التحالف بين "أحرار الشام" و"إخوان سوريا".. واقع فِعلي أم علاقة براجماتية

الثلاثاء 25/أغسطس/2015 - 08:26 م
طباعة التحالف بين أحرار
 
تتعامل جماعة الإخوان المسلمين السورية مع "حركة أحرار الشام" الإسلامية بطريقة تتمازج فيها البراجماتية مع الرغبة في التحالف الجاد، ففي الوقت الذي اعتبر فيه محمد حكمت وليد، المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين السورية، وجود "قواسم مشتركة" و"أرض خصبة" للتعاون بين الجماعة و"حركة أحرار الشام" الإسلامية، وأن هناك إمكانية للتكامل السياسي والعسكري بين الجانبين.. 

التحالف بين أحرار
تخرج الجماعة أيضا في بيان رسمي لتنفي فيه الأمر قائلة "إن لحركة أحرار الشام دورًا في النضال والتضحيات لا يُنكَر، وهذه رؤيتنا مع جميع الفصائل السورية الفاعلة على اختلافها، وهو تنوع إذا أحسن السوريون استثماره سيفضي إلى عمل سوري مشترك يحقق لهذا الشعب المظلوم ما يصبو إليه من آمال وتطلعات لإقامة دولة يتساوى فيها الجميع، وتحفظ فيها الحقوق، وتصان الأنفس والأموال".
 هذا التأكيد والنفي على العلاقة بينهما يكشف عن أن جماعة الإخوان لا تنظر إلى الأزمة في السوريا إلا لمصالحها فقط، فهي تغازل حركة أحرار الشام وتعتبر "أن لها دورا في النضال والتضحيات لا ينكر مع وجود قواسم مشتركة بين الجماعة والحركة ما يجعلها أرضاً خصبة لتعاون كبير، وفرصة لخلق التكامل بين السياسي والعسكري"، وهو ما التقطته القيادة العامة في "حركة أحرار الشام" الإسلامية بالتأكيد على أن الهدف من الثورة هو إسقاط النظام بكافة رموزه وأركانه، وتعتبر مؤسسات الدولة ملكًا للشعب السوري ولكنها ليست مرتبطة بأي تنظيمات خارجية بما فيها تنظيم "القاعدة"، وأن عملها السياسي والعسكري يسعى لـ"تمكين الشعب السوري من تقرير مصيره بما ينسجم مع تاريخه وهويته الإسلامية ونسيجه الاجتماعي.

التحالف بين أحرار
وعلى أرض الواقع فإن علاقة جماعة الإخوان المسلمين بالحركة وطيدة حيث افتتحت الجماعة أول مكتب لها في مناطق تابعة للحركة بالإضافة إلى نعى قياديون بجماعة الإخوان المسلمين في سوريا قادة حركة "أحرار الشام" الذين قُتلوا بتفجير مقر اجتماعهم في ريف إدلب، متهمين من وصفوه بـ"المستبد بشار الأسد وأدواته الشريرة" وبالوقوف خلف العملية. 
وقال زهير سالم، القيادي بجماعة الإخوان، إن "أصابع الظالم المستبد بشار الأسد وأدواته الشريرة القذرة واضحة خلف هذا التفجير الآثم الجبان وسيعلم هؤلاء الأشرار المجرمون أنّ كل ما يقومون به من شر وجريمة سيرتد عليهم، وسينتصر النور على الظلام، والحق على الباطل، والخير على الشر."

التحالف بين أحرار
ويمكن إرجاع أسباب محاولات الإخوان المستمرة للتحالف مع أحرار الشام ما يلي:
1- وجود استراتيجية إخوانية لشراء الولاء من أكبر عدد من الجماعات  لمعرفتها بحاجة هذه الجماعات إلى الأموال. 
2- الناشطون على الأرض وعلى رأسهم أعضاء الحركة يدركون قدرة الجماعة على الدعم وبالتالي تراهن الجماعة على ذلك. 
3- قامت جماعة الإخوان المسلمين بإرسال المال والسلاح للبعض بالفعل، في حين لم يتلقّ البعض الآخر ممن كانوا قد رفضوا شروطها أي تمويلات أو أسلحة. 
4- تحاول الجماعة جذب الفصائل المسلحة، اليائسة من التمويل والتي ستكون سعيدة برفع علم جماعة الإخوان المسلمين إذا أمكنها الحصول على التمويل.
5- معرفة الجماعة الأوضاع الميدانية والمالية السيئة التي تعانى منها حركة أحرار الشام، والتي قد تكون سبب للتحالف مع الجماعة وبالتالي تحقيق مصالحها 
ومما أكد على رغبة الجماعة في تحقيق التحالف قول حسان الهاشمي، رئيس المكتب السياسي للجماعة " إن سوريا تقدّم كوكبة من خيرة أبنائها وأشجع أبطالها من قيادات الجبهة الإسلامية وحركة أحرار الشام شهداء نحسبهم ونحتسبهم، أحياء عند ربهم يرزقون".
التحالف بين أحرار
وفى دعوة صريحة من الإخوان للتحالف معها قال عمر مشوح، رئيس المكتب الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا، إنّ تجاهل الغرب طوال ثلاث سنوات لما وصفه بـ"إرهاب الأسد وميليشيا حزب الله" ومرتزقة إيران في سوريا، وعدم القيام بإجراءات حازمة وجدية لمنع إرهابهم، ثم البدء مباشرة ببناء حلف دولي للتدخل ضد داعش"، هو "عين النفاق الغربي" وأن جماعة الإخوان المسلمين في سوريا لن تؤيد أي تحالف دولي للتدخل في سوريا دون أن تكون الرصاصة الأولى في رأس الأسد لأنّ "المعركة الأولى والأساسية" هي مع نظام الأسد، ولا يمكن أن تنحرف بنادقنا إلى غيره (النظام)، لأنّ وجوده يعني استمرار الإرهاب بكافة أشكاله، وأنّ غياب الأسد ونظامه يعني توقف الإرهاب ليس في سوريا وحدها بل في المنطقة كلها". 

التحالف بين أحرار
يُذكر أن الدعم الإخواني لحركة أحرار الشام، قديم منذ بدايات الثورة السورية، حيث شارك أعضاء جماعة الإخوان السورية في تمويل حركة أحرار الشام وذكرت بعض التقارير أنه تم تجنيد العديد من الأسر المرتبطة بجماعة الإخوان في كتائب أحرار الشام في وقت مبكر من الانتفاضة وأدّى ذلك إلى تشكيل شبكة من الروابط الشخصية بين الكوادر الإخوانية المنفيّة ومقاتلي أحرار الشام داخل سورية، لكن العلاقات تدهورت بين الجماعتين في أواخر عام 2012م وفي يونيه 2012 م ساعد عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري المسيطر عليه الإخوان في إطلاق ائتلاف يسمى جبهة ثوار سورية، والتي ضمّت أحرار الشام وفصائل إسلامية عدة صغيرة، ولكنه أجبر على التراجع عن المشروع، تحت ضغط من أحرار الشام، وعندما طلب إليه توضيح وجهة نظره بشأن جبهة ثوار سورية وأحرار الشام في أغسطس 2012، أكّد أن "المجموعات التي انضمت إلى. [الجبهة] إسلامية، ولكنها ليست متطرّفة، وهي تعمل ضد التطرّف المتزايد" ولم تعلّق جماعة الإخوان رسمياً على الأمر، وفي نهاية المطاف تلاشت جبهة ثوار سورية.

التحالف بين أحرار
هذا الأمر يؤكد أن الجماعة لا ترغب في التحالف مع حركة أحرار الشام  من أجل إنجاح الثورة السورية، وإنما هدفها الأساسي الوصول إلى مصالحها بطريقة براجماتية تسمح لها بالحراك داخل الثورة وتحقيق مكاسبها دون أن تنجر إلى تصفية لعناصرها الموجودة في الداخل السوري.

شارك