بعد تحقيقات البنتاجون.. هل تقود واشنطن حربًا حقيقية ضد "داعش"؟

الخميس 27/أغسطس/2015 - 12:39 م
طباعة بعد تحقيقات البنتاجون..
 
على الرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية تقود تحالفًا دوليًّا ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش" إلا أنها لم تحقق نجاحات تُذكر في هذه الحرب، ولم نسمع إلا عن الآلاف من الطلعات الجوية التي لم تقتل سوى العشرات من عناصر التنظيم الإرهابي، وهو ما فتح المجال للحديث عن تضخيم الولايات المتحدة لهذه الحرب في مقابل تضاؤل حجم النتائج الإيجابية المترتبة عليها.
بعد تحقيقات البنتاجون..
 وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" فتحت تحقيقاً حول ادعاءات أن مسئولين عسكريين في القيادة الوسطى المناطة بها تنسيق العمليات ضد "داعش" تلاعبت بالمعلومات التي قدمتها للرئيس أوباما وللسياسيين، لتظهر تقدماً في الحرب ضد التنظيم وإعطاء صورة زاهية مخالفة للواقع وبدأ التحقيق بعدما تقدم محلل مدني يعمل في الوكالة الاستخبارية الدفاعية بشكوى بأن لديه أدلة تُظهر أن عسكريين كبارًا في القيادة الوسطى تلاعبوا في التقييم الذي يقدم لصانعي القرار حول حقيقة إحراز تقدم في الحرب ضد "داعش"، من خلال تعديل مسودة تقييم لتعكس صورة إيجابية.
وقال لاري كوربس المحلل السابق في وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون": إن المؤسسة العسكرية وضعت قانوناً عام 2011 يسمح بفتح تحقيق ما إذا كانت هناك شكوك في تضخيم المعلومات الاستخباراتية والخطوة المقبلة في التحقيق إذا ثبتت الإدانة هي تحويل الملف إلى لجنة الاستخبارات في الكونجرس، والذي سيحقق إذا ما كانت هناك بالفعل اختراقات للقوانين التي تحرم التلاعب في المعلومات الاستخباراتية لأي سبب كان، ومن المعروف أن التلاعب في المعلومات، أو حتى تقديم تقييم مختلف للأجهزة الأمنية قد لا يكون أمراً استثنائياً . 
بعد تحقيقات البنتاجون..
تحقيق البنتاجون يؤكد على ما سبق، واعترف به الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم 29 سبتمبر 2014م بأن وكالات المخابرات الأمريكية استخفت بنشاط تنظيم داعش داخل سوريا، التي أصبحت "قبلة الجهاديين" في جميع أنحاء العالم، وأنه على العكس فقد بالغت الولايات المتحدة في تقدير قوة الجيش العراقي في التصدي للجماعات المتشددة، وأن المتشددين اختبئوا عندما سحقت قوات مشاة البحرية الأمريكية تنظيم القاعدة في العراق بمساعدة من العشائر العراقية، لكن على مدى العامين الماضيين وفي خضم فوضى الحرب الأهلية السورية حيث لديك مناطق واسعة من الأراضي لا تخضع لحكم أحد- استطاعوا أن يعيدوا تنظيم صفوفهم واستغلال تلك الفوضى، ومن ثم أصبحت (تلك الأراضي) قبلة الجهاديين حول العالم.
وتابع قائلاً: "ينبغي أن ندفعهم للتقهقر وتقليص مساحتهم وملاحقة قادتهم ومراكز السيطرة وقدراتهم وأسلحتهم ودعمهم بالوقود، وقطع مصادر تمويلهم، والعمل على وضع حد لتدفق المقاتلين الأجانب، لكن التوصل لحل سياسي ضروري في العراق وسوريا من أجل تحقيق السلام على المدى البعيد سيكون تحدي أجيال، و‬لا أعتقد أن هذا أمر سيحدث بين عشية وضحاها، والحقيقة أن أمريكا تقود لأن لدينا إمكانيات ليست لدى أحد آخر وعندما تحدث اضطرابات في أي مكان في العالم لا يستدعون بكين ولا يستدعون موسكو ولكن يستدعوننا."
بعد تحقيقات البنتاجون..
 وزيادة في التضليل الذي استحق التحقيق نشرت وزارة الدفاع الأمريكية في وقت سابق خريطةً تُظهر الأراضي التي أجبرت "داعش" على الانسحاب منها، وادعت أن الجماعة الإرهابية لم تعد قادرة على العمل بحرية في نحو 25 إلى 30 % من المناطق المأهولة بالسكان في الأراضي العراقية التي سيطرت عليها لكن على أرض الواقع استثنت الخريطة الصادرة عن وزارة الدفاع الحقائق المزعجة في بعض أجزائها، وحجب حقائق هامة حول الأراضي الجديدة التي استولت عليها داعش، واكتفت بتوضيح الأراضي التي تسيطر عليها داعش حاليًا، والأراضي التي فقدتها داعش منذ بدء الضربات الجوية للتحالف في أغسطس عام 2014. 
 وشكل سقوط مدينة "الرمادي"، عاصمة محافظة الأنبار التي تبعد 110 كيلومترات غرب بغداد، في يد تنظيم "داعش" صدمة للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في الحملة الدولية التي تشارك فيها أكثر من 60 دولة ضد "داعش"، وأثبت فشل خطط الحرب ضد التنظم، وأثار تساؤلات حول جدية الحرب على التنظيم، وقدرة الجيش العراقي على مواجهة المسلحين، ولجوء رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى ميليشيا "الحشد الشعبي" الشيعي المدعوم عسكريًا من إيران لتحرير المدينة.
بعد تحقيقات البنتاجون..
واعتبرت صحيفة "الفاينانشيال تايمز" البريطانية تحت عنوان لها "مخاطر المكاسب التي حققها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا"، أن سقوط مدينة الرمادي العراقية ومدينة تدمر الأثرية السورية بيد تنظيم "داعش" جاء بعد مرور أسابيع قليلة، إثر طرد عناصر التنظيم من مدينة تكريت، وسط العراق، وأن سقوط الرمادي يعد "نكسة تكتيكية" و"أشبه بالكارثة"؛ لأن الرمادي هي عاصمة محافظة الأنبار التي تمتد على طول الحدود الغربية مع الأردن وسوريا، وأنه يمكن لعناصر التنظيم الوصول إلى بغداد عبر الأنبار، وأن الولايات المتحدة أنفقت أكثر من 40 مليار دولار أمريكي على تدريب الجيش العراقي بعدما فككت الجيش الذي أسسه الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، ورأت أنه بعد سقوط الرمادي وسيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" على الكثير من الأراضي في سوريا؛ فإنه سيكون من الصعب إقناع القبائل السنية بأن الأمر أكثر من مجرد كلام؛ إذ إن المئات منهم تعرضوا للقتل بسبب دفاعهم عن المدينة؛ حيث قتل قرابة 500 شخص في المدينة، ونزح عنها أكثر من 40 ألفًا، وهو ثلث سكانها، خلال الأسبوع الماضي
بعد تحقيقات البنتاجون..
من خلال ما سبق نستطيع أن نؤكد أن الولايات المتحدة شعرت بالفعل وبشكل جدى أنها لا تقدر الموقف بشكل جيد في حربها على "داعش"، وأن هناك محاولة من القادة العسكريين لإيهام الرأي العام الأمريكي بل والإدارة الأمريكية بنجاحات وهمية غير حقيقية على الأرض، بينما في الواقع هناك تضخيم لا يقابله واقع ملموس على الأرض في العراق وسوريا، ولعل سقوط الرمادي وتدمر هو ما أثار شكوكًا حول قدرة استراتيجية الغارات الجوية للولايات المتحدة في حسم المعركة، بل وجدوى العمل العسكري الجوي ضد "داعش"، فهل سيكشف تحقيق البنتاجون عن جديد؟ أم ستظل الولايات المتحدة في حربها الوهمية ضد داعش؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام وربما الشهور المقبلة . 

شارك