بطاركة وأساقفة لبنان يضعون خارطة طريق للخروج من المأزق السياسي

الثلاثاء 01/سبتمبر/2015 - 01:12 م
طباعة بطاركة وأساقفة لبنان
 
وضع بطاركة وأساقفة لبنان المجلس النيابي أمام مسئوليّته التاريخية والدستورية، وطالبوا جميع أعضائه بالحضور إلى المجلس لانتخاب رئيس للبلاد. ومن ثمّ تأليف حكومة جديدة تتولى معالجة كافة القضايا السياسية والاجتماعية والمعيشية والاقتصادية، بدءاً من قانونٍ جديد للانتخاب. وأكدوا على وجوب استمرارية الحكومة الحالية في عملها فلا تسقط أو تستقيل طالما هناك فراغ في سدة الرئاسة الأولى حيث عقد البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، وبطاركة وأساقفة ورؤساء الكنائس المسيحية في لبنان، أمس، قمة روحية مسيحية، في الصرح البطريركي في بلدة بكركي، بالعاصمة اللبنانية بيروت ووضع خلالها المجتمعون إلى "الإسراع في اعتماد خارطة طريق تبدأ بانتخاب فوري لرئيسٍ للجمهورية وفقًا للأصول الدستورية".
وصدر عن القمة البيان الختامي التالي: 
1. يطالب رؤساء الطوائف المسيحية الأطياف السياسية كافة بالإسراع في اعتماد خارطة طريق تبدأ بانتخاب فوري لرئيسٍ للجمهورية وفقًا للأصول الدستورية. فانتخابه أمر أولويّ وأساسي يعني كلّ لبنان وكلّ اللبنانيين بكلّ طوائفهم. وإنّهم يضعون المجلس النيابي أمام مسئوليّته التاريخية والدستورية، ويطالبون جميع أعضائه بالحضور إلى المجلس لانتخاب رئيس للبلاد. ومن ثمّ تأليف حكومة جديدة تتولى معالجة كافة القضايا السياسية والاجتماعية والمعيشية والاقتصادية، بدءاً من قانونٍ جديد للانتخاب. ويؤكدون على وجوب استمرارية الحكومة الحالية في عملها فلا تسقط أو تستقيل طالما هناك فراغ في سدة الرئاسة الأولى، وما يقوم به رئيس الحكومة تمام سلام ومجلس الوزراء بالتعاون مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري ينبغي دعمه ومؤازرته، فيعجّل في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وهو المطلب الملحّ لجميع رؤساء الطوائف المجتمعين الذين يرون فيه موضوعًا وطنيًّا لبنانًّا شاملًا يحفظ مبدأَي العدالة والمُساواة أساس الشراكة الوطنيّة.
2. يؤكّد المجتمعون أنّ ما يحدث في لبنان اليوم من أزمة سياسية غير مسبوقة ووضعٍ اقتصاديٍّ مُتردٍّ يضغط على المواطن، نتيجة فراغٍ رئاسي مُتمادٍ تخطى الأربع مئة وأربعة وستين يومًا؛ مما أدّى إلى شلل في كافة المؤسسات الدستورية العامّة، وشكّل انتهاكاً للجمهورية وإنهاكاً لها، هو أمرٌ يجب معالجته فيما بعد وإيجاد ضوابط دستورية وآلية جديدة تحول دون تكرار تجربة الفراغ الرئاسي المؤسف الذي نمرّ به، من خلال التعاون بين كافة القيادات والقوى السياسية لتوحيد الكلمة، وإعادة الاعتبار إلى النهج الوفاقي، لإيجاد حلٍ لهذا المأزق الذي يعيشه اللبنانيون، على أن تبقى خلافاتهم في الرأي ضمن الأطر الديمقراطية المعتادة، حفاظاً على الاستقرار، وهو عاملٌ مهم ليس بالنسبةِ إلينا فقط بل إلى محيطنا العربي.

3. إنّهم يطالبون الأسرة الدولية والعربية بوضع حدّ للحرب والعنف والإرهاب وأعمال الإقصاء والإلغاء التي تمارس بحجّة الاختلاف الديني وغيرها في سوريا والعراق، واليمن وفلسطين، وإيجاد الحلول السياسية والسلمية لها، من أجل سلام عادل وشامل ودائم فيها وفي المنطقة. وكذلك هم يطالبون بالعمل الجدّي لإعادة جميع المهجّرين والنازحين واللاجئين إلى بيوتهم وأراضيهم، وبتحرير جميع المخطوفين الأبرياء من مطارنة وكهنة وعلمانيين وعلى رأسهم مطرانا حلب يوحنا إبراهيم وبولس يازجي.
4. مع تأكيدهم على حرية التعبير الشعبي في إطار الأنظمة المرعية، يرى المجتمعون أن في اللجوء إلى الشارع خطورةً، وبخاصة عندما تكون النفوس مشحونة والنيران تحيط بلبنان وتهدده وتؤثر سلباً على الاستقرار فيه. ولا بد من قراءة سليمة للأولويات، ووضع سلّم للخطوات الواجب اتخاذها لمواجهة الأحداث والحاجات الحياتية والمعيشية والأمنية. وفيما يؤيدون المطالب المحقة للشعب والتعبير عنها.
5. إن ما تشهده الساحة اللبنانية من استمرار الاعتصام والتظاهر يجب الحرص على عدم خرقه من مندسين يحاولون تخريب التظاهرة السلمية من خلال شعارات ويافطات استفزازية ضاع الشعب في تنوّع أهدافها، وإطلاق الهتافات المعادية والرشق بالحجارة والاشتباك مع القوى الأمنية. ويعرب المجتمعون عن شَجبهم لما حصل خلال التظاهر في وسط بيروت من أعمال تخريب وممارسات خارجة عن الأهداف، واعتداءات على الأملاك العامة والخاصة وتحطيم بعض واجهات المحال التجارية وسرقتها لخلق البلبلة وإثارة الفتنة والفوضى، وسط حالة غليانٍ واحتقان عند المواطنين وعدم القدرة على الاحتمال. وقد طفح عندهم الكيل أمام عجز الطبقة الحاكمة من أن تؤمّن لهم أبسط الخدمات الحياتية من أجل عيش كريم. وإذ يرفض المجتمعون، التجاوزات في التظاهرات، فإنهم يطالبون بضرورة محاسبة المسئولين عنها أيّاً كانوا.
6. إنهم يدعون أبناءهم إلى تغليب لغة الحوار والمحبة، ووضع المصلحة الوطنية فوق المصالح الخاصة، والتمسّك بالمبادئ السامية التي يعلّمها ديننا. وبذلك نحول دون دخول لبنان في المجهول، ونجنّبه المآسي التي تحصل في محيطنا، والتي تشغل بال المواطنين على مستقبلهم ومستقبل الأجيال الطالعة. ألهَمَنا الله جميعاً العمل لما فيه مَرضاتُه وخيرُ وطننا، إنه سميعٌ مجيب.
وكان البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي قد صرح قائلا: إن "الحالة المأساوية التي وصل اليها لبنان هي نتيجة لتفشي الذهنية الاستهلاكية المادية والسياسية والأخلاقية التي تحتل الأولوية على حساب قيام الدولة القادرة بمؤسساتها الدستورية والعامة. وهي المآرب الشخصية المادية والسياسية التي تعطل انتخاب رئيس للجمهورية منذ سنة وخمسة أشهر كاملة، وتحمي الجرائم والفوضى الأمنية والفساد وسلب المال العام، وتستهتر بحياة المواطنين وتحرمهم من أبسط حقوقهم الأساسية".
وأضاف: "لهذا السبب، قامت التظاهرات الشبابية والشعبية المحقة من المجتمع المدني في العاصمة اللبنانية وعواصم بلدان الانتشار. فلا يمكن ولا يجوز أن تميّع في مطالبها بالطرق الكاذبة، ولا أن تنحرف هي عن هدفها الأساسي وهو المطالبة برجال دولة يمارسون السياسة النبيلة القائمة على الحقيقة والعدالة والتجرد والتفاني في تأمين الخير العام بكل أوضاعه الاقتصادية والمعيشية والصحية والأمنية، وبكل مقتضياته التشريعية والإجرائية والإدارية والقضائية. ولكن؛ من أجل البلوغ إلى هذه الغاية، يجب الدخول من الباب المؤدي اليها، وهو انتخاب رئيس للجمهورية فوراً".

شارك