الزبداني "معركة الدم" التي لا تنتهي

الخميس 20/أغسطس/2015 - 01:16 م
طباعة الزبداني معركة الدم
 
 تشهد مدينة الزبداني ومحيطها معارك متواصلة منذ عدة أشهر بسبب موقعها الاستراتيجي المهم لقوات النظام السوري وفصائل المعارضة المسلحة، ولكنها شهدت اليوم تطورًا جديدًا بعد 51 يومًا من هجوم النظام عليها؛ حيث انتفض ثوار الزبداني من جديد، وبدءو فجر اليوم 20-8-2015م هجوماً مباغتاً من الجبل الشرقي لمدينة الزبداني غرب دمشق، لفك الحصار عن المدينة واستطاعوا خلال الهجوم اقتحام حاجزي كرم العلالي وجدودنا في الجبل الشرقي واغتنام دبابتين T-72 وقاعدتين صواريخ كونكورس، وقتل وجرح العشرات من عناصر قوات الأسد وحزب الله.
الزبداني معركة الدم
هجوم الثوار من الجبل الشرقي تزامن مع هجوم مرافق للثوار من داخل المدينة على حاجز الكازية في المدينة الخاضه للنظام وتكبيده خسائر بشرية وانسحاب الباقيين، في حين قام الثوار على الجبل الغربي بصد محاولة تقدم لحاجز الهدى وتكبيده خسائر بالأرواح والمعدات في محاولة لتخفيف الضغط على المحاصرين داخل الزبداني، الذين يتعرضون لحملة كبيرة من قوات الأسد والحزب الله اللبناني لليوم الواحد والخمسين على التوالي .
الهجوم الذي خاضه الثوار كان سريعاً وخاطفاً، أسفر عن السيطرة على حاجز كرم العلالي وحاجز "مطعم جدودنا" في الجبل الشرقي، ولا تزال الاشتباكات تدور على أطراف الجبل، وسط قصف عنيف من قبل طيران ومدفعية النظام، كما شهد الجبل الشرقي الملاصق للزبداني ذو أهمية استراتيجية كونه بوابة رئيسية لمدينة الزبداني المحاصرة منذ ثلاث سنوات عشرات من معارك الكر والفر بين المعارضة والنظام، ولم يتمكن أي منهما من تثبيت السيطرة عليه مدة طويلة.. المدينة لم تتوقف المعارك فيها منذ ثلاث سنوات إلا لمدة 48ساعة وفق هدنة مؤقتة، بين الفصائل الإسلامية والثورية من جهة، وقوات النظام السوري والكتائب الإيرانية المقاتلة إلى جانب الأسد من جهة أخرى، نصت على: 
1- إيقاف إطلاق النار لمدة 48 ساعة. 
2- إيقاف الحملة على البلدة بالتوازي مع مفاوضات تُجرى بإسطنبول بين وفد إيراني ومندوب عن حركة أحرار الشام. 
الزبداني معركة الدم
وكانت هذه الهدنة ضمن مباحثات تسير بالتوازي مع مفاوضات جرت في إسطنبول  بين وفد إيراني ومندوب حركة أحرار الشام المفوضة من قبل المجلس المحلي للزبداني، والتي فشلت بالتوصل لإيجاد حل مشترك لكل من الزبداني وكفريا والفوعة والتي تشهد قصفا متبادلا، وأرجع علي إبراهيم الناطق السابق باسم مجلس الزبداني المحلي فشل المفاوضات إلى رفض ثوار الزبداني مطالب الوفد الإيراني، والتي تضمنت إفراغ الزبداني من كافة المقاتلين والمدنيين بسيناريو مشابه لما جرى في حمص المحاصرة، وتسليمها لمقاتلي حزب الله مقابل ضمان سلامتهم ونقلهم لمناطق آمنة تقع تحت سيطرة مقاتلي المعارضة، وأن مطالب الوفد المعارض والمكون من مندوبين من حركة الأحرار وممثلين عن مجلس الزبداني المحلي كانت تتعلق بإيقاف الحملة والقصف العشوائي وتأمين دخول المساعدات الإنسانية والطبية مقابل إيقاف قصف قريتي كفريا والفوعة الشيعيتين.
هذه المعارك والمفاوضات التي لا تنتهي دفعت إلى مزيد من تدهور الأوضاع الإنسانية داخل المدينة ومحيطها، وما يزال عشرات آلاف النازحين من أهالي الزبداني- ومعظمهم أطفال ونساء- منتشرين في البلدات المجاورة للزبداني يترقبون مصيرهم عقب إبلاغهم من قبل النظام، بتجهيز أنفسهم لإخلاء منازلهم والتوجه إلى بلدة مضايا التي رحل إليها قبل أيام، نحو ثلاثة آلاف شخص من أهالي الزبداني الذين كانوا في بلدة بقين، ليسقط منهم عدد من القتلى الجرحى جراء قصف البلدة بالبراميل المتفجرة هذا التدهور الخطير في الأوضاع الإنسانية في المدينة أدى إلى زيادة معاناة 6 آلاف سوري محاصر على مقربة من الزبداني؛ حيث يخضعون لحصار خانق منذ ثلاثة أسابيع، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل متسارع بسبب نفاد المواد الغذائية، وشح مياه الشرب.
الزبداني معركة الدم
 وكشف أبو شوكت أحد النشطاء في ريف دمشق عن أن "هريرة قرية تقع على مرتفعات الجبل الشرقي وتبعد عن مدينة الزبداني نحو 10 كيلومترات، ودخلت هدنة مع النظام منذ نحو العامين، إلا أنه قام بمحاصرتها منذ 3 أسابيع تقريبًا، مانعًا عنها المياه والمواد الغذائية والطبية، علمًا أنها تفتقر لمصادر المياه بداخلها وتعتمد على نقل المياه إليها عبر صهاريج، خاصة وأن حصار أهالي القرية المدنيين يندرج ضمن سياسة القوات النظامية باستخدام المدنيين كورقة ضغط على الثوار، في جرود القلمون والزبداني، وأن البلدة لا يوجد بها أي من عناصر الفصائل المعارضة المسلحة إنما على أطرافها في الجرود 
 وكشف عامر برهان مسئول الهيئة الطبية في الزبداني أن كثيرين من الجرحى والمدنيين يصرون على البقاء والعلاج ببلدتهم، وأن الحل يتمثل في إيقاف القصف البراميل والصواريخ وإدخال المواد الإنسانية والطبية، وليس خروجهم أمام قوات حزب الله والنظام السوري اللذين لا ضامن لمواثيقهما، فالموت قصفًا أو قنصًا أهون الشدائد مقارنة بخطر الاعتقال من قبلهما والموت ألف مرة في اليوم بين أيديهما في المعتقلات، وأن نجاح الهدنة سيكون له دور كبير في التخفيف من معاناة المدنيين في تنقلهم لتأمين متطلباتهم المعيشية داخل بلدتهم، إضافة لنقل الجرحى إلى أماكن أكثر أمانًا بعد تعذر ذلك أثناء القصف المتواصل يوميًّا.
الزبداني معركة الدم
 ووسط هذه الأوضاع الإنسانية المأساوية والمعارك الطاحنة التي لا تنتهي بين الفصائل الإسلامية والثورية من جهة وقوات النظام السوري والكتائب الإيرانية المقاتلة إلى جانب الأسد من جهة أخرى يبقى المصير مجهولًا لمعركة الزبداني وأهلها.

شارك