الحج.. الشعائر الدينية عندما تتحول لحرب سياسية بين السعودية وإيران

الأحد 27/سبتمبر/2015 - 01:58 م
طباعة الحج.. الشعائر الدينية
 
الحج المشاعر الدينية العظيمة والتي لها قدسيتها واحترامها بين المسلمين في العالم، تتحول من وقت لآخر إلى أكبر حرب سياسية بين إيران ذات المذهب الشيعي، والسعودية ذات المذهب الوهابي، على خلفية حرب نفوذ دائرة في المنطقة منذ عشرات السنين، وجولات صراع بين الطرفين تُربح طرفًا وتُخسر أخرى، وهكذا.

التصعيد الإيراني

التصعيد الإيراني
واصلت إيران تصعيدها ضد السعودية على إثر حادثة التدافع في منى التي ذهب ضحيتها- طبقًا للإحصاءات الرسمية 769 حالة وفاة وإصابة 934 آخرين- فقد أعلنت السلطات الإيرانية، عن استدعاء القائم بالأعمال السعودي في طهران، أحمد المولد، وذلك للمرة الثالثة بعد وقوع حادثة منى في مناسك الحج.
ونقلت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية شبه الرسمية على لسان مساعد الخارجية الإيرانية للشئون العربية والإفريقية حسين عبداللهيان بيانه أن الاستدعاء جاء لإبلاغه عن احتجاج إيران.
فيما حمّل مرشد الثورة الإيرانية آية الله علي الخامنئي، حكام السعودية مسئولية كارثة منى، داعيًا اياهم للإقرار بالمسئولية وعدم التنصل منها بتوجيه الاتهامات للآخرين، والمبادرة للاعتذار من العالم الإسلامي، وأفاد الموقع الإلكتروني لخامنئي أن سماحته أشار في مستهل حديثه في جلسة درس البحث الخارج، اليوم الأحد، إلى كارثة منى الكبرى، وأكد قائلًا: إن للعالم الإسلامي الكثير من التساؤلات بهذا الصدد، وينبغي على حكام السعودية بدلا من توجيه الاتهامات الآخرين، الاعتذار من العالم الإسلامي والأسر المفجوعة وتحمل مسئوليتهم الجسيمة في هذا الحادث والعمل بضروراتها.
ولفت خامنئي إلى حادثة منى المُرة وتحول عيد الأضحى إلى عزاء الأمة الإسلامية، وأضاف: "لا يمكن للفرد نسيان هذا الحزن لحظة واحدة، هذا الحزن الذي خيّم خلال الأيام الأخيرة على قلوبنا وقلوب المسلمين جميعا"، واعتبر اتهام السعودية للآخرين والتنصل من المسئولية في وقوع هذه الكارثة أمرًا خاطئا وإجراء عقيمًا وغير مُجْدٍ، وقال: "إن للعالم الإسلامي الكثير من التساؤلات، وإن مصرع أكثر من ألف شخص ليس بالحادث البسيط؛ لذا فإنه على العالم الإسلامي التفكير لهذه القضية".
وأكد خامنئي بأن هذه القضية لن تنسى، وستتابعها الشعوب بصورة جدية، وينبغي على حكام السعودية بدلًا من تنصلها من المسئولية وتوجيه الاتهام لهذا وذاك، أن يتحملوا المسئولية ويعتذروا للأمة الإسلامية والأسر المفجوعة.
من جهته أعرب الرئيس الإيراني، حسن روحاني، في كلمته أمام قمة التنمية المستديمة بالأمم المتحدة في نيويورك السبت، عن "أسفه لحادثة منى المروعة التي أصابت آلاف الحجاج ومنهم الإيرانيين،" مؤكدًا على "ضرورة البحث عن أسبابها والأحداث المماثلة التي وقعت أثناء مراسم الحج"، بحسب ما نقلته وكالة فارس.
واستدعت وزارة الخارجية الإيرانية السبت القائم بالأعمال السعودي في طهران أحمد المولد للمرة الثالثة بعد كارثة منى التي وقعت صباح الخميس، وفي تصريح أدلى به للقناة الأولى في التلفزيون الإيراني، أعلن مساعد الخارجية للشئون العربية والإفريقية حسين أمير عبداللهيان، بأنه تم توجيه استدعاء للقائم بالأعمال السعودي في طهران.
كما استدعى المدير العام لشئون الخليج في الخارجية الإيرانية القائم بالأعمال السعودي يوم الخميس ومن ثم تم استدعاؤه من قبل مساعد المدير العام للشئون القنصلية بالخارجية الإيرانية حيث جرى إبلاغه احتجاج الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

الحج السياسي

الحج السياسي
وإذا كانت الحوادث تكرر في الحج، فإن تحول الحج إلى حالة سياسية لاستعراض العضلات بين إيران والسعودية، وعدم احترام الأماكن المقدسة ومشاعر المسلمين في بقاع الأرض، فإن هناك العديد من الوقائع السياسية في الحج، فقد نفذ حجاج إيرانيون أعمال شغب وتظاهرات سياسية، ففي سنة 1987 رفع متظاهرون إيرانيون صور المرشد الإيراني في ذلك الحين، الموسوي الخميني، فضلًا عن شعارات الثورة الإيرانية، وأخرى منددة بأمريكا وإسرائيل. وقاموا أيضًا بقطع الطرق وعرقلة السير، وحاول المتظاهرون اقتحام المسجد الحرام؛ ما أدى إلى صدامات بين المتظاهرين وقوات الأمن.
وقد كانت "حادثة نفق المعيصم" هي الأشد خطورة والمتورطة فيها إيران خلال موسم الحج. حيث قام حجاج كويتيون منتمون لما يعرف باسم بـ"حزب الله الحجاز"، وبالتنسيق مع جهات إيرانية، باستخدام غازات سامة لقتل آلاف الحجاج في نفق المعيصم سنة 1989.

موقف حازم من السعودية

موقف حازم من السعودية
على الجانب المقابل، رفضت السعودية، مساء السبت، الانتقادات التي وجهتها إيران، وطالبت فيها بفتح تحقيق حول حادث تدافع منى.
وقال وزير الخارجية السعودي، «عادل الجبير»، خلال لقاء مع نظيره الأمريكي، «جون كيري» على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك: «أعتقد أنه من الأفضل للإيرانيين أن يفعلوا شيئاً غير محاولة أن يستغلوا سياسياً مأساة طالت أناساً كانوا يقومون بشعائر دينية مقدسة».
في سياق متصل، رفض «الجبير» لقاء نظيره الإيراني، «محمد جواد ظريف» الذي يشارك في اجتماعات الجمعية العامة، حسب ما نقلت صحيفة «الحياة» السعودية عن مصادر مطلعة.
المصادر قالت: إن ظريف طلب «شفوياً» الاجتماع مع «الجبير»، لكن طلبه رُفض «لأنه جاء بطريقة متعجرفة وفي غير مكانها».
 وأوضحت أن الجانب الإيراني لم يطلب اللقاء «بالطريقة المتعارف عليها» التي يفترض أن تتضمن أجندة محددة للقاء، بل اقتصر طلبه على بحث حادثة التدافع في الحج، وليس الأمور السياسية المتعلقة بقضايا المنطقة، كسوريا واليمن، وهو ما اعتبرته السعودية «غير مقبول»، ولم تتم الموافقة عليه.

مشهد الحج

مشهد الحج
يبدو أن موسم الحج تصبح في المشاكل أكثر وجودًا، في ظل وجود توتر سياسي بين طهران والرياض، فصراع النفوذ يكون له أثره على موسم الحج، والذي تحول إلى ساحة أخرى من ساحة الصراع كلا يستخدم فيها أدواته أذرعته السياسية والإعلامية والحزب داخل وخارج الدولة؛ من أجل إثبات موقف وأخذ نقطة، وليس التعاون من أجل تقديم خدمة جيدة إلى بين حجاج بيت الله الحرام، بل أصبح الحج ساحة من ساحات الصراع والنفوذ، وهو ما وضح من خلال تكرار إيران إلى مطالب تدويل الحج، فهل سينتهي نتائج حادث مني إلى استدعاء السفراء، أم سيأخذ منحى آخر؟

شارك