تناقض الموقف "الروسي الفرنسي " يُفشل المساعي لحل الأزمة السورية

الثلاثاء 27/أكتوبر/2015 - 06:13 م
طباعة تناقض الموقف الروسي
 
تصر فرنسا على إقصاء الجانب الروسي من الملف السوري رغم الخطوات الروسية الأخيرة سواء العسكرية أو الدبلوماسية، بعد أن أعلن وزير الخارجية الفرنسي "لوران فابيوس" قبل أيام أنه يريد عقد لقاء يضم نظراءه الغربيين والعرب لبحث الأزمة السورية في نفس يوم انعقاد اجتماع في فيينا بين وزراء خارجية روسيا وتركيا والولايات المتحدة والسعودية في غياب فرنسا وقال بشكل مباشر  "لقد وجهت دعوة إلى أصدقائنا الألماني والبريطاني والسعودي والأمريكي وآخرين لعقد اجتماع الأسبوع المقبل في باريس في محاولة لدفع الأمور قدماً".

تناقض الموقف الروسي
وعندما سئل عن  وجود نظيره الروسي سيرجي لافروف في اجتماع باريس قال: "كلا، لا أعتقد ذلك سيكون هناك اجتماعات أخرى نعمل فيها مع الروس و أن الوزيرين التركي والسعودي سيأتيان إلى باريس لكن لم تتم دعوة ايران" ليؤكد رومان نادال الناطق باسم الخارجية الفرنسية  على هذا التجاهل  قائلا  "فابيوس يعمل من أجل إيجاد تسوية سياسية للأزمة في سورية ولقد اجتمع مرات عدة في الأيام الماضية مع نظرائه الأجانب وخصوصاً الأميركي والأردني والسعودي بالإضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى سوريا ستيفان دي ميستورا ".
 الجانب الأمريكي كان أكثر حصافة من الجانب الفرنسي حيث أكد  جون كيربي الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، إن جولة جديدة من المباحثات الدبلوماسية حول سورية قد تجرى عقب نهاية هذا الأسبوع بعد اجتماع باريس ،  وإن بلاده تدرك أن طهران سوف تنضم في مرحلة ما إلى المفاوضات المتعددة الأطراف بشأن الانتقال السياسي في سوريا، وأن الهدف من المفاوضات هو تبادل الآراء بين الدول المعنية من أجل التوصل لحل للأزمة،  وكذلك ضرورة مشاركة المعارضة السورية التي توصف بالمعتدلة في تلك المفاوضات وأنه سيتعين في نهاية المطاف إجراء مناقشات مع إيران حول عملية الانتقال السياسي في سورية". ولم يؤكد ما إذا كانت واشنطن ستشارك في اجتماع باريس.

تناقض الموقف الروسي
المعطيات على الارض فى الصراع السورى تؤكد على ان روسيا  داخل الأزمة السورية بسبب مصالحها  الجيو استراتيجية وهو ما يعقد الامر  ولا يستطيع  الغرب  تجاوزها لعدة اسباب على رأسها : 
1- الدعم الروسى اللامحدود لنظام بشار الاسد واستعمال حقّ النقض (الفيتو) تكرارًا من أجل تعطيل عدة قرارات دولية تقضي بإدانة استعمال النظام للقوة العسكرية المفرطة.
2- العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية القائمة بين البلدين منذ عقود والت  استعادت حيويتها بعد تسوية قضية الديون التي كانت مترتّبة على سوريا،  وقراّر موسكو في يناير 2005 شطب 80 % من هذه الديون البالغة عشرة مليارات ونصف مليار يورو. 
3- تشكّل روسيا حاليا  الجزء الأساس  في عملية إعادة تحديث القوّات المسلّحة السورية حيث يأتي معظم مشتريات الأسلحة المجهّزة بها القوّات المسلّحة السورية من الاتحاد السوفياتي السابق ومن روسيا الاتحادية، ولولا استمرار تدفّق هذه الأسلحة والذخائر اللازمة لها، لما استطاع النظام أن يخوض هذه الحرب الطويلة ضدّ المجموعات المسلّحة المعارضة. 

تناقض الموقف الروسي
4- إصرار  موسكو على أن سياستها الراهنة ليست موجّهة (تحديدًا) لحماية الرئيس الأسد وإبقائه في السلطة، بل هي لخدمة سوريا وللحفاظ على وحدتها من خلال تهيئة الظروف الملائمة لإجراء حوار بنّاء وهادف بين النظام والمعارضة
5-  إفشال روسيا لكافة المؤتمرات الدولية التي انعقدت تحت عنوان «أصدقاء سوريا»، وأيضًا اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي خصّصت لبحث الأزمة السورية مما خلق قناعة شبه شاملة لدى الغرب  أنّ ما تقوم به كل من موسكو وطهران يتركّز حول دعم النظام ومنع سقوطه، وذلك انطلاقًا من كونه الحليف الوحيد لهما في المنطقة.
6- عارضت روسيا اتخاذ قرار دولي بفرض عقوبات اقتصادية «ملزمة» ضد النظام وكانت فرنسا وبريطانيا وألمانيا والبرتغال قد تقدّمت في 5 ديسمبر 2011 بمشروع قرار لمعاقبة النظام السوري، وقد سقط بفعل الفيتو الروسي. 

تناقض الموقف الروسي
وعلى النقيض من الموقف الروسي ترى فرنسا أنه لا حل في وجود الأسد، حيث أكد رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس إن بلاده ترى أن من المستحيل التوصل إلى أي حل وسط أو ترتيب مع الرئيس السوري بشار الأسد من أجل حل سياسي وعلى العكس من ذلك الأمر المُلِح هو التوصل إلى اتفاق يطوي بشكل نهائي صفحات جرائم الأسد، لا يمكن التوصل إلى حل وسط أو اتفاق مع رجل مسؤول عن سقوط كل هؤلاء القتلى وكل تلك الجرائم ضد الإنسانية و لن نفعل شيئا يقوي النظام ومن المستبعد إرسال قوات برية فرنسية إلى سوريا لكنه، إذا تم إنشاء تحالف إقليمي للتدخل ضد تنظيم  "داعش" سوف تدعمه باريس.

مما سبق نستطيع أن نؤكد أن حالة التباين في المواقف الغربية   حول الأزمة السورية  هو ما سبب مزيدًا من التعقيد لها وأصبحت الأطراف الدولية عوامل تعقيد لا عوامل حل ليصل الأمر الآن إلى مشهد  المباراة  بين فرنسا وروسيا حول من يستطيع إفساد مبادرات الآخر حول سوريا والضحية دائما الشعب السوري. 

شارك