عصام الحداد.. مهندس العلاقات الإخوانية الأمريكية
السبت 27/أغسطس/2022 - 10:47 ص
طباعة
حسام الحداد
عصام الحداد، قيادي بارز في جماعة الإخوان المسلمين في مصر، حيث كان عضوًا في مكتب الإرشاد حتّى تعيينه مساعدًا للمعزول محمد مرسي، للشئون الخارجية منذ 27 أغسطس 2012، وحتى القاء القبض عليه بعد ثورة 20 يونيه 2013.
حياته
وُلد في مدينة الإسكندرية، تخرج من كلية الطب جامعة الإسكندرية قسم التحاليل الطبية.
اشترك في أبحاث علمية للتحاليل الطبية. سافر إلى انجلترا للحصول على شهادة الدكتوراه في الطب. حصل على ماجستير إدارة الأعمال من جامعة أستون بإنجلترا. وهو متزوج وله خمسة من الأولاد وبنت واحدة.
نشاطه السياسي
لم يترشح في الانتخابات النيابية من قبل. ولم يسبق اعتقاله. هو شقيق مدحت الحداد المحكوم عليه بثلاث سنوات.
عُرف بعلاقاته القوية للغاية بقيادات الإخوان خارج مصر، ثم تم تصعيده عضواً بمكتب الإرشاد خلال ثورة 25 يناير وتحديداً في 8 فبراير 2011.
أدار الحداد الحملة الانتخابية لمحمد مرسي، وكان أيضاً مدير الحملة الانتخابية لخيرت الشاطر قبل استبعاده من قبل اللجنة العليا للانتخابات في الانتخابات الرئاسية المصرية 2012.
ومنذ نجاح مرسي أشارت المعلومات إلى حتمية توليه منصباً رفيعاً في مؤسسة الرئاسة، وكان مرشحاً بالفعل لمنصب رئيس الديوان الجمهوري، لكن الرئيس فضل الاستفادة من خبراته وعلاقاته في مجال الشئون الخارجية.
وهو من أكثر المقربين للشاطر وشريكا له في كل لقاءاته مع السفراء والمسؤولين والمندوبين الأجانب داخل مصر وخارجها، وذلك بحكم خبرة وعلاقات خارجية واسعة وإقامة لسنوات طويلة في بريطانيا كان خلالها أحد قيادات التنظيم الدولي للإخوان هناك، بعد أن كان مسؤولا عن إخوان البوسنة والهرسك وكذا مستشارا للرئيس الشيشاني السابق علي عزت بيجوفيتش.
فالحداد رجل الأعمال الإخوانى الشهير وصاحب المجموعة العربية للتنمية إنتربيلد لتنظيم المعارض، ونائب جمعية تنمية الأعمال "ابدأ" التي يترأسها حسن مالك، هو الصاعد أيضا بسرعة الصاروخ في الجماعة بمجرد خروج خيرت الشاطر من السجن عقب ثورة 25 يناير، إذ قام الشاطر بإدخاله مكتب الإرشاد بالتعيين لا بالانتخاب في الرابع من فبراير 2012، في نفس التوقيت الذى تم فيه تصعيد شقيقه رجل الأعمال الإخوانى السكندري أيضا المهندس مدحت الحداد، أبرز رجال أعمال الجماعة بعد خيرت الشاطر وحسن مالك، وصاحب عدد كبير من الشركات في مجالات المقاولات، والاستثمار العقاري، والتصدير والاستيراد، إلى جانب تنظيم المعارض مثل الشركة العربية للتعمير، والشركة العربية للاستيراد والتصدير، والجمعية التعاونية للأعمال الهندسية.
الحداد أيضا هو والد المهندس الشاب جهاد الحداد المسئول عن ملف العلاقات الخارجية وكبير مستشاري مشروع النهضة الذى روّج له الشاطر، والموجود منذ اللحظة الأولى إلى جوار مرسى أيضا في قصر الرئاسة، في الوقت الذى لا يعلم فيه أحد حتى الآن أي صفة رسمية تبرر وجوده في هذا المكان، بينما يتمتع الحداد الابن أيضا بنفوذ عائلي كبير داخل الجماعة بحكم مصاهرته لعضو مكتب إرشاد آخر هو د. محمود أبو زيد، إذ تزوج جهاد الحداد ابنته، بينما كانت ابنته الثانية فاطمة أبو زيد عضوا في لجنة وضع الدستور الأولى، هذا ناهيك بصلة نسب أخرى بين جهاد الحداد وعضو مكتب إرشاد ثالث هو محمد إبراهيم زوج خالته، الأمر الذى وضع جهاد الحداد بشكل مباشر في بؤرة الدائرة المقربة من خيرت الشاطر.
بداية تدشين للعلاقات المصرية الإسرائيلية
في يوم 19 فبراير 2013، وفي محاولة من جماعة الإخوان للتقارب مع الجانب الاسرائيلي، قال مساعد الرئيس المصري للشؤون الخارجية عصام الحداد، إن بلاده لن تتسامح مع تدفق الأسلحة المهربة من قطاع غزة وإليه، معتبرا أن ذلك يؤدي إلى "زعزعة الاستقرار في سيناء"، وأضاف: "لا نريد أن نرى هذه الأنفاق تستخدم كسبل غير مشروعة لتهريب الأشخاص أو الأسلحة التي يمكن أن تلحق ضررا فعليا بالأمن المصري". وتابع: "ضبطنا بالفعل أسلحة ثقيلة في أنحاء مصر يمكن استخدامها بطريقة خطيرة جدا".
وكانت القوات المصرية أغرقت الأنفاق التي ربطت قطاع غزة بأراضيها في إطار حملة لإغلاقها، واعتبر الحداد أن قبضة إسرائيل على قطاع غزة تراخت بصورة كبيرة بعد الاتفاق الذي توسطت فيه مصر وأنهى القتال بين إسرائيل وحركة حماس في نوفمبر 2012، لافتا إلى أن "مصر خففت القيود الحدودية للسماح بدخول مواد البناء إلى القطاع".
وأضاف في لقاء مع وكالة أنباء رويترز: "الآن يمكننا القول إن الحدود مفتوحة إلى حد جيد، ولايزال من الممكن تحسين ذلك".
ويُذكر أن 16 من قوات حرس الحدود المصرية قتلوا في أغسطس 2012، في هجوم لمتشددين في سيناء قرب الحدود مع غزة.
وقالت القاهرة إن بعض هؤلاء المسلحين عبروا إلى مصر عن طريق أنفاق غزة، الأمر الذي نفاه الفلسطينيون وأعقبه تدمير عشرات الأنفاق.
وأوضحت مصر حينها، أنها ضبطت طنين من المتفجرات مخبأة في شاحنة تنقل فاكهة وخضراوات متجهة إلى سيناء، بينما ضبطت في يناير 6 2013، صواريخ مضادة للطائرات والدبابات في سيناء.
كما لفت الحداد إلى أن كمية الأسلحة المهربة في أنحاء المنطقة زادت بشكل كبير بعد "انهيار جيش الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي".
وقال: "إنه شيء مزعج حقًا لأنك لا تعرف من سيحصل على هذه الأسلحة، وعندما ترى أن هناك صواريخ مضادة للطائرات وأسلحة مضادة للدبابات داخل مصر، فستسأل من يفعل ذلك ولماذا؟". وقد كشفت الايام فيما بعد ان جماعات موالية لتنظيم الاخوان الارهابي هي التي كانت تقوم بعمليات تهريب هذه الاسلحة من ليبيا وتخزينها في شمال سيناء استعدادا لمحاولة الاستيلاء على الجيش المصري.
وفي نفس السياق، للحفاظ على العلاقات المصرية الاسرائيلية قال الحداد: "أوضح الرئيس المصري محمد مرسي أنه سيحترم بدقة معاهدة السلام مع إسرائيل وأن التعاون اليومي معها مستمر كالمعتاد رغم عدم وجود اتصالات على المستوى الرئاسي".ولدى سؤاله عما إذا كان يرى أن هناك تهديدا لأمن مصر من متشددي القاعدة، قال إنه "لا وجود بمصر للقاعدة ولا لجماعات متصلة بها ولا لعملياتها"، معتبرا أن "أفكارها المتطرفة لا تعرف حدودا".
متناسيا دماء الجنود المصريين الذين قتلوا في اغسطس 2012 على يد تنظيم انصار بيت المقدس الموالي للقاعدة حينها والذي تحول بعد ذلك الى الانتماء لتنظيم الدولة "داعش" بعد مبايعته ابو بكر البغدادي وتغيير اسم التنظيم الى "ولاية سيناء"
عصام الحداد ولغز العلاقات «الإخوانية» ـ الأمريكية
ولأن لشخصية وموقع عصام الحداد اهمية كبيرة في التنظيم الإخواني، مما احاطه بشيء من الغموض ما قبل سيطرة الإخوان على الحكم في مصر، إلا أن السفير المصري السابق في واشنطن نبيل فهمي كشف في حوار تليفزيوني في مارس 2013، عن طبيعة العلاقات المصرية الأمريكية، حيث قال إنه «منذ 38 عاماً لم يدخل أي وزير خارجية مصري منفرداً إلى البيت الأبيض لمقابلة رئيس أميركي، وكان آخر من فعل ذلك هو الوزير إسماعيل فهمي في زمن السادات»، مضيفاً «كنا نحاول أن نرتب زيارات لوزراء خارجية مصريين على التوالي لمقابلة الرؤساء الأميركيين، لكننا لم نتمكن من ذلك".
وقد وصف فهمي حينها زيارة قام بها القيادي «الإخواني» البارز مساعد الرئيس للشؤون الخارجية عصام الحداد، إلى الرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض، في شهر ديسمبر 2012، بأنها «حدث لافت، له بالتأكيد دلالات معينة".
كلام فهمي له دلالات واضحة، أهمها أن ثمة علاقة قوية للغاية نشأت في فترة وجيزة بين الأميركيين و«إخوان» مصر. فالعلاقات المصرية - الأميركية، بالرغم من قوتها في عهد الرئيس المصري السابق حسني مبارك، لم تمكن أي وزير خارجية مصري من دخول البيت الأبيض إلا في حضرة رئيس الجمهورية بنفسه. إلا أن العلاقات المميزة بين نظام «الإخوان المسلمين» الحاكم الآن، والإدارة الأميركية، مكّنت عصام الحداد من النجاح في ما فشل فيه وزراء خارجية مصر على مدار الأعوام الـ38 الماضية.
في العام 2006، بدأت الروابط تتبلور وتتشكل بين الطرفين، وبلغ مجموع اللقاءات المعروفة 83 لقاءً موثقاً ومعلناً من قبل «الجماعة» والإدارة الأميركية. لكن الشيء المقلق والمحير هو حالة الغموض التي أحاطت بتلك العلاقة وهذه اللقاءات.
ويروي رئيس التحرير السابق لموقع «إخوان أونلاين»، الموقع الرسمي لجماعة «الإخوان المسلمين»، عبد الجليل الشرنوبي، تفاصيل علاقة "الإخوان" قبل الثورة بالحكومة الأميركية، وهي الفترة التي تولى فيها رئاسة تحرير الموقع، حيث يؤكد أن تلك الاتصالات بين «الجماعة» والحكومة الأميركية كانت تتم تحت رعاية جمعية أميركية تسمى «ماس»، وهي منظمة تعمل كغطاء لتنظيم "الإخوان" الدولي في الولايات المتحدة.
ويؤكد أن الاتصالات واللقاءات بينهم كانت تتم أيضاً تحت غطاء مراكز بحثية وصحافيين أجانب، حيث كان الإخوان يخشون لقاء شخصيات رسمية خوفاً من بطش مبارك ونظامه.
الخوف من نظام مبارك دفع «إخوان مصر» إلى التعويل على التنظيم الدولي، وخصوصاً مكتب لندن، في إجراء الاتصالات مع الأميركيين، وهنا يبرز دور نائب مرشد الإخوان ورجل الجماعة القوي خيرت الشاطر، الذي كان يتحكم في تلك الاتصالات ويسيطر أيضاً على مكتب لندن، بحسب الشرنوبي. ويدلل الشرنوبي على روايته، بأن الشاطر كان ينزعج كثيراً من حديث عبد المنعم أبو الفتوح، القيادي الإخواني السابق، لوسائل الإعلام الأجنبية. وحدث مرة أن ذهب أحد شباب «الإخوان» إلى الشاطر في السجن، وقال له إن هناك وفداً إعلامياً أميركياً في مصر، وإنه سيقابل أبو الفتوح، فرفض الشاطر وغضب وقال للشاب «لا تدعهم يقابلون أبو الفتوح، فليرسلوا لي أسئلتهم مكتوبة في السجن، وأنا سأجيب عنها".
وحول ما كان يدور في الاجتماعات والاتصالات بين «الإخوان» وأميركا قبل الثورة، يقول الشرنوبي «كان الحديث طوال الوقت من قبل الإخوان عبارة عن تأكيدات أنهم جماعة ترفض العنف، والأكثر وجوداً في الشارع، وأنهم سيفوزون في أي نظام ديموقراطي حقيقي في مصر، والغالبية في أي ديموقراطية مقبلة، والتأكيد باستمرار أنهم ليسوا ضد الغرب عموماً، لكن ضد سياسات بعض الأنظمة الغربية، فيما كان الأميركيون يستمعون فقط للإخوان من دون إبداء أي رأي".
في هذه المرحلة، كان أمين التنظيم الدولي لـ«الإخوان» إبراهيم منير، رجل الاتصال الأول بين «الجماعة» والولايات المتحدة والعديد من الحكومات الأوروبية، ولم يكن حينها نجم عصام الحداد قد لمع بعد. فالحداد كان أحد مسؤولي قسم الاتصال بالعالم الخارجي، وهو قسم مختص في الاتصال بين أجنحة التنظيم الدولي لـ«الإخوان»، وليس له علاقة بالاتصال بحكومات أجنبية.
بعد الثورة مباشرة، أدرك «الإخوان» مبكراً أن كلمة الحسم ستكون من واشنطن. فعملياً، يستحيل أن يقوم نظام مستقر في مصر من دون مباركة أميركية، لما للولايات المتحدة من مصالح داخل مصر، فعملت «الجماعة» بسرعة، وتحديداً قبل إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية في العام 2012، على تكوين «لوبي» قوي داخل العاصمة واشنطن هدفه الأساسي الدفاع عن مصالح «الإخوان".
وكان المسئول عن تكوين هذا الـ«لوبي» هو الحداد، وساعده في ذلك الدور الذي لعبه في حل أزمة المنظمات الأمريكية العاملة في مجال حقوق الإنسان في مصر، والتي تفجرت عقب الثورة مباشرة، فالحداد، وفق مصادر أميركية، أدى دوراً مهماً في الإفراج عن الموظفين الأميركيين العاملين في تلك المنظمات، الذين قبض عليهم في مصر، وهو ما جعل منه صديقاً مقرباً لمساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الديموقراطية وحقوق الإنسان مايكل بوسنر.
بعد ذلك، تم تغييب منير عن الأنظار داخل مكتب لندن، ولمع نجم الحداد كمسؤول للاتصال بين «النظام الإخواني» الوليد وواشنطن، وأحد محركي «اللوبي» الجديد.
حينها، كان لا بد من إيجاد شكل رسمي لذلك المنصب، وبسبب استحالة تعيينه في منصب وزير الخارجية، لأنه من خارج السلك الديبلوماسي، تم تعيينه بقرار جمهوري مساعداً للرئيس في الشؤون الخارجية.
"اللوبي" الجديد، المعروف في الصحافة الأميركية وداخل أروقة وزارة الخارجية الأميركية باسم «اللوبي الإسلامي»، وضع على عاتقه منذ اللحظة الأولى الدفاع عن نظام «الإخوان»، والتسويق لهم على أنهم الإسلاميون المعتدلون القادرون على الدفاع عن المصالح الأميركية في المنطقة.
ولم تكن وظيفة ذلك «اللوبي» الدفاع عن النظام الجديد في مصر فقط، وإنما أيضاً الدفاع عن نظام «الإخوان» في بلدان «الربيع العربي» التي وصلوا فيها إلى الحكم (تونس وليبيا).
وجاءت الانتخابات الأميركية لتكون الفرصة الأكبر لتوافد مبعوثي «الجماعة» إلى واشنطن. وبدعم من «اللوبي» الجديد كانت زيارتهم تحظى بتغطية إعلامية واسعة، وأثر كبير. وكانت أكبر تلك الزيارات التي قام بها عصام العريان، القيادي الإخواني البارز، في شهر ديسمبر 2012.
وبرغم السرية التي فرضت عليها، لم تخل زيارة العريان من المشاكل. فمن ملاحقات للجالية المصرية في الولايات المتحدة له وللوفد المرافق له، والتظاهر أينما ذهب ضد سياسات «الإخوان» في مصر، وصل الأمر إلى حد إثارة فضيحة جنسية تخص أحد أعضاء الوفد، بعدما كشف موقع «IPT» الأميركي، أن الوفد الذي ترأسه العريان ضم شخصاً متورطاً في قضية لا تزال قيد التحقيق فيها، تتعلق بتداول صور إباحية للأطفال، أثناء وجوده الدائم في أميركا، عن طريق الـ «جرين كارد» التي حصل عليها أثناء عمله أستاذاً للحضارة في جامعة «ميتروبوليتان» الأميركية.
الشخص الذي قصد في الخبر، لم يكن سوى النائب «الإخواني» السابق في مجلس الشعب المنحل عبد الموجود راجح درديري.
والدرديري كان لاعباً إلى جانب الحداد والعريان، كأحد أهم الوجوه «الإخوانية» التي تعمل على توطيد العلاقات الأميركية – «الإخوانية». إلا أنه عقب تلك الفضيحة المدوّية، أُخفي عن الأنظار ولم يقم بأي زيارة للولايات المتحدة مجدداً.
وفي حديث مع «السفير»، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة «روزفلت» في ولاية شيكاغو الأميركية المتخصص في جماعات الضغط ديفيد فارس، أن «اللوبي الإسلامي» استطاع، في زمن قياسي للغاية، أن يصبح إحدى أهم جماعات الضغط داخل الولايات المتحدة، حيث استطاع انتزاع تأييد أميركي للنظام الحاكم الجديد في مصر، مشيراً إلى أنه بالرغم من متانة العلاقات الأمريكية مع الجيش، الذي حكم البلاد في الفترة الانتقالية التي تلت تنحي حسني مبارك، فإن «الإخوان» استطاعوا كسب ود الأميركيين ودفعهم إلى الضغط على الجيش لتسليم السلطة إليهم.
وحول كيفية حدوث ذلك في زمن قياسي، يؤكد فارس أن الأمر لم يكن ليتم لولا استعانة «الإخوان» بشركات علاقات عامة أميركية عملاقة متخصصة في هذا المجال مثل «معهد المؤسسة الأميركية»، و«زينيث للاستشارات».
أما داخل البيت الأبيض، فيرى فارس أن بعض مستشاري الرئيس أوباما المعروفين بميلهم إلى جماعة «الإخوان المسلمين»، كان لهم عظيم الأثر في التأثير على السياسات الأميركية في الفترة الأخيرة، مشيراً إلى أن دوراً كبيراً قامت به مستشارة وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون الخاصة، وصديقتها المقربة، هوما عابدين في تقريب وجهات النظر بين الإدارة الأميركية و«الإخوان».
تسريبات عصام الحداد
وخلال زيارته تلك للولايات المتحدة الأمريكية في الأسبوع الأول من ديسمبر 2012 اجتمع عصام الحداد مستشار الرئيس المصري للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي في عهد 'الإخوان' مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما ليطلب منه نصائحه للتحكم في جيش مصر.. وعاد الحداد إلي القاهرة لينتظر الخطة الأمريكية التي تضمن لجماعة 'الإخوان' السيطرة التامة علي القوات المسلحة، والتي كانت تعني في نفس الوقت ترحيباً من الإدارة الأمريكية بالهيمنة الإخوانية علي قوة عسكرية كبري في الشرق الأوسط!!
وعاد عصام الحداد إلي مصر حاملاً البشري لمكتب الإرشاد الإخواني.. لكنه وجد مفاجأة أخري في انتظاره، واستقبله أحد أعضاء المجلس العسكري ليخبره بأن الفريق أول عبد الفتاح السيسي علي علم تام بما تم في اجتماعه مع أوباما.. وظلت هذه الفضيحة طي الكتمان إلي أن اعترف بها عصام الحداد في حوار تم بينه وبين محمد فهمي الصحفي بقناة الجزيرة الإنجليزية داخل سجن العقرب، وكان الحداد نزيلاً في السجن علي ذمة قضايا العنف والإرهاب المتهم فيها عدد كبير من قيادات 'الإخوان'.. أما فهمي فقد كان محبوساً علي ذمة القضية المعروفة إعلامياً بـ 'خلية الماريوت'، وكان 'فهمي' مصدر ثقة الجماعة وقياداتها ورمز صمودها ونضالها الإعلامي ضد ما يسمونه بـ'الانقلاب'.. وخرج محمد فهمي من سجنه بقرار رئاسي، وأدلي بحديث لصحيفة 'المصري اليوم' نشرته في عدد الأربعاء 11 مارس 2015، وكان أهم ما فيه هو تسريب اعترافات عضو مكتب الإرشاد السابق والقيادي الإخواني عصام الحداد!!
ونقل فهمي عن عصام الحداد قوله : 'أنا طلبت من الرئيس الأمريكي معلومات ونصائح عن التحكم الديمقراطي في القوات المسلحة، ووعدني بإرسال ملف من البنتاجون فور وصولي إلي مصر' وأكد الحداد أن تلك كانت غلطة منه ندم عليها بعد ذلك، مشيراً إلي أنه بعد عودته إلي مصر، كشف لواء في المجلس العسكري الموضوع الذي دار بينه وبين أوباما حيث قال له اللواء 'بقي انت رايح لحد أمريكا وأوباما علشان تقوله عاوز نصيحة في التحكم في القوات المسلحة.. السيسي عرف بالموضوع، يا راجل عيب كده'!!
ونزلت اعترافات الحداد كالصاعقة علي رأس التنظيم الإخواني، وانطلقت كتائبه الإلكترونية لتقصف رأس محمد فهمي بوابل من الشتائم واللعنات، وقال 'الإخوان' إن فهمي كان مجرد 'مخبر في مهمة رسمية داخل السجون'، و'عميل لأجهزة الأمن المصرية داخل قناة الجزيرة في قطر ومصر'، وقال آخرون إنه 'باع الإخوان مقابل إطلاق سراحه'!!
وبعيداً عن غارات السب والشتم.. بدأت عناصر 'الإخوان' في طرح العديد من التساؤلات حول المتهم بتسريب محضر اجتماع أوباما- الحداد إلي السيسي، وانتهي بعضهم إلي اتهام المهندس خالد القزاز سكرتير رئيس الجمهورية للشئون الخارجية في عهد 'الإخوان'.. وكان دليل ظنونهم أنه كان مرافقاً للحداد في رحلته إلي الولايات المتحدة، وهو كاتم أسرار الحداد وخيرت الشاطر ومحمد مرسي، وهو الوحيد الذي لم يلحق بالقيادات الإخوانية في سجون وزارة الداخلية عقب عزل مرسي في الثالث من يوليو 2013، وقضي معظم فترات حبسه الاحتياطي داخل أحد المستشفيات الخاصة، وكان القزاز في مقدمة الموقعين علي 'إقرار التوبة' الذي يقر فيه الموقع علي مثل هذا الإقرار إنه يعترف بثورة الثلاثين من يونيه 2013.. هذا فضلاً عن تبعات أخري يراها 'الإخوان' كارثية.. وتم الإفراج عن خالد القزاز في يناير 2015 دون محاكمة رغم أنه من أخطر وأهم قيادات حزب 'الحرية والعدالة' داخل مؤسسة الرئاسة!!
وقال 'الإخوان' إنهم لا يصدقون ما جاء في بيان النيابة العامة عن إطلاق سراح خالد القزاز لأسباب صحية.. لأن العشرات من قيادات 'الإخوان' يعانون من أمراض أشد خطورة.. ويتم علاجهم في مستشفيات داخل السجون أو يتم نقلهم للعلاج خارج السجون في مستشفيات حكومية تحت حراسة مشددة!!
واستقر في يقين بعض 'الإخوان' أن خالد القزاز نقل تسريبات أخري من داخل مكتب محمد مرسي في قصر الرئاسة، وقالوا إن وصول محتوي اجتماع أوباما مع عصام الحداد إلي السيسي يعني أنه أصبح – أيضاً - علي علم بمحتوي الاجتماع المهم الذي عقده عصام الحداد مع توم دونيلون مستشار الأمن القومي الأمريكي خلال زيارة الحداد للولايات المتحدة !!
وأصبح 'الإخوان' أمام مصيبتين.. الأولي في الصحفي محمد فهمي رئيس قناة الجزيرة الإنجليزية بالقاهرة، والذي كان في قلب 'الإخوان' قبل القبض عليه في قضية 'خلية الماريوت' ثم انتقل إلي عقل التنظيم الإخواني داخل السجون، واستمع وانصت وتابع وراقب وأجري العديد من الحوارات.. ليس مع عصام الحداد وحده فقط.. ولكن مع محمد بديع وآخرين من أعضاء مكتب الإرشاد الذين عاشوا وتعايشوا معه داخل سجن العقرب.. وقال أحد 'الإخوان' في تعليق له علي اعترافات الحداد التي نشرها محمد فهمي: 'هذا ما نقله محمد فهمي للصحف.. فما بالكم بالمعلومات التي وصلت من فهمي إلي أجهزة الأمن؟!!!'
واختلط الحابل بالنابل داخل التنظيم الإخواني، وأصبحوا لا يفرقون بين من يسمونه بالعدو الذي يرتدي قناع الحبيب، وبين الحبيب الذي انقلب علي الجماعة وأصبح معولاً لتدميرها من الداخل أو قائداً يقود التنظيم إلي الهاوية!!
القبض على «عصام الحداد وأيمن على»
أعلنت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية 21 ديسمبر 2013، عن ضبطها عصام الحداد، وأيمن على مستشاري الرئيس المعزول محمد مرسى للشئون الخارجية والسياسية، داخل شقة بمنطقة مصر الجديدة.
وقال مصدر أمنى، إن عملية القبض عليهم جاءت بعد مراقبات استمرت أكثر من 5 أشهر، وأشارت التحريات إلى أن المتهمين تواجدا بمنطقة مدينة نصر، إلا أنهما تنقلا بين عدد من الشقق بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة، ثم انتقلا إلى شقة بمنطقة مصر الجديدة منذ شهر، وتوقفا عن الكتابة علي حسابيهما عبر "تويتر والفيس بوك" حتى لا يتم ضبطهما، لكن قطاع الأمن الوطني نجح في رصد عدد من أعضاء الجماعة كانوا يترددون عليهما.
توجهت قوات الأمن المركزي مصاحبة بـ 10 مدرعات و6 تشكيلات أمن مركزي، حاصرت العمارة التي كانا يقيمان بها وألقت القبض عليهما، ولم يبديا أي مقاومة أثناء ضبطهما.
وأمر اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، بإحالتهما إلى النيابة التي تولت التحقيق حيث تم إرسالهما داخل مدرعة إلى سجن طرة مع قوات الأمن الوطنى بإشراف اللواء خالد ثروت مساعد الوزير لقطاع الأمن.
الحداد يدعي اختطافه
في 16 ابريل 2014، بدأت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بأكاديمية الشرطة، برئاسة المستشار شعبان الشامي، فض الأحراز في قضية محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي و35 من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان في قضية التخابر.
وقاطع المتهم عصام الحداد المحكمة من داخل قفص الاتهام قائلًا: “يا سعادة الريس أنا مختطف من 3 يوليو 2013، ولم أر أي إنسان خارج السجن، وتم تسليمي من الحرس الجمهوري إلى برج العرب، والنيابة العامة لم توجه لي أي اتهامات، ولم تحقق في واقعة الاختطاف رغم أنها جريمة مكتملة الأركان، وأضاف: إحنا مختطفين عيني عينك في رئاسة الجمهورية بأمر مباشر من جهة عليا، كما أكدت المحكمة أنها ستستمع إليه بعد فض الأحراز.
الحداد يتهم الداخلية
في 15 اغسطس 2015، اتهم عصام الحداد مساعد رئيس الجمهورية السابق للشؤون الخارجية والمحبوس بسجن العقرب شديد الحراسة بمنطقة سجون طره على ذمة عدد من القضايا ادارة السجن بانها تحاول قتلهم طبيا وقال: أن "ما يحدث مع قيادات جماعة الإخوان المسلمين والرافضين للانقلاب العسكري داخل السجن هو عملية قتل طبي ممنهج"، بحسب ما نقلته عنه زوجته السيدة منى إمام خلال زيارتها له في 13 اغسطس 2015، بعد السماح لهم بالزيارة التي كانت متوقفة منذ شهور.
وقالت زوجة الحداد عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "لقد أكد لي زوجي وكررها عدة مرات، أن ما يحدث في العقرب هو عملية قتل طبي ممنهج للتخلص منهم"، مضيفة "لكن أراد الله أن يموت عدد كبير من المعتقلين في أيام متتالية بوتيرة أسرع من المطلوب، فافتضح المجرمون، وأصبح لزاماً أن تتوقف سياسة القتل مؤقتًا"، وحمّلت زوجة الحداد إدارةَ سجن العقرب ومصلحة السجون ووزارة الداخلية المسؤوليةَ الكاملة عن حياة زوجها وحالته الصحية، كما اعتبرت أن الجهات ذاتها تتحمل أيضا مسؤولية حياة نجلها جهاد الحداد المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين سابقًا.
وبعيدًا عن استباق الاحداث والادلاء بتصورات حول الاحكام التي ينتظرها عصام الحداد في القضايا المحبوس على زمتها، فلا شك انه يستحق اكثر من كل هذا الأحكام حيث انه كان شريكا اساسيا في لعبة خيانة كبرى للشعب المصري والتراب المصري.