حقيقة توجيه الكنيسة للناخبين.. متى يطبق شعار "لا دين في السياسة"؟

الإثنين 19/أكتوبر/2015 - 11:00 ص
طباعة حقيقة توجيه الكنيسة
 
 في الوقت الذي ترتفع فيه الأصوات مطالبة بدولة مدنية تبتعد فيها المؤسسات الدينية عن الدخول في معترك الحياة السياسية وتكتفي بدورها الروحي- كشفت الانتخابات البرلمانية التي أجريت المرحلة الأولى منها يومي 18 و19 أكتوبر 2015 أن الكنيسة رغم كل التصريحات الرنانة بأنها لا تتدخل في السياسة وتشجع الأقباط على المشاركة في الانتخابات دون توجيه لاختيار مرشح بعينه هي مجرد كلمات في الهواء. فقد تم إرسال رسائل من الكنيسة تحت مسمى لجان المواطنة إلى الأقباط تحدد لهم اختيار قائمة معينة وحزب محدد في الانتخابات. وكشفت هذه الرسائل المرسلة عبر التليفونات ومواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" و"تويتر" و"واتس أب" أن الكنيسة لن تتخلى عن هذا الدور السياسي بسهولة. وكان المرشحون هم الذين بدءوا بطلب بركة الكنيسة ومعونته وذلك بالتوجه إلى مقرات الأساقفة والكنائس في إشارة إلى الأقباط بأنهم مرضي عنهم من قبل الممثل الروحي للأقباط. وفوجئنا بأن أخبار زيارات المرشحين للأساقفة تحتل مساحات في الصحف وبالصور دون أي لوم أو خجل. وقبل ذلك طالب بعض المرشحين الأقباط من الكنيسة تزكيتهم لدى قوائم محددة. وهناك الكثيرون الآن ينتظرون ترشيح الكنيسة لهم للدولة حتى يتم تعيينهم من قبل الرئاسة. 
وحول دور الكنيسة يقول المفكر القبطي كمال زاخر: الكنيسة المؤسسة لها دور محدد ومهام بعينها ليس من بينها الدخول في المعترك السياسي، لكن نفراً من ساكني الكاتدرائية لا يقرون ذلك، ويتحركون في عكس الاتجاه الذي يحرص عليه ويؤكده البابا تواضروس، بل إن بعضهم يسعى لتوريطه وتحميله تكلفة توجهاتهم وتحالفاتهم وربما طموحاتهم ومصالحهم، وفي غياب المعلومات والشفافية تحل الشائعات ضيفاً ثقيلاً فتذهب بهذه التحركات إلى دوائر الأحزاب ورجال الأعمال وبعض من أجهزة، خصماً من سلام الكنيسة وانتقاصاً من مهامها الروحية والرعوية، بل يمتد سعيهم إلى محاصرة البابا، وقد رأوا فيه مقتحماً لدوائرهم ومنتقصاً لصلاحياتهم التي تمددت في سنوات البابا الراحل الأخيرة، فكان أن عملوا بطرق ملتوية وتجنيد بعض آليات الصحافة- ورقية وإلكترونية- وتكوين بعض الجماعات الوهمية المختفية تحت أسماء كنسية مختلقة، على تعويق سعيه للخروج بالكنيسة من نفق امتد بفعل هؤلاء طويلاً.
من هنا كانت دعوتنا للكنيسة، مع قدوم البابا تواضروس، إلى الانتقال من نسق الفرد إلى المؤسسة، في الإطار الإداري، حتى تتسق مع تكوينها بحسب الإنجيل والآباء، وحتى تستطيع مع تحديات الثورة المعلوماتية والمعرفية وقفزات تقنيات وآليات الاتصالات أن تصل برسالتها إلى مستحقيها من أجيال جديدة لم تعد تحت سيطرة المجتمع الأبوي التقليدي، وقد ألقى بهم في خضم تيارات الإلحاد والفوضى والبحث عن الذات.
ربما تفرض علينا قراءة الواقع الكنسي أن نطرح على الكنيسة، مجمع الأساقفة والبابا، سؤالاً محدداً أو للدقة عدة أسئلة عن مهمة ودور اثنين من الأساقفة الأكثر تفاعلاً مع الميديا بتنويعاتها بشكل مباشر أو بفعل موقعيهما، وهما الأسقف العام الأنبا أرميا، وأسقف طنطا الأنبا بولا؛ هل صحيح أنهما مكلفان بإدارة علاقة الكنيسة بالدولة والأجهزة والمؤسسات المختلفة؟ وإن كان هذا صحيحاً- ولا أظنه كذلك- فما هي الجهة أو الجهات التي كلفتهما؟ وهل يحسبان المسئولين السياسيين في إدارة المشهدين الانتخابي والسياسي، في توزيع أدوار متفق عليها لدرء الشبهات عن الكنيسة؟ وهل كلفا أو تطوعا بدعم تيار بعينه؟ وهل يتحركان وفقاً لرؤية الكنيسة أم يغردان خارج السرب؟
حقيقة توجيه الكنيسة
وإذا كنا نقر بأن بعض الظن إثم فليس كله كذلك إذ تبقى لنا مساحة تسمح بطرح تساؤلاتنا إذا كنا جادين في سعي تنقية المشهد الكنسي عند قمته من شبهة تعاطي السياسة، حتى تتفرغ لمسئوليتها الجسيمة التي ستعطي عنها حساباً بحسب طقس رسامة الأسقف الذي تقول الكنيسة له فيه: «ارعَ رعية الله التي أقامك الروح القدس عليها ومن يديك يطلب دمها»، وحتى تقدم الكنيسة شهادة إبراء ذمة أمام المجتمع والوطن بأنها كانت أمينة في تطبيق مبدأ «لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين».

مواءمات

الباحث أشرف فتحي دافع عن تدخل الكنيسة قائلا: ممكن أن لا تكون سياسة فلنقل مثلا مثلا مواءمات ..
الانتخابات صعبة والأحزاب الدينية ما زالت مسيطرة على الشارع.. أعرف أنك تطالب بديمقراطية الاختيار وهو مطلب حق وصحيح ولكنه يتطلب أن يكون على الجميع بكافة التيارات .
ما أريد قوله إن المرحلة والظروف تتطلب قبول فقه المواءمات لأجل الصالح العام.. وأرجو أن يكون ردي هذا مقتربًا إلى الصواب..

نفي

هناك بعض الأقباط المرشحين في الانتخابات هم الذين يحاولون كسب أصوات الأقباط بادعاء أن الكنيسة معهم من ذلك ما حدث في مركزي مغاغة والعدوة بالمنيا، واضطر المطرانية لإصدار بيان على لسان وكيلها القمص أغاثون طلعت جاء فيه: 
نما إلى علم المطرانية أنه في بعض الأماكن بمركزي مغاغة والعدوة يتم توزيع أوراق بأسماء بعض المرشحين على أنها صادرة من الكنيسة، وهذا ادعاء كاذب لا صحة له على الإطلاق، ولا نعلم مصدر هذه الأوراق وهذا للتوضيح.
بينما أكد القمص صرابامون الشايب وكيل دير القديسين بالطود على أن عمل الكنيسة بالسياسية أمر غير مُجْدٍ وغير مطلوب، وأعلن باسم الدير أنه لن يستقبل مرشحين؛ لأن هذا ليس عملًا يدخل في مهام الدير.

قنوات سياسية

قنوات سياسية
بينما أكد قبطي رفض ذكر اسمه أن الأنبا آرميا يعمل بشكل واضح في السياسية وأن القناة التي يديرها وتسمى مي سات أو مارمرقس هي قناة إخبارية سياسية، واستضافت مرشحين في الانتخابات، رغم أنها تحمل شعار الكنيسة التي في بيتك، وأن هذا الأسقف كان له نشاط واضح مع الإخوان. وأضاف المتحدث أن كلمة الأنبا بولا التي قال فيها: إن السلفيين فصيل وطني استغلت أسوأ استغلال ويتحجج بها الأقباط الذين دخلوا قوائم حزب النور فياليت يبتعد رجال الدين عن السياسية ويتفرغوا للعبادة. 

شارك