التنسيق الروسي الأمريكي في سوريا بين رفض واشنطن وممانعة موسكو

الثلاثاء 20/أكتوبر/2015 - 11:16 ص
طباعة التنسيق الروسي الأمريكي
 
 لا زالت الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا تحاولان إخفاء العداء التاريخي بينهما تحت غطاء محاربة كلتيهما للإرهاب في سوريا تحت عنوان عريض وهو "داعش"، وفي بعض الأحيان يحتاج كلا الطرفين للتنسيق فيما بينهما من أجل تمرير مصالحهما التي تكون في معظمها على حساب الشعب السوري. 
آخر أوجه التنسيق بين العدوين ما أعلنت عنها الولايات المتحدة من أنها توصلت إلى وثيقة اتفاق مع روسيا لتنظيم حركة الطائرات الحربية الأمريكية والروسية فوق سوريا ولكن هذه الوثيقة "لا ترقى إلى تعاون استراتيجي".
وأوضح جوش إرنست المتحدث باسم البيت الأبيض أن هذه الوثيقة جاءت "لضمان تنظيم حركة الطائرات، وأن يتحدث الطيارون اللغة الإنجليزية خلال تحليقهم فوق الأجواء السورية؛ كي نتجنب الحوادث، وأن هذه الوثيقة التي جاءت بعد ثلاث جولات من المباحثات العسكرية بين البلدين "لا ترتقي إلى مستوى أي نوع من التعاون الاستراتيجي على الإطلاق".
التنسيق الروسي الأمريكي
وكشف جيف ديفيس المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون بأن بروتوكول اتفاق قد يوقع اعتبارًا من الثلاثاء 20-10-2015م وأصبحنا قريبين جدًّا، لدينا وثيقة شبه جاهزة لتوقيعها وأن التدابير المقررة بين واشنطن وموسكو ليست جزءًا من اتفاق أوسع حول الطريقة التي يتدخل وفقها البلدان في سوريا كما تعلمون، إننا نعارض بشكل أساسي كل ما تفعله روسيا في سوريا بكل بساطة، ونبحث عن اتفاق للتركيز على المشاكل الأمنية في المجال الجوي السوري.
التنسيق الروسي الأمريكي
 التنسيق مع روسيا سبق أن نفاه الرئيس الأمريكي باراك أوباما قائلا: إنه لا يوجد تقارب بين بلاده وروسيا بشأن سوريا، وإن موسكو لن تستطيع الوصول إلى حل سلمي بضرب القنابل أن نقطة التفاهم الوحيدة التي تجمع بين واشنطن وموسكو هي منع تصادم بين الطائرات التابعة للبلدين أثناء قيامها بعمليات عسكرية داخل سوريا، وإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعتقد أنه إذا واصل القيام بما كان يقوم به طوال الأعوام الخمسة الماضية من دعم لنظام بشار الأسد فإن المشكلة ستحل، وإن ذلك ما ظلت تفعله أيضًا إيران، "لكن نهج البلدين لم ولن ينجح". وأن بلاده تؤمن بأن الحل في سوريا يكمن في التوصل إلى حل سياسي وحكومة شرعية شاملة؛ ولذلك يجب أن يتوقف الروس عن تلغيم طريق الحل السلمي داخل سوريا.
 الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رد على الرئيس الأمريكي بقوله: إن موقف واشنطن غير بناء، وإن مصدر "ضعف الموقف الأمريكي" هو عدم وجود خطة حول سوريا، وإنه ليس هناك أي شيء لبحثه مع الأمريكيين أنه لا يفهم كيف يمكن لشركائنا الأمريكيين انتقاد حملة مكافحة الإرهاب الروسية في سوريا ورفض الحوار المباشر حول مسائل مهمة مثل التسوية السياسية للنزاع.
التنسيق الروسي الأمريكي
 وما بين ممانعة واشنطن والرفض الروسي تبقى آفاق التنسيق قائمة وهو ما حدث بالفعل في مجال الطلعات الجوية وحدود التقارب والتباعد، ففي الوقت الذي أبدت موسكو استياءها من إعلان البيت الأبيض رفضه استقبال وفد حكومي روسي رفيع المستوى لبحث تنسيق العمليات العسكرية في سوريا، تؤكد أيضًا مرارًا أنها تنسق عملياتها العسكرية في سوريا مع قوات التحالف وخصوصًا الجانب الأمريكي وهو ما فسر من الإعلام الروسي بأن الخلافات بين واشنطن وموسكو حيال سوريا "هامشية"، وإن الطرفين متفقان على البنود الرئيسية المتعلقة بعملياتهما الجوية في سوريا، حيث تشن كل من روسيا والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة غارات على مواقع تنظيم داعش وثمة حاجة للتنسيق لتفادي حدوث مصادمات بين الطائرات المقاتلة من الطرفين في الأجواء السورية.
التنسيق الروسي الأمريكي
 وقال روستسلاف إيشينكو رئيس "مركز التحليل واستقراء المستقبل": إن رد فعل واشنطن بهذه الطريقة “ينافي قواعد السلوك الدبلوماسي، ويدلّ على أن الإدارة الأمريكية تمر بحالة من الارتباك والتخبط، فواشنطن متخوفة من تعاظم الدور الروسي في منطقة الشرق الأوسط أن موسكو عرقلت خطط واشنطن في أوكرانيا والقرم، وها هي اليوم تتدخل في سوريا عسكريا؛ مما يعني أن تأثير واشنطن في الشرق الأوسط أخذ يتراجع، وأن علاقة روسيا بالولايات المتحدة "تمرّ بأسوأ مراحلها على الإطلاق منذ نهاية الحرب الباردة، وبالرغم من ذلك تبقى هناك ضرورات للإبقاء على الاتصالات وهذا يخدم الطرفين، ولولا ذلك لكان الخيار الوحيد المتبقي هو الصدام".
التنسيق الروسي الأمريكي
ويرى قسطنطين ماكسيموف المحلل السياسي أن الولايات المتحدة "تدرك أن تصرفها بهذه الطريقة لن يثني روسيا عن خططها في سوريا، ودعمها للنظام السوري وتنفيذ رؤيتها في مكافحة الإرهاب أن روسيا لن تغير موقفها حتى إذا حدث تعارض في المصالح مع أطراف أخرى، وهذا بمثابة رد روسيا العملي على التصرفات غير اللائقة، وأن رفض واشنطن استقبال الوفد الحكومي الروسي يكشف زيف الادعاءات الأمريكية واستعدادها للتعاون والتنسيق في مكافحة الإرهاب، وأن روسيا فعلت ما يتوجب عليها فعله، وفي حال وقوع أية حوادث فإن المسئولية ستقع على عاتق الولايات المتحدة، والتصرف بهذه الطريقة يسيء لها بالدرجة الأولى".
 مما سبق نستطيع أن نؤكد أن الروس والأمريكيين متفقان على التنسيق ولكن مختلفان حول الأسلوب والطريقة، والمصالح في النهاية هي القادرة على تمرير أي خلاف، حتى ولو كان على حساب دماء الشعب السوري. 

شارك