لغز الانفجارات في مصر.. بين "أنصار بيت المقدس" والجماعات الإرهابية المجهولة

الخميس 20/أغسطس/2015 - 12:33 م
طباعة لغز الانفجارات في
 
في واقعة اهتزت لها أماكن متفرقة في محافظتي القاهرة والجيزة، سمع سكان عدة مناطق دوي انفجار زلزل مقارات سكنية عدة؛ الأمر الذي جعل الأهالي يتوقعون بأنه زلزال قوي هز أنحاء مصر.
لغز الانفجارات في
الغريب أن الصوت الضخم الذي شعرت به عدة مناطق على رأسها إمبابة والوراق والجيزة والمقطم والشيخ زايد، ومدينة نصر، وكوبري القبة والمهندسين وفيصل والهرم وكذلك الدقي، كان صوت انفجار سيارة مفخخة أمام مبني الأمن الوطني في منطقة شبرا الخيمة بالقاهرة.
الصوت الهائل الذي وقع ظل مجهولًا لفترة طويلة، ولم يتم تحديده إلا بعد حوالي نصف ساعة من وقوعه، واكتشفت الأجهزة الأمنية أنه انفجار أمام مبني الأمن الوطني في شبرا.
وخلال ساعة واحدة، ظهرت التصريحات الرسمية، بأنه لا تفجيرات في الجيزة، وأن الصوت الذي أيقظ سكان المحافظتين ناجم عن انفجار سيارة مفخخة تقف على مسافة 15 مترًا فقط من مبنى الأمن الوطني الذي يقف إلى جوار مبنى مجمع المحاكم، وأحد أكبر الأكمنة الأمنية الثابتة؛ ما أسفر عن وقوع إصابات يصل عددها إلى 29 شخصا، بينهم 5 أمناء شرطة، و4 مجندين.
ومن بين المصابين 8 أشخاص في حالة خطيرة، بينما تمكن منفذ العملية من الفرار على دراجة نارية كانت تسير خلف السيارة المفخخة قبل توقفها، ونزوله منها، ثم الانضمام إلى سائق الدراجة والفرار من موقع الحادث.
كذلك تسبب الانفجار في إحداث حفرة عرضها أكثر من متر قرب مبنى الأمن الوطني ذات الطوابق الأربعة، ما حطم زجاج نوافذه وواجهته الخارجية وجزءًا كبيرًا من سوره وانهيار برج حراسة فيه.
لغز الانفجارات في
وفي لغز قد يشتت الجهات الأمنية في الوصول إلى الحقيقة، في الوقت الذي أعلن فيه "أنصار بيت المقدس"، الموالي للتنظيم الإرهابي "داعش" مسئوليته عن الانفجار، وذكرت الجماعة التي تنشط في شمال شبه جزيرة سيناء في بيان نشر على تويتر أن الانفجار نفذ بسيارة ملغومة، أعلن كذلك تنظيم "الكتلة السوداء" ما يعرف بـ"بلاك بلوك"، مسئوليته عن الانفجار ذاته، موضحًا أنه سيعلن عن نفسه رسميا في غضون أيام داخل مصر، بحسب تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، مبررين عملياتهم الإجرامية، بأنهم طالبوا بالعفو عن عدد ممن تم اعتقالهم بدون تهم، ومن تم اعتقالهم بتهم غير جنائية، بحسب الصفحة.
وجاء في بيان نشرته الصفحة إنه: من المجموعة المركزية بمحافظة القاهرة إلى مواطني الجمهورية، نعلن مسؤليتنا التامة والكاملة عن الانفجارات التي وقعت.
لم يتوقف تبني العملية الإجرامية عند تنظيمين، بل ظهر تنظيم "داعش" نفسه ليعلن مسئوليته عن الانفجار، حيث قال التنظيم المتطرف: "تمكن جنود الدولة الإسلامية من استهداف مبنى جهاز أمن الدولة بقلب القاهرة في منطقة شبرا الخيمة بسيارة مفخخة مركونة"، مضيفًا في بيانه: "جاءت العملية ثأرًا لإخواننا شهداء عرب شركس"، في إشارة لتنفيذ السلطات المصرية في مايو الماضي حكم الإعدام في ستة متهمين منسوبين للتنظيم في قضية "خلية عرب شركس".
ويتوقع خبراء أن الانفجار قام به أنصار بيت المقدس المتمركزين في سيناء، التي أصبحت معقلًا للمسلحين الإسلاميين المتشددين الذين يستهدفون قوات الأمن والجيش بشكل متواصل منذ الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي في يوليو 2013 بعد احتجاجات شعبية حاشدة.
ومنذ عزل مرسي تشن السلطات المصرية حملة أمنية صارمة على معارضيها من الإسلاميين وامتدت لتشمل ليبراليين. 
لغز الانفجارات في
فيما يرى خبراء، أنه حتى الآن لم يتم الكشف عن التنظيم الذي يقوم بالعمليات الإرهابية في مصر، وأنه تنظيم خفي لم يعلن عن نفسه حتى الآن.
وتتهم الحكومة جماعة الإخوان التي حظرت وأدرجت على قوائم الإرهاب بالوقوف وراء أعمال العنف، ولا تفرق بينها وبين متشددي سيناء لكن الجماعة تنفي أي صلة بالعنف وتقول إنها ملتزمة بالسلمية.
وبعد مبايعة "أنصار بيت المقدس" لتنظيم داعش، وأصبح يطلق عليه اسم "ولاية سيناء"، توالت العمليات الإرهابية في مصر مستهدفين السياح، بهدف وقف الاستثمارات الأجنبية التي تحتاجها البلاد كما يرى خبراء.
الجدير بالذكر أن آخر عملية تبناها التنظيم الإرهابي "بيت المقدس"، كانت في 11 من يوليو الماضي حيث تبنى هجومًا بسيارة مفخخة على قنصلية إيطاليا في القاهرة؛ ما أدى إلى مقتل مدني من المارة. 
وفي 13 أغسطس الجاري أقدم التنظيم على قطع رأس كرواتي كان يعمل لحساب شركة فرنسية في مصر بعد خطفه في نهاية يوليو بالقرب من القاهرة.
هذا الحادث فجر العديد من التساؤلات المهمة بشأن كيفية اختطاف داعش شخصا مصريا كان أو أجنبيًّا في العمق المصري، وهل تم ذبحه (وفقا للفيديو) في مكان ما داخل القاهرة، أم تم نقله إلى سيناء؟ في الحالة الأولى، يعني الأمر أن التنظيم أصبح يعمل في عمق البلاد. 
وفي الحالة الثانية، يعني أن التنظيم قادر على التحرك بكل حرية عبر الكمائن الأمنية والحواجز.
وتبرر الجماعات الجهادية عملياتها الإجرامية، بأنها تتحرك ردًّا على ملاحقة أنصار مرسي.
لغز الانفجارات في
يأتي ذلك في الوقت الذي أقر فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي، بقانون الإرهاب الجديد، ولا يغير القانون الكثير مما يتعلق بالعقوبات المشددة التي ينص عليها بالفعل قانون العقوبات المصري لكل من يدير أو ينتمي إلى تنظيم غير شرعي، أو السلطات الواسعة التي تتمتع بها الشرطة لمواجهة الإرهاب، إلا أنه يعفي من المساءلة الجنائية القائمين على تنفيذ هذا القانون إذا استعملوا القوة لأداء واجباتهم أو لحماية أنفسهم من خطر محدق.
يقول متابعون: إن الانفجار الذي وقع اليوم الخميس 20 أغسطس 2015، هو رسالة من الجماعات الإرهابية بأنهم قريبون من أي مكان سيادي أو غير سيادي، ويؤكدون للأجهزة والمؤسسات الأمنية أنهم في متناول يدها، وأنها لا تستهدف الناس، وإنما تستهدف الأجهزة الأمنية والمؤسسات العسكرية، كذلك تؤكد للرأي العام أن الدولة لا تمتلك عقيدة أمنية من جهة، وإرادة سياسية من جهة أخرى.
الأمر اللا معقول أن الأجهزة الامنية في مصر تقف عاجزة في كل مرة عن مواجهة مثل هذه العمليات، وكلما وقع انفجار وهدأ الأمر، يواليه انفجار آخر، دون التحرك الفعلي، فهل تواجه الأجهزة الأمنية والعسكرية في مصر عقبات داخلية في مكافحة الإرهاب؟ وهل هناك قيود خارجية على مكافحة الإرهاب في مصر؟ 

شارك