بين البرلمان والإخوان.. ليبيا نحو الانقسام

الثلاثاء 29/سبتمبر/2015 - 12:56 م
طباعة بين البرلمان والإخوان..
 
لا زالت الصراعات تتزايد يومًا عن يوم في ظل توتر الأوضاع التي تشهدها ليبيا الآن، وتواصل الأطراف المتنازعة مساعيها للوصول إلى أغراضها الشخصية دون الأخذ في الاعتبار مصلحة البلاد.

بين البرلمان والإخوان..
على الرغم من مساعي البعثة الأممية بقيادة برناردينو ليون للوصول إلى حلول ترضي جميع الأطراف، إلا أن كلا الطرفين يتمسك بمصالحه على حساب الحوار الوطني.
وتتواصل جلسات الحوار منذ سبتمبر 2014 دون أي نتائج إيجابية حتى الآن، حيث يسعى المبعوث الأممي كل يوم لإرضاء طرف على حساب طرف آخر، والتي كان آخرها محاولة ليون لإرضاء المؤتمر الوطني المنتهية ولايته والمحسوب على جماعة الإخوان المسلمين والتي يواليه ميليشيات فجر ليبيا؛ الأمر الذي اعتبره الطرف الآخر المتمثل في البرلمان الليبي المعترف به دوليًا، تخاذلًا من جانب ليون لصالح الإخوان، رافضين استكمال الحوار الليبي حال الموافقة على مطالب الإخوان، فيما رفض الأخير كذلك مواصلة الحوار حال رفض مطالبهم.
كان المبعوث الأممي إلى ليبيا، برناردينو ليون، سلم مسودة جديدة للاتفاق السياسي لوفدي المؤتمر الوطني العام ومجلس النواب في طبرق في جلسة حوار الصخيرات الأخيرة، تتضمن ملاحظات المؤتمر على المسودة الأولى.
هذا وقد تأجلت جولة الحوار الوطني الليبي التي كان من المفترض أن تعقد أمس الاثنين في مدينة الصخيرات المغربية، من جانبه اتهم رئيس البرلمان الليبي، عقيلة صالح، أعضاء المؤتمر الوطني المنتهية ولايته بعرقلة التوصل لاتفاق ينهي الأزمة السياسية في البلاد.
يرى البعض أن تأجيل الجلسة يعود إلى أسباب قد تتعلق بنقل مكان التوقيع النهائي، إما إلى مدينة "جنيف" السويسرية أو "نيويورك" الأمريكية.
من جانبه، توقع عضو المؤتمر الوطني العام، عبد الفتاح بورواق، نشوب أزمة بين بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والمملكة المغربية، التي بحسب بورواق ستحاول ألا تفرط في إنجاز توقيع الاتفاق النهائي بين الأطراف الليبية على أراضيها.
وأضاف بورواق أن جلسة أمس جمعت وفد المؤتمر الوطني للحوار وأعضاء المؤتمر؛ انتهت إلى استمرار تحفظ المؤتمر على المادة الـ15 من المسودة، ومنها النص في بند اختصاصات مجلس النواب في الفقرة التي تقول: "تقدم مقترحات قوانين من 10 نواب بالبرلمان على الأقل"، إذ بحسب وجهة نظر أعضاء المؤتمر سيسهل جمع 10 أصوات من البرلمان لتقديم مشاريع قوانين قد تكون مضرة، مشيرًا إلى أن رفض المؤتمر أيضا الفقرة الثامنة من المبادئ الحاكمة التي تنص على اعتبار مجلس النواب الليبي هو السلطة التشريعية الوحيدة في البلاد.
بين البرلمان والإخوان..
أكد بورواق علي استمرار الخلاف حول شغل المناصب السيادية، إذ إن المؤتمر يرى ضرورة أن تكون هذه المناصب شاغرة وقت توقيع الاتفاق، بحيث تؤول جميع صلاحيات شاغليها لرئاسة حكومة التوافق الوطني مؤقتا.
وكان رئيس البرلمان الليبي المعترف به دولياً قد بحث مع وزير الخارجية المصري سامح شكري على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك أمس، آخر مستجدات الحوار الليبي والعقبات التي تعترض تشكيل حكومة وفاق وطني تحظى بدعم دولي وتتمكن من محاربة الإرهاب، والخطوات المطلوب اتخاذها من كل الأطراف للتوصل إلى اتفاق نهائي يضمن إنهاء الصراع وتشكيل حكومة.
وقال صالح خلال لقائه شكري: إن المجلس سيلتزم بالانخراط في الحوار مجدداً، إلا أنه ينبغي أن يكون مفهوماً أن الطرف الآخر هو مَن رفض التوقيع على الاتفاق بالأحرف الأولى في شهر يوليو الماضي، مؤكدًا على أهمية دور مصر باعتبارها الطرف الإقليمي الرئيسي الذي يدعم ليبيا ومطالبها المشروعة على المسرحين الإقليمي والدولي.
وأكد الوزير شكري أن استقرار ليبيا وسلامتها جزء لا يتجزأ من استقرار مصر، وأن ليبيا تمر بمرحلة فاصلة من تاريخها تتطلب إعلاء جميع الأطراف المصلحة العليا للبلاد، مشيراً إلى أهمية التعجيل بتشكيل حكومة وفاق وطني بمَن ارتضى المشاركة الإيجابية في الحوار وتجنب وضع العراقيل.
وعلى الصعيد الميداني، تتواصل العمليات العسكرية في بنغازي وسط تأكيدات الجيش الوطني الليبي تقدمه على حساب التنظيمات المتطرفة، واستعادته السيطرة على مواقع هامة.
وفي هذا السياق، أكدت مصادر أمنية أن قوات خاصة، بمساندة المدفعية وسلاح الجو باتت تحاصر أهم مواقع نفوذ التنظيم المتطرف في بنغازي.
وقتل 3 من قوات الحكومة الليبية المعترف بها دولياً و7 من عناصر تنظيم داعش المتطرف في اشتباكات في مدينة بنغازي خلال يومي السبت والأحد الماضيَين.
وأفاد مصدر مأذون أن الجثث عائدة إلى جنود في القوات الحكومية، مضيفاً أن المستشفى عالج أيضاً 21 عنصراً من هذه القوات أُصيبوا في معارك في محور الصابري، وسط بنغازي.
إلى ذلك، أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية أن قواتها تمكنت من قتل 7 وأسر 9 آخرين من عناصر الفرع الليبي لتنظيم داعش في محور الصابري.
في سياق مواز، أجّل مجلس الأمن النظر في قرار تسليح الجيش الليبي وذلك انتظارا لنتائج جهود الوساطة التي تقوم البعثة الأممية لإقناع الأطراف الليبية بتشكيل حكومة وحدة وطنية.
بين البرلمان والإخوان..
واعترضت سبع دول في مجلس الأمن الدولي أمس الاثنين على طلب الحكومة الليبية المؤقتة المعترف بها دولياً برفع الحظر على تسليح قوات الجيش الليبي استثنائياً للسماح لها بمحاربة الإرهاب بشكل أفضل، فيما وافقت ست دول على طلب الحكومة الليبية، وهي: فرنسا، والولايات المتحدة، وبريطانيا، وتشيلي، ونيوزيلندا، وليتوانيا.
وتضمن طلب الحكومة الليبية المؤقتة استثناء الحظر مرة واحدة شراء المروحيات والمقاتلات والدبابات وآلاف البنادق الهجومية مع الذخيرة على أمل شراء هذه الترسانة من أوكرانيا وصربيا وتشيكيا.
يشار إلى أن مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة إبراهيم الدباشي أعلن الخميس الماضي أمام مجلس الأمن أن قيادة الجيش الليبي قدمت للجنة العقوبات طلبات محددة للحصول على استثناءات على حظر الأسلحة المفروض على ليبيا.
وبيّن الدباشي أن هذه الطلبات تتعلق بتعزيز قدرات سلاح الجو الليبي لمراقبة أراضي البلاد وحدودها ولمنع الإرهابيين من الوصول إلى الحقول والمنشآت النفطية؛ من أجل حماية ثروات البلاد.
وتظل ليبيا حائرة في ظل تصارع الأطراف وانتشار العناصر الإرهابية على أراضيها، ويسعى المتناحرين إلى الوصول لمصالحهم فقط حتى لو كان على حساب بلادهم، فيما يقف المجتمع الدولي مكتوفي الأيدي أمام القضية الليبية، ولا يملك سوى تصريحات وإدانات لما يحدث في ليبيا.
وعلى الرغم من إظهار البعثة الأممية للوصول إلى حلول بين الطرفين إلا أن مراقبين يرون أن ليبيا تنجر نحو الانقسام الآن.

شارك