مواجهات الدم في المنطقة الآمنة بين "تركيا" وحليف الأمس "داعش"

الإثنين 17/أغسطس/2015 - 09:26 م
طباعة مواجهات الدم في المنطقة
 
يستعد تنظيم الدولة في العراق وبلاد الشام "داعش" لمواجهة تحركات تركيا نحو فرض منطقة آمنة بمزيد من الاحتياطات التي سوف تؤدى الى المزيد من الضحايا والدماء حيث قام التنظيم بتفجير خزاناً ضخماً للمياه غرب مدينة جرابلس في ريف حلب على الحدود التركية ، والذى يعد  أعلى نقطة في المنطقة، ويكشف مناطق واسعة منه وذلك في إطار استعدادات التنظيم  لهجمات محتملة قد تشنها تركيا لفرض منطقة آمنة.
مواجهات الدم في المنطقة
وتمثلت استعدادات التنظيم في  شمال سوريا   ضد احتمال التدخل التركي من ريف حلب الشمالي لفرض منطقة آمنة  فيما يلى:
1- قيام التنظيم بعمليات حفر لخنادق وبناء لتحصينات عسكرية على طول الحدود مع تركيا.
2- الشروع في عمليات زرع شبكة ألغام في الأراضي الزراعية والمزارع المنتشرة على طول الشريط الحدودي، وتحديدا من الجهة الشمالي لمدنية جرابلس حيث قتل  رجلاً سورياً في العقد الرابع من عمره  جراء انفجار  لغم به  بعد اجتيازه للحدود السورية التركية، باتجاه مناطق سيطرة تنظيم "داعش" وتؤكد ل مصادر ميدانية في تلك المنطقة الحدودية، إن تنظيم "داعش" قام بتفخيخ عشوائي لمعظم المناطق الحدودية الخاضعة لسيطرته، تحسب لأي هجوم بري محتمل، من قبل تركيا أو قوات التحالف.
3- توسيع عمليات استقطاب مقاتلين جدد في المناطة التي يسيطر عليها التنظيم بالقرب من الحدود التركية. 
4- تحتاج تركيا إلى إنزال ما يقارب 40 ألف جندي من أجل تأسيس منطقة عازلة بمساحة 110 كيلو متر، وهو ما سيجعلها في مواجهة برية مباشرة مع عناصر داعش  وسيؤدى بطبيعة الحال الى مزيد من الضحايا وهو مالا يقبله المجتمع التركي 
5- الفراغ الأمني في الجبهة الداخلية لتركيا نتيجة  حشدها  للرادارات الحديثة والمدرعات القوية  للعملية  وهو الامر الذى سيضعف  جبهتها الداخلية ضد أي هجوم إرهابي محتمل من داعش وبالتالي مزيد من الضحايا.
مواجهات الدم في المنطقة
و على صعيد العمليات،  جغرافيا تمثل  مدينة جرابلس ومناطقها أهمية خاصة  للتنظيم  حيث  تقع جرابلس في أقصى الشمال السوري، وتبعد عن مدينة حلب 110 كلم، وهي أول مدينة سورية يعبر فيها نهر الفرات ويدرك  التنظيم  أن خسارتها   تعني خروجه من كل المناطق والمدن الواقعة غرب نهر الفرات، بدءاً من منبج وليس انتهاء بالباب والخفسة ومسكنة،    بالإضافة الى انها تشكل عائقا أمام وصل المناطق ذات الغالبية الكردية بين كوباني (عين العرب) شرقاً وعفرين غرباً ومنها يتوقع التنظيم هجمات ربما تكون متزامنة من الجيش التركي ومقاتلي المعارضة القادمين من مارع وإعزاز،  والفصائل الكردية التي تسيطر على الضفة الشرقية لنهر الفرات وحاول التنظيم توسيع نفوذه بالهجوم على مدينة مارع المجاورة وصولا إلى إعزاز على الحدود التركية لـتأمين الخطوط الأمامية، وفشل الهجوم، ولم يستطع التنظيم التقدم كثيرا باستثناء السيطرة على بعد القرى دون تحقيق تقدم نوعي. 
يزيد صايغ الباحث في مركز كارنيجي للشرق الأوسط استبعد إمكانية إقامة منطقة آمنة حقيقية للنازحين السوريين الهاربين من بطش الرئيس بشار الأسد وداعش الى الحدود التركية  وان عدد من الصعوبات  تقف حائلا دون تحقيق هذا الهدف لأن تكثيف العمل العسكري التركي ضد "حزب العمال الكردستاني" وتنظيم "داعش" (وربما "حزب الاتحاد الديموقراطي") لا يترجم إلى إنشاء منطقة آمنة في سوريا، على رغم الإيحاء الواضح بأنها ستقوم بذلك فعلاً وعلى العكس تماماً، فإن احتمال الانجرار إلى صراع نشط مع كل من تنظيم "داعش" والأكراد، اللذين يشكّل كل منهما تحدياً لأمن تركيا الداخلي فضلاً عن التحدّي الذي يشكّلانه عبر الحدود، يعقّد الخيارات التركية للسعي لإنشاء منطقة آمنة حقيقية.
مواجهات الدم في المنطقة
وأشار الى أن تركيا تخلّت عن مطلبها الدائم منذ أكثر من سنة بإنشاء منطقة آمنة في سوريا في الوقت الذي تصعّد فيه ضرباتها العسكرية وحملاتها الأمنية ضدّ "حزب العمال الكردستاني" وتنظيم "داعش"، وتتّخذ التدابير الدفاعية الأخرى على طول حدودها مع سوريا في نفس الوقت الذى قاومت فيه  الدعوات التي قادتها الولايات المتحدة للانضمام إلى الحملة العسكرية ضد تنظيم "داعش"، من خلال الإصرار على أن يتعهد التحالف ضد هذا التنظيم باتّخاذ إجراءات موازية ضد نظام الأسد وأصبح المطلب التركي بإقامة منطقة حدودية آمنة داخل سوريا محور المفاوضات مع الولايات المتحدة في شأن الانضمام إلى الحملة المناهضة لـ "داعش" وكذلك استضافة برنامج أمريكي موسّع لتدريب مسلَّحي المعارضة السوريين في تركيا.
مواجهات الدم في المنطقة
 وشدد على انه بالرغم من الخطاب التركي  العلني الحادّ، ضد داعش  فليس من المؤكّد بأي حال أنها كانت تنظر إلى المنطقة الآمنة باعتبارها فكرة واقعية في أي وقت مضى  ذلك أن لجوءها الى معاهدة حلف شمال الأطلسي (ناتو) لتأمين نشر بطاريات "باتريوت" للدفاع الجوي على حدودها مع سوريا في يناير 2013 قيَّد فعلياً قدرة القوات المسلحة التركية على العمل عبر الحدود، لأن القيام بذلك تحت غطاء "الناتو" المخصّص لأغراض دفاعية بحتة من شأنه أن يورّط الحلف ويثير ردّ فعل روسياً قوياً.
مما سبق نستطيع أن نؤكد على أن تركيا سوف تتلقى العديد من الخسائر البشرية والمادية من إقامة هذه المنطقة الآمنة، وأن تفجيرات "سروت" التركية ومقتل الجنود الأتراك ما هي إلا بداية لبحور الدم بين داعش وحليفتها السابقة تركيا.

شارك