مع توسع نفوذه في ليبيا.. الحكومة تعلن العجز أمام داعش.. وأصابع الاتهام توجه لتركيا

الأحد 16/أغسطس/2015 - 02:22 م
طباعة مع توسع نفوذه في
 
مع توسع نفوذ تنظيم "داعش" الإرهابي في ليبيا، يتأزم الموقف يومًا بعد الآخر، وتظل حالة الفوضى العارمة التي تعيشها البلاد مستمرة، في ظل الصراعات المستمرة بين سلطتان كلاهما يريد التربع على عرش السلطة.

مصالح الأطراف المتناحرة

مصالح الأطراف المتناحرة
في ظل انشغال الأطراف المتناحرة في مساعيهم للحصول على أغراض شخصية دون الأخذ في الاعتبار مصلحة البلاد، انتشرت العمليات الإرهابية وتوسعت في كافة أنحاء البلاد، وكان لتنظيم داعش المساحة الأكبر من البلاد.
وتشهد مدينة سرت، منذ الأربعاء الماضي اشتباكات بين سكان المدينة، وتنظيم داعش، بعد أن أقدم عناصر من الأخير على قتل إمام جامع قرطبة، خالد بن رجب.
وعقب مقتل رجل من قبيلة الفرجان على يد داعش لرفضه إعلان ولائه للتنظيم، وردت القبيلة بحث سكان المدينة على الثورة ضد داعش وقتلت قائدين في التنظيم هما السعودي أبو حذيفة والمصري أبو همام المصري.
ودخلت مدينة سرت ميدانيًّا في معارك طاحنة في الأيام الماضية، سقط على إثرها أكثر من 100 قتيل، وحرق مستشفى بداخله جرحى على يد "داعش". 

قوى خارجية وراء توسع داعش

قوى خارجية وراء توسع
يبدو أن هناك أيادي خفية وراء ما يحدث، فمع كل بادرة أمل لنجاح الحوار الليبي الذي تقوده الأمم المتحدة بزعامة مبعوثها الأممي برناردينو ليون، تظهر عقبة توقف الحوار وتعود به إلى نقطة الصفر؛ الأمر الذي زاد من شكوك عدد من المتابعين للشأن الليبي، حيث اتهموا دوائر محلية وإقليمية بتقديم دعم قوي لتنظيم داعش، لتوسيع معاركه في الشرق والشمال الليبيين؛ بهدف إفشال مسار الحوار الوطني الذي يهدد بنسف مواقع نفوذ هذه الدوائر ومصالحها في ليبيا.
وكان رئيس الحكومة الليبية المؤقتة والمعترف بها دوليًّا، عبدالله الثني، وصف ما تتعرض له مدينة سرت على أيدي داعش بجرائم الإبادة، وناشد المجتمع الدولي مساعدة ليبيا للتصدي للتنظيم.
فيما يشكك متابعون بأن ميليشيات فجر ليبيا لها يد فيما يحدث الآن، في دعم تنظيم داعش الإجرامي، وبالأخص بعدما فشل المؤتمر الوطني المنتهية ولايته والمحسوب على جماعة الإخوان الإرهابية في تعطيل مسار الحوار، وفرض شروطه في جنيف، بسبب الضغوط التي مارسها المبعوث الأممي برناردينو ليون.
كذلك لوحت بعض الدول الأوروبية البارزة بفرض عقوبات صارمة على الميليشيا التي تسيطر على العاصمة طرابلس ومن ورائها جماعة إخوان ليبيا.
ولفت مراقبون إلى أن "فجر ليبيا" كانت تقدم نفسها الطرف الأقوى القادر على هزم داعش، وذلك لنيل الاعتراف الدولي، ولما فشلت في ذلك، أوقفت معاركها مع التنظيم وانسحبت من مواقع كثيرة دون مقاومة.
يذكر أن الحوار الليبي الذي يقوده ليون يلزم كافة الأطراف، على المشاركة في مواجهة المجموعات الإرهابية، وهي مرحلة تتهرب منها ميليشيا فجر ليبيا المسيطرة على طرابلس خوفا من أن تكشف عن علاقتها بتوسع داعش سواء في سرت أو في بنغازي، وتعطيل جهود الجيش في الحرب على الإرهاب.

"فجر ليبيا" تدعم "داعش"

فجر ليبيا تدعم داعش
ويحرص ليون على أن ينتهي الحوار إلى اتفاق شامل قبل أكتوبر المقبل، وهو ما تتخوف منه الحكومة الموازية التي تواليها ميليشيات فجر ليبيا؛ نظرًا لمطامعها في السلطة؛ لأنها على علم بأنها غير مرغوب فيها في المرحلة القادمة؛ ولذلك في حال نجاح الحوار وتشكيل حكومة وفاق وطني تدفع البلاد للاستقرار، سيكون مصير الحكومة الموازية في طرابلس هو التهميش والاختفاء من المشهد السياسي.
وتسعى "فجر ليبيا" إلى إرهاب الدول الغربية المعنية بالملف الليبي من توسع داعش لتقبل بها شريكًا قويًّا في السلطة، وهي الآن تستخدم التنظيم الإرهابي على أنه ورقة ضغط رابحة لإفشال مسار الحوار الذي يعترف بالبرلمان المنافس في طبرق مصدرًا وحيدًا لمراقبة الاتفاق النهائي والتصديق عليه.
من جانبه قال سليم الرقعي، عضو مجلس النواب الليبي، المعترف به دوليا: إن المعارك في سرت تفضح "فجر ليبيا" وتسقط عنهم ورقة التوت، مُشيرًا إلى أن جماعة الإخوان أو فجر ليبيا ساندوا أنصار الشريعة "داعش" من قبل في سرت؛ حتى لا تقع تحت قوة كتيبة شهداء الزاوية التابعة لقوات الصاعقة في بنغازي، والآن يساندون الدواعش.
وأوضح أن سرت ليس ثمة وجود لقوات فجر ليبيا، كما هو حال كتيبة شهداء بوسليم في درنة، فالقوة في سرت إما للدواعش أو السلفيين الموالين لقائد الجيش خليفة حفتر؛ لهذا يفضلون أن تظل سرت تحت سيطرة الدواعش لا تحت خصومهم السلفيين.

اتهامات لتركيا

اتهامات لتركيا
فيما أشارت أصابع الاتهام إلى أن جهات خارجية، بينها تركيا، بالوقوف وراء ما يجري في ليبيا، بعدما نجح الحوار الوطني في سحب البساط من تحت قدميها، وأفشل خطتها للسيطرة على ليبيا عبر الميليشيات ومن ثمة احتكار عملية إعادة الإعمار وفتح ليبيا أمام الشركات التركية، وبالأخص أن ميليشيات مصراتة المدعومة من تركيا تراقب ما يجري في سرت بصمت؛ الأمر الذي يؤكد على أن هذا الصمت هو دعم لداعش.
مؤخرًا أعلنت تركيا دعمها للميليشيات في مواجهة العمليات التي يقودها الجيش الليبي بزعامة حفتر، وهو ما أدى إلى توتر العلاقة بين البلدين، ودفع الحكومة المعترف بها دوليًّا إلى مطالبة الأتراك بمغادرة ليبيا.
واتهم رئيس الحكومة المعترف بها دوليًّا، عبد الله الثني آنذاك، تركيا وقطر بدعم الميليشيات المسلحة في البلاد.
وقصف الجيش الليبي في مايو الماضي سفينة تركية داخل المياه الإقليمية الليبية غير بعيد عن سواحل مدينة درنة التي تحولت إلى معقل رئيسي لتنظيم داعش.
ووجهت قيادات في الجيش الليبي أكثر من مرة أصابع الاتهام إلى تركيا بوقوفها وراء تهريب الأسلحة إلى ميليشيات مصراتة وفجر ليبيا.
مع توسع نفوذه في
الحكومة تعلن عجزها في مواجهة "داعش"
ومع كل هذه الأحداث تقف الحكومة الليبية عاجزة عن مواجهة داعش؛ الأمر الذي دفعها إلى الاستنجاد بالدول العربية، وأعلنت الحكومة عجزها عن التصدي للجماعات الإرهابية بسبب حظر توريد السلاح للجيش.
وقالت الحكومة الليبية، في بيان لها أمس السبت: "نناشد الدول العربية الشقيقة ومن واقع التزاماتها تجاه الأخوة العربية وتطبيقًا لقرارات الجامعة العربية بشأن اتفاقيات الدفاع العربي المشترك- أن توجه ضربات جوية محددة الأهداف لتمركزات تنظيم داعش الإرهابي بمدينة سرت بالتنسيق مع جهاتنا المعنية".
واتهمت الحكومةُ، المجتمعَ الدوليَّ بالتخاذل والصمت المريب تجاه جرائم "داعش" في ليبيا، كما جددت الحكومة مطالبتها الدول الصديقة والحليفة بممارسة مزيد من الضغوط على مجلس الأمن الدولي لرفع حظر توريد السلاح عن الجيش الليبي؛ خاصة وأنه يخوض معركته ضد الإرهاب.
وكانت الحكومة الليبية أرسلت مساء أمس السبت، رسالة عاجلة إلى مجلس الأمن الدولي عبر مندوب ليبيا السفير إبراهيم الدباشي حول الوضع الخطير في مدينة سرت، وحملت الرسالة غضب الحكومة المؤقتة إزاء الموقف السلبي للمجتمع الدولي ومجلس الأمن منتقدة حظر السلاح على الجيش الذي يفرضه المجلس وعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين وفقًا للقرار رقم 2214 "2015" خاصة الفقرتين الثالثة والسابعة.

شارك