روسيا والولايات المتحدة وصراع الكبار على "الضحية" السورية

الأربعاء 09/سبتمبر/2015 - 11:12 ص
طباعة روسيا والولايات المتحدة
 
تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا مسئولتان بشكل مباشر عما حدث ويحدث وسيحدث لسوريا الأولى بتجاهلها للأزمة حتى سيطرت عليها قوى التطرف والإرهاب، والثانية بسبب دعمها اللامحدود للنظام السوري والذي أدى إلى هذه المجازر والكوارث على الشعب السوري 
روسيا والولايات المتحدة
 الآن وبعد دورهما الكارثى كلا الدولتان يتصارعان على مناطق النفوذ في سوريا مما ينذر بصراع محتمل تمثل في رد روسي حازم على تحذيرات واشنطن من الدور الروسي في سوريا، ولوحت فيه موسكو بإجراءات عسكرية "إذا لزم الأمر"، حيث قالت الخارجية الروسية يوم الأربعاء 9-9-2015م "إن موسكو تبحث إجراءات عسكرية إضافية لازمة لمحاربة الإرهاب في سوريا إذا لزم الأمر، وأن هناك عسكريين روس في سوريا، يقدمون المساعدة بشأن أسلحة روسية".
 هذا الرد الروسي سبقه تحذير من البيت الأبيض قال فيه "إن التعزيزات العسكرية الروسية في سوريا قد تشعل "مواجهة" مع القوات التي تقودها الولايات المتحدة لتوجيه ضربات جوية ضد تنظيم "داعش".  بعد أن كشف مسئولون أمريكيون لوكالة "فرانس برس"، أن ثلاث طائرات عسكرية روسية على الأقل هبطت في سوريا في الأيام الأخيرة وأن اثنتين من هذه الطائرات هما طائرتا شحن عملاقتان من طراز "انتونوف 124 كوندور"، أما الثالثة فهي طائرة لنقل الأفراد وأن أحدهم هبطت في مطار بمحافظة اللاذقية شمال غرب سوريا التي تعتبر أحد معاقل الرئيس بشار الأسد وأن الروس أنشأوا في هذه المنطقة مباني مؤقتة يمكنها إيواء "مئات الأشخاص" إضافة إلى تجهيزات مطار، وأن كل هذا يؤشر إلى إقامة قاعدة جوية متقدمة".
روسيا والولايات المتحدة
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست: "لقد أظهرنا أن الولايات المتحدة تشعر بالقلق إثر تقارير حول نشر روسيا عسكريين إضافيين وطائرات عسكرية في سوريا وهذه الخطوة يمكن أن تؤدي إلى خسائر أكبر في الأرواح كما أنها يمكن أن تزيد من تدفق اللاجئين وحصول مواجهة مع تحالف يحارب داخل سوريا" تنظيم "داعش".
ولم تكتفى الولايات المتحدة بذلك بل طلبت من اليونان العضو في الحلف الأطلسي أيضاً، منع رحلات إمدادات روسية لسوريا من عبور مجالها الجوي وهو ما دفع بلغاريا العضو في حلف الأطلسي أيضا إلى منع طائرات روسية متجهة إلى سوريا عبور مجالها الجوي الأسبوع الماضي ويأتي هذا القرار بعد معلومات أفادت، بأن الولايات المتحدة طلبت من الحلفاء منع تحليق الطائرات الروسية ".
روسيا والولايات المتحدة
الصراع المتصاعد بين الدولتين حاليا تنبأت به العديد من الدراسات التي أشارت إلى ان الإدارة الأمريكية، تسعى إلى تجريد روسيا من أي قدرة على الحركة، بعد أن قامت بتطويقها بشكل شبه شامل، في جميع الاتجاهات. والروس يدركون أن تحررهم من نتائج الحرب الباردة، لن يجعل الأمريكيين يتراجعون عن محاصرتهم وقد أعلنوا بجلاء أن الدرع الصاروخي، الذي تعمل الإدارة الأمريكية، على نصبه في أوروبا الشرقية، هو موجه ضد الصواريخ الروسية وليس لأي هدف آخر. وهم يدركون أيضا حجم النجاحات التي حققها الأمريكيون وحلفاؤهم الأوروبيون، في حرمان روسيا من منابع وطرق النفط الحيوية في منطقة القوقاز والبحر الأسود.
ويرى الروس، أن الحديث عن الحرية والديمقراطية في سوريا، وإدانة قمع الأمن والجيش للشعب السوري، ليس سوى محاولة أخرى، في مسلسل التطويق الاستراتيجي العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ضد روسيا الاتحادية. ولهذا تبدو روسيا مصممة على رفض أي قرار دولي، يجيز للغرب التدخل في الشئون الداخلية السورية وإذا ما أصرت الإدارة الأمريكية وحلفائها على مناقشة فرض أية عقوبات على النظام السوري، في مجلس الأمن الدولي، فإن الأكثر احتمالا هو استخدام روسيا لحق النقض، الفيتو ضد أي قرار مقترح بذلك.
روسيا والولايات المتحدة
فسوريا بالنسبة لروسيا، هي الحصن الأخير المتبقي في البلدان الواقعة على البحر الأبيض المتوسط. وهي المكان الوحيد بالمنطقة العربية، الذي تقدم فيه تسهيلات للبحرية الروسية، بميناء طرطوس. كما أن سوريا هي البلد العربي الوحيد، الذي لم تتأثر علاقاتها العسكرية بروسيا، بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، وظلت حتى هذه اللحظة، تعتمد في تسليح جيشها على السلاح الروسي وأن حيوية العلاقة بين البلدين، وأهميتها الاستراتيجية، هي التي دفعت بالروس لإعادة النظر بمواقفهم السابقة المترددة في تزويد سوريا بالسلاح الدفاعي المتطور. وقد تضمن ذلك منظومة متطورة من الصواريخ البالستية والمضادة للطائرات وغيرها من أنواع الأسلحة وكانت هذه الصفقة هي ثمرة هذه المراجعة. لقد أقدمت القيادة الروسية على ذلك، غير عابئة بردود الفعل الإسرائيلية والأمريكية الغاضبة.
 مما سبق نستطيع أن نتأكد من أن الصراع سيتصاعد بين الطرفين فروسيا تعمل بقوة على ضمان استمرار النظام السياسي الذي يقوده الرئيس بشار الأسد، لضمان احتفاظها بالحصن المتبقي لها قرب مياه البحر الأبيض المتوسط، بينما يعمل الأمريكيون على استثمار حالة الغليان، لإسقاط النظام في دمشق بما يحقق لهم مصالحهم في المنطقة وكلا الطرفين غير مهتم بالضحية الكبرى وهي سوريا وشعبها الجريح. 

شارك