موافقة تيار "همام سعيد" على مبادرة حكماء الجماعة.. هل تُنقذ المستقبل السياسي للإخوان في الأردن؟
السبت 24/أكتوبر/2015 - 03:47 م
طباعة
مع استمرار الخلافات داخل جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، تسعى قيادات الجماعة من أجل التصالح والتوفيق فيما بينهم من أجل ترميم البيت الإخواني والاستعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة.
فالخلافات داخل الإخوان في الأردن ما زالت سيدة المشهد، وسط صراع بين حركة «زمزم» التي «تداعب» بدورها خلف الستارة ما يسمى بجناح «الحكماء»، وجناح المراقب العام "همام سعيد".
مبادرة جديدة
وتم طرح مبادرة جديدة في 9 سبتمبر الماضي؛ من أجل لم شمل الإخوان، وتقوم المبادرة على أساس حل المكتب التنفيذي الحالي للجماعة مع الإبقاء على منصب المراقب العام، والتوافق على مكتب جديد يقود مرحلة انتقالية بقيادة المراقب العام للجماعة همام سعيد.
وتضمّنت المبادرة التي أطلقها مجموعة "الحكماء" جاءت تحت عنوان ‹الشراكة والإنقاذ›، المطالبة بحل القيادة الحالية خلال شهرين من تاريخ إرسال نص المبادرة، وإلّا فإنها ستشكل إطاراً تنظيمياً جديداً للخروج من الأزمة وإجراء إصلاحات فورية في قيادتي الجماعة والحزب، وفق ما جاء في نص المبادرة. ودعت ‹الشراكة والإنقاذ› إلى إعادة تشكيل الهيئات القيادية التنفيذية الأولى في الجماعة والحزب، على أسس الشراكة الحقيقية في تحمل المسئولية ومواجهة التحديات، وأن "تعتمد على الكفاءة والقدرة على حمل أهداف الجماعة ومشروعها من قبل أشخاص معروفين بروح التوافق"، وذلك لفترة انتقالية مدّتها عام، يصار فيها إلى توحيد الجهود في مواجهة المرحلة وتهيئة الظروف والمناخات الملائمة لإجراء الانتخابات في الجماعة والحزب، بما يضمن العمل على إجراء التعديلات الضرورية. وحملت المبادرة توقيع 30 شخصية إسلامية من القيادات السابقة والحالية في الجماعة، منهم عبداللطيف عربيات، حسان الذنيبات، حمزة منصور، سالم الفلاحات، جميل أبو بكر، أحمد الكفاوين، خالد حسنين، فرج شلهوب، حكمت الرواشدة، غازي العواودة، عدنان حسونة، مصطفى نصرالله، زكي البشايرة، عبدالله فرج الله، أحمد المحارمة، علي حسين مرعي، سليمان محمد القاضي، فوزي الحوامدة، محمد الرجوب، محمد حسن البزور، غيث المعاني، فارس شبيب، ذياب أبو صيني، محمد حسان، كاظم عايش، عبدالحميد القضاة، وذياب عقل.
غير أن اللافت في قائمة الأسماء الموقعة- بحسب القيادي الإخواني- هو توقيع بعض الشخصيات التي لا تنتمي إلى جماعة "الإخوان المسلمين"، مثل محمد حسن البزور وغيث المعاني.
ويفسر مراقب أجواء المبادرات بأنها تستهدف الوصول إلى طريق مغلق، بحيث يسعى أصحابها إلى تأسيس حزب سياسي جديد، وتأتي هذه المبادرات لإحراج الجماعة وإقناع مؤيديها بأن القائمين على الجماعة لا يرغبون بالإصلاح.
وأنذرت مجموعة الحكماء في جماعة الإخوان المسلمين القيادة غير الشرعية التي يقودها همام سعيد بضرورة حل قيادته وقيادة حزب جبهة العمل الإسلامي. وطالبت مجموعة الحكماء داخل الجماعة، بحل القيادة غير الشرعية قُبيل السابع من نوفمبر المقبل، وإلا ستشكل «إطارًا تنظيميًّا جديدًا»، للخروج من الأزمة التي تسببت بها قيادات التأزيم.
ويطلق وصف الحكماء على قيادات تاريخية في الجماعة تحاول النأي بنفسها عن الخلاف الذي انتهى بانفصال تيار من الجماعة بقيادة المراقب العام الأسبق عبد المجيد ذنيبات وبين القيادة الحالية للجماعة التي يقودها ما يعرف بتيار "الصقور" بقيادة المراقب العام الحالي للجماعة همام سعيد.
ووفقًا للوائح الداخلية للجماعة فستنتهي ولاية القيادة الحالية في أبريل 2016؛ حيث سيتم تنظيم انتخابات جديدة، بينما يصر الحكماء على وجوب تعديل المشهد في دفة القيادة قبل الانتخابات والدخول إليها بروح توافقية تجمع جميع أبناء الجماعة.
مجموعة "همام"
وفي إطار الاستسلام للأمر، في ظل ضغوط مجموعة الحكماء، وافق مجلس شورى جماعة الإخوان بقيادة المراقب العام همام سعيد، على إعادة تشكيل المكتب التنفيذي للجماعة، وذلك انسجامًا مع المبادرة التي تقدمت بها مجموعة من القيادات والشخصيات الإسلامية بهدف طي ملف الخلاف في صفوف الجماعة.
وقال مصدر قيادي لـ» الدستور» الأردنية، إنه تمت الموافقة على إعادة تشكيل المكتب التنفيذي للجماعة إلا «أننا ننتظر رد أصحاب المبادرة على موافقتنا على إعادة التشكيل والأسماء المقترحة للمشاركة في المكتب التنفيذي». وأضاف أنه تم مخاطبة أصحاب المبادرة بالموافقة إلا أنه لم يأت أي رد، لافتا إلى أنه لم يبق من عمر المكتب التنفيذي سوى 7 أشهر فقط. وتقوم المبادرة على أساس حل المكتب التنفيذي الحالي للجماعة مع الإبقاء على منصب المراقب العام، والتوافق على مكتب جديد يقود مرحلة انتقالية بقيادة المراقب العام للجماعة همام سعيد.
وأضاف مصدر أن المكتب التنفيذي أرسل رداً خطياً على المبادرة للشخصيات التي تقدّمت بها، موضحاً أن الرّد يتضمن الموافقة على حلّ المكتب التنفيذي، وإعادة تشكيل مكتب جديد بقيادة المراقب العام الحالي؛ لإدارة مرحلة انتقالية يتم التفاهم على تفاصيلها لاحقاً، مؤكدا أن المكتب التنفيذي ينتظر من أصحاب مبادرة "الشراكة والإنقاذ"، الرّد على رسالته الخطية، التي أكد فيها على موافقته عليها فيما يتعلق بالمكتب التنفيذي فقط.
حزب جبهة العمل الإسلامي
وحول مستقبل الذراع السياسي لجماعة حزب "جبهة العمل الإسلامي"، لفتت تقارير إعلامية، إلى أن الموافقة على البنود التي تتعلق بصلاحيات المكتب التنفيذي للجماعة فقط، وأن الحزب وتشكيلته القيادية خارج تلك التفاهمات، لافته إلى رفض تغيير قياداة الحزب؛ لأنه "كيان مستقل عن الجماعة مالياً وإدارياً".
ويعدّ "جبهة العمل الإسلامي" من أكبر أحزاب المعارضة الناشطة على الساحة الأردنية، وبعد منع حكومة البلاد للجماعة من ممارسة أنشطتها المختلفة، لجأت الأخيرة إلى الحزب في تنظيم فعالياتها، باعتبار أنه حزب مرخص يعمل في الأردن تحت مظلة وزارة التنمية السياسية.
وقال قيادي آخر في الجماعة: "إن مبادرة الشراكة والإنقاذ التي تقدّمت بها بعض الشخصيات الإخوانية، جاءت متأخرة، لكنها تهدف للسيطرة على الحزب استعداداً للانتخابات البرلمانية القادمة"، مضيفاً أن الجماعة تجاوزت المرحلة الحرجة التي كانت تستهدف شرعية وجودها في الأردن، وأن على تلك الشخصيات تغليب "مصلحة الجماعة"، على حد قوله.
وتستعد جماعة الإخوان للمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة خلال العام القادم، منهية بذلك مقاطعتها المطولة لمثل هذه الانتخابات في أوقات سابقة.
وذكر تقارير أردنية، عن قيادات داخل الجماعة باتخاذ المكتب التنفيذي للإخوان برئاسة همام سعيد، قراراً مبدئياً بالمشاركة، ولكن القرار النهائي سوف يتوقف على مجلس شورى الجماعة، موضحة أن المزاج العام لدى كوادر وقواعد هذه الجماعة يتجه نحو المشاركة في الانتخابات لأكثر من سبب، أولها: إلغاء قانون الصوت الواحد الذي كانت تعارضه الجماعة وتعترض عليه، وثانيها: ضعف الجماعة وتردي أوضاعها وتدهور مكانتها بعد سلسلة الهزات والانقسامات التي تعرضت لها مؤخراً على أيدي جمعية الإخوان التي يقودها عبد المجيد ذنيبات، وجماعة زمزم التي يقودها أرحيل غرايبة، خصوصاً وأن هاتين الجماعتين تتجهان سريعاً نحو تشكيل حزب ائتلافي مشترك باسم "حزب الأمة" استعداداً لمنافستها في الانتخابات المقبلة، في حال فشل التوافق.
جناح الحمائم
وكشف القيادي في تيار الحكماء سالم الفلاحات، أنهم قاموا بطرح مبادر جديدة بعد رفض المراقب العام للجماعة همام سعيد التنحي عن منصبه، كما طالبت المبادرة الأولى ما جعل الحكماء يلجئون لطرح مبادرة ثانية تنص على إدخال تغييرات على الصف القيادي للجماعة وحزب جبهة العمل الإسلامي باستثناء المراقب العام؛ حيث لا زالت المبادرة قيد الدراسة من قبل القيادة الحالية بحسب الفلاحات.
وأضاف الفلاحات أن المبادرة بمثابة الطرح النهائي للتيار لحل الأزمة وإنقاذ الجماعة التي باتت تعاني "من شبه سحب لاعتراف بوجودها عبر مصادرة الممتلكات ومنع إقامة أي فعاليات تابعة لها"، وبين أنه في حال لم تلق المبادرة صدى إيجابيًّا فإنهم سيلجئون إلى البحث عن تشكيل جديد لممارسة نشاطهم الوطني والسياسي من خلاله؛ حيث إن "الجماعة وسيلة لإيصال الدعوة وليست غاية".
وجاء ذلك مع وجود حوارات داخلية مكثفة من قبل "جماعة همام" بهدف تعزيز تماسكها وتوحيد صفوفها، والتواصل مع تيار الحمائم الذي أطلق على نفسه لقب "حكماء الجماعة"، وسبق أن اقترح إبعاد همام سعيد عن موقع المراقب العام، واستبداله بعبد اللطيف عربيات، كمدخل لإنهاء الانقسام الذي قاده ذنيبات قبل بضعة أشهر.
فتيار الحمائم الذي يضم إلى جانب عربيات كلاً من حمزة منصور وسالم الفلاحات وحسان ذنيبات واحمد كفاوين، قد عدل عن المطالبة باستقالة همام، ولكنه اشترط – للانخراط مجدداً في نشاطات الجماعة – حل المكتب التنفيذي لفترة انتقالية مدتها سنة واحدة على الأقل، ثم إجراء انتخابات تنظيمية جديدة بعد أن يكون قد تم التفاهم على مروحة من القوانين والأنظمة الداخلية المتطورة، وهو ما تضمنته مبادرة بعنوان "الشراكة والإنقاذ"، والتي وافق عليها تيار "همام".
المشهد الإخواني
موافقة تيار الصقور برئاسة المراقب العام لجماعة في الأردن، على مبادرة الحكماء مع وجود تحفظات، تشير إلى تراجع التيار خطوة إلى الوراء؛ من أجل إنقاذ المستقبل السياسي للجماعة مع اقتراب انتخابات مجلس النواب الأردني، وهو يعتبر مقياسًا قويًّا لشعبية الجماعة في الشارع الأردني، فهل ستنجح مبادرة "حكماء الإخوان" في إنقاذ المستقبل السياسي للجماعة في الأردن؟