الولايات المتحدة والعجز عن خلق معارضة معتدلة في سوريا

الخميس 13/أغسطس/2015 - 05:31 م
طباعة الولايات المتحدة
 
تؤكد الولايات المتحدة الأمريكية بشكل شبه يومي على أنها تدعم المعارضة المعتدلة في سوريا على الرغم من أنها على أرض الواقع لا تتخذ من الإجراءات، ما يسمح بوجودها وتفاعيلها، بل إن حراكها الدبلوماسي حول سوريا لم ينتج عنه أي تغيير في سياسات الدول تجاه إعادة تشكيل معارضة معتدلة في مواجهة تنظيم الدولة "داعش" وجبهة النصرة وباقي الفصائل الإسلامية المسلحة.

الولايات المتحدة
ومن أسباب العجز الأمريكي في خلق معارضة مسلحة معتدلة ما يلي:
1- عدم وضوح موقف واشنطن فيما يخص نظام الأسد مما يزيد من انجذاب المعارضة المسلحة إلى  التطرّف وصعود داعش.
2- عدم جدية واشنطن في دعم المعارضة المعتدلة بحاجات الميدان من معدات وأسلحة متطورة تشمل وسائل استكشاف ليلي ونهاري وأدوات لتحديد المواقع الجغرافية وأدوات اتصال لاسلكي خوفا من وقوعها أيدي متطرفين.
3- عدم وجود سيطرة فعلية للعديد من هذه القوى المعتدلة في منطقة الحدود السورية التركية، التي ستعد نقطة الانطلاق لتقدمهم إلى باقي المناطق في سوريا.
4- عدم قدرة واشنطن على خلق تحالف مناهض لداعش يعمل على إنشاء تحالف يشمل القوى المحلية على الأرض؛ ليتمكن من تحقيق أهداف ملموسة على الأرض السورية. 

الولايات المتحدة
الولايات المتحدة حاولت أن تعيد الروح مرة أخرى إلى المعارضة المعتدلة بتصريح المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأمريكية الكوماندر اليسا سميث، "إنه كان من المنتظر أن ندرّب 5400 شخص كل 12 شهراً، و3000 في المتبقي من العام 2015 م، وإن المسألة ليست في الرقم، بل في نوعية المقاتلين". ولكن على الجهة الأخرى أكد المتحدث باسم إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن برنامج وزارة الدفاع "البنتاجون" لتدريب مقاتلي "المعارضة المعتدلة" في سوريا "فشل فشلا ذريعا". ليكشف فيما بعد عن أنه تم القضاء واعتقال واختفاء نصف فرقة المقاتلين الذين دربتهم الولايات المتحدة حتى قبل أن يحتكوا بداعش، وإن هذه الخسائر لحقت بهم نتيجة المعارك مع متطرفي "جبهة النصرة"، وذلك بعد أن أنفق البنتاجون على تدريب نحو 60 مقاتلا من "المعارضة المعتدلة" خلال شهرين 42 مليون دولار، وتدقق الآن الاستخبارات الأمريكية في صلاحية نحو 7 آلاف متطوع ومدى توافقهم مع المعايير الأمريكية لقبولهم ضمن البرنامج "المعتدل".
 هذا التضارب في توجهات الولايات المتحدة يؤكد عليه عدم خوض وزارة الدفاع الأمريكية في عدد من تقوم بتدريبهم وما هي الأعداد الإضافية التي تتلقى تدريبات الآن، وهل هم عسكريون منشقون أو مقاتلون تم تجنيدهم من فصائل سورية معارضة، وأين تتواجد أو من المفترض أن تتواجد هل في أماكن مختلفة من شمال سوريا أم المنطقة "الخالية من داعش" من جرابلس إلى أعزاز، وهل سلمت وزارة الدفاع لهم أي عتاد أو ذخيرة أم لا؟ 

الولايات المتحدة
أزمة الولايات المتحدة التي أعلنت قبل عامين عن عزمها تجهيز حوالي 5 آلاف متطوع سنويا في معسكرات بتركيا وقطر والأردن والسعودية؛ بهدف خلق مسلحين مدربين لمواجهة الأسد وداعش تكمن في أنها تتعامل مع مشروع المعارضة المعتدلة بغموض، وظهر ذلك في التناقض الكبير في رؤية البنتاجون والمخابرات الأمريكية لبرنامج المعارضة المعتدلة وافتقاد واشنطن استراتيجية حقيقية؛ من أجل محاربة تنظيم داعش، بالإضافة إلى أن أجهزة المعلومات الأمريكية لديها مجموعات تريد مساعدتها بالأموال وبالسلاح، وهذا لا يتماشى مع تصور البنتاجون التي تخشى تسليم أسلحة متطورة للمجموعات المسلحة دون أن تضمن جيدا ولاء هذه القوى لواشنطن في المستقبل.
وقد بدأ البيت الأبيض في اتخاذ خطوات جادة لدعم هؤلاء "المعارضين المعتدلين" على رأسها:
1- إقرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما استعمال القوة النارية الدفاعية لحماية المعارضة المعتدلة، وهو ما أكدته المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأمريكية قالت الكوماندر اليسا سميث "إننا نرى أن المعارضة المعتدلة تحارب على جبهات مختلفة، بما فيها نظام الأسد وداعش ومتطرفون آخرون".
2- أن وزارة الدفاع "البنتاجون" قرار دعم علاقته مع حلفاء من المعارضة على الأرض، وسيقدّم لهم الغطاء الجوي المطلوب ضد داعش والنصرة وأحرار الشام والنظام أيضاً، وهو ما فعله من قبل مع الأكراد السوريين، وساعدهم في السيطرة على مناطق واسعة من الحسكة وعلى طول الحدود السورية مع تركيا من العراق إلى تل أبيض.
3- قيام وزارة الدفاع الأمريكية بدعم العناصر الجديدة بنظام متكامل لتوفير المعلومات الميدانية عن مواقع داعش، ويشمل هذا النظام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع والمعروف لدى العسكريين بنظام ISR بالإضافة إلى إمكانيات أخرى بما يسهّل الغارات الجوية للقوات المتحالفة.

الولايات المتحدة
4- يحرص الأمريكيون حاليًا على دعم المعارضة السورية المعتدلة بالمعدات على الرغم من أن لا تعلن عن تفاصيلها، وهو ما أكدته أيضا الكوماندر سميث المتحدثة باسم البنتاغون قائلة: "العتاد يتراوح ما بين العتاد الفردي الأساسي وبعض الناقلات والحاملات البرية لتوفير الحركة وأسلحة صغيرة وذخائر لحماية أنفسهم".
ولكن لا يبقى أمام الأمريكيين سوى التمسّك بخططهم العسكرية، في مواجهة داعش؛ حيث أكد مسئولون في وزارة الدفاع الأمريكية "أن داعش ما زال يجنّد بين 20 و30 ألف مسلّح بين سوريا والعراق"، وأن التوصل إلى اتفاق مع تركيا لاستعمال القواعد العسكرية يهدف إلى إغلاق جزء من الخط الحدودي بين سوريا وتركيا بوجه التنظيم المتطرف، بما يمنع تسرّب المقاتلين الأجانب عبر تركيا للانضمام إلى "داعش"، مع الاعتماد على العناصر الجديدة من المعارضة السورية التي تلقت تدريباً ودعماً من البنتاجون في تركيا. 

شارك