغلاله للعملية الإرهابية أظهرا الفرز الجغرافي والاجتماعي الذي تعيشه فرنسا. وفي ظل هذا الواقع يعتبر تود أن اليساريين الذين تزعموا المظاهرات بصفتهم الحكومية هم في الحقيقة السوسيولوجية يمثلون الوجه الآخر لشارلي، ويعبّرون عن يمينية اليسار أكثر من اليمنيين نفسه.

شارك