"الإخوان" بين الإصرار على التصعيد ضد الدولة واستحالة التصالح

الثلاثاء 18/أغسطس/2015 - 09:57 م
طباعة الإخوان بين الإصرار
 
كشفت مصادر بجماعة الإخوان المسلمين عن دعوة محمود عزت نائب المرشد العام للجماعة والقائم بأعمال المرشد في الداخل لممثلي ٣ قطاعات من أصل ٧ على مستوى الجمهورية، لتعيين مشرفين بعينهم على اللجان الفنية الهامة المنوط بها تسيير أعمال الجماعة.
ومن بينها اللجنة الإعلامية ولجنة الحراك - المكلفة بالإعداد للتظاهر في الشارع- وكذلك لجنة "العمل الثوري" والمكلفة بتحديد الخط الاستراتيجي للتعامل مع الوضع الحالي عقب الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي.

الإخوان بين الإصرار
واعتبرت المصادر -التي رفضت الإفصاح عن أسمائها- في تصريحات صحفية، الدعوة بأنها إحدى حلقات التلاعب بما أقره الصف الإخواني نتيجة دعوة  عزت لـ 3 قطاعات تتفق مع  وجهة نظره، وتجاهل 4 قطاعات أخرى معارضة وموالية للجنة إدارة الأزمة التي تشكلت في فبراير 2014 ويقودها محمد  كمال.
وطالب عزت - بحسب  المصادر- ممثلي القطاعات -التي تمثل لجنة إدارة الأزمة المنتخبة منذ شهرين- "الشرقية والدقهلية وجنوب الصعيد" في الاجتماع الذي عقد السبت الماضي بتعيين مشرفين بعينهم على اللجان الهامة بالجماعة في الفترة الحالية ومن بينها لجنتا الحراك والإعلامية، وهذا ما يؤكد إصرار محمود عزت القيادي الأخطر في الجماعة على الاستمرار في تصعيد العنف ضد الدولة، مبتعدًا بذلك عن خطاب المصالحة أو السلمية التي ينادي بها البعض مما يوصفون بالحمائم.
وعلى صعيد آخر وفي تقرير له عن وضع الإخوان في مصر الآن، قال موقع "مونيتور" الأمريكي إن الحديث عن مصالحة وشيكة بين الدولة المصرية وجماعة الإخوان، قد يصبح صعبًا في ظل المعطيات الظاهرة، فهناك أمور قد تعوق إتمام هذه المصالحة تأتي في مقدمتها تصنيف الحكومة المصرية في أواخر شهر ديسمبر 2013، جماعة الإخوان كجماعة إرهابية بعد أن قضت محكمة مصرية في 23 سبتمبر بحظر أنشطة جماعة الإخوان، وكل المؤسسات المتفرعة عنها والتحفظ على جميع أموالها ومقارها.
وأضاف الموقع إن من الأسباب أيضا اعتراض شباب جماعة الإخوان على فكرة المصالحة، إذ قال محمد منتصر المتحدث الإعلامي باسم الجماعة، في إحدى البيانات التي نُشرت له عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في منتصف شهر مايو الماضي، "إنه لا صوت يعلو فوق صوت القصاص، لا صوت يعلو فوق صوت دماء الشهداء التي سالت ظلمًا وفجورًا من قتلة لا يجدي معهم سوى القصاص، لا تجدي معهم سوى ثورة تجتز الرؤوس".
وفي هذه الفترة كانت هناك محاولات لاحتواء الأزمة ولكن جميعها باءت بالفشل، نظرًا لكثرة العمليات الإرهابية التي حملتها الدولة لجماعة الإخوان، فيما يرفض شباب الجماعة أي حديث عن مصالحة.

الإخوان بين الإصرار
وزادت الأمور سوءًا حينما أصدرت محكمة جنايات القاهرة، في 16 يونيو الماضي، أحكامًا متفاوتة على الرئيس الأسبق محمد مرسي بينها الإعدام ومعه آخرين في ما بات يعرف بقضيتي "اقتحام السجون والتخابر مع دولة أجنبية"، وهو ما اعتبره شباب الجماعة انتهاكًا من الدولة في حق ما وصفوه بـ"الشرعية" على الرئيس مرسي وثورة 25 يناير 2011.
وتابع الموقع: جاء مقتل النائب العام المصري المستشار هشام بركات بمثابة المحاولة الأخيرة التي قررت الدولة المصرية فيها إنهاء أي محاولات قد تتحدث عن مصالحة (واتهمت السلطات المصرية جماعة الإخوان المسلمين بقتل بركات و"إشاعة الفوضى" في مصر .
بينما يرى أحمد بان الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية. "ان الصراعات السياسية أو حتى الصراعات التي تنحرف إلى صراعات مسلحة، نهايتها الحوار والتوصل إلى تسوية ما، تُنهي حالة الاحتقان وتحقق مصالحة شاملة"، 
وأضاف في تصريحات لـ"مونيتور"، ان كل الشواهد حاليًا تؤكد أن المعادلة للتوصل إلى مصالحة بين الدولة المصرية وجماعة الإخوان حصيلتها صفر، فكل طرف يغطي على فكرة الحوار التي تمهد لفكرة المصالحة، خاصة وأن كل طرف يرى أنه قادر على "إنهاء" الطرف الآخر، فكل الشواهد تؤكد أن هناك عناد واضح من الطرفين.

الإخوان بين الإصرار
ويحلل بان، الوضع ويقول: "الدولة المصرية والإخوان يرون أن كل منهم قادر على حشد أنصاره، والتأثير فيهم لما يراه صحيحًا بالنسبة لوجهة نظره، وهذا يضر بفكرة وجود أي حوار مستقبلي يكون نواة لمصالحة، فالخاسر الوحيد هو المواطن المصري، الذي يقع بين مظلومية الإخوان ومكارثّية النظام وهو نظام رجعي ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1950، تم العمل به بهدف تشديد الرقابة على الشيوعيين الذين يعملون في الدولة ".
وحمّل الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية أحمد بان، الدولة المصرية مسئولية أن تبدأ بخطوة جادة من أجل تسوية الأزمة، قائلًا: "الطرف الأكبر عليه المسئولية حيث تظل الدولة هي الراعية لكل المواطنين مهما كانت الأوضاع، فالدولة كيان لا يُحب ولا يكره"، مضيفًا: "على الدولة إذا رغبت في عمل مسار حقيقي للتقارب، فعليها أن توفر بيئة مواتية لإتمام المصالحة حتى يمكن أن تغير جماعة الإخوان لأفكارها وتتمكن من التأثير على قواعدها من أجل إنهاء حالة الاحتقان القائمة".
بينما قال أستاذ الاجتماع السياسي الدكتور عمار علي حسن. "يبدو أن الدولة المصرية لاسيما الآن أصبحت تدرك انه من الأفضل الاستمرار في تفكيك تنظيم الإخوان، حيث أن ذلك يعد أحد الضمانات الأساسية لإغلاق الطريق عليهم في العودة إلى السياسية والمجتمع". 
ويقول عمار علي حسن في حديثه لـ"مونيتور"، :"إن السعودية في إطار التحالف في مواجهة الأطماع الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط يمكن أن تقبل تقريب الإخوان إليها ومن ثم تحاول جذب الدولة المصرية لهذه الفكرة."
وبهذا يظل التصعيد الإخواني بقيادة محمود عزت هو حائط الصد الأساسي لمصالحة محتملة مع النظام في مصر، والغريب في الأمر أن معظم من يتحدث عن المصالحة الإخوانية مع الدولة ينسى تماما مصالحة هذه الجماعة مع الشعب المصري نفسه، مع اهالي الشهداء من جنود وضباط الشرطة والجي، مع اهالي الشهداء والمصابين من عامة الشعب المصري، الذين انفجرت بهم عبوات ناسفه، مع هؤلاء الذين عانوا من الخوف والذعر بسبب هذه العبوات الناسفة والمتفجرات في المحلات والشوارع، فهل يتصالح هذا الشعب مع من قتل أبناءه وروع الآمنين؟

شارك