تأزم الوضع في تركيا بين الحرب على داعش والصراع مع الأكراد وتغييرات في قيادات الجيش

الخميس 06/أغسطس/2015 - 01:15 م
طباعة تأزم الوضع في تركيا
 
 ما زالت تفجيرات سروج تلقي بظلالها على الوضع التركي الداخلي، وقد أجرى مجلس الشورى العسكري التركي الأعلى تغييرات مهمة في المناصب القيادية العليا في الجيش، تزامناً مع العمليات العسكرية ضد (بي كي كي) وتنظيم (داعش). 
عين مجلس الشورى العسكري في اجتماعه الثالث، أمس الأربعاء، برئاسة رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، وبمشاركة وزير الدفاع وجدي غونول، وكبار القادة العسكريين، قائد القوات البرية الفريق الأول خلوصي آكار رئيساً لأركان الجيش التركي، خلفاً لرئيس الأركان السابق نجدت أوزال.
 كما تم تعيين، الفريق الأول عابدين أونال قائداً للقوات الجوية، وقائد الجيش الأول صالح زكي جولاق قائداً للقوات البرية، وقائد قوات منطقة بحر إيجة الفريق الأول غالب مندي قائداً عامًّا لقوات الدرك، فيما تم تمديد فترة ولاية قائد القوات البحرية الأميرال بولند بوسطان عامًا إضافيًّا واحدًا. 
 وقالت وكالة أنباء الأناضول: إنه من المقرر أن تُعرض القرارات المتخذة في الاجتماعات على رئيس الجمهورية، رجب طيب أردوغان، للمصادقة عليها، ومن ثم إعلانها للرأي العام. 
تأزم الوضع في تركيا
يذكر أن اجتماع مجلس الشورى العسكري التركي الأعلى الذي يعقد كل ستة أشهر، ينظر في وضع الضباط، المتهمين بقضايا تتعلق بالانضباط، والإخلال باللوائح والأنظمة العسكرية، إضافة إلى العديد من القضايا الأخرى التي تخص القوات المسلحة، حيث يتخذ المجلس قرارات متعلقة بالخدمة العسكرية، من قبيل الترقيات والعقوبات والتقاعد.
وفي سياق الوضع الداخلي بعد أسبوعين على هجوم سروج الذي قلب المعطيات في تركيا لا شيء يبدو كفيلًا بوقف دوامة العنف الدامي بين حزب العمال الكردستاني والجيش التركي؛ ما يضع أنصار الحوار في موقف يزداد صعوبة.
ويبدو أنه تم تجاوز نقطة اللاعودة الأحد الماضي مع هجوم انتحاري استهدف مركز شرطة في شرق البلاد، وأدى إلى مقتل شخصين على الأقل وإصابة 31، بحسب مصدر رسمي تركي.
وتبنى الهجوم حزب العمال الكردستاني الذي تحدث عن "عشرات الجنود القتلى" فيما أشارت الصحف الموالية للحكومة إلى أن الانتحاري قد يكون فتى منخرطًا في حزب العمال الكردستاني.
وسجلت هجمات جديدة صباح الاثنين الماضي استهدف إحداها مستشفى عسكريًّا في محافظة فان (شرق)، ولم يسفر عن ضحايا.
وكرر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تأكيد عزمه على المضي في الحملة التي أعلنها تحت مسمى "الحرب على الإرهاب"، واستهدفت بالأساس حزب العمال الكردستاني وإن شملت تنظيم داعش.
وتركزت العمليات التركية حتى الآن بشكل أساسي على أهداف لحزب العمال الكردستاني الذي استهدفته عشرات الغارات، فيما لم يعلن في المقابل سوى عن ثلاث غارات على مقاتلي تنظيم داعش في سوريا.
تأزم الوضع في تركيا
وردًّا على سؤال عن إمكانية "انفجار الأوضاع إقليميًّا" بعد قطع الهدنة مع حزب العمال الكردستاني أكد الرئيس التركي أن "الذين يقولون ذلك يريدون أن توقف تركيا عملياتها العسكرية، لكنها ستواصلها طالما تعتبرها ضرورية".
وينفذ الطيران التركي يوميا غارات مكثفة على مواقع للمتمردين في جبال شمال العراق؛ حيث يتمركزون منذ سنوات. وقتل ما لا يقل عن 260 مقاتلًا كرديًّا، وأصيب حوالي 400 في هذه الغارات بحسب أنقرة.
وبحسب وكالة الأناضول فإن الغارات أرغمت قيادة حزب العمال الكردستاني على التوزع في ثلاث مجموعات، واحدة بقيت في جبال قنديل في العراق والثانية تراجعت إلى سوريا والثالثة إلى إيران.
ووسط فوضى العنف، برزت مسألة مثيرة للجدل تتعلق بمعلومات متضاربة حول سقوط ضحايا مدنيين جراء الغارات التركية في العراق، إذ أكدت مصادر كردية مقتل عشرة مدنيين السبت بينهم أطفال، فيما نفى الجيش التركي استهداف أي مناطق مأهولة بالسكان.
وأطلق الرئيس رجب طيب أردوغان "حربًا على الإرهاب" تستهدف حزب العمال الكردستاني، كما تنظيم الدولة الإسلامية المتهم بالوقوف خلف العملية الانتحارية التي وقعت في 20 يوليو في سوروتش (جنوب)، وأدت إلى مقتل 32 من الناشطين الشبان الأكراد. 
وعلى إثر الهجوم رد حزب العمال الكردستاني بعمليات انتقامية ضد السلطات المركزية، متهمًا إياها بعدم حماية السكان. وانهارت هدنة كانت مطبقة بين الطرفين منذ 2013 في نزاع أوقع أكثر من أربعين ألف قتيل في ثلاثين عامًا.
وتركزت العمليات التركية حتى الآن بشكل أساسي على أهداف لحزب العمال الكردستاني تعرضت لعشرات الغارات، فيما لم يعلن في المقابل سوى عن ثلاث غارات على مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.
بعد أسبوعين يجد الرئيس الشاب المناصر للقضية التركية لحزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاش المطالب بالحوار لحل النزاع التركي الكردي، نفسه في موقع سيئ.
فهو يعتبر عبر حزبه، الرابح الأكبر في الانتخابات التشريعية التي جرت في السابع من يونيو؛ حيث أدى فوزه بمقاعد في البرلمان إلى حرمان الحزب الإسلامي المحافظ الحاكم، حزب العدالة والتنمية، من الأكثرية المطلقة في البرلمان.
ويسعى أردوغان منذ ذلك الحين، بلا كلل إلى إضعافه استعدادًا لانتخابات مبكرة جديدة قد يدعو إليها على أمل استعادة ما خسر. وكتبت صحيفة حرييت الواسعة الانتشار الاثنين "دميرتاش عالق بين حزب العدالة والتنمية وحزب العمال الكردستاني".
فبعد اتهام دميرتاش بضعف إدانته لهجمات التمرد وانتقاده على انخراط شقيقه في صفوف حزب العمال الكردستاني، قد يخسر السياسي الشاب أصوات الناخبين المعتدلين الذين انتخبوه.
وقد أكد الأحد أنه يريد "توضيح الأمور"، داعيًا حزب العمال الكردستاني إلى وقف هجماته "على الفور". وأضاف في مؤتمر صحافي: "للدولة الحق في الدفاع عن النفس".
كما طالب التمرد والدولة باستئناف الحوار؛ لأن البلاد "تقترب سريعًا من عاصفة عنيفة". واتهم دميرتاش أردوغان بأنه "يخدع" الغربيين عندما يقول لهم إنه يكافح جهاديي تنظيم "داعش"، فيما أهدافه تتعلق بشكل بحت بالسياسة الداخلية.

شارك