عقب مفاوضات "أحرار الشام".. هل هناك توافق بين إيران وتركيا والإخوان؟

الخميس 06/أغسطس/2015 - 04:33 م
طباعة عقب مفاوضات أحرار
 
كشفت ميليشيات سورية مسلحة محسوبة على جماعة الإخوان الإرهابية ومقربة من قطر وتركيا، عن مفاوضات سرية تجريها مع وفد إيراني، بهدف وقف القتال بينها وبين الجيش العربي السوري.

توقف مفاوضات الإخوان وإيران

توقف مفاوضات الإخوان
كشفت حركة أحرار الشام المسلحة في سوريا، الذراع المسلحة لجماعة الإخوان، عن توقف المفاوضات التي كانت تجريها مع وفدٍ إيراني، بشأن إيقاف حملة الجيش السوري وحزب الله اللبناني على مدينة الزبداني، شمال غرب دمشق، على الحدود اللبنانية السورية.
وقد حصلت «أحرار الشام» بجناحها السياسي، المشكل حديثاً، على التفويض بإجراء المفاوضات في 22 يوليو الماضي، من قبل «المجلس المحلي» في مدينة الزبداني.
وفي وقت تضاربت فيه الأنباء، على مدى الأسبوع الماضي، حول عملية التفاوض الخاصة بمدينة الزبداني، سواء لجهة الأطراف المشاركة فيها، أو لجهة مكان انعقاد المفاوضات ومضمونها، فاجأت «حركة أحرار الشام» الجميع بالبيان الذي أصدرته الأربعاء 5 أغسطس الجاري، وأعلنت فيه وقف المفاوضات مع «الوفد الإيراني».
وذكرت الحركة، في البيان: «نعلن وقف التفاوض مع الوفد الإيراني لإصرارهم على تهجير المقاتلين والمدنيين إلى مناطق أخرى». وشددت على أن «خطة التهجير الطائفي وتفريغ دمشق وما حولها، وكافة المناطق المتاخمة للحدود مع لبنان أصبحت في مراحلها الأخيرة»، مشيرة إلى أن «الزبداني هي أول خطوة في آخر مرحلة ستنتهي في الغوطة»، مؤكدة أن «ما سبق ذكره ليس تحليلًا أو جزءاً من نظرية المؤامرة بل هو معلومات دقيقة لا تحتمل الشك». وبناء على ذلك اعتبرت أن «قضية الزبداني تجاوزت حدود الزبداني وتجاوزت مسئولية أحرار الشام»، واصفةً إياها بالقضية «الوطنية والإقليمية».
وحثّت الحركة كافة الفصائل على «إشعال الجبهات، وخصوصاً في دمشق ومحيطها»، وهو مطلب تتداوله أوساط المسلحين منذ انطلاق عملية الجيش السوري و«حزب الله» في الزبداني مطلع الشهر الماضي، غير أن الجديد الذي أعلنته الحركة هو تذكيرها لمن أسمتهم «حلفاءنا الإقليميين»، وهي تسمية ترد للمرة الأولى في بياناتها، بأن «المشروع الإيراني لن يكتمل حتى يحدثوا في بلادهم الخراب».
وشددت على أن «المفاوضات التي شاركت فيها الفصائل المتواجدة في الزبداني، تجاوزت حدود الزبداني ومسئولية الحركة، لتصبح قضية سوريا بأكملها"، معتبرة أنها "أكبر صخرة في مواجهة مشروع التقسيم والتهجير الطائفي في سوريا».

أحرار الشام

أحرار الشام
حركة أحرار الشام هي إحدى الفصائل العسكرية الإسلامية التي نشأت مع دخول بداية الصراع المسلح في سوريا، وتم إعلان ظهورها يوم 11 نوفمبر 2011، ويقدر عدد مقاتليها بحوالي 25 ألف مقاتل.
وفي 31 يناير 2014، أعلنت حركة أحرار الشام اندماجها مع تشكيلات إسلامية ضمن الجبهة الإسلامية السورية، وهي لواء التوحيد وحركات الفجر الإسلامية، وكتائب الإيمان المقاتلة، وجيش الإسلام، وصقور الشام وغيرها. 

الدور الإيراني

خامنئي
خامنئي
الحوار بين إيران وجماعات مسلحة في سوريا ومقربة من جماعة الإخوان وقطر وتركيا، والعديد من التقارير الإعلامية قد تحدثت، الأسبوع الماضي، عن وجود مفاوضات حول مدينة الزبداني، غير أن التضارب كان سيد الموقف. فبعضها أكد أن المفاوضات هي مع النظام السوري و«حزب الله» وأنها تجري في مكانين أحدهما في ريف دمشق والثاني في ريف إدلب، وبعضها قال: إن المفاوضات تجري مع وفد إيراني في اسطنبول، وآخر تحدث عن مفاوضات مع وفد روسي، بينما ذكرت تقارير أخرى أن المفاوضات تجري بإشراف الأمم المتحدة. وأكثر الروايات تداولاً هي التي تم تناقلها، نقلاً عن الناشط الإعلامي عامر برهان، والتي كانت تتحدث عن وجود مبادرة إيرانية تتضمن اقتراحاً بإخلاء المدينة من قاطنيها أو توقيع المصالحة مقابل فك الحصار عن بلدتي الفوعة وكفريا. وهو ما يؤكد أن الاقتراح المتداول يحصر الخروج من المدينة فقط بالفئات التي ترفض البقاء تحت ظل المصالحة المزمع عقدها، ولا يشمل جميع المدنيين بغض النظر عن موقفهم.
ربما يختلف مقاتلو الزبداني عن غيرهم من الألوية الإسلامية والعلمانية والفئوية المنتشرة في ريف دمشق التي لم تتدخل بعد لنصرة مقاتلي الزبداني. فمدينة "مضايا" القريبة من الزبداني ملتزمة هدنة مع الحكومة السورية منذ العام 2012، تمنع فصائل المعارضة المتواجدة في المدينة التعرض لقوات الجيش السوري، أما منطقة "عين الفيجة"، ويقع فيها نبع الفيجة الذي يغذي دمشق بمياه الشرب، فهي الأخرى تخضع لفصائل المعارضة، ولكنها ملتزمة بهدنة مع الحكومة. وتستخدم مياه الشرب كورقة ضغط على دمشق من خلال قطعها عن العاصمة أو التهديد بقطعها في حالات خرق الهدنة معها.
وأشار الوسيط السوري محمد أبو القاسم، وهو رئيس «حزب التضامن» المعارض، إلى أنه يسعى إلى إقناع فصائل وفعاليات الزبداني بسحب وإلغاء التفويض الذي منحوه إلى «أحرار الشام» ويخولها تمثيلهم في أي مفاوضات حول مصير المدينة.

أهمية الزبداني

أهمية الزبداني
تعد مدينة الزبداني، ذات أهمية استراتيجية، فهي تتبع المدينة محافظة ريف دمشق ومنطقة الزبداني، وتقع على مسافة 45 كم شمال غرب العاصمة دمشق. وتمتد المدينة على سفوح جبال لبنان وتشرف على سهل رائع هو سهل الزبداني.
فالزبداني ليست فقط تطل على طريق بيروت الشام، بل الأهم من ذلك أنها قريبة من الحدود اللبنانية؛ لذلك تعد عمق استراتيجي لحزب الله اللبناني والحكومة السورية.
وكانت الزبداني تشكل قبل بدء النزاع ممرا للتهريب بين سوريا ولبنان، وهي من أولى المدن التي خرجت فيها مظاهرات ضد الرئيس السوري في منتصف مارس 2011، ودخلت تحت السيطرة الكاملة لفصائل المعارضة منذ أواخر 2013، ويقيم فيها أكثر من 65 ألف شخص، بالإضافة إلى أعداد من النازحين من مناطق أخرى، بحسب سكان.
ويفرض الجيش السوري وحزب الله حصارها علي الزبداني منذ سنوات، وفي الثاني من يونيو الماضي، بدأ الجيش السوري تضييق الخناق على مدينة الزبداني التي تقع في أقصى جنوب منطقة القلمون السوريّة، والتي تُعتبر مُهمّة استراتيجياً، والتي ارتأى الجيش السوري ومُقاتلو "حزب الله" أنّ معركتها يجب أن تسبق إنهاء معركتي جرود القلمون وجرود عرسال، فتراجعت وتيرة الهجمات في هاتين المنطقتين بشكل كبير، لتتركّز في مدينة الزبداني التي تعرّضت لسلسلة من الهجمات العنيفة في الأسابيع القليلة الماضية. لكن بعد مرور أكثر من شهر على هذه المعارك المُحتدمة، لم يتمكّن كلّ من الجيش السوري و"حزب الله" من السيطرة على كامل المدينة.
هذه المعركة تدخل في صلب المعارك الاستراتيجيّة التي يخوضها النظام السوري. وحسمها بالكامل يعني عملياً حماية العاصمة السوريّة، وحماية طريق دمشق الدولي أيضاً، والأهمّ تثبيت الخط الدفاعي الذي يعمل الجيش السوري والقوى الحليفة على إقامته لربط العاصمة السورية بالساحل السوري على البحر الأبيض المتوسّط، ومُتابعة تأمين كامل المنطقة ومعالجة كل الثغرات الأمنيّة فيها، وفي طليعتها مدينة الزبداني.
وتشير التطورات الميدانية إلى أن الجيش السوري، المدعوم من حزب الله، يسعى للسيطرة علي المدينة منذ بداية حملته العسكرية التي دخلت شهرها الثاني، من خلال استهدافها بالصواريخ بعيدة المدى أو بغارات الطيران، خصوصًا مع عجز تام عن التقدم بريًا للسيطرة على المدينة. فقد دمر النظام الحزب حتى اللحظة أكثر من نصف المدينة، ولكن حتى الآن كل الجهود العسكرية لم تحقق نتائجها.

قطر وتركيا والإخوان

قطر وتركيا والإخوان
وجود مفاوضات مع مقاتلي الزبداني وخاصة جبهة أحرار الشام المحسوبة على جماعة الإخوان والمقربة من قطر وتركيا، مع مفاوض إيراني يطرح الكثير من التساؤلات حول، مدى التوافق بين إيران وجماعة الإخوان وقطر وتركيا.
وهل تُسهم كلٌّ من قطر وتركيا في ظل التقارب مع إيران خلال الأسابيع لأخير؟ فقد زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان طهران وتشير تقارير إعلامية أن الجانبين اتفقا على مسألة رفض تحوّل الحُكم الذاتي للأكراد في شمال العراق إلى دولة مُستقلّة بامتدادات عرقيّة إقليميّة، وهو ما يشير إلى أن ورقة الأكراد كان عامل تقارب بين طهران وأنقرة في سوريا والعراق ووجود توافق في عدد من الملفات، بالإضافة إلى تشكل تحالف غير معلن ضد نفوذ السعودية ودور مصر الإقليمي.
كما مثلت زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الدولة ولقائه مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل خليفة، والذي أكد الأخير علي العلاقات القوية بين بلاده وإيران، زاوية حجر في التقارب الرباعي بين إيران وتركيا وقطر والإخوان، في ظل النفوذ القوي للدوحة على عدد من الجماعات المسلحة في سوريا وأفغانسان، وإخوان العراق، وهي مخاوف قطر من تعاظم النفوذ السعودي والانتقام المصري.
ويبدو من خلال المعطيات الحالية أن هناك توافقًا بين إيران وقطر وتركيا، ومعهم جماعة الإخوان، في تقسيم النفوذ داخل سوريا بما يحقق مصالح الأطراف على حساب وحدة التراب السوري، فهل هناك صفقة رباعية في سوريا على حساب وحدة التراب السوري؟

شارك