البابا فرنسيس لمجمع كنيسة الكلدان: شاركوا في بناء العراق وتحدوا الفظائع

الثلاثاء 27/أكتوبر/2015 - 12:15 م
طباعة البابا فرنسيس لمجمع
 
الوضع اليوم في أرضكم مهدد بكراهية الإرهاب العمياء التي لا تزال تُسبب نزفًا قويًّا في المسحيين الذي يبتعدون عن أراضي آبائهم؛ حيث نموا متجذّرين في التقليد. إن هذا الوضع يهدّد بالتأكيد الأسس الحيوية للوجود المسيحي في الأرض التي بدأ فيها إبراهيم مسيرته، وتردد فيها صوت الأنبياء الذين ذكّروا شعب الله بالرجاء في منفاه، وحيث تأسست الكنائس الأولى على دماء العديد من الشهداء. كانت هذه هي مستهل كلمات البابا فرنسيس في القصر الرسولي بالفاتيكان؛ حيث استقبل أعضاء سينودس – مجمع الكنيسة الكلدانيّة يتقدّمهم البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو، وأكد البابا أن الكنيسة الكلدانيّة، التي تتألم بسبب هذا الوضع الذي تسببه الحرب، تعرف أيضًا حاجات المؤمنين في الشتات والذين يرغبون بالبقاء ثابتين في جذورهم والدخول في مجالات جديدة. وبالتالي، أؤكد اليوم أكثر من قبل دعم وتضامن الكرسي الرسولي في سبيل الخير العام للكنيسة الكلدانيّة بأسرها. أُصلي لكي لا يُجبر المسيحيّون على ترك العراق والشرق الأوسط – أفكر بشكل خاص بأبناء وبنات كنيستكم وتقليدهم الغني. أحثكم لتعملوا بلا كلل كبناة وحدة في جميع مقاطعات العراق، مُعززين الحوار والتعاون بين جميع الفاعلين في الحياة العامة.
وأضاف يقول: "تسمح لي زيارتكم بأن أجدد ندائي للجماعة الدوليّة لكي تتبنى جميع الاستراتيجيات الفعّالة؛ لكي تعزز إحلال السلام في بلدان تدمّرها الكراهيّة، وتعيد نفحة الحب المحيية إلى أماكن شكّلت على الدوام ملتقى للشعوب والثقافات والأمم. إن السينودس الذي تعقدونه خلال هذه الأيام في روما هو "مسيرة معًا"، زمن لقاء ملائم بين الاختلافات التي تغني الشركة الأخوية بينكم تحت نظر يسوع الراعي الصالح. وبالتالي أدعوكم لاتباع دعوة بولس الرسول بأن يكون فيما بَينَكُمُ الشُّعورُ الَّذي هو أَيضاً في المَسيحِ يَسوع، فتعملون بالرحمة والتواضع والصبر والقبول المتبادل الذي يولّد الشركة".
تابع البابا يقول: "عيشوا السينودس بمسئولية، مشاركة وخدمة واضعين نصب أعينكم صورة الراعي الصالح الذي يهتمّ بخلاص خرافه، ويعتني بشكل خاص بذلك الضائع. كونوا هكذا أنتم أيضًا: غيورين في السعي من أجل خلاص النفوس، عالمين أن عيش الشركة يتطلب إخلاء ذات حقيقيّ وتنازل وتجرّد. أشجعكم كي تتحلّوا بمشاعر الأبوة تجاه الكهنة وجميع المكرسين، وكي تستقبلوهم بمحبة وتفهّم لحاجاتهم، وتنشئوا مسارات أكثر إدراكًا لمتطلبات خدمتهم في خدمة المؤمنين".
وختم البابا فرنسيس كلمته لأعضاء سينودس الكنيسة الكلدانيّة بالقول: "وإذ أشجعكم على الاستمرار في التزامكم الراعوي بشركة أخويّة". 
وفي سياق متصل اختتم أعمال مجمع الأساقفة حول العائلة، وجّه آباء المجمع رسالة أعربوا فيها عن "تضامنهم مع البطاركة والأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات وجميع المؤمنين في الشرق الأوسط"، مؤكدين أن "السلام في الشرق الأوسط لن يتحقق بالقوة، وإنما من خلال اتخاذ قرارات سياسية، تحترم الخصوصيات الثقافية والدينية لكل أمة ومكوّن يتألف منها".
وقالت الرسالة: "تعيش عائلات الشرق الأوسط العديد من الفظائع كنتيجة للصراعات الدموية الجارية. وقد زادت ظروفهم المعيشية سوءاً في الأشهر والأسابيع الماضية. إن استخدام أسلحة الدمار الشامل، والقتل العشوائي وقطع الرءوس واختطاف البشر، والاتجّار بالنساء، وتجنيد الأطفال، والاضطهاد على أساس الدين والعرق، وتدمير أماكن العبادة والتراث الثقافي، بالإضافة إلى العديد من الأعمال الوحشية، قد أجبرت آلاف العائلات على الفرار من منازلها واللجوء إلى أماكن أخرى، والتي في الغالب تعاني من أوضاع خطيرة فيها".
وتابع آباء السينودس في رسالتهم: "في الوقت الحالي، لا تستطيع هذه العائلات من العودة إلى ديارها وممارسة حقها في العيش بكرامة وأمن على أرضها، وأن تسهم في إعادة الإعمار والرخاء المادي والروحي لبلدانها. في هذا السياق المأساوي ما تزال تُنتهك المبادئ الأساسية للكرامة البشرية والتعايش السلمي والمتناغم بين الأشخاص والشعوب ناهيك عن الحقوق الأساسية وفي طليعتها الحق في الحياة والحرية الدينية فضلاً عن القانون الإنساني الدولي"، مطالبين "بإطلاق سراح الأشخاص المختطفين وبوضع حد للإرهاب والعنف والدمار والاضطهاد والاتجار بالأسلحة".
وأشاد الأساقفة بالأردن ولبنان وتركيا، والعديد من البلدان الأوروبية، على استضافتهم للاجئين. كما أطقلوا نداءً للجماعة الدولية "على وضع مصالحها جانباً، والبحث عن حلول ناجعة، من خلال الأدوات الدبلوماسية، والحوار وتطبيق القانون الدولي"، مؤكدين على أن "السلام ممكن، كما يمكن أن يوضع حد للعنف الذي يحصد المزيد من الضحايا يومياً في سورية والعراق والقدس والأرض المقدسة ويزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية. فالمصالحة هي ثمرة الأخوة والعدالة والاحترام والغفران".

شارك