على خطى انتخابات مصر وتونس.. "الإخوان" ترجع إلى الخلف في المغرب

السبت 05/سبتمبر/2015 - 12:23 م
طباعة على خطى انتخابات
 
تعتبر الانتخابات المحلية والجهوية المغربية، التي أجريت أمس الجمعة 4 سبتمبر 2015، أول انتخابات بلدية منذ التعديل الدستوري في المغرب، والتي تعد ذات أهمية كبرى لدى الشعب المغربي، وذلك لأنها تمثل خطوة مفصلية في سياق المسار الإصلاحي الطموح الذي رسمه العاهل المغربي الملك محمد السادس وبدأ في تفعيله منذ سنوات.
على خطى انتخابات
وكان توجه المغاربة، أمس إلى صناديق الاقتراع للتصويت في انتخابات مجالس الجماعات الترابية التي تسمى كذلك الانتخابات المحلية والجهوية. وفي الـ17 من سبتمبر الجاري، ستجتمع مجالس الجماعات الترابية الجديدة لاختيار أعضاء في مجالس المقاطعات.
 وفي الثاني من أكتوبر المقبل، ستدلي الهيئات الناخبة، التي تمثل الجهات والغرف المهنية، بأصواتها في مجلس المستشارين المجلس الأعلى للبرلمان.
وتعتبر هي الانتخابات الأولى التي تشهدها البلاد منذ عام 2011، وبالتحديد منذ قيام ثورات الربيع العربي، والتي قام على إثرها النظام المغربي بإطلاق سلسلة من الإصلاحات الجوهرية، والتي شملت جملة من التعديلات الدستورية وإجراء انتخابات تشريعية.
ويعتبر الاقتراح القاضي بتفويض سلطة الدولة إلى الجهات الفرعية، التي يسمّيها صنّاع القرار المغاربة بـ"الجهوية المتقدمة"، عنصرا كثيرا ما يتمّ إغفاله في هذه الإصلاحات. 
وقد أظهرت نتائج جزئية للانتخابات حتى الآن تقدم حزب الأصالة والمعاصرة يليه حزب العدالة والتنمية المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين بعد فرز نتائج 80% من الأصوات.
وقال وزير الداخلية المغربي محمد حصاد إنه تم حسم نتائج نحو 24 ألفا وستمئة مقعد من أصل 31 ألفا وخمسمئة، مشيرا إلى أن نسبة المشاركة بلغت 52.36%.
وأضاف أن حزب الأصالة والمعاصرة حصل على 5064 مقعدا بنسبة 20.77% يليه حزب العدالة والتنمية بـ4187 مقعدا 17.17%فحزب الاستقلال 3924 مقعدا ثم حزب التجمع الوطني للأحرار 3343 مقعدا ثم الحركة الشعبية 2347 مقعدا.
وكانت مراكز الاقتراع قد أغلقت أبوابها الساعة في تمام التاسعة مساء أمس الجمعة، ولم يتم الإعلان عن تجاوزات كبيرة باستثناء ما أوردته وكالة الأنباء المغربية عن كسر ثمانية أشخاص صندوق اقتراع في قرية تقع شمال مدينة مراكش.
وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات المحلية، 52.30 بالمئة مقابل 52.4 في انتخابات 2009، وفق ما ذكر وزير الداخلية، حيث يتنافس أكثر من 131 ألف مرشح يمثلون 29 هيئة سياسية، فضلا عن مرشحين مستقلين على أكثر من 31 ألف مقعد في المجالس المحلية البلدية والجهوية.
وتعتبر هذه النتيجة، هزيمة قاسية لحزب إخوان المغرب، كما تدل على تدني شعبيته وفقدان مصداقيته في أوساط المغاربة رغم استغلال إمكانيات الدولة في الحملة الانتخابية والاتجار بالدين كعادة الإخوان.
على خطى انتخابات
وتنقسم أحزاب المعارضة إلى ثلاثة، الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال وحزب الاتحاد الاشتراكي، والذين حصلوا جميعا على ما يقارب نصف المقاعد، ويسهل عليهم التحالف لتشكيل المجالس البلدية والجهوية وعمداء المدن الكبرى، كما أن بإمكانهم استقطاب أغلبية من أحزاب صغيرة أخرى معروفة بالتحالف مع من يفوز ويشكل الأغلبية.
وتأتى النتائج مؤشرًا قويًا على غرار ما حدث في مصر وتونس وليبيا، في اسقاط الإخوان ومحوهم من الحياة السياسية بشكل عام، حيث أن المواطنين بدءوا يستوعبوا مُكر وحيل الجماعة للوصول إلى الحكم بطرق ملتوية مثلما يفعلون في ليبيا الآن. 
وفي انتخابات مجالس الجماعات عام 2009، كان حزب الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال، الحزبين اللذين نالا أكثر الأصوات، ومن المرجّح أن يتنافس كلا الحزبين على المركزين الأول والثاني هذا العام.
 بينما يتوقع أن يحل حزب العدالة والتنمية في المركز الثالث.
ويعتبر اقبال الناخبين حسبما وصف محللون هو الفوز الحقيقي للمغرب، وتفيد معطيات أولية بأن نسبة المشاركة هذه السنة فاقت بفارق كبير نظيرتها المسجلة سنة 2009 والتي قدرت بـ 52 بالمئة.
واعتبر مراقبون أن هذه الانتخابات التي تأتي قبل عام من انتهاء الولاية التشريعية للبرلمان المغربي الحالي، اختبارًا للائتلاف الحاكم الذي يقوده حزب العدالة والتنمية الإخواني الذي يواجه منافسة شديدة خاصة من حزب الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال.
يشار إلى أن جماعة العدل والإحسان وحزب النهج الديمقراطي اليساري أعلنا مقاطعتهما الانتخابات المحلية واعتبرا أنها تتم في ظل دستور لم يوفر شروط الديمقراطية.
وتشكل هذه الانتخابات اختبارا مهما لعملية الإصلاح الجارية في المغرب، ويلزم الدستور المغربي الجديد الدولة بتنفيذ الجهوية المتقدمة. 
ودعا الباب التاسع من الدستور إلى انتخاب مجالس الجهات والجماعات مباشرة، وبيّن على نطاق واسع دور هياكل الإدارة المحلية.
ومنذ ذلك الحين، اعتمد البرلمان سلسلة من القوانين التي ترسي الأسس للانتخابات المقبلة وتفصل مهام المجالس الترابية، والتزام الدولة المالي تجاه المجالس المحلية، والإجراءات المطلوبة لالتماسات المواطنين، والصلاحيات التي يتمتّع بها المسئولون المنتخبون محليا تجاه الدولة.
على خطى انتخابات
وقد أكدت الإصلاحات المغربية على تعزيز الحكم المحلي للمشاريع الخاصة والاستثمارات العامة في مجالات مثل تحسين البيئة وإدارة المياه، والطاقة والبنية التحتية والتعليم والصحة والنقل. ويشير هذا التركيز على التنمية إلى أنّ الحكومة المركزية تعتبر “الجهوية المتقدمة” أساسا، أداة للنمو الاقتصادي.
في جميع الجهات المغربية الـ12 ومجالس الجماعات التي يصل عددها إلى 1503 مجلسا، طرح 30 حزبا 138 ألف مرشّح عن 32 ألف مقعد شاغر في المجالس المفتوحة.
 وقد تم حفظ ثلث مقاعد مجالس الجماعات والمجالس الجهوية للنساء المرشحات، فيما ركزت الحملات الانتخابية للمرشحين على الجهوية المتقدمة والتنمية الريفية والإدارة التشاركية للشئون المحلية، وتحسين الخدمات العامة، وحماية البيئة. 
ويرى مراقبون أن هذه الانتخابات ستؤدي إلى صلاحيات اقتصادية أكبر تتمتّع بها الجهات الترابية، كما أنّها ستدفع المسار الانتخابي الديمقراطي والنسق الإصلاحي الطموح الذي رسمه العاهل المغربي الملك محمد السادس، أشواطاً كافية تضمن الاستجابة للمطالب الشعبية ومن شأنها أن تُبقي المغرب بعيدا عن الفوضى التي تعمّ بلدانا أخرى في المنطقة.

شارك