"أقلية في خطر".. فيلم وثائقي يؤرخ لمسيحيي العراق بين مذبحة "سيدة النجاة" و"داعش"

الثلاثاء 27/أكتوبر/2015 - 01:26 م
طباعة أقلية في خطر.. فيلم
 
عندما وقع تفجير كنيسة سيدة النجاة ببغداد في ديسمبر 2010 لم يكن هناك اهتمام كافي بالتهديد الذي صاحب التفجير، وكان يؤكد على تفريغ العراق من المسيحيين، فدماء الشهداء أخذت الجميع إلى الوجع والهموم، ولم يترسخ في الأذهان عن الجريمة بالرغم من الكتابات والمطبوعات التي صدرت بعد الحادث إلا نتاجات قليلة، من ضمنها الفيلم الوثائقي الذي أعده المختص بشئون الأقليات سعد سلوم، وعنه يقول لموقع (عنكاوا كوم): "كنت قد حررت عددًا خاصًّا من مجلة (مسارات) عن مسيحيي العراق في العام 2009، وهو أول عدد مكرس من مجلة ثقافية عراقية يعرض ثقافة وتاريخ المسيحيين العراقيين، وبعد الجريمة تلقيت اتصالات عديدة من العديد من الزملاء والأصدقاء حول إعادة إصدار هذا العدد، وقد أصدرنا طبعة ثانية منه، وكنت أشعر بأن الجريمة قد تثير الانتباه وفضول القراء عن مسيحيي العراق، وهذا أمر مخجل في تاريخنا الثقافي أن لا نشعر بالفضول تجاه الآخر إلا بعد نكبة أو جريمة، حدث هذا مع المسيحيين بعد جريمة كنيسة سيدة النجاة 2010، ومع الإيزيديين بعد إبادة سنجار 2014". 
فكرة الفيلم 
يضيف سلوم: "إلا أنه بعد الجريمة، قررت زيارة الكنيسة وداخل جدرانها الملطخة بالدماء شعرت بأن مجرد إصدار مجلة لم يعد كافيا، وإنني لا بد من أن أتقدم خطوة للأمام في التحذير مما هو مقبل، كان هذا من وجهة نظري سيناريو شبيهًا بسيناريو تهجير يهود العراق بعد تفجير المعابد اليهودية لإرغام من تمسك من يهود بغداد بأرضهم، إلى أن يحسموا خيارهم ويغادروا البلاد في هجرة اللاعودة. لذا بدأت فكرة وثائقي (أقلية في خطر) الذي انطوى على رسالة أن (الأغلبية في خطر)، ذلك أن هجرة مسيحيي العراق سوف تغير هوية البلاد إلى الأبد، وسيختفي العراق كما عرفناه وأحببناه".
كتاب "المسيحيون في العراق"
وكان سلوم قد أصدر كتابًا شاملًا عن مسيحيي العراق، فيقول: "بشكل مواز بدأت التخطيط لكتاب مرجعي عن المسيحيين في العراق، والذي نشرته بعد اجتياح داعش للموصل بعد أربع سنوات، تحت عنوان (المسيحيون في العراق – التاريخ الشامل والتحديات الراهنة)، وهكذا كان عملي ممتدا بين النكبتين، نكبة سيدة النجاة 2010 ونكبة احتلال الموصل 2014، وكان الوزن الديموجرافي للمسيحيين- العددي- يتعرض إلى ضربة قاصمة بين النكبتين".
"أقلية في خطر" 
وعن مدى تأثير الفيلم الوثائقي (أقلية في خطر) أشار الدكتور سعد سلوم إلى أن تغطية الإعلام للوثائقي كانت تأخذ جانبه التوثيقي بوصفه فيلمًا يؤرخ لمعاناة المسيحيين، لكنه كان أكثر من ذلك بكثير، على صعيد رسالته الرمزية وقصته المفتوحة على راهننا ومستقبلنا، ففي الواقع أن قصة الفيلم الوثائقي ما تزال مستمرة، فالشخصيات التي ظهرت في الوثائقي ما تزال تعيش بيننا، ومنهم من رحل عن هذه الحياة، ومنهم من تبدلت خياراته، لقد اخترت قصة عائلة من الطبقة الوسطى من سكنة بغداد، (عائلة ضياء جرجيس عزيزة) متشبثة بالبقاء على الرغم من هجرة الأبناء، والآن وبعد مرور هذه السنوات يمكنك متابعة أفراد هذه العائلة وهم يتفرقون في أنحاء العالم، أو على حد تعبير رواية إنعام كججي "يتطشرون" في أنحاء المعمورة بعد سفر خروجهم الأخير من بغداد.
كما يتحدث سلوم عن لقاءات أخرى شملها الوثائقي فيقول: "الوثائقي يسجل أيضًا لقائي بزملائي من مؤسسي مبادرة الحوار الإسلامي المسيحي التي انطلقت بعد جريمة كنيسة سيدة النجاة، وهذه المبادرة نمت خلال أعوام من العمل في الظل وبعيدًا عن الإعلام 2011-2013، لتتبلور في تأسيس المجلس العراقي لحوار الأديان في (فبراير) 2013.
شريك "داعش "
وعن أصداء الجريمة وهي تدخل عامها الخامس دون أن تتبلور فكرة واضحة عن الجهات التي تقف وراءها قال سلوم بأن العديد من الجرائم التي ارتكبت في العراق بعد العام 2003 تسجل علامة على العدالة المفقودة وسياسة الإفلات من العقاب، ففي معظم حالات الاستهداف وفرت الفوضى مناخًا ملائمًا للتهرب من العقوبة؛ لذا لم يلمس الضحايا تحقيقات جدية بشأن الهجمات التي طالت الأقليات، أو نتائج معلنة أو محاكمة مرتكبي هذا الجرائم. ولا أحد يتبنى مثل هذه الاستهدافات إلا في استثناءات قليلة، ومنها إعلان تنظيم القاعدة أو جماعة مرتبطة به المسئولية عن الهجوم الإرهابي على كنيسة سيدة النجاة، وبالفعل يتطابق العمل مع بصمات القاعدة. ولكن ما الذي حدث فعلا؟ وهل كان بالإمكان تجنب هذا العدد من الضحايا؟ وهل السيناريو المعلن عن القبض عن الجناة، وأهدافهم، يختصر كارثة ما حصل بعدها بأسبوعين من هجرة أكبر عدد من مسيحيي بغداد في تاريخ العراق المعاصر، وهو ما لم تتطرق له أية وسيلة إعلام، ولم نسمع تحذيرًا منه في خطاب رسمي. كل هذه الأسئلة تثير قلقنا من مخطط لتهجير المسيحيين وإبادة التنوع في البلاد، وهو ما يختصر رسالة وثائقي "أقلية في خطر". هذا المخطط يثير مسئولية نخب البزنس الطائفي في البلاد ودورهم في هذه الإبادة للتنوع، فهولاء هم شركاء "داعش" في الإبادة. 
لمشاهدة الفيلم 

شارك