برلمان طبرق.. بين الضغوط الأوروبية والمطالب الليبية

الأربعاء 21/أكتوبر/2015 - 12:29 م
طباعة برلمان طبرق.. بين
 
عقب القرار الذي اتخذه البرلمان الليبي، المعترف به دوليًا، والمقيم في طبرق، والذي أعلن فيه رفضه للمسودة المقترحة من البعثة الأممية بقيادة برناردينو ليون، تجاهل الاتحاد الأوروبي تمامًا قرار البرلمان.
برلمان طبرق.. بين
وكانت المسودة الأخيرة التي طرحها ليون في 9 أكتوبر الجاري، ضمت عددًا من الأشخاص لحكومة الوفاق الوطني، والتي جاءت على غير رغبة البرلمان الليبي فيما عدا الشخصية التي تم اختيارها لرئاسة الحكومة فايز سراج، فيما كانت بعض الأسماء غير مرضية للبرلمان، حيث اعتبرها الأخير إرضاءً للمؤتمر الوطني المنتهية ولايته المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، وأن ليون ينفذ أجندة خارجية لصالح دول بعينها؛ لذلك قرر الخُطى على تعليمات خارجية.
وفي تجاهل واضح من الاتحاد الأوروبي، لموقف البرلمان، بدأ يتعامل على أن التشكيل الجديد قد تم، وعلى أساس أن هذه الحكومة قائمة وفي نفس الوقت يفترض أنها ستكون عاجزة عن تنفيذ ما جاء في الاتفاق السياسي الموقع يوم 9 أكتوبر بالصخيرات المغربية.
وفي خطوة لافتة منه قاصدًا بها البرلمان الليبي، والذي رفض المسودة، لوح الاتحاد بفرض عقوبات على الأشخاص الذين يعرقلون عملية السلام في ليبيا، حتى وإن كانت أطراف النزاع المختلفة قد رفضت الاعتراف بحكومة ليون بما في ذلك جماعة المؤتمر المنتهية ولايته التي سعى المبعوث الأممي لإرضائها.
ويسعي الاتحاد الأوروبي إلى إبعاد شخصيات بعينها عن المشهد السياسي، مثل اللواء خليفة حفتر، الذي يقود القوات المسلحة الليبية في مواجهة الإرهاب، كما أن ليون نفسه ذكر أنه لن يتم المساس بمسودة الاتفاق السياسي أو تعديلها.
وجاء في وثيقة للاتحاد الأوروبي أن الاتحاد يدرس مقترحات لمساعدة ليبيا في تعزيز أمن حدودها ونزع سلاح الفصائل المسلحة إذا تم تشكيل حكومة وحدة وطنية في هذا البلد الذي تعصف به الحرب.
الوثيقة التي أعدها موظفون يعملون مع منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيدريكا موجيريني أرسلت إلى العواصم الأوروبية، وهو نفس اليوم الذي رفض فيه برلمان ليبيا المعترف به دوليًّا خطة للأمم المتحدة لتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وناقش دبلوماسيو الاتحاد الأوروبي الوثيقة في اجتماع عقد في بروكسل أمس الثلاثاء استعدادًا لإجراء مناقشة بشأن هذه المسألة في الاجتماع الدوري القادم لوزراء خارجية الاتحاد المقرر عقده في 16 من نوفمبر المقبل.
برلمان طبرق.. بين
وتعرض الوثيقة ستة بدائل مقترحة لتقوية الأوضاع الأمنية في ليبيا تتراوح من اتخاذ إجراءات محتملة "بصرف النظر عن الوضع السياسي" في هذا البلد وإجراءات أخرى ستتطلب بدلًا من ذلك موافقة السلطات الليبية حالما يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وكل إجراءات الاتحاد الأوروبي سيتم اتخاذها بالاتفاق مع بعثة مساندة الأمم المتحدة في ليبيا وبحيث تكون مكملة لعمليات البعثة.
وتقول الوثيقة إنه إذا اتفقت الفصائل الليبية على حكومة وحدة وطنية فإن الاتحاد الأوروبي سيبدأ مباحثات تفصيلية مع الليبيين خلال 90 يوما بشأن بعثة عسكرية أو مدنية تتركز أعمالها على "التسريح ونزع السلاح وإعادة الدمج" للفصائل الليبية المسلحة في المجتمع.
وعقب التوصل إلى اتفاق قد يرسل الاتحاد الأوروبي مدنيين لمراقبة الهدنة بين الفصائل على الأرض، وقد يستخدم أيضًا موظفين محليين يدربهم ضباط أوروبيون.
وتقول الوثيقة إنه إذا صمد اتفاق السلام فسيصبح تحرك الاتحاد الأوروبي "في نطاق ضيق ويقتصر على مساندة وحدة للوساطة وتقديم المراقبة الجوية وربما تقديم مراقبين مدنيين"، وتضيف أنه سيجري دراسة عمل عسكري إذا ثبت أن اتفاقات الهدنة غير فعالة.
وتشير الوثيقة إلى أن حماية مرافق البنية الاستراتيجية الليبية مثل المنشآت النفطية والمباني الحكومية من البدائل المقترحة على الأمد المتوسط إلى الطويل.  
وحتى إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سياسي في ليبيا فإن الاتحاد الأوروبي يعتزم تكثيف جهوده لحماية حدود ليبيا التي أصبحت مفترق طرق للمهاجرين الأفارقة في طريقهم إلى أوروبا والجماعات الإسلامية المتشددة التي تنفذ هجمات في المنطقة.
وتقول الوثيقة: إن الاتحاد الأوروبي يريد إحياء بعثته للمساعدة الحدودية التي تعمل في الوقت الحالي في أضيق الحدود وينقضي تفويضها في نوفمبر. ويعتزم الاتحاد أيضًا إعداد مبادرة أوسع لأمن الحدود في المنطقة تشمل تونس والنيجر.
وأحد البدائل المقترحة هو توسيع نطاق البعثة العسكرية البحرية في البحر المتوسط المنشورة بالفعل في المياه الدولية لتشمل المياه الليبية.
وقال مسئول في الاتحاد الأوروبي لوكالة رويترز: إن دول الاتحاد سيتعين أن توافق على هذه المقترحات. ومن الأفكار المعروضة فرض عقوبات فردية على الليبيين للضغط على "مفسدي" عملية السلام لكن في الوقت الحالي ليست الأولوية لهذا الإجراء.
وتقول الوثيقة: إن الخطة تصاحبها حزمة مساعدات بقيمة 100 مليون يورو ستصرف على الفور عقب التوصل إلى اتفاق مع وعد بزيادة المساعدات زيادة كبيرة إذا تحسنت الظروف الأمنية في البلاد وسمحت بعودة العمال الدوليين.
برلمان طبرق.. بين
مراقبون يرون أن الوثيقة تكشف عن رغبة أوروبية في جعل ليبيا الجديدة تحت وصاية الاتحاد الأوروبي سواء ما تعلق بالأمن الداخلي وإجبار الفرقاء على دعم عملية السلام كما يراها الأوروبيون، وكذلك بالتصرف بحرية تامة في المياه الإقليمية الليبية.
وتعتبر هذه الضغوط التي تتوالى على البرلمان المعترف به دوليًّا للقبول بالصيغة الأوروبية، أو بأي صيغة أخرى حتى وإن كانت منقوصة لإنجاز خطوة تشكيل حكومة الوفاق الوطني كشرط أساسي لمساعدة ليبيا ضد الإرهاب.
كانت وزارة الخارجية الإيطالية أصدرت بيانًا حول إعلان جماعي وقع عليه وزراء خارجية قطر وتركيا والمغرب والجزائر وتونس والإمارات العربية وبريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإسبانيا والاتحاد الأوروبي، لحث الليبيين على التوقيع قبل يوم 20 أكتوبر الجاري.
ويصر الإخوان على سيطرتهم على العديد من التنظيمات المسلحة التي تعمل إلى جانب عناصر داعش والقاعدة، فالكثير من أمراء الحرب في ليبيا يدينون بالولاء للإخوان أصلا وبالتالي، من الصعب أن يتوصل الأوروبيون إلى حلول وتسويات في المواعيد التي يطرحها ويحددها ليون مع الشروط والضغوط الأوروبية والقطرية والتركية، وفق ما يرى محللون.

شارك