تركمان سوريا.. ورقة "أردوغان" للتقسيم ومواجهة الأكراد
الأحد 09/أغسطس/2015 - 11:30 ص
طباعة
فيما يبدو أن العلاقات القوية بين أجهزة ومؤسسات الدولة التركية والتركمان في سوريا، سيكون لها دور للنفوذ التركي في الداخل السوري، مع إعلان حزب النهضة السوري التركماني، المقرب من حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن بدء التسجيل لتطويع عدد من الشباب التركماني "حصرًا"؛ للعمل كشرطة وحفظ نظام في المنطقة الآمنة المفترض إنشاؤها شمال سوريا.
جيش تركماني
ويسعى حزب النهضة السوري التركماني، إلى تشكيل ميليشيات مسلحة على غرار الميليشيات الكردية في شرق سوريا وشمال العراق وجنوب تركيا؛ ليكون أداة لحفظ الأمن وفقًا للحزب في المنطقة الآمنة المُزْمَع عقدها في شمال سوريا بالتعاون بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية.
ونشر الحزب على صفحته بـ"فيس بوك"، أن المقبولين ستقام لهم "دورة تدريبية لمدة شهرين تقريبًا في مدينة غازي عنتاب وذلك براتب شهري".
ولا توجد تقديرات واضحة لعدد التركمان في سوريا، وأعلن المجلس الوطني التركماني، أن عدد التركمان في سوريا 3.5 ملايين مواطن، ويتواجد التركمان في محافظة حلب وحمص وحماة، وفي الجولان.
وحدد الحزب شروط التسجيل، بأن يكون المتقدم للعمل تركمانيًا، وعمره ما بين 18 إلى 35 سنة، وأن يكون مؤهلًا بدنيًا للقيام به، على أن يقدم المعلومات بمقر حزب النهضة السوري التركماني في مدينة العثمانية بتركيا.
وذكرت صحيفة "زمان الوصل" السورية، نقلًا عن الحزب، قوله: "إن هذه الخطوة التي أعلن عنها تمولها تركيا، وإن الراتب الشهري نحو 500 دولار".
فيما قال رئيس المجلس التركماني السوري، عبد الرحمن مصطفى: إن "المجموعات التركمانية المقاتلة في سوريا، اتخذت قراراً بتقديم دعم أكبر لبعضها البعض، والعمل على إنشاء جيش تركماني في حال سمحت الظروف بذلك".
وأشار مصطفى، في 7 يوليو 2015، إلى انعقاد اجتماع في ولاية "غازي عنتاب"، جنوبي تركيا، حضره ممثلون عسكريون ومدنيون تركمان من محافظات ومدن حلب، وجرابلس، والجولان، واللاذقية، وجبل التركمان، وإدلب، والرقة، وتل أبيض، وحمص.
واعتبر مصطفى، أن الوجود التركماني في سوريا "يتعرض للخطر"؛ حيث إن التركمان يقطنون في أماكن، يراها كل من النظام السوري وتنظيم "داعش" وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (PYD)، على أنها أماكن "استراتيجية".
خريطة التركمان
والتركمان، هم مواطنون سوريون من أصل تركي، وقد عاشوا وأجدادهم في الوقت الحاضر بسوريا منذ العهد السلجوقي والعثماني، وخلال الحرب الأهلية السورية، كان السكان التركمان من سوريا بصورة رئيسية في العمليات العسكرية ضد قوات الحكومة السورية.
وتقدّر أعداد التركمان في سوريا بنحو 3.5 ملايين، بحسب أحزاب سياسية تركمانية، ينتشرون في أغلب المحافظات السورية، فيما تعّد منطقة باير بوجاق، من أوائل مناطق التركمان التي خرجت في مظاهرات ضد حكومة الرئيس بشار الاسد، وخضعت لسيطرة المعارضة، منذ صيف 2012.
وتُعدّ مدينة حلب والمناطق الشمالية لمحافظة الرقة من المراكز الرئيسية للتركمان المنتشرين في معظم أرجاء سوريا.
دعم تركي لتركمان
وفي يوني الماضي، عهّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، باستمرار الدّعم الإنساني واللوجستي لتركمان سوريا وعدم التّخلّي عنهم قائلاً: "إنّنا ندعم أخوتنا التركمان في الباير والبوجاق وفي كل سوريا ونتعهّد بالاستمرار في تقديم الدّعم لهم".
ونفى أردوغان، مزاعم المعارضة التركية حول قيام إرسال أجهزة الاستخبارات التركية أسلحة للمتطرّفين في سوريا، وذلك تعقيباً على قضية الشاحنات التي تمّ إيقافها من قِبل عناصر الكيان الموازي في ولاية أضنة العام الماضي.
وفي 21 أبريل 2015، عقد المجلس التركمانيّ السوريّ لقاءً شعبياً في مدينة إسطنبول، بلغ عددهم نحو مئة شخص، استمع فيها إلى مطالب التركمان السوريين، وقال "عبد الرحمن مصطفى" رئيس المجلس، خلال اللقاء: إن "التركمان يشكلون العنصر الأصيل الثاني في المجتمع السوري".
وأضاف رئيس المجلس بأن "المجلس التركماني دأب على عقد هكذا لقاءات شعبية مع التركمان في مختلف المناطق التركية، ليكون هذا الاجتماع في اسطنبول هذه المرّة، وهي فرصة للاستماع لمشاكلهم وحاجاتهم لحلها".
وشدّد على "الدور التركي في دعم التركمان مطالباً بالمزيد من الدعم، وتعامل الشعب التركي بترحاب مع التركمان، وعليهم أن يتعاملوا معه وهم من ينظرون للبلاد بنظرة الوطن الأم، فلا يرغبون بأن يعتبروا لاجئين في تركيا".
ولفت إلى أن "وضع التركمان في سوريا غير جيدٍ بعد أن مورس التطهير بحقهم في حمص، والاضطهاد في مناطق داعش بحلب، فيما لا يزال تركمان بايربوجاق يقاومون، ويتعرّض التركمان في مناطق النظام للاضطهاد بسبب اتهامهم بالعمالة لتركيا التي تدعم الثورة".
كما أيد رئيس المجلس التركماني السوري عبد الرحمن مصطفى، قرار تركيا بتنفيذ عملية تأمين ضريح "سليمان شاه"، وحراسته، واصفًا إياه بالقرار الاستراتيجي، لافتًا إلى أن الضريح له قيمة معنوية كبيرة عند تركمان سوريا.
ووجه نداء إلى الشعب التركي، قائلا: "حكومتكم قامت بعمل كبير؛ لأن الضريح ملك للجمهورية التركية، ونحن نعلم أن تركيا وقفت دائما ولا زالت تقف مع التركمان في كل مكان".
وأضاف أن تركمان سوريا، أكثر المتضررين من الاشتباكات والحرب الجارية في البلاد، وأنه متأكد تمامًا أن تركيا لن تتخلى عنهم، وستقوم بحمايتهم كما حمت ضريح سليمان شاه.
مواجهة الأكراد
ويرى كثيرًا من المراقبين أن تأسيس ميليشيات تركمانية بدعم تركي كامل هو مخطط تركي لمواجهة النفوذ الكردي شرق سوريا وعلى الحدود مع تركيا.
القرى التركمانية الواقعة في القسم الجنوبي من منطقتي صولوك وسيرّين الواقعتين بين بلدتي عين العرب (كوباني) وعين عيسى، تخضع لسيطرة تنظيم الدّولة (داعش)، بينما تخضع باقي القرى التركمانية في شمال الرقة لسيطرة تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (PYD).
ففي شهر يونيو وأثناء سيطرة عناصر تنظيم (PYD) لمدينة تل أبيض، تمّ إجبار أكثر من 5 آلاف شخص من بلدة حمام الشمالية، وذلك على دفعتين، إلّا أنّ الدفعة الأخيرة التي حدثت منذ فترة قصيرة، شهدت موجة نزوح كبيرة من هذه المنطقة، حيث وصل عدد النازحين إلى 8 آلاف و200 شخص.
وذكر خبراء أتراك أنّ إنشاء مناطق آمنة داخل الأراضي السورية وخاصة الشمالية منها، سوف يحافظ على استمرارية الوجود التركماني في هذه المناطق وسيبعد خطر تنظيمي الدولة الإسلامية "داعش" وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (PYD) عن القرى التركمانية الواقعة ضمن القسم الشمالية لسوريا.
وقال أكرم دادا، عضو لجنة توثيق انتهاك الوحدات الكردية، وعضو سابق في المجلس المحلي لمدينة تل أبيض: "إن وحدات حماية الشعب الكردية تواصل عمليات تهجير المواطنين التركمان من قراهم وبلداتهم في مدينة تل أبيض ومحيطها شمال سوريا، موضحًا أن عدد المهجرين وصل إلى ما يقرب من 10 آلاف شخص، بنفس الذريعة وهي الدواعي الأمنية".
وفي هذا الصدد أكد عضو مجلس الإدارة المحلية لمدينة تل أبيض "أحمد الحاج صالح" أنّ تنظيم (PYD) قام بعملية الترحيل الإجباري لـ 8 آلاف و200 مواطن ينتمون إلى تركمان منطقة حمام الشمالية والجنوبية.
منطقة آمنة
فتركمان سوريا الذين يقطنون في المناطق الشمالية، يؤمنون بأن إقدام تركيا على إنشاء مناطق آمنة ومناطق حظر للطيران الأسدي، سيُسهم وبشكل كبير في ردع خطر تنظيمي داعش وحزب الاتحاد الديمقراطي عن مناطقهم وقراهم.
وطالب أكرم دادا، عضو لجنة توثيق انتهاك الوحدات الكردية، الإسراع في إقامة المناطق الآمنة، معللاً بأن إقامة مثل هذه المناطق ستكون بمثابة الضمانة الوحيدة لبقاء التركمان في هذه المناطق.
وتابع دادا في هذا السياق قائلاً: "لو تمّ إنشاء المناطق العازلة منذ بداية الأحداث في هذه المناطق، لكان التركمان الآن في بيوتهم ولم يضطرّوا للجوء إلى المخيمات في تركيا".
من جانبه أوضح رئيس المجلس التركماني "عبد الرحمن مصطفى" أنّ إقامة منطقة عازلة بين جرابلس وأعزاز لها أهمية كبيرة من حيث حماية التركمان، مشيراً إلى أنّ إقامة مثل هذه المناطق ستقي التركمان من خطر البراميل المتفجرة التي تلقيها طائرات النظام السوري.
دويلة تركمانية
السياسة التي كان يخطط له حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان، حول منطقة العازلة التي كانت تتستر تحت غطاء حماية اللاجئين ومحاربة نظام الرئيس السوري بشار الاسد إلى أنها اتضحت هي لإقامة حكم تركماني في سوريا وجمع تركمان من العالم في تلك المنطقة.
فدعوة الصفحة الرسمية لحزب النهضة السوري التركماني، شباب التركمان إلى التطوع في الشرطة التركمانية وأن يكون تركمانيًّا حصرًا بغية توظيفه في مناطق العازلة التي سوف تقوم تركيا بتأسيسها يوضح مدي المخطط الذي لا ينتبه اليه أحد في سوريا، أو أن هناك متابعة، ولكن هناك من يغض النظر عن المخططات التركية في سوريا.. فهل ستنجح حكومة أردوغان في إقامة دولة تركمانية في سوريا، أم أن السوريين سيكون لهم رأي آخر؟