دعوة الجولاني لـ"جهاديي القوقاز" في روسيا.. عوامل النجاح والإخفاق
الأربعاء 14/أكتوبر/2015 - 06:26 م
طباعة

فيما يبدو أن الحرب العالمية للمليشيات اشتعلت مع التدخل الروسي في سوريا، فقد اصبحت الجماعات المسلحة هي اذرع الحكومات واجهزة المخابرات أذرع للحرب.
الجولاني وروسيا:

و دعا أمير "جبهة النصرة"- ذراع تنظيم القاعدة في سوريا- أبو محمد الجولاني جهاديي القوقاز إلى شن هجمات في روسيا ردا على تدخلها العسكري الجوي في سوريا وذلك في تسجيل صوتي نشر ليل الاثنين.
وناشد الجولاني "المجاهدين الأبطال في بلاد القوقاز" مساندة السوريين قائلا "اذا قتل الجيش الروسي من عامة أهل الشام، فاقتلوا من عامتهم وان قتلوا من جنودنا فاقتلوا من جنودهم" مضيفا "المثل بالمثل ولا نعتدي".
وقال الجولاني في التسجيل الذي حمل عنوان "التدخل الروسي السهم الأخير"، إن هذا التدخل "لاحت بوادر هزيمته من بدايته المتعثرة حيث أن ضرباتهم إلى يومنا هذا لم تزد شيئا عن ضربات النظام السابقة لا في عشوائيتها من حيث الأهداف ولا من حيث دقة الإصابة"، مضيفا "سيكسرون بإذن الله على عتبات الشام".
ورأى أن التدخل الروسي "يأتي بعد سلسلة الانتصارات الساحقة التي حققها المجاهدون" والتي "أدخلت النظام في مرحلته النهائية"، مشيرا إلى أنه بمثابة "إعلان لفشل التدخل الإيراني وحلفائهم من حزب الله وغيرهم".
وحذر من أن "الحرب في الشام ستنسي الروس أهوال ما لاقوه في أفغانستان"، داعيا جميع الفصائل في سوريا إلى "وقف جميع أنواع الاقتتال الداخلي" بينها و"إرجاء الخلافات لحين زوال وانكسار الحملة الصليبية الغربية والروسية على أرض الشام".
مجاهدو القوقاز:

ينتمي "مجاهدو القوقاز" في الغالب للجمهوريات الإسلامية التي تسيطر عليها روسيا مثل الشيشان، وداغستان، وأنجوشيا، وقبردينو بلقاريا، فضلا عن بعض جمهوريات آسيا الوسطى مثل أذربيجان، وقيرغيرستان، وأوزبكستان، وطاجيكستان، وفي هذا الإطار يتسم "جهاديو القوقاز" بعدة خصائص تميزهم عن الكوادر والمقاتلين المنخرطين في الصراع الأهلي في سوريا.
ويتمتع "مجاهدو القوقاز" بعلاقات قوية مع الحركات والجماعات المسلحة المتشددة كالتنظيم القاعدة بمختلف فروعه في العالم وخاصة في بؤر الصراع كسوريا والعراق وأفغانستان.
وفي 31 أكتوبر 2007 أعلن عن تأسيس "الامارة الاسلامية" بقيادة دوكو عمروف، بدعم قوي من تنظيم القاعدة وأحد أهم فروع التنظيم الدولي، ثم تولي قيادة الأمارة أبو محمد الداغستاني في مارس 2015، لكن قتل الداغستاني على يد القوات الروسية جعل التنظيم دون قيادة، وهو ما دفع قياداته للانجراف مع ميول الكوادر الشبابية والانضمام لـ"داعش".
فهناك العديد من "مجاهدي القوقاز" أعلنوا بيعتهم لزعيم تنظيم الدولة "داعش" أبو بكر البغدادي، ليستفيدوا من الهالة الإعلامية والسمعة القوية بين الجماعات الراديكالية مما يهدد الأمن القومي لروسيا.
وفي يونيه 2015، أعلن مسلحون إسلاميون في أربع من جمهوريات القوقاز الروسية مبايعتهم تنظيم الدولة "داعش"؛ ما أثار مخاوف جديدة من تعاظم نفوذ الجماعة الجهادية وسط جيل الإسلاميين الشباب في المنطقة.
وأوضح المتحدث باسم "ولايات القوقاز" أن الولاية الجديدة لـ "الدولة الإسلامية"، تضم كلا من "الشيشان"، "أنغوشيا"، "داغستان"، "كوبيكا"، وجميعها تحيط بروسيا.
ويعتبر تنظيم "داعش" اليوم واحدًا من أخطر التهديدات التي تواجه الأمن العالمي، فقد تمكن في غضون ثلاث سنوات، من السيطرة على مناطق واسعة من العراق وسوريا، بالإضافة إلى محاولاته بسط نفوذه على دول شمال إفريقيا، وخاصة ليبيا.
للمزيد عن دعم دول القوقاز وسوريا عسكريًّا.. روسيا تعلن الحرب على "داعش" أضغط هنا
"مجاهدو القوقاز" في سوريا:

بالإضافة الي وجود "مجاهدو القوقاز" في روسيا بشكل كبير، ولكن انضمام جهاديي القوقاز إلى ساحة القتال في سوريا يعد أحد أهم قرار روسيا بشن حرب ضد الجماعات الإرهابية في سرويا، فقد قال النائب الأول لمدير "جهاز الأمن الاتحادي الروسي"، سيرجي سميرنوف، اليوم الجمعة إن هناك حوالي 3000 من مواطني آسيا الوسطى في المجمل يقاتلون في صفوف "داعش".
ومن بين أبرز الكتائب التابعة لـ"مجاهدو القوقاز" في سوريا، جيش المهاجرين والأنصار الذي يعد أول وأقوى التنظيمات العسكرية القوقازية في سوريا، وتم تشكيله بقيادة أبو عمر الشيشاني في سبتمبر 2012، وركز على استهداف القواعد العسكرية لنظام الأسد في حلب قبل أن يقوم أبوعمر الشيشاني بمبايعة أبوبكر البغدادي وينضم لداعش، وفصيل صلاح الدين الشيشاني، الذي انشق عن جيش المهاجرين والأنصار وانضم رفقة العناصر التابعة له إلى جبهة النصرة، ويقدر عددهم بحوالي 300 مقاتل. كذلك تنظيم مجاهدي القوقاز والشام الذي تشكل من المنشقين عن جيش المهاجرين والأنصار بقيادة سيف الله الشيشاني، ويتسم بالقرب من نهج تنظيم القاعدة، وقد بايع أيمن الظاهري، وعقب مقتل سيف الله الشيشاني تولى محمد الخراساني قيادة التنظيم، وأعلن ولاء التنظيم لجبهة النصرة. وأخيرا تنظيم جند الشام بقيادة أمير مسلم أبو الوليد، وهو تنظيم مستقل يضم قوميات متعددة ناطقة بالروسية ولم يعلن الولاء لا لتنظيم داعش ولا لجبهة النصرة.
روسيا ومحاربة الارهاب:

جاء توجيه روسيا ضربات الي الجماعات الارهابية في سوريا، تحسبا لأي استخدام لهذه الجماعات مستقبلا من قوي دولية لزعزعة استقرار روسيا، فقد اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن اندماج الجماعات الراديكالية مع الجريمة المنظمة العابرة للقارات بات يشكل خطرا بالغا.
ويري الرئيس الروسي، أن "الوضع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قلقا بالغا، إذ يحاول الإرهابيون تحويل هذه المنطقة إلى معقل لهم، ويعملون على تجنيد وتدريب مسلحين جدد يمكن استخدامهم لزعزعة الوضع في دول أخرى".
فيما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن أهداف العملية الروسية في سوريا هي مكافحة الإرهاب، لا دعم أي من القوى السياسية.
وأكد في هذا السياق أن روسيا تستهدف في سوريا "جبهة النصرة" و"الدولة الإسلامية" وغيرها من التنظيمات الإرهابية، قائلا: "لقد صرحنا دائما بأننا سنحارب "الدولة الإسلامية" وغيرها من المنظمات الإرهابية، وتتخذ الولايات المتحدة نفس الموقف، حيث أعلنت قيادة التحالف أن أهدافها هي "جبهة النصرة" وداعش، ونحن نتفق مع هذا الموقف".
وقال أن الإرهابيين يخططون للسيطرة على أراضي ممتدة من البرتغال وحتى باكستان، ويجب محاربة ذلك بفعالية، قائلا: "داعش يبني خلافة، وهو ليس القاعدة التي تشن ضربات ثم تذهب، فهو يحتل أراضي لبناء خلافة، ولديه نظام مالي خاص، وحتى عملة خاصة. وأتصور أنه يقدم خدمات اجتماعية".
ماذا عن الدعوة:

الوضع الحالي لـ"مجاهدي القوقاز" هو أنهم يعيشون فترة من التشتت والضعف في ظل الضربات القوية لقوات والاجهزة الامنية الروسية في مواجهة الجماعات الارهابية.
فقد تفككت بنية "إمارة القوقاز" التابعة للقاعدة، والتي يمثلها الجولاني في سوريا، بعد اعلان قيادات التنظيم في ولايات "الشيشان وداغستان وأنجوشيا وكابيكا" مبايعتهم لتنظيم "داعش" في نهاية يونيو 2015، وهو ما يُعد تهديدًا لنفوذ القاعدة الذي استمر لعقد كامل في دول القوقاز .
وعقب وقوع الخلاف بين "داعش" والنُصرة"، قال علي أبو محمد الداغستاني، أمير وقاضي إمارة القوقاز الإسلامية لـ"مجاهدو القوقاز" في سوريا وفي القوقاز:" ونحن كإخوة يتعاطفون ويعانون مما يحدث في الشام، سجلنا خطابا ونصائح لأبي بكر البغدادي وأبي محمد الجولاني، ليجلسوا على طاولة الحوار وأن يسمعوا ويطيعوا قيادة الجهاد. وقلنا فيها لإخواننا (مجاهدي القوقاز) بعدم دخول لا إلى طرف الجولاني ولا إلى طرف البغدادي ولكن أن يكونوا بعيدين عن الفتن".
إذن دعوة الجولاني، لن يكون لها صدي بالشكل المتوقع وبالقوة التي كان عليها تنظيم القاعدة باعتباره الواجهة الأولي والقوة الرئيسية بين الجماعات الارهابية، ولكن اليوم "مجاهدو القوقاز" في حالة تشتت بين القاعدة و"داعش"، وجماعات اخري، وهو ما يشير الي أن الدعوة قد يكون لها تأثير ايجابي اذا خرجت دعوة من قبل زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي وهو ما قد يحدث قريبا، لذلك كانت سياسية الرئيس الروسي بوتين مواجهة الجماعات الارهابية في معقل نفوذها قبل أن يؤدي تعاظم دورها إلى التأثير على الوضع الأمني في روسيا، مع استقبال البلاد لعدد من الفعاليات الدولية، وأهمها بطولة كأس العالم في 2018، وعدد من المسابقات الرياضية ذات الثقل السياسي.