بعد انضمامها للتحالف الدولي بأول ضربة.. هل تنجح "تركيا" في قصف مواقع "داعش"؟

الأحد 30/أغسطس/2015 - 11:48 ص
طباعة بعد انضمامها للتحالف
 
بعد ما يقارب من عام على شن التحالف الدولي بقيادة أمريكا، هجماته ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، ورفض تركيا المشاركة ضمن الدول التي انضمت للقضاء على داعش الإرهابي، شن الطيران التركي لأول مرة مساء أول أمس الجمعة 28 أغسطس 2015 أولى هجماته ضد التنظيم، في سوريا، بحسب ما أعلنت وزارة الخارجية التركية السبت، حيث تمتلك تركيا ثاني أكبر جيش في دول حلف شمال الأطلسي.
بعد انضمامها للتحالف
كشف مسئولون مطلعون أن الولايات المتحدة وحليفتها تركيا وفق الخطط المتفق عليها، تنويان توفير غطاء جوي للمعارضة السورية المسلحة التي تعتبرها واشنطن "معتدلة" في إطار عمليات تهدف لطرد تنظيم "داعش" من شريط من الأراضي الحدودية بين تركيا وسوريا طوله 80 كيلومترًا تقريبًا.
يأتي ذلك بعد تردد تركي دام طويلًا بالمشاركة، ولا سيما في ظل الخلاف مع الأمريكيين بشأن الرئيس السوري بشار الأسد، فبينما ترى واشنطن أن داعش هو الخطر الأول يتهم الأتراك الأمريكيين بأنهم "يتعاملون مع أعراض الأزمة ويتجاهلون أصلها وهو النظام السوري".
يأتي ذلك في ظل توالي ضربات التحالف الدولي ضد داعش، دون أي نتيجة إيجابية حتى الآن، وقد يكون لتركيا دور قوي في القضاء على التنظيم وإرهابه.
وكانت تركيا قد وقعت في يوليو الماضي اتفاقًا آخر مع الولايات المتحدة فتحت بموجبه أنقرة قاعدة إنجرليك الجوية جنوبي البلاد للطائرات الأمريكية التي تشارك في شن غارات على تنظيم الدولة في إطار التحالف الدولي.
وتشن تركيا بشكل منفرد منذ أسابيع غارات جوية على مواقع داعش في شمالي سوريا، وكذلك استهدفت بصورة خاصة متمردي حزب العمال الكردستاني على الاراضي التركية وفي شمال العراق حيث للحزب معاقل.
وأفاد بيان صادر عن وزارة الخارجية أن طائرات حربية تركية باشرت مساء الجمعة شن عمليات مشتركة مع طائرات التحالف على أهداف لداعش الذي يشكل تهديدا كذلك لأمن بلادنا، حسبما جاء في البيان.
يذكر أن تركيا اتهمت لفترة طويلة بالتساهل حيال إرهاب التنظيم، وحسبما ذكر خبراء من قبل أن الجيش التركي دعم تنظيم داعش أمام أنظار العالم.
وبدأ لفت الأنظار بأن تركيا تدعم داعش عقب التصريحات التي أدلي بها الرئيس التركي السابق، عبد الله غول، وقال خلاله: إن تنظيم داعش حركة سياسية لا دينية، مؤكدا أن هذا التنظيم لا يمكن أن يشكل تهديدًا أيديولوجيًّا لتركيا على الإطلاق. 
وزعم غول، آنذاك، أن التحالف الدولي لمواجهة تنظيم داعش، يعتبر من الإيجابيات التي شهدتها المنطقة، ويقول مقاتلون في داعش: إن تركيا حليف هام للتنظيم، فقد كشفت تقارير استخباراتية أن تركيا تنتهج سياسة الكيل بمكيالين، فهي من جهة زعمت مباركتها للتحالف الدولي العسكري ضد داعش، ومن جهة أخرى حجمت عن الانضمام للعمليات العسكرية، وما موقفها من أحداث عين العرب- كوباني- إلا خير دليل على ذلك.
بعد انضمامها للتحالف
وبدأ ذلك عندما بدأت مقاتلات التحالف الدولي في قصف معاقل داعش، حيث رحّبت تركيا، التي تمتلك ثاني أكبر جيش في دول حلف شمال الأطلسي وتقتسم حدودًا برية طويلة مع العراق وسوريا، بذلك مؤكّدة عزمها على محاربة داعش، وصوّت البرلمان التركي على مذكرة تسمح للجيش بالتدخل عسكريا في العراق وسوريا، لكن رغم تطور الوضع عمليات إجرامية، ظلت تركيا ممتنعة عن أي تدخل عسكري على جبهة القتال رغم حدودها التي تمتد لمسافة 1200 كيلومتر مع العراق وسوريا، وأدى ذلك إلى زيادة مخاوف الغرب من أن تكون تركيا حلقة تعيق القتال ضد الإرهابيين.
وظل موقف تركيا غامض تجاه تنظيم داعش، الذي اقتحم مدينة كوباني الواقعة على حدودها، رغم قرار البرلمان السماح بذلك، ووضعت شروطًا للانضمام إلى التحالف الدولي ما يدعم الآراء القائلة إن أنقرة تدعم داعش في إطار مؤامرة يقودها الرئيس أردوغان لتحصين المصالح التركية في سوريا والعراق؛ الأمر الذي يضع الحكومة التركية في مواجهة الغضب الدولي والإقليمي والشعبي.
وبحسب خبراء فإن غرور أردوغان وحقده جعلاه يعمل على دعم الجماعات الإرهابية، انتقامًا من الولايات المتحدة وحلفائها ومن أوروبا التي رفضت انضمام تركيا إلى اتحادها، وانتقامًا مزدوجًا من دول المنطقة العربية، التي رفضت شعوبها تطبيق نموذج العدالة والتنمية عليها، وثارت ضد تنظيمات الإخوان المدعومة من الحزب الحاكم في تركيا، فضلا عن الطموح التاريخي لأردوغان وأنصاره من العثمانيين الذين أرادوا غزو الشرق الأوسط من جديد، ولكن على حصان الإخوان هذه المرّة، إلا أن اللجام انقطع بهم فتحولوا إلى تمويل الإرهاب.
بعد انضمامها للتحالف
وطالب وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر، الأسبوع الماضي، تركيا القيام بالمزيد في مجال محاربة تنظيم داعش عبر المشاركة الكاملة في الغارات الجوية التي يشنها التحالف الدولي.
وقال كارتر إنه يتعين على تركيا التي انضمت مؤخرًا إلى التحالف الدولي أن تشارك بطائراتها في الهيئة العسكرية "أيه تي أو" التي تتولى تنسيق الغارات على التنظيم المتطرف، مضيفًا أن الأتراك عليهم الانضمام إلى "أيه تي أو" وعليهم فعل المزيد في مجال مراقبة حدودهم.
وقد أعلنت أنقرة وواشنطن التوصل في 24 أغسطس الجاري إلى اتفاق على آليات التعاون العسكري والفني بينهما ضد الإرهابيين، وكانت السلطات العسكرية التركية والأمريكية وقعت على اتفاقية ثنائية حول شن عملية مشتركة لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي.
وجاء توقيع العسكريين على الاتفاقية بعد أن استكملت تركيا والولايات المتحدة المفاوضات الفنية بشأنها، وكان تشاووش أوغلو قال الأسبوع الماضي أن تركيا والولايات المتحدة ستبدآن قريبًا عمليات جوية وصفها بـ"الشاملة" لطرد مقاتلي تنظيم "داعش" من منطقة في شمال سوريا قرب الحدود التركية.
وأوضح أن المفاوضات التفصيلية بين البلدين بشأن هذه الخطط اكتملت، مشيرًا إلى أن "حلفاء إقليميين" ربما سيشاركون في العمليات من بينهم دول عربية مثل السعودية وقطر والأردن وكذلك دول أخرى منها بريطانيا وفرنسا.
وأكد آنذاك أن العمليات ستبعث أيضا برسالة للرئيس السوري بشار الأسد تضغط على دمشق لقبول التفاوض والسعي إلى حل سياسي للحرب السورية، حسب قوله.
بعد انضمامها للتحالف
وما دفع أنقرة إلى التحرك اعتداء أوقع 33 قتيلا من الناشطين الشباب المدافعين عن القضية الكردية في 20 يوليو الماضي في بلدة سوروج جنوب شرق تركيا قرب الحدود السورية، ونسب إلى تنظيم الدولة الإسلامية.
وأكدت وزارة الخارجية التركية أن مكافحة التنظيمات الإرهابية هو موضوع أساسي على صعيد الأمن القومي بالنسبة لتركيا وهذه المكافحة ستتواصل بحزم. 
واتهمت المعارضة التركية وعدد من الدول الأجنبية النظام الإسلامي المحافظ في تركيا بالتساهل حيال متطرفي تنظيم داعش، غير أن أنقرة لطالما نفت هذه الاتهامات
وفي يوليو قصفت للمرة الأولى مناطق خاضعة لسيطرة التنظيم، وأعطت الضوء الأخضر للقوات الأمريكية باستخدام قاعدة انجرليك الجوية في جنوب البلاد لقصف التنظيم في سوريا.
ويرى مراقبون أنه مع بدء تركيا حربها ضد تنظيم داعش، ومن ثم حزب العمال الكردستاني ازداد تقاربها مع حليفتها الولايات المتحدة الأمريكية، هذه الأخيرة تسعى منذ بداية الحرب على ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية لجذب أنقرة لتكون رأس الحربة في الهجمات على التنظيم انطلاقا من أراضيها، وهو ما بدأ يتجلى على أرض الواقع بعد عدة صفقات معلنة وأخرى سرية.

شارك