وزارة الأوقاف و"تجديد الخطاب الديني"
الأحد 25/أكتوبر/2015 - 07:25 م
طباعة
لم يكن هذا هو المؤتمر الأول لوزارة الاوقاف حول ما يطلق عليه "تجديد الخطاب الديني" ولن يكون الأخير من مؤسسة دينية تملك السيطرة على المساجد في مصر ولديها جيش من الائمة والدعاة، الا ان الوزارة حتى الان ورغم كثرة مؤتمراتها وورش عملها لا تمتلك رؤية واضحة حول كيفية تجديد الخطاب الديني، والاكثر من ذلك انها لا تمتلك رؤية واضحة عن ماهية الخطاب الديني، حتى تستطيع تجديده، ففي اخر مؤتمراتها في مايو الماضي 2015، خرج المؤتمر بمجموعة من التوصيات اهمها:
1- تجديد الخطاب الديني يعني: تجريده مما علق به من أوهام، أو خرافات، أو فهمٍ غير صحيح ينافي مقاصد الإسلام وسماحته، وإنسانيته وعقلانيته، ومصالحه المرعية، ومآلاتِه المعتبرة، بما يلائم حياةَ الناس، ويحققُ المصلحة الوطنية، ولا يمس الأصول الاعتقادية، أو الشرعية، أو القيم الأخلاقية الراسخة .
2- يجبُ أن يتجه الخطابُ الدينيُّ المعاصر إلى إقناع العقل، وإمتاع الوجدان، والرقي بالمشاعر، وتنمية المواهب الإبداعية، والتشجيع عليها، وتعزيز المشتركات الإنسانية، وترسيخ المعاني الوطنية، وإشاعة روح التسامح والمودة بين أبناء الوطن جمعيا، واحترام حق التعدديةِ الاعتقاديةِ والفكريةِ في ضوء الحفاظ على القيم الأساسية للمجتمع وبما لا يخل بأمنه القومي .
3- بناء مناهجِ التربية الدينية على معاييرَ ومؤشراتٍ تعززُ الفهمَ الصحيح للدين، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وترسخ الاتجاهاتِ الإيجابية، وتعظيمِ دورِ المؤسساتِ التعليمية في المجتمع، وتحول الطلاب والتلاميذ من نطاق التبعية والحفظ والتقليد والتلقين إلى مستويات جادة من الوعي والتفكير والإبداع، والقدرة على التمييز والتمحيص والنقد .
4- تكوين الدعاة علميا ورُوحيا وسلوكيا بما يمكنهم من فهم الرؤى الكلية لمناهج العلوم الإسلامية وتكاملها والانطلاق من هذا الفهم الكلي الواعي، وتنمية مهارات فهم النص فهمًا صحيحًا في ضوء الإلمام الجيد بالثابت والمتغير، وتطبيقه على الواقع المتغير، والتدريب المستمر المتنوع، في ضوء مستجدات العصر، وفقه الواقع، والمقاصد، والأولويات، والموازنات، والمآلات، والنوازل، على أن يتغير نظام القبول بالكليات الشرعية ليأخذ خيرة الطلاب وأعلاهم مجموعًا وبحد أدنى 70%، لا أن تكون حصة هذه الكليات هي بقايا طلاب الكليات العلمية، مع العمل على تحسين الأوضاع المادية للسادة الأئمة والخطباء بما يمكنهم من التفرغ لأداء رسالتهم النبيلة.
5- تعاون المؤسسات الدينية، والعلمية، والتعليمية، والثقافية، والفنية، والإعلامية، في إنتاج خطاب عقلي، وعلمي، وثقافي، وديني، وتربوي، ووطني، يتناسب مع ظروف العصر وحجم التحديات، يحافظ على الثوابت الشرعية والأخلاقية والقيمية للمجتمع، ويضع حلولاً واضحةً ومناسبةً تتسم بالمرونة والواقعية لكل ما يواجه المجتمع من مشكلات أو تحديات، مع إعادة النظر في مكونات المناهج الدينية في جميع مراحل التعليم بما يتناسب مع معطيات العصر ومتطلباته.
6- تكوين مجموعات من الشباب والفتيات، وتدريبهم التدريب الكافي علميًا وثقافيًا وتكنولوجيًا، مع الاهتمام بدراسة اللغات المختلفة، وإتقان اللغة العربية، والبعد عن التقعر فيها، وتمكينهم من أدوات التواصل العصرية، بما يكسبهم القدرة على الحوار والإقناع لمحاورة نظرائهم، على أن تُشجع المؤسسات المختلفة كلٌ في مجاله على ذلك وفي إطار تعاون مشترك فيما بينها .
7- تنظيم دوراتٍ وندواتٍ ومحاضراتٍ دينية وثقافية دورية بالتعاون بين المؤسسات والوزارات والهيئات المعنية بالشأن الديني والفكري والثقافي في كل ربوع الوطن، حتى نستطيع الوصول إلى كل شرائح المجتمع في مساجدهم، ومدارسهم، وقصور الثقافة، ومراكز الشباب، والتجمعات العمالية، والقرى والنجوع، مع التركيز الشديد على العشوائيات والمناطق الأكثر فقرًا، حتى لا تتخطف أبناءَها يدُ التشدد والإرهاب، على أن يعود للمسجد في هذه المناطق دوره الاجتماعي ليسد الطريق أمام المتاجرين بالدين ومن يوظفونه لأغراضهم السياسية والانتخابية .
8- تحويل شرح توصيات مؤتمر "عظمة الإسلام وأخطاء بعض المنتسبين إليه: طريق التصحيح" إلى برامج تدريب وتثقيف في المؤسسات والوزارات والهيئات المختلفة وتعميم نشرها بغيّة تصحيح المفاهيم الخاطئة، والعمل على ترجمتها إلى اللغات المختلفة، لنؤكد للعالم كله أن ديننا دين رحمة وسلام لا عنف فيه ولا إرهاب
9- تخريج داعيات فقيهات يعملن على تصحيح الأفكار الخاطئة فيما يتعلق بقضايا المرأة والطفل بما يتفق مع تعاليم الإسلام الصحيحة وينقذ هذه الشريحة من الوقوع في أيدي داعيات الجماعات المتشددة أو النفعية أو غير الوطنية .
10- تبني خطاب ثقافي وفكري يدعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الحديثة، ويُرسخ مفاهيم الولاء الوطني في مواجهة تلك التنظيمات الإرهابية الدولية التي لا تؤمن بوطن ولا دولة وطنية، وإنما تبحث عن خلافة أو سلطة مزعومة أو متوهمة لا تخدم مصالح دولنا، بل تعمل على هدمها لصالح قوى الاستعمار الجديد التي توظف هذه التنظيمات وتدعمها ماديًا ومعنويًا .
11- حشد طاقة المجتمع كُله لمحو الفكر المتطرف والمتفلت على حد سواء، ودعم قضايا العمل والإنتاج، والعدالة الاجتماعية، ومكافحة الفساد، والقضاء على البطالة، بما يفجر طاقات المجتمع وإبداعاته .
12- الإفادة القصوى من وسائل الإعلام المختلفة، وتوظيف بعض الأعمال الفنية والإبداعية لنشر القيم النبيلة، وإنتاج أعمال تدعم القيم الأخلاقية والإنسانية الراقية، وبخاصة في مجال ثقافة الطفل .
13- أن تكون مبادئ الأخلاق والقيم الوطنية موضع اهتمام في جميع المراحل التعليمية، والمنتديات التربوية والثقافية والتثقيفية .
ورغم التوصيات التي تم طرحها خلال المؤتمر، فهناك توصيات أخرى عديدة عبر أوراق العمل المختلفة وعدت وزارة الأوقاف بنشرها لاحقا مع بعض الأوراق العلمية المقدمة في إصدار خاص، وستقوم لجنة التوصيات بمتابعة تنفيذها على أرض الواقع.
إلا أن شيئا من هذه التوصيات لم يتم تنفيذه حتى الآن مما أدى بالوزارة إلى تدشين مؤتمر جديد يحمل نفس العنوان "تجديد الخطاب الديني" بمشاركة مفتين وعلماء دين من 40 دولة عربية وأجنبية، وقال الشيخ محمد عبدالرازق إن المؤتمر الذى يعقد تحت عنوان : رؤية الأئمة والدعاة لتجديد الخطاب الديني وتفكيك الفكر المتطرف بمدينة الأقصر لأول مرة يعد رسالة مصرية للعالم أجمع على سماحة الإسلام وردا على ممارسات داعش وأمثالها من التنظيمات الإرهابية التي تنهب وتدمر الآثار والمعالم الحضارية. وحذر الشيخ محمد عبد الرازق، من استغلال المساجد في الدعاية الانتخابية، مؤكدا أن الوزارة لن تسمح بالعودة إلى مثل هذه الممارسات، التي كانت تحدث في الماضي، وأن الأوقاف سوف ترفع أي مخالفات للجنة العليا للانتخابات.
وأشار عبد الرازق إلى أن كادر الدعاة على وشك التطبيق، وأن الوزارة تبذل جهودا كبيرة للدفع بشباب الأئمة والدعاة في المواقع القيادية
واكد الشيخ محمد عبد الرزاق في حوار له مع جرية الاهرام اليوم الاحد 25 اكتوبر 2015، ان هذا المؤتمر يأتي في إطار جهود الوزارة لتجديد الخطاب الديني وتفكيك الفكر المتطرف، واستجابة للمبادرة التي طرحها الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث قررت الوزارة تخصيص مؤتمرها القادم الخامس والعشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالأقصر يومي 14 و15 نوفمبر القادم بعنوان: رؤية الأئمة والدعاة لتجديد الخطاب الديني وتفكيك الفكر المتطرف، ويناقش المؤتمر عدة محاور من أبرزها: مفهوم وآليات تجديد الخطاب الديني بين الواقع والمأمول، وعقبات التجديد وأسباب التطرف ووسائل إزالتها، وآليات تفكيك الفكر المتطرف.
وقد بدأت الفعاليات التحضيرية للمؤتمر مبكرًا في شهر سبتمبر الماضي على مستوى إدارات الأوقاف، من خلال ورش العمل التي تعقدها كل إدارة لمناقشة البحوث والمقترحات المقدمة من أئمة الإدارة وخطبائها، ثم يرفع أهمها إلى المديرية لتقوم المديريات بعقد ورش عمل خلال أكتوبر، ثم ترفع بدورها أفضل الأعمال وأهم المقترحات إلى المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وسيتم تكريم أصحاب أفضل الأعمال والإنجازات في احتفال الوزارة بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم، للعام 1437هـ بجوائز تشجيعية قيمة.
كما عقد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، اجتماعا مع قيادات الوزارة في إطار الجلسات التحضيرية المتعددة للمؤتمر، وناقش دور الأئمة والدعاة بالمؤتمر، وتم الاتفاق على أن يكون للأئمة إسهام في جميع جلسات المؤتمر، وأن تكون لهم جلسة فرعية خاصة بهم في الجلسات النوعية، مثل جلسات كبار المشاركين من الوزراء والمفتين وكبار العلماء والمثقفين والإعلاميين، وتم الاتفاق على أن يكون للأئمة إسهام في جميع جلسات المؤتمر, وأن تكون لهم جلسة فرعية خاصة بهم في الجلسات النوعية, شأن جلسات الوزراء, والمفتين, وكبار العلماء، والمثقفين، والإعلاميين. وتم تقديم أبحاث من جانب الأئمة، وتم اختيار عدد من الأبحاث المتميزة سيتم مناقشتها خلال جلسات المؤتمر، وذلك حتى يتحدث الدعاة أنفسهم عن التجديد، والمشكلات التي تواجههم، من واقع التجربة، وذلك طبقا لتوجيهات الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، والذى قرر أن يقوم الدعاة والأئمة من جميع المديريات، بعرض رؤيتهم من خلال الأبحاث فالأئمة والدعاة هم الذين يحملون على عاتقهم مهمة كبيرة، كما أن الوزارة اختارت مدينة الأقصر، لإظهار سماحة الإسلام وحضارته الراقية في الحفاظ على الآثار والحضارات المختلفة، وبخاصة في ظل استضافة كوكبة واسعة من علماء الدين، وسيتم تنظيم زيارة لعلماء الدين الى معبد الكرنك.
وأشار عبد الرزاق إلى أن الهدف من المؤتمر وعقده في الاقصر هو إظهار سماحة الإسلام وحضارته الراقية في الحفاظ على الآثار والحضارات المختلفة، وبخاصة في ظل استضافة كوكبة واسعة من علماء الدين والمفتين ووزراء الأوقاف من مختلف دول العالم لتأكيد سماحة الإسلام وأن أصحاب الرسول لم يدخلوا بلدا فيهدموا معبدا أو يحطموا آثارا، وردا أيضا على داعش وأمثالها من الحركات التي تنهب الآثار وتغطى على جرائم النهب بتدميرها، ولدعم السياحة المصرية الخارجية والداخلية، ونتمنى أن يكون هذا المؤتمر ردًا عمليًا على العمليات الهمجية التي يقوم بها تنظيم داعش الإرهابي من تدمير ممنهج للآثار التي تقع تحت يده، في محاولة لطمس معالمنا الحضارية من جهة، وللتغطية على جرائمه في نهب هذه الآثار من جهة أخري.
وأخيرا هل تكون نتائج المؤتمر وتوصياته مثل سابقه من المؤتمرات التي تم عقدها وظلت هذه التوصيات حبيسة ادراج الوزارة حتى الان؟ ام انه سوف يكون هناك تعامل مختلف مع تلك التوصيات؟