حكومة الوفاق الوطني.. "سُلم" الجماعات الإرهابية لمزيد من العنف في ليبيا

السبت 24/أكتوبر/2015 - 04:32 م
طباعة حكومة الوفاق الوطني..
 
تتفاقم الأوضاع الدامية في ليبيا، رغم المؤشرات التي تؤكد على بداية انفراجه للأزمة الليبية الحالية، فضلًا عن قيام البعثة الأممية بتشكيل حكومة الوفاق الوطني لدفع البلاد إلى الاستقرار.

حكومة الوفاق الوطني..
على الرغم من طرح الأسماء لحكومة الوفاق الوطني، إلا أن الأجواء لا تزال مشتعلة في جميع مناطق ليبيا، وكان آخرها مقتل 9 أشخاص وإصابة آخرين، إثر هجوم بقذائف هاون استهدف متظاهرين في ساحة الكيش وسط مدينة بنغازي شرقي ليبيا أمس الجمعة 23 أكتوبر 2015.
وتشهد مدينة بنغازي الليبية، تظاهرات منذ إعلان المبعوث الأممي لدى ليبيا ، برناردينو ليون، عن تشكيل حكومة الوفاق الوطني؛ الأمر الذي اعترض عليه معظم الليبيين.
وقد سقطت قذائف الهاون قرب مظاهرة في ساحة الكيش بمدينة بنغازي تحت شعار "جمعة الرد على ليون"، احتجاجًا على مقترح للأمم المتحدة لتشكيل حكومة وحدة لإنهاء الأزمة السياسية.
من جانب آخر شهد ميدان الشهداء، أمس الجمعة، في مدينة طبرق  خروج المئات من المواطنين و النشطاء والإعلاميين وبحضور  عدد من أعضاء مجلس النواب في مظاهرة، طالبت برفض مقترح ليون بشأن الحكومة.
 وحمل المشاركون في هذه المظاهرات لافتات تنادي بدعم ومساندة مجلس النواب، معلنةً رفضها التام للحكومة التي لا تضم أفرادًا من الأقاليم الثلاث، والتي ركزت على مدينة واحدة، مطالبين بدعم الجيش والقوات المسلحة حتى يتمكن من القضاء على التنظيمات الإرهابية.
كما شهدت مدن القبه والبيضاء والمرج خروج عدد غفير من المتظاهرين الذين دعوا في هتافاتهم الى رفض مقترحات المبعوث الأممي إلى ليبيا.
ويسعى ليون، لتشكيل حكومة وفاق وطني في ليبيا لإنهاء الانقسام والصراع في البلاد، ولكن على رضاء المؤتمر الوطني المنتهية ولايته والمحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، وفق ما رأى البرلمان المعترف به دوليًّا؛ حيث اتهم ليون بأنه يقوم بتنفيذ أجندة خارجية، لصالح عدد من الدول الأوروبية.
وفي الوقت الذي حذر ليون، من أن قادة ليبيا، الذين يعملون للحيلولة دون التوصل إلى اتفاق السلام وهو عنصر رئيسي لإنقاذ البلاد من تنظيم داعش، سوف يواجهون عقوبات دولية، وقع نحو 21 عضوًا من أعضاء مجلس النواب الليبي على بيان عبروا فيه عن رفضهم للتصريحات التي يدلي بها ليون بشأن فرض عقوبات على من سماهم بأنهم يعرقلون الحوار، في إشارة الى قرار رفض المجلس للحكومة والمقترحات التي تقدم بها.

حكومة الوفاق الوطني..
وأكد أعضاء مجلس النواب أن ما حدث في ساحة الكيش بمدينة بنغازي من قصف للمتظاهرين السلميين بالأسلحة الثقيلة، وعلى يد متطرفي داعش وأنصار الشريعة الإرهابيين والذين يصر العالم على انكار وجودهم- تجسيد لمصلحة هي بالتأكيد ليست مصلحة الشعب الليبي، معتبرين أن هذا العمل هو أكبر شاهد على السقوط الأخلاقي والانحدار في القيم الإنسانية ومبادئ السلام والوفاق التي يتغنى بها المجتمع الدولي. على حد تعبيرهم.
 ودعا أعضاء مجلس النواب الموقعين على البيان البعثة الأممية للكف عن هذا العبث الممنهج والمتمثل في التصريحات غير المسؤولة للسيد رئيس البعثة، بوصفه أن قلة هم من يعرقلون الحوار، ملوحًا باستخدام العقوبات كوسيلة لفرض مخرجاته.
وقالوا في بيانهم بهذا الخصوص: نحذره من تكرار التدخل السافر في الشأن الليبي وتقييم قرارات البرلمان من حيث القانونية من عدمها.. فهو ليس ولن يكون وصيًّا على الشعب الليبي بحال من الأحوال.
ومنذ أن أعلن المبعوث الأممي عن تشكيل حكومة وفاق وطني، يوم 9 أكتوبر الجاري، والأمور مشتعلة ما بين رفض البرلمان الليبي بمقترح ليون، وغموض موقف المؤتمر الوطني "الإخوان"، وقال ليون: إن بعض الشخصيات في معسكري طرابلس وطبرق تخرب الاتفاق، ولكن المجتمع الدولي قرر عدم السماح بهذا. 
وفي حال تواصل التخريب فسوف يتم فرض عقوبات، مضيفًا أن مجلس الأمن الدولي هدد بمثل هذه العقوبات الأسبوع الماضي، وأن الجميع يعلمون ما يعني هذا: حذر سفر وتجميد حسابات مصرفية وأشياء أخرى.
وفي جلسة استماع ماراثونية استمرت ثماني ساعات أمس، دافعت وزيرة الخارجية السابقة والمرشحة لانتخابات الرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون عن أدائها خلال الاعتداء على قنصلية بلادها في مدينة بنغازي الليبية في ١١ سبتمبر ٢٠١٢، حين قتل أربعة أمريكيين بينهم السفير كريستوفر ستيفنز.
وأكدت أنها تتحمل كل المسئولية، وأن التدخل في ليبيا كان قراراً صائباً، إذ يجب أن تقود الولايات المتحدة الساحة الدولية، وليس أن تنسحب منها.
واستحضرت الوزيرة السابقة مرتين اعتداء حزب الله على السفارة الأمريكية وقوات مشاة البحرية لأمريكية مارينز في بيروت عام ١٩٨٣ في عهد إدارة الرئيس الجمهوري الراحل رونالد ريغان، مثالاً على خطورة المهمات الأميركية في الخارج
ودافعت بقوة عن التدخل ضد نظام الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، الذي حمل دماء أمريكيين بهدف منعه من ارتكاب مجزرة ضد شعبه. 
حكومة الوفاق الوطني..
ومن أبرز العوائق أمام تشكيل حكومة الوحدة، الخلافات بخصوص إدارة المؤسسات الأساسية للدولة، وتحقيق وقف إطلاق النار، وتشكيل جيش وطني.
بدأت الخلافات مع التوقيع على وثيقة "الاتفاق السياسي الليبي" في يوليو الماضي؛ حيث أعلنت حكومة طرابلس "الإخوان" مقاطعتها للاتفاق، بينما وقع عليه رؤساء بلديات طرابلس، وبنغازي، ومصراته.
يقول المحلل الليبي، أحمد الفقيه، في إحدى مقالاته، إنه لم يكن غريبًا على مثل هذه الاتفاق أن يلقى احتجاجًا من إحدى المدن؛ لأن أهلها نظروا إليه نظرة جهوية، لا تغلب النظرة الوطنية، ولكنّ هناك حراكًا سياسيًّا وطنيًّا كان حاضرًا في هذه المفاوضات، يستطيع شرح هذه المخرجات لأهل البلاد، بل يمكن أن يتولى اقتراح إضافات ترضي هذا الجانب أو ذاك.
ومع تعنت الأطراف المتناحرة بالموافقة على التشكيل الجديد، قد يدفع البلاد إلي طريق مجهول لا نهاية له، وقد يؤدي إلى التدخل العسكري في ليبيا، مع توارد الأنباء عن احتمالية تدخل روسيا عسكريًّا لمواجهة الجماعات الإرهابية، وتبقى حكومة الوفاق الوطني، حائلًا أمام الاستقرار الليبي، كذلك تبقى سلم الجماعات الإرهابية لمزيد من العنف في البلاد.

شارك