حل الأزمة الليبية.. بين مساعٍ عربية وتخطيطات غربية

الأربعاء 19/أغسطس/2015 - 01:59 م
طباعة حل الأزمة الليبية..
 
رغم كل المساعي والمطالب التي تحث على مساعدة ليبيا في الخروج من أزمتها الراهنة والتصدي للعمليات الإرهابية التي انتشرت في البلاد، يستمر الصراع بين ولاءات قبلية ومطامع ميدانية وخارجية، في ظل غياب السلطة الحاكمة التي تشهد صراعًا قويًا قد يكون هو السبب في جر البلاد إلى حالة الفوضى التي تعيشها الآن.
حل الأزمة الليبية..
ويوجد في ليبيا الآن ثلاثة قوى تتصارع فيما بينها، أولها مجلس النواب الليبي بطبرق المعترف به دوليا بقيادة عبد الله الثني، وقوات الجيش بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
والقوى الثانية هي الحكومة الموازية والمقيمة في طرابلس والتي تتمثل بالمؤتمر الوطني الليبي العام وهو البرلمان المنتهية ولايته، ومحسوب على جماعة الإخوان المسلمين ويواليه ميليشيات فجر ليبيا.
أما القوة الثالثة فهي تنظيم داعش الإرهابي، الذي فرض سيطرته على مساحات واسعة من ليبيا تتمثل في مناطق من درنة أول معقل للتنظيم، الذي مني بهزائم كبيرة، بالإضافة لمدينة سرت على ساحل البحر الأبيض المتوسط، فيما تتجه أنظاره للمثلث النفطي ومدينة مصراته شرق طرابلس.
وحسبما يرى متابعون فإن القوى السياسية الأساسية تحاول المتاجرة بخطر داعش واستجداء التدخل ضده من أي مكان، وآخرها إطلاق نداء للدول العربية لضرب مواقع التنظيم داخل ليبيا.
فيما يرى متابعون أخرون بأن هناك من يتحدث عن أن الانقسام السلطوي في البلاد هو الخطر الأبرز والسبب الأساسي الذي فتح الثغرة لداعش ليدخل منها للأرض الإفريقية، وذلك على الرغم من توالي الحوارات بقيادة المبعوث الأممي برناردينو ليون، والتي باءت جميعها بالفشل الذريع دون جمع الأطراف المتناحرة على طاولة واحدة.
ووفق مراقبين للشأن الليبي، فإن المشكلة بدأت عقب الإطاحة بنظام معمر القذافي، حين قرر الغرب تحقيق الديمقراطية لليبيا وإنهاء حكم دكتاتوري، فالنتيجة كانت إغراق هذا البلد بالسلاح والاكتفاء بالتفرج على أهل يذبحون بعضهم بعضا.
حل الأزمة الليبية..
كانت الحكومة الليبية أعلنت عجزها عن مواجهة داعش، وطالبت من الدول العربية التدخل لحل الأزمة في ليبيا ودعمها لتسليح الجيش الليبي، وطالبت جامعة الدول العربية أعضاءها بضرورة تقديم الدعم الكامل للحكومة الليبية في حربها ضد الإرهاب. وحثت الدول العربية فرادى أو مجتمعة، على دعم الحكومة الليبية في حربها على تنظيم داعش. 
ورغم أن الجامعة لم تستجب لطلب ليبي بغارات جوية عربية على تنظيم داعش في سرت، فقد دعت الأمم المتحدة لرفع الحظر المفروض على السلاح للجيش الليبي. 
وبحثت الجامعة الدول العربية، الثلاثاء، في القاهرة، على مستوى المندوبين، طلباً ليبياً بالتدخل ومساعدة الحكومة لاحتواء تمدد داعش ووقف المجازر التي يرتكبها في مدينة سرت.
وقال مجلس الجامعة عقب الاجتماع إنه قرر حث الدول العربية مجتمعة أو فرادى على ضرورة تقديم الدعم الكامل للحكومة الليبية وتطبيق قرارات مجلس الأمن، التي تطلب من الأعضاء في الأمم المتحدة دعم دولة ليبيا في حربها ضد الإرهاب.
واكتفى البيان بالقول: إن مجلس الجامعة يؤكد أن الحاجة أصبحت في هذه الظروف العصيبة إلى التعجيل بوضع استراتيجية عربية تضمن مساعدة ليبيا عسكريا في مواجهة داعش وتمدده على أراضيها.
وقال وزير الخارجية الليبي محمد الدايري في كلمة خلال الاجتماع هل نحن كعرب سننتظر سنتين المجتمع الدولي للتحرك، بعدما استفحل الخطر في العراق وسوريا؟ هل سننتظر ستة أشهر آخرى لدعم ليبيا؟
حل الأزمة الليبية..
وأضاف: نحن هنا من أجل تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك التي أبرمت عام 1950، والتي تتضمن دعوة الدول من قبل دولة عربية ما إلى التدخل على أراضيها لمساعدتها علي صد عدوان أو خطر دائم على أمنها القومي، واستغل تنظيم داعش حالة الفراغ الأمني للتوسع في ليبيا، مثلما فعل في سوريا والعراق.
من جانبها رحبت الحكومة الليبية المؤقتة بما جاء في القرار الصادر عن مجلس جامعة الدول العربية في دورته غير العادية بشأن الأوضاع في ليبيا، معتبرة أن ما جاء في القرار هو استجابة لتطلعات الشعب الليبي. وجددت الحكومة المؤقتة في بيان صادر عنها موقفها الرافض للإرهاب بكل أشكاله وعزمها على محاربته.
من جانبه أكد الكاتب والباحث الليبي أبو القاسم المشاي، أن الدول العربية منذ بداية الأزمة لم يكن في نيتها التدخل، مشيرًا إلى أن الفراغ السياسي أدى إلى انتشار الإرهاب وعلى رأسه تنظيم داعش الإرهابي وأنصار الشريعة.
ويرى أن تباين مواقف دول الجوار هو الذي سهل النزاعات على الأراضي الليبية، موضحًا أن الفراغ السياسي أدى إلى تصاعد وتيرة الحرب داخل البلاد، لافتًا إلى أن ليبيا لديها سلاح ويكفي لتصديره لجامعة الدول العربية بنحو 20 مليون قطعة سلاح؛ حيث لم يتوقف عن ليبيا، ويتم تهريبه في ظل الفراغ الأمني.
ويذكر أن المؤتمر الوطني الليبي المنتهية ولايته والذي يواليه ميليشيات فجر ليبيا، يرفض تسليح الجيش الليبي، معتبرًا أنه تقوية لطرف عن طرف آخر.
وفيما يرى بعض الخبراء أن تسليح الجيش الليبي سيؤدي إلى زيادة الصراعات في المنطقة وانهيار تام للدولة، موضحين أن التدخل العسكري من جانب الدول العربية هو الحل الوحيد في القضاء على الإرهاب المنتشر في البلاد.
حل الأزمة الليبية..
في ذات السياق أصدر المجلس القومي للقبائل العربية والمصرية برئاسة الربان عمر المختار صميدة، بيانًا، وجه فيه رسالة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية والمندوبين الدائمين بالجامعة. 
وقال البيان إنه في ظل تصاعد عمليات الإبادة المنظمة ضد الشعب الليبي والقبائل الليبية الشقيقة، وخاصة ما يحدث للأشقاء في مدينة سرت الليبية نطالب الأمين العام والمندوبين الدائمين لجامعة الدول العربية باتخاذ الإجراءات التنفيذية اللازمة. 
وطالب البيان بالوقوف بشكل واضح وعملي لإيقاف هذه المذابح، والسعي الجدي لمحاربة التنظيمات الإرهابية وخاصة تنظيم داعش الإرهابي الذي احتل المدينة ويقوم بمذابح ضد المدنيين. كما طالب المجلس القومي القبائل العربية والمصرية في بيانه، بالسعي لدى مجلس الأمن برفع الحظر المفروض علي تسليح الجيش الليبي بشكل سريع والضغط علي المجتمع الدولي لتنفيذ ذلك. 
ويبدو أن الأزمة الليبية ستظل تشهد تعقيدات في ظل مطامع الدول الغربية، في التدخل للسيطرة علي البلاد ونهبها، قد يؤدي إلى تحولها لأفغانستان أخرى، في حين أن هناك عددًا من الدول العربية من مصلحته عودة الأمن والاستقرار للبلاد ويسعى جاهدًا لذلك.

شارك