السكوت عن الوضع المأساوي في ليبيا.. هل يمهد للتدخل الأوروبي في البلاد؟

الثلاثاء 18/أغسطس/2015 - 10:05 ص
طباعة السكوت عن الوضع المأساوي
 
بعد أن أعلنت الحكومة الليبية المؤقتة والمعترف بها دوليًا، بقيادة عبد الله الثني، عجزها عن مواجهة التنظيم الإرهابي "داعش"، بدأت الدول العربية تعتزم في إيجاد حلول لخروج ليبيا من أزمتها الراهنة، وبالأخص عقب التهديدات التي تسببها ليبيا لهذه الدول عن طريق انتشار الإرهاب لتلك المناطق عبر حدود دول الجوار.
السكوت عن الوضع المأساوي
دفع تزايد وتيرة العنف في ليبيا، الجامعة العربية لقبول طلب من الحكومة المعترف بها دوليا بعقد اجتماع طارئ على مستوى المندوبين، الثلاثاء، لبحث كيفية تمكينها من بسط سيطرتها على الأراضي الليبية، في وقت يتمدد فيه تنظيم داعش ويمارس أعمال إبادة بحق السكان، خصوصا في سرت، تقوم جامعة الدول العربية اليوم الثلاثاء بعقد اجتماع طارئ لبحث إمكانية رفع حظر السلاح عن الجيش الليبي من جانب الدول العربية لدعم الحكومة المؤقتة في حربها على الِإرهاب، خصوصًا بعد مجزرة داعش بحق المدنيين في مدينة سرت.
وتنعقد الجلسة على مستوى المندوبين بناء على طلب الحكومة المؤقتة السبت الماضي، لاتخاذ الإجراءات الكفيلة للتصدي للجرائم التي يرتكبها تنظيم داعش في سرت ومناطق أخرى.
وقالت مصادر مطلعة إن مندوب ليبيا الدائم لدى الجامعة العربية، السفير عاشور بوراشد، تقدم بطلب عقد الجلسة، مؤكدًا أنها ستناقش إمكانية رفع حظر السلاح عن الجيش الليبي من جانب الدول العربية، ودعم الحكومة الليبية الموقتة في معركتها ضد الإرهاب.
كان التنظيم الإرهابي "داعش"، هاجم الحي الثالث في سرت، ونفذ عمليات إعدام جماعية لشباب الحي الذي شهد نزوحًا جماعيًا، كما قاموا بتصفية جسدية لـ 22 جريحًا، كانوا يتلقون العلاج في المركز الصحي في الحي رقم 3 في مدينة سرت، قبل أن يحرقوا المركز.
وفي يومي الجمعة والسبت الماضيين، قام التنظيم بصلب ثلاثة من مشايخ الدعوة السلفية في سرت، فيما عثر على 12 جثة مصلوبة ومفصولة الرأس قرب إحدى المدارس بطريق مراح في ضاحية سرت الشرقية.
وفي ظل عجز الحكومة عن التصدي لهجوم داعش، انتفض الأهالي ضد حكومة الثني، وتعتزم الجالية الليبية في مصر بتنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر جامعة الدول العربية، اليوم الثلاثاء، بالتزامن مع اجتماع عربي على مستوى المندوبيين الدائمين لدى الجامعة لمناقشة تطورات الأوضاع في ليبيا.
ووفقا لوكالة الأنباء الليبية "وال" أكدت أن الوقفة تأتي تزامنا مع جلسة الجامعة العربية بسبب الأوضاع المأساوية التي تمر بها ليبيا.
يشار إلى أن وزير الخارجية والتعاون الدولي في الحكومة الليبية الموقتة وصل صباح، أمس الإثنين، على رأس وفد رفيع إلى القاهرة للمشاركة في الاجتماع العربي، إضافة إلى بحث الدعم العسكري العربي لليبيا ضد داعش.
السكوت عن الوضع المأساوي
من جانبه قال النائب فهمي التواتي إن مجلس النواب قرر تشكيل لجنة لمتابعة الأوضاع في مدينة سرت وتقصي الحقائق هناك.
وحث التواتي، الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على محاربة الإرهاب في ليبيا بكافة الوسائل وبالتنسيق مع الحكومة الموقتة بالخصوص.
وأوضح التواتي أن القرار الدولي رقم 2214 يدين جميع الأعمال الإرهابية التي يرتكبها تنظيم داعش والجماعات ذات الصلة كأنصار الشريعة وسائر الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات المرتبطة بتنظيم القاعدة التي تنشط في ليبيا، وعليه يجب أن يتم تفعيل القرار خاصة بعد أحداث سرت الدامية.
وحول الحوار الوطني، أكد التواتي حضور أعضاء لجنة الحوار التابعة لمجلس النواب إلى مدينة طبرق، واستعراض ما جرى في جولة جنيف الأخيرة، بما في ذلك ما قيل عن استياء بعض السفراء والبعثة الدولية من قرار مجلس النواب تقديم اسمين فقط كمرشحين لرئاسة حكومة التوافق، قائلا: إن اللجنة سلمت مجلس النواب ملحقي مبادئ السياسة المالية والإدارية والأصول الوطنية وأولويات حكومة التوافق الوطني، وتم إحالتهما إلى لجنة الـ19 للدارسة، وسيتم الرد عليها يوم الخميس المقبل قبل توجه لجنة الحوار إلى الصخيرات.
وفي هذا الصدد، اعتبرت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موجيريني، أن الأعمال الإرهابية التي ترتكبها المجموعات التابعة لتنظيم داعش في مدينة سرت بما فيها القصف العشوائي وإعدام السجناء تؤكد أن المتطرفين يوظفون الفراغ الأمني في البلاد للتوسع ولاستهداف المواطنين الليبيين.
السكوت عن الوضع المأساوي
دعت موجريني من خلال بيان للاتحاد الأوروبي، جميع الأطراف السياسية والعسكرية الليبية لإثبات ما يلزم من روح المسؤولية من أجل وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق سياسي وتشكيل حكومة الوفاق الوطني، وهو ما سيسمح للشعب الليبي بمواجهة هذا التهديد المتنامي بطريقة موحدة، وتحقيق السلام والأمن في البلاد.
وقالت إن  الاتحاد الأوروبي مستعد لدعم حكومة الوفاق الوطني بمجرد إرسائها، حتى يتمكن الشعب الليبي من أن تستفيد بسرعة من هذه الخطوة نحو السلام والاستقرار.
ويأتي الموقف الأوروبي بالتزامن مع اجتماعات الجامعة العربية في القاهرة ووجود خشية من تقديم الأطراف العربية لدعم ملموس لليبيا مما سيعيق خطة الاتحاد الأوروبي بفرض التسوية التي يسعى المبعوث الأممي برناردينو ليون لتمريرها حاليًا.
ويحرص الاتحاد الأوروبي على جر مختلف الأطراف إلى الامتناع عن تسليح الجيش تحت أي مبرر وبما في ذلك محاربة تنظيم داعش. 
يأتي ذلك في الوقت، الذى أصدرت فيه كل من "الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا" بيانا مشتركا أول أمس تندد فيه بالأعمال "الهمجية" التي ارتكبها تنظيم داعش في ليبيا، رافضة في الوقت نفسه التدخل العسكري لحل النزاع هناك.
كذلك يأتي البيان المثير للشكوك حول أن "الحل العسكري للنزاع في ليبيا غير مطروح حاليا"، في الوقت الذي تبحث فيه جامعة الدول العربية إمكانية رفع حظر السلاح عن الجيش الليبي من جانب الدول العربية لدعم الحكومة المؤقتة في حربها على الِإرهاب، وليس التدخل العسكري في ليبيا.
ويبدو أن هناك إصرارا من جانب هذه الدول الست على المماطلة لتحقيق أهداف بعينها.
السكوت عن الوضع المأساوي
ويري مراقبون أن مساعي المبعوث الأممي لدي ليبيا برناردينو ليون، ما هي إلا مناورات لا تقل خطورة عن نشاطات داعش وبقية التنظيمات الإرهابية، عن طريق إطلاق تصريحات وهمية تهدف إلى التسويف والمماطلة، وعقد جلسات تفاوض يعرف الجميع أنها لن تؤدي إلى أي نتائج في ظل الإصرار الغربي على "تأجيل" التعامل الجدي مع ما يجري في ليبيا، وتدخل أطراف إقليمية لدعم هذا التنظيم الإرهابي أو ذاك، أو استقطاب هذه الدولة أو تلك من الدول المجاورة لليبيا المنكوبة.
الغريب أن مماطلة الأطراف في التدخل العسكري في ليبيا أصبح أمرًا مثيرًا للشكوك، حول احتمالية مساعي هذه الدول تمهيدًا لتدخل أوروبي – أطلسي،  بنية هدم ونهب البلاد.

شارك