هل يُشكل انسحاب كندا بداية لـ"تفكيك" التحالف الدولي ضد "داعش"؟

الأربعاء 21/أكتوبر/2015 - 04:50 م
طباعة هل يُشكل انسحاب كندا
 
بعد مرور ما يقارب العام ونصف العام على حملات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضد تنظيم الدولة "داعش " في العراق والشام يثور الجدل مجددًا حول فائدة ومصداقية هذا التحالف الدولي ضد داعش، خاصة وأن التنظيم يواصل تمدده في العراق وسوريا، وأصبحت ضرباته لا تؤثر في قدرات التنظيم، وهو ما كشفه التدخل الروسي مؤخرًا لصالح النظام السوري، وهو الأمر الذي قد يؤشر إلى انهيار هذا التحالف.
رئيس الوزراء الكندي
رئيس الوزراء الكندي المنتخب جاستن
 العديد من المؤشرات والإخفاقات للتحالف دفعت رئيس الوزراء الكندي المنتخب جاستن ترودو إلى إبلاغ الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن حكومته المقبلة ستوقف الضربات الجوية في العراق وسوريا ضد داعش، وأن الرئيس الأمريكي يتفهم الالتزامات التي اتخذت خلال الحملة الانتخابية؛ حيث تعهد حزبه بوضع حد للمساهمة الكندية في الحملة الجوية ضد تنظيم الدولة، وسحب الطائرات الكندية المشاركة في التحالف الدولي ولكن أوتاوا ستبقى "عضوًا من الدرجة الأولى" في هذا التحالف بقيادة الولايات المتحدة.
وزارة البيشمركة في حكومة إقليم كوردستان، اعتبرت أن قرار كندا بالانسحاب من التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" "خسارة"؛ لأن دورها في التحالف كان بارزًا وقدمت مساعدات عسكرية كبيرة لإقليم كردستان، وشدد الفريق جبار ياور الأمين العام لوزارة البيشمركة على أن قرار كندا الانسحاب من التحالف الدولي ضد تنظيم داعش كان خبرًا غير مفرح؛ لأن "كندا بلد نشيط في التحالف الدولي، وساعدتنا كثيرًا، وكان لها دور جيد في تدريب قوات البيشمركة بالإضافة إلى أن هناك 70 مستشارًا عسكريًّا كنديًّا في إقليم كردستان حاليًا، وهم يقومون بتقديم المشورة والتدريبات لقوات البيشمركة، وأنها ساعدتنا في مجال إرسال الأجهزة والمعدات العسكرية على وجه الخصوص، وكان لها دور جيد في تدريب قوات البيشمركة.
هل يُشكل انسحاب كندا
انسحاب كندا لم يكن مفاجأة، فقد سبق وأعربت عن نيتها في الانسحاب من التحالف، وناشدها البيت الأبيض في أن تواصل الحكومة الكندية الجديدة دعم جهود التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لقتال تنظيم داعش، لكن المفأجاة كانت في انسحاب دولة الإمارات العربية المتحدة منه في فبراير 2015م؛ حيث كان القرار مفاجئًا بالنسبة للرأي العام الدولي، خاصة وأن هذا البلد العربي كان الداعم الأول للطيران الأمريكي في غاراته على التنظيم في سوريا والعراق.
وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" وقتها عن أن سبب انسحاب الإمارات كان مباشرة بعد الإعلان عن اختطاف الطيار الأردني معاذ الكساسبة الذي قتل حرقًا على أيدي هذا التنظيم الإرهابي، وأن الإمارات العربية طالبت البنتاجون الأمريكي بتعزيز جهود البحث والإنقاذ باستخدام مروحيات "في-22 أوسبري" الحربية في شمال العراق قرب مواقع العمليات، وأن الإمارات علقت مشاركتها في التحالف بسبب قلقها حيال سلامة طياريها بعد خطف الطيار الأردني معاذ الكساسبة، وحاولت الولايات المتحدة وقتها الحفاظ على ماء وجهها على لسان المتحدث باسم البيت الأبيض، جون آرنست قائلة: إن التنظيم خطف الطيار في ظرف دقائق معدودة بعد سقوط طائرته فيما لم تتمكن فرق البحث والإنقاذ من الوصول إليه، وأن الخطوة الإماراتية، لا تعني التزام الإمارات ودول عربية أخرى في المنطقة بدعم التحالف.
الطيار الأردني معاذ
الطيار الأردني معاذ الكساسبة
الإمارات لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة؛ حيث إن هناك دولًا بالفعل أعضاء بالتحالف تواجه ضغوطًا داخلية بالانسحاب، على رأسها الأردن التي طالبت فيها 6 أحزاب في المعارضة الأردنية حكومة بلادها بالانسحاب من التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش"؛ لأن "هذا التحالف يسعى لرسم خرائط جديدة في المنطقة ولا يوجد أي مصلحة للأردن بالاشتراك به، وأن حماية واستقلال وسيادة البلاد تأتي بالابتعاد عن سياسة المحاور والأحلاف، وأن التصدي للإرهاب يتطلب التزامًا رسميًا واضحًا بمتطلبات الديمقراطية والإصلاح السياسي والداخلي، وحل مشكلات الفقر والبطالة والتنمية، ومكافحة الفساد وتبديد المال العام، وتقوية الجبهة الداخلية على أساس المشاركة الشعبية، وإصلاح القوانين الناظمة للحياة السياسية والاقتصادية، وأن هناك خطورة في الوضع القائم الذي يستهدف إعادة هيكلة المنطقة العربية على أسس دينية وطائفيه وعرقية؛ ما يحتم ضرورة التصدي لهذه المخاطر التي تهدد الكيانات الوطنية.
هل يُشكل انسحاب كندا
 وفي أوروبا هناك اتجاه قوي من السلطات البلجيكية إلى سحب طائراتها الـ 6 من طراز إف16 وفريق صيانة وأمن مكون من 120 عسكرياً حيث تتمركز الطائرات، في قاعدة الأزرق في الأردن، المشاركة في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش؛ حيث ينتهي التفويض الرسمي للبعثة البلجيكية، وهو ما أكد عليه ديديه ريندرز وزير الخارجية البلجيكي، قائلا: إن "الأمر يتعلق بتخفيض النفقات، ولكننا نتفاوض مع هولندا للقيام بدورنا وتعويض عملنا مؤقتاً ضمن التحالف الدولي". وإن بلاده قد تعود لاحقاً للانضمام إلى التحالف، بإمكانيات مخفضة، عام 2016؛ لأن محاربة داعش قد تستغرق سنوات؛ ولذلك على الدول الإقليمية المشاركة بشكل أكثر فاعلية في التصدي لهذا التنظيم.
هل يُشكل انسحاب كندا
ليس هذا فحسب فهناك العديد من الأوساط العسكرية والسياسية في بعض الدول المنخرطة في التحالف تناقش انسحابها، منها المغرب ولم يتم الإعلان عنه بشكل رسمي، مثلما لم يتم الإعلان من قبل عن مشاركة الرباط في ضربات التحالف، وهذا ما يؤكد لنا على أنه بالرغم من أن هذه الدول لم تكن مؤثرة في التحالف الدولي ضد داعش بشكل عام إذا قمنا باستثناء الإمارات بالطبع، فإن هذه الانسحابات تعد مؤشرات قوية على أن التحالف الذي تقوده الولايات ربما يكون في طريقه إلى التفكيك ولو في المستقبل القريب.  

شارك