وتعتبر ميليشيات فجر ليبيا هي الذراع الحامي للمؤتمر الوطني المنتهية ولايته والمحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، والتي تسعى للوصول إلى الحكم ولذلك يتخذ الميلشيات ذراعًا له، لعدم تشكيل حكومة وفاق وطني تدفع البلاد إلى الاستقرار نوعًا ما، وقد بدأت ميليشيات فجر ليبيا بالفعل تكثف من عمليات نقل المُسلحين من سوريا إلى تركيا، وبعد ذلك إلى العاصمة الليبية طرابلس وفق ما ذكر متابعون للشأن الليبي؛ ما ساعد في ارتفاع مخاوف الأوساط السياسية الليبية، والأطراف الإقليمية المعنية بالملف الليبي.

وقال متابعون: إن ميليشيات "فجر ليبيا" والتي تسيطر على العاصمة طرابلس كثفت من عمليات نقل المُسلحين من سوريا إلى ليبيا بالتنسيق مع تركيا والسودان وقطر، مشيرين إلى أن ثلاث طائرات على متنها المئات من المُسلحين حطت خلال اليومين الماضيين في مطار معيتيقة الواقع على بعد نحو 10 كيلومترات شرق العاصمة طرابلس، والذي يخضع لسيطرة ميليشيات تابعة للجماعة الليبية المقاتلة.

وجاء المسلحون الذين تم نقلهم من سوريا إلى طرابلس عبر تركيا، بكافة عتادهم العسكرية، وفق المتابعون، وذلك في تحول نوعي ترافق مع تزايد تدفق المُسلحين على المدن الليبية الخاضعة للمُتطرفين من السودان عبر صحراء الكفرة جنوبا.

الناشط السياسي الليبي كمال مرعاش، أكد في تصريحات له أن الأجهزة الأمنية والعسكرية الليبية رصدت بالفعل هذا التدفق الخطير للمُسلحين؛ الأمر الذي أكدته بعض التقارير الإعلامية الليبية، ونقلت أمس عن مصادر أمنية من داخل مطار معيتيقة قولها: إن الجماعة الليبية المقاتلة استقبلت خلال هذا الأسبوع 285 مقاتلًا أجنبيًّا.

في موازاة ذلك، كشف رئيس هيئة الإعلام والثقافة في الحكومة الليبية المؤقتة المنبثقة عن مجلس النواب الليبي عمر القويري، أن لدى الحكومة وثائق وأدلة عن تسلم ميليشيات فجر ليبيا الإرهابية المتطرفة أسلحة إسرائيلية .

وقال القويري: إن موانئ تونسية استقبلت حاويات من سفن إسرائيلية انطلقت من ميناء إسرائيلي نحو اليونان، ثم تركيا وإيطاليا لتحط الرحال بتونس ليتم بعدها تمرير الأسلحة إلى طرابلس عبر الحدود.

هذا وقد ذكر تقرير حديث للأمم المتحدة حول الأوضاع الإنسانية في ليبيا خلال العام 2015 أن إجمالي عدد المتضررين من الأزمة في البلاد بلغ 08ر3 ملايين نسمة أي نحو 49 بالمئة من عدد السكان، مشيرًا إلى أن إجمالي عدد من يحتاجون إلى مساعدات إنسانية بلغ 44ر2 مليون مواطن يشكلون 79 بالمئة من إجمالي السكان .

وتواجه ليبيا منذ عدوان حلف شمال الأطلسي عليها عام2011 إلى جانب خطر التنظيمات الإرهابية انتشار فوضى السلاح في ظل غياب سيطرة الدولة والقوانين الناظمة للمجتمع .

كمال مرعاش، قال: إن هذه التحركات تأتي على وقع تزايد الصراع بين الميليشيات ارتباطًا بالمسار التفاوضي، حيث تسعى بعض الميليشيات الرافضة لهذا المسار إلى إحكام سيطرتها على طرابلس، والتلويح بالسلاح لإفشال وإبطال أي اتفاق سياسي، كما ربط هذه التطورات بتزايد الخلافات بين قادة ميليشيا فجر ليبيا حول نتائج جولة المفاوضات برعاية الأمم المتحدة التي عُقدت في نيويورك؛ حيث يبدو أنه تم خلالها الاتفاق على غالبية نقاط الخلاف، وخاصة منها قبول عبدالرحمن السويحلي بمنصب النائب الثاني لرئيس حكومة الوفاق مقابل تخليه عن المطالبة بإزاحة الفريق أول ركن خليفة حفتر من المشهد العسكري الليبي.

وقد لجأت ميليشيات فجر ليبيا إلى عناصر داعش من سوريا بعدما تنصلت ميلشات "مصراته" منها؛ الأمر الذي أدي إلى مطالبة جماعة الإخوان، لرئيس حكومة طرابلس خليفة الغويل، بالإسراع إلى عقد اجتماع مع قادة فجر ليبيا الرافضين لأي اتفاق سياسي، وذلك لقطع الطريق على أي اتفاق قد يؤدي إلى استقرار البلاد.

وتتصارع الميليشيات في ليبيا؛ من أجل فرض سيطرتها على المناطق الحيوية التي تنتشر فيها والحفاظ على نفوذها العسكري والمالي والسياسي، بل وذهبت تلك الميليشيات سواء المحسوبة على بعض القبائل، أو المحسوبة على بعض الجماعات الإسلامية المتشددة، إلى استعمال القوة لفرض أجنداتها وتحقيق مكاسب لها في ليبيا.

وقد ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة وجدت في وقت لاحق أن قطر قد يكون لها دور في انتهاك الحظر على السلاح، مشيرة إلى أنه في حين أن الدوحة أكدت عام 2012 أن أفعالها جاءت بتنسيق كامل مع حلف شمال الأطلسي "الناتو" وتحت مظلته.

 وقال المتحدث باسم الناتو في بيان ورد إلى فورين بوليسي، إنه لا يوجد دولة قد أخطرت أو نسقت مع الحلف بشأن توصيل أسلحة إلى ليبيا.

وبحسب المجلة، اعتمدت قطر بشكل أساسي على الشقيقين الليبيين علي وإسماعيل الصلابي وهما من الإسلاميين ويملكان اتصالات واسعة في شتى أرجاء البلاد، لتوصيل السلاح إلى ليبيا، مشيرة إلى أن عليًّا وهو رجل دين منفي سُجن لفترة داخل سجن أبو سليم- مقيم منذ فترة طويلة في الدوحة، ويتمتع بعلاقة وثيقة مع النخبة السياسية في قطر.

وأوضحت المجلة أنه بعد فترة وجيزة من تحقيق الثوار أول انتصار كبير تمثل في هزيمة قوات النظام في بنغازي في 20 مارس 2011، بدأت طائرات قطرية تتحرك محملة بالأسلحة والذخيرة إلى مطار بنينة خارج المدينة، ثم تتولى شبكة تابعة للأخوين صلابي بإخراج المعدات وتوزيعها على الثوار، مشيرة إلى أنه على الرغم من وجود تغطيات واسعة النطاق حول تورط الأخوين الصلابي في تهريب السلاح، رفض علي الصلابي في حديث للمجلة تأكيد أنه تلقى مباشرة شحنات أسلحة من قطر.

وفي سياق رفض المليشيات المختلفة بطرابلس والمدعومة من قبل المؤتمر الوطني الليبي المنتهية ولايته نتائج الحوار الليبي بالصخيرات، يجهزون السلاح للعمل العسكري قريبًا في العاصمة طرابلس، ما قد يؤدي إلى خراب ودمار البلاد وانقسامها إلى فريقين؛ أحدهما في طبرق وهو المعترف به دوليًا، والآخر في طرابلس "الإخوان" والذي يسعي باستماته إلى الوصول للسلطة.