"عبد الله جول".. رئيس تركيا السابق
الإثنين 19/سبتمبر/2022 - 10:21 ص
طباعة
حسام الحداد
عبد الله جول 29 أكتوبر 1950، رئيس جمهورية تركيا من 28 أغسطس 2007 حتى 10 أغسطس 2014.
دراسته
ولد عبد الله جول بمحافظة قيصري، والده أحمد حمدي جول الذي يعمل في مصنع الطائرات بقيصري، وهي من المحافظات الشهيرة بالتمسك بالإسلام والعادات والتقاليد الشرقية، حيث كانت قيصري أحد أهم مراكز الثقافة الإسلامية القديمة التي ذاع صيتها أيام الدولة السلجوقية (1071 - 1299م)
بعد انتهائه من التعليم الابتدائي بمدرسة غازي باشا، والثانوي بمدرسة الأئمة والخطباء، تخرج في كلية الاقتصاد جامعة إسطنبول عام 1972 ثم حصل على درجة الماجستير، وذهب بين 76-1978 لجامعة لندن لجمع المادة العلمية اللازمة لرسالة الدكتوراة، مما مكنه من إجادة الإنجليزية تماما. وحصل على درجة الدكتوراه في موضوع: تطور العلاقات الاقتصادية.
عمله
وفور عودته من إنجلترا وحصوله على درجة الدكتوراه، عُيّن مدرسا للاقتصاد بقسم الهندسة الصناعية بجامعة سكاريا في شمال تركيا على البحر الأسود، لكنه ما لبث في 1980 أن ألقي القبض عليه من قبل الشرطة العسكرية، وفقا لتعليمات الجنرال كنعان إيفرن بتهمة الانتماء لمجموعة "السنجق"، وبينما كان في الأيام الأولى لزواجه، فإنه كان يقضي عدة أشهر بسجن "متريس" الشهير في إسطنبول.
عمل من 83-1991 في بنك التنمية الإسلامي بجدة كخبير اقتصادي، مما مكنه من الإلمام بالعربية، وفي عام 1991 حصل على درجة أستاذ مساعد في الاقتصاد الدولي.
وفي نفس العام أي سنة 1991 انتخب نائبًا لحزب الرفاه عن منطقة سكاريا، ومن 1991 حتى 1995 أصبح عضواً في لجنة التخطيط والمالية النيابية ومن 1995 حتى 2001 عضواً في لجنة الخارجية البرلمانية. بعد حل حزب الرفاه سنة 1999 أصبح عضوًا في حزب الفضيلة وبعد منع حزب الفضيلة التركي عام 2000 أسس حزب العدالة والتنمية سنة 2001 مع صديقه رجب طيب أردوغان ودخل البرلمان مجددًا تحت علم الحزب الجديد وأعيد انتخابه مرة أخرى سنة 2007 بعد الأزمة الدستورية التي حصلت بشأن انتخاب رئيس الجمهورية والتي كان مرشحاً لها وذلك عندما رفض الجيش التركي والأحزاب العلمانية ترشحه لمنصب الرئاسة. لكنه انتخب رئيساً لتركيا في 28 أغسطس 2007 وذلك في الجولة الثالثة للتصويت وبعد حصوله على أكثر من نصف أصوات البرلمان كما نص عليه الدستور.
جول.. تاريخ سياسي حافل
لقد شب عبد الله فرأى والده أحمد حمدي غول الأناضولي المتديّن، عضوا في حزب السلامة الوطني بزعامة أربكان، وعضوا مرشحا للمجلس النيابي في 1973، كما يمكن أن نقول إنه تربى على أفكار الزعيم نجم الدين أربكان، فقد كان عبد الله شابا واعيا في التاسعة عشرة حين بدأ أربكان حملته عام 1969 للحفاظ على الهوية الشرقية الإسلامية لتركيا، ولذا فإنه انضم لحزب الرفاه عند ظهوره، لأنه وجد في أربكان الزعيم الذي يحلم به وفي الرفاه الحزب الذي يرضي حسه الإسلامي.
واللافت للنظر أن ممن أثروا على جول كذلك عدد من الأدباء والشعراء مثل الشاعر جميل مَريتش، وكذلك الشاعر الراحل نجيب فاضل الذي تربى على يديه جيل مسلم بأكمله في تركيا، وقد كان أول تعرفه عليه حين ذهب نجيب فاضل لمحافظة قيصري في لقاء فكرى وثقافي مدعواً من قبل نادى فكر الشرق الكبير الذي كان غول أحد أعضائه، كما أثرت فيه عدة شخصيات أكاديمية مثل الدكتور نوزت يالجين طاش، الذي منحه درجة الدكتوراه في الاقتصاد، وكذا رجل الاقتصاد الدكتور صباح الدين زعيم.
ففي مرحلة مبكرة من شبابه انضم لمجموعة أطلق عليها "نادي فكر الشرق الكبير"، كما كان عضوا في "اتحاد الطلاب الأتراك"، وانتخب عضوا برلمانيا لحزب الرفاه عن محافظة قيصري 1991، ثم مسؤول العلاقات الدولية بحزب الرفاه 1993، ومن 1995- 2001 كان عضوا في لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان التركي. حصل على ميدالية شرفية كعضو دائم بالمجلس الأوروبي، كما مثل تركيا في برلمان الدول الأعضاء بحلف الأطلنطي، وطالما عبر عن دعمه في البرلمان لقضايا دول مسلمة مثل: الجزائر، والبوسنة، والشيشان، كما يصفه البعض بأنه أحد مهندسي مشروع حكومة حزب الرفاه "مجموعة الثمانية الاقتصادية الإسلامية".
يعد عبد الله غول واحداً من أبرز العناصر الشابة التي ظهرت في حزب الرفاة (المحظور) عام 1991 كعضو برلماني عن محافظة قيصري بوسط الأناضول التركي، لدرجة أن الإعلام التركي قد أطلق عليه تعبير "أمير" -على أساس أنه أحد الشباب المقربين من أربكان الملك- فقد عينه وزيرا للدولة للشؤون الخارجية وقضايا العالم الإسلامي، ومتحدثاً رسميا في الحكومة الائتلافية التي تشكلت بين عامي 96-1997م.
ولم يمنع احترام غول لأستاذه قوطان وزعيمه أربكان من الاختلاف معهم في الرأي وأن يقوم هو ورجب طيب أردوغان بقيادة حركة تجديدية داخل التيار الإسلامي في تركيا، وبالفعل ترشح غول في مايو 2000 لرئاسة الفضيلة ضد قوطان في سابقة تاريخية في الأحزاب الإسلامية أن يتنافس أكثر من مرشح، لكن تأييد أربكان الزعيم الإسلامي التاريخي لخليفته قوطان أفشل مساعي التجديديين في النجاح.. فأعلن غول عن قيام حزب العدالة والتنمية عام 2001م.
جول وأردوغان
يرى البعض أن أردوغان يدين إلى جول بالكثير من النجاحات التي حققها؛ فعبد الله جول الذي يتميز عن أردوغان بإتقانه للإنجليزية، يستطيع نسج علاقات سياسية قوية مع جميع الأطراف، حتى تلك المتناقضة فيما بينها، بما حقق لحزب العدالة والتنمية مكاسب عديدة في أثناء مرحلة تأسيسه وفي المرحلة اللاحقة عليها، ذلك بعدما أوكل له أردوغان كامل هذه المهمة. وقد كان لجول الفضل -أيضا- في تحسين علاقات تركيا الخارجية مع معظم الأطراف الخارجية التي كانت تتناقض مواقفها وسياساتها مع تركيا فيما قبل "حقبة حزب العدالة"؛ وهو ما أضاف الكثير إلى حزب العدالة والمكاسب التي حققها خلال السنوات الأربع الخالية، وزاد الكثير إلى رصيد جول السياسي.
كما يعتبر عبد الله جول الشخص الأقرب نفسيا وسياسيا إلى رجب طيب أردوغان، ومحل ثقته الأول فحينما منع أردوغان قضائيا من خوض الانتخابات كان جول هو الشخص الذي حل محل أردوغان على رأس الحكومة التركية، بعدما قضى القضاء التركي بأن رئيس العدالة والتنمية لا يمكنه أن يتولى رئاسة الحكومة بسبب حكم سابق بتهمة "التحريض على الحقد الديني"، ودام ذلك حتى تمكن أردوغان بعد ذلك بخمسة أشهر من الفوز بمقعد في البرلمان في مناسبة انتخابات تشريعية جزئية بمدينة سرت، وبالتالي تولى رئاسة الحكومة، وقاد جول السياسة الخارجية منذ ذلك الحين.
وقد نجح جول في مواجهة الفترات الأكثر صعوبة التي شهدتها البلاد حين تعلق الأمر بفتح ممر بجنوب شرقي بلاده؛ لمرور القوات الأمريكية التي كانت تستعد لاجتياح العراق عام 2003، لكن البرلمان التركي رفض في نهاية المطاف ذلك.
وقد كان جول يظهر دائمًا واحدًا من الشعب التركي منسجمًا معه ومشاركًا له في المواقف، ففي أثناء قيام الأتراك بإطفاء الأنوار في المنازل والمحلات وغيرهما، ولمدة ساعة في الليل كتعبير رمزي عن رفض الشعب التركي الحرب ضد العراق، قام جول بالعمل ذاته وأطفأ كامل أنوار منزله تعبيرًا عن أنه يشارك مواطني دولته مواقفهم، ويعمل على الاستجابة لرؤاهم.
وفي ميزة لا يحظى بها أردوغان يرتبط جول بعلاقات تعاون وثيقة نسبيًّا مع الكثير من الشخصيات العلمانية المؤثرة في تركيا ومن بينها المؤسسة العسكرية؛ وذلك لأن موقعه وزيرا للخارجية التركية يمثل واجهة تركيا في الخارج.
ويعتبر جول واحدا من أكثر المتحمسين إلى العضوية الأوروبية، كما أنه على الرغم مما يثار حول خلفيته الإسلامية، فإنه في نظر أغلب الأوروبيين والأتراك "إسلاميا معتدلا وإصلاحيا". وتعد انطلاقة مفاوضات الانضمام الصعبة مع الاتحاد الأوروبي عام 2005 التي طالما انتظرتها تركيا إحدى أهم الأوراق التي عززت من شعبيته بين الأتراك.
التجديديون
قاد جول حركة الإصلاح والتجديد داخل حزب الفضيلة، ورشح نفسه رئيسا للحزب في المؤتمر العام الذي عقد في صيف عام 1999، أمام رجائي قوطان -رئيس حزب السعادة وريث حزب الفضيلة ومن قبله الرفاه- الذي تقدم عليه بفارق ضئيل من الأصوات، وقد رسخت هذه الانتخابات لدى جول مع كل من أردوغان وبولنت أرنيش (رئيس البرلمان التركي حاليا)، القناعة بضرورة تأسيس حزب جديد مع حركة المجددين داخل الحزب، بعدما أدركوا أن تجديد واجهة ومضمون حزب الفضيلة بات يجابه بضغوط وتحديات جمة داخل الحزب قبل أن يكون من خارجه حيث القوى العلمانية المواجهة.
وبعد هذه الانتخابات مباشرة اتجه عبد الله جول والعديد من الشخصيات التي تشاطره الرؤية إلى الاستقالة من الفضيلة، وقبل حكم المحكمة الدستورية بإغلاق الفضيلة، كان الجناح الإصلاحي بقيادة جول وأردوغان قد أعلنا تأسيس حزب العدالة والتنمية في 14 أغسطس 2001.
ويتسم جول بالواقعية والرؤية الثاقبة، وهو في الواقع يحاول أن يكمل نواقص أردوغان، وهو ما اتضح حينما حث الجميع في حزب العدالة على أن تلامس أرجلهم الأرض بعد أن حقق الحزب نجاحا باهرا في الانتخابات المبكرة للجمعية الوطنية التركية بأواخر العام 2002، قائلا: "إن الحزب يدرك أنه تأسس بلحظة استثنائية، ولكنه يجب أن يدرك الجميع أنها قد تكون مجرد حالة مؤقتة تذهب أدراج الرياح ومعها التأييد الذي تلقاه الحزب في لحظة إنشائه"، داعيا إلى العمل بجد من أجل إنجاز رؤى وطموحات الحزب لتركيا وشعبها، لا الاحتفال بنجاح الحزب ونخبته".
جول في جامعة هارفارد
في 31 مايو 2014، ألقى الرئيس التركي عبد الله جول كلمة في جامعة هارفارد بمدينة بوسطن الأمريكية تحت عنوان "الموضوعات الإقليمية الراهنة والنظرة للمستقبل" تطرق خلالها للعلاقات التركية – الأرمينية والعلاقات التركية – الروسية والأوضاع الجارية في أوكرانيا وعملية السلام في الشرق الأوسط والربيع العربي والأوضاع في مصر والشأن الإيراني وعلاقات تركيا بحكومة إقليم كردستان العراق والحكومة المركزية في بغداد. وفي هذه الكلمة أعرب جول عن أمنيته في عودة الديمقراطية لطبيعتها في مصر وتأسيس حوار سياسي شامل دون إقصاء لأحد وعلى كافة الجهات الفاعلة أن تكون ضمن تلك العملية. وفيما يتعلق بالشأن العراقي، أكد جول أنه يتمنى أن يكون العراق دولة مستقرة يمكنها استخدام كافة مصادرها من أجل شعبها، مشيرا إلى أن التطورات الجارية في العراق تهم تركيا بالدرجة الأولى لأنها دولة مجاورة، وأضاف أنه نظرا لعدم وجود استقرار إداري في العراق فإن بعض القوانين الأساسية لم يتم تمريرها من البرلمان وأحد هذه القوانين متعلق بمسألة مراقبة النفط، مؤكدا أن مسألة توزيع أرباح النفط لا زالت محل جدل. وأوضح جول أنه جرت مفاوضات بين تركيا وإقليم كردستان العراق من أجل نقل النفط والغاز إلى أوروبا عبر الأراضي التركية وسوف يتم وضع الدستور العراقي لمرجعية لحل هذه المشكلة، مؤكدا أن الدستور ينص على أن 84% من الأرباح تعود للحكومة المركزية والباقي للمنطقة الكردية، وبالنسبة للملف الإيراني، وصف جول، في كلمته، المفاوضات النووية التي تجريها المجموعة الدولية مع إيران ب "الفرصة الكبيرة"، مؤكدا أن وجهة نظر تركيا واضحة للجميع "فنحن نرغب في مجتمع خال من الأسلحة النووية بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط".
لماذا انقلب أردوغان على عبد الله جول؟
في يوليو الماضي 2015 انقلب أردوغان على حليفه المؤسس معه حزب العدالة والتنمية وحدثت انتقادات متبادلة وصلت لحد التراشق بالكلمات والإهانة بين رئيس تركيا الحالي والسابق، أدت لصدى واسع وردود أفعال كبيرة عليها، حيث بدأ الموضوع حين انتقد عبد الله جول الرئيس التركي السابق، سياسة بلاده الخارجية، قائلًا إن البلاد تحتاج إلى مراجعة سياستها في الشرق الأوسط والعالم العربي من خلال تبني وجهات نظر أكثر واقعية، ليأتي الرد على نصيحة جول عنيفًا من جانب أردوغان الذي لم يتمكن من ضبط أعصابه، ووجه انتقادات لاذعة تصل إلى حد الإهانة للرئيس السابق، ورفض أردوغان، بشكل غير مسبوق من الصدام العلني بين الرجلين، نصيحة رئيسه السابق جول، ووصفه بطريقة غير مباشرة بـ"الجبان والخائن"، وقال أردوغان "تركنا وراءنا الخونة والجبناء والمترددين والمتمسكين بمصالحهم الشخصية في عالم السياسية وأكملنا طريقنا السياسي دون تغيير، أما هم فباتوا اليوم خارج السياسة". من جانبه، وحول هذه الازمة قال السفير ناجي الغطريفي مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن العلاقة بين أردوغان وجول تعرضت لأزمة حادة نتيجة الاتجاهات الديكتاتورية المتنامية عند أردوغان وتطلعه للعب دور في عالم السياسة عن طريق دعم جماعة الإخوان على حساب العلاقات المصرية التركية التاريخية، مضيفًا أن أردوغان في سبيل إشباع طموحه الخفي ضرب عرض الحائط بالمواقف المشتركة بينه وبين جول، فهما أسسا معًا حزب "العدالة والتنمية"، وبالتالي جول يصعب عليه أن يستمر في نفس العلاقة حتى خرج الخلاف للعالم واضطر أن يخرج بها للعلن عندما كان الخلاف بينهما مستترًا، وكان جول ملتزم الحكمة على أمل أن ينتبه أردوغان ويعدل سياساته، وأضاف مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن عبد الله جول بما قاله وانتقاداته لأردوغان فهو يحذر الشعب التركي من مغبة سياسة أردوغان، مشيراً إلى أن نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة كانت واضحة ورسالة بأن سياسات أردوغان لم تكن في صالح تركيا، حيث كانت المرة الأولى التي يخسر فيها حزب "العدالة والتنمية" في البرلمان. إنها تعد المرة الأولى التي يحدث فيها نوع من النقد الذاتي من داخل حزب "العدالة والتنمية"، حيث انتقد الرئيس التركي السابق عبد الله جول موقف تركيا من سوريا ومن مصر وأكد أن سياسات بلاده الخارجية تحتاج لإعادة نظر، مضيفًا أن جول باستمرار يحترم التدرج القيادي داخل حزب "العدالة والتنمية" التي ينتمي إليه وأنشأه بالتعاون مع الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، حيث تنازل في السابق لأردوغان عن منصب رئيس الوزراء بعد خروج الأخير من السجن، كما تنازل له عن منصب رئيس الدولة احترامًا للحزب وللتدرج القيادي، كما أن شريحة كبيرة في تركيا من خارج حزب "العدالة والتنمية" غير سعيدة بحالة العلاقات التي عليها مصر وتركيا الآن بعد حالة التوتر الشديد في العلاقات بعد ثورة 30 يونيه والقطيعة بين البلدين لأن هذا ليس في صالح البلدين وشعوب المنطقة كلكل
أزمة جول/ أردوغان في كتاب
كشف أحمد سيفير، المستشار الصحفي للرئيس التركي السابق عبد الله غول أثناء فترة حكمه، في كتاب له، عن تفاصيل الخلافات بين غول وبين الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان ورئيس الحكومة أحمد داود أوغلو.
وبين كتاب "من الداخل: حول سنوات حكم حزب العدالة والتنمية"، التباين الذي نشر في وجهات النظر بين جول، الذي يعتبر شخصية وسطية ومهادنة وقريبة من جميع الأوساط التركية والخارجية، بحسب الكاتب، وبين أردوغان وأوغلو، خصوصا فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية التركية وأهمها أزمتا مصر وسوريا، وأوضح سيفير في كتابه أن جول كان "يعترض على سياسات تركيا إزاء مصر وسوريا"، وأنه اعتبر أن رئيس الحكومة آنذاك رجب طيّب أردوغان ووزير خارجيته أحمد داود أوغلو "بالغا في ردود الفعل وتصرّفا وكأنهما رئيس حكومة مصر وسوريا ووزير خارجيتهما، الأمر الذي يتعارض مع مصالح تركيا". ويضيف الكاتب "أحمد سيفير"، أن عبد الله جول قال وجهة نظره لأحمد أوغلو مواجهة عدة مرات.
وأظهر الجزء المتعلق بسوريا ومصر مدى عمق التناقضات في قمة الدولة التركية أثناء ترؤس أردوغان للحكومة قبل انتخابه رئيسا في أغسطس 2014، حينما اختار أحمد داود أوغلو خلفا له لرئاسة حزب الحرية والعدالة ولترؤس الحكومة.
وتطرق سيفير إلى البرقية التي وجّهها الرئيس عبد الله جول إلى الفريق السيسي عند انتخابه رئيسا لمصر في 11 يونيه 2014 والتي احتجّ عليها رجب طيب أردوغان لأن السيسي أطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي. ويقول عبد الله جول إنه أرسل للسيسي "برقية حسن نية وليس برقية تهنئة".
ويكشف المستشار السابق لجول أن الرئيس التركي السابق اختلف مع أردوغان حول احتجاجات الشباب التي اندلعت في أنحاء تركيا في يونيو 2013.
وأوضح لأول مرة أن محمد، ابن عبد الله جول، اصطحب عشرة من أصدقائه إلى القصر لينقلوا لجول وجهة نظره في عنف الشرطة المبالغ به ضد المتظاهرين، وأن ذلك دفع جول لاتخاذ موقف معتدل في حين اعتبر أردوغان أن المظاهرات كانت تمثل محاولة للإطاحة بحكومته.
ولفت الكتاب إلى سبب معارضة عبد الله جول لطلب أمريكي باستخدام الأراضي التركية لغزو العراق في مارس 2003. وقال إن سبب اعتراضه كان تقريرا رفعه رئيس الأركان التركي "حلمي أوزكوك" جاء فيه أن السماح للقوات الأمريكية بعبور تركيا يستوجب فرض "حالة الطوارئ" في مناطق تحرك القوات الأمريكية حفاظاً على الأمن.
وقال سيفير إن جول اعتبر أن إعلان "حالة الطوارئ" سوف يمثل خطوة إلى الوراء في مسار تعزيز الديمقراطية في تركيا. ويكشف أن أردوغان ظل مؤيدا لمشاركة تركيا عسكرياً في احتلال العراق، الأمر الذي رفضه البرلمان التركي.
رئاسة الحكومة
وكشف سيفير أن عبد الله جول يرغب في العودة إلى حزب العدالة والتنمية وأن لديه خططا "لإعادة إحياء علاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبي، ولتصحيح الأخطاء التي تم ارتكابها في السياسة الخارجية، ولتخفيف حدة الاستقطاب السياسي داخل تركيا، وكذلك لرفع قضية الوزراء الأربعة المتهمين بالفساد في حكومة أردوغان السابقة إلى المحكمة العليا. ويضيف أن "أردوغان هو الذي حال دون رفع قضيتهم إلى أعلى هيئة قضائية".
وينقل سيفير عن جول في تصريحات جديدة، قوله: "إذا تسلّمت رئاسة الحكومة فسأعيد تركيا على الفور إلى الأيام التي كانت فيها تشعّ كنجم. سأعيد إحياء مسار انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. وسأصحح الأخطاء التي تم ارتكابها في السياسة الخارجية".
وقال جول: "لا نعرف ماذا ستحمل لنا التطورات المقبلة، ولكن إذا كانوا بحاجة إلي، فسأفكر في الموضوع. ومن المؤكد أنني سأضع شروطي المسبقة قبل الموافقة".
جدير بالذكر أن أحمد سيفير كان عمل مستشارا صحفيا لعبد الله جول لمدة 12 سنة تغطي فترة 2000-2014 عمل جول أثناءها رئيسا للحكومة، ثم وزيرا للخارجية، وأخيرا رئيسا للجمهورية. ويقول سيفير إن عبد الله جول قرأ كتابه قبل صدوره، ولكنه طلب منه تأجيل نشره إلى ما بعد الانتخابات التي جرت مؤخرا حتى لا يتم تحميله مسئولية أي نكسة يتعرض لها الحزب الحاكم (كما حدث فعلا).