بعد مقتل أبرز قيادات "فجر ليبيا".. البلاد بين الاستقرار وصراع الميليشيات

الأربعاء 28/أكتوبر/2015 - 12:28 م
طباعة بعد مقتل أبرز قيادات
 
في ظل الفوضى التي تعيشها ليبيا الآن، وعدم استقرار أوضاعها وبالأخص مع عرقلة الحوار الليبي الذي تقوده بعثة الأمم المتحدة بقيادة برناردينو ليون، يبدو أن الأجواء بدأت تتوتر يومًا بعد الآخر، ومع الاقتراب من حافة الاستقرار تعاود الأمور لتشتعل من جديد، وكان آخرها مقتل عدد كبير من قيادات "فجر ليبيا" المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين والموالية للمؤتمر الوطني المنتهية ولايته والمقيم في طرابلس؛ حيث تحطمت بهم أمس الثلاثاء 27 أكتوبر 2015 طائرة كانوا يستقلونها من العاصمة طرابلس؛ ما يعتبر ضربة موجعة للجماعة، قد يؤدي إلى غضب بين صفوفه لاشتعال الأزمة مجددًا.
بعد مقتل أبرز قيادات
كانت الطائرة تقل 23 شخصًا بينهم قادة عسكريون من الجماعة، والتي تدعمها قطر وتركيا، ولم يستبعد أن تكون الطائرة قد تعرضت لنيران قبل أن تسقط في المنطقة الساحلية.
والجدير بالذكر أن جماعة "فجر ليبيا" هم أكثر الجماعات الرافضة لعودة الاستقرار في ليبيا، وتقف عائقًا أمام نجاح الحوار الليبي، فهي ترى أن مصلحتها في استمرار الفوضى داخل البلاد، حتى تتمكن من تنفيذ مخططاتها التي تستمدها من تركيا وقطر وتدفعها إلى مزيد من الفوضى والدمار. 
وبدأت فجر ليبيا طريقها في العمل الإرهابي تحديدًا في 13 يوليو من عام 2014، بهدف الاستيلاء على مطار طرابلس العالمي وعدد من المعسكرات في المناطق المجاورة له، وكانت قد أطلقت اسم "فجر ليبيا" على هذه العملية، واتخذت بعد ذلك من فجر ليبيا اسمًا ثابتًا لها.
من جانبه أكد رئيس بلدية الزاوية محمد الخضراوي، وصول ثماني جثث إلى مستشفيات المدينة، جراء سقوط مروحية كانت تقل عددًا من ثوار العاصمة طرابلس إلى الزاوية، مشيرًا إلى أن العدد الكامل للركاب غير دقيق، مما لا يسمح بتأكيد عدد الجرحى أو المفقودين.
ووفق متابعين فإن الطائرة أقلعت من مطار معيتيقة في طرابلس، في اتجاه مدينة الزاوية 50 كيلومترًا شمال طرابلس، قبل أن تسقط لأسباب مجهولة بمنطقة الماية بين طرابلس والزاوية.
وقالت تقارير مختلفة: إن من بين القتلى العقيد حسين بودية قائد عمليات المنطقة الغربية، وصهيب الرماح آمر كتيبة الشهداء.
وكانت الطائرة التي نقلت أموالًا إلى بنك محلي في الزاوية تقل مدنيين أيضًا في رحلتها.
وذكر شهود عيان أن قوات الأمن أقفلت منافذ المدينة الشرقية والغربية، ونشرت قواتها وسطها تحسبًا لموجة الغليان والغضب من قبل أهالي القتلى.
من جانبه نعى المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، الذي يتخذ من طرابلس مقرًّا له ويدعم سلطة غير شرعية ذراعها ميليشيات صنفها البرلمان إرهابية- ضحايا الطائرة، داعيًا إلى ضبط النفس ومراعاة المصلحة العليا للوطن، دون أن يشير إلى اتخاذ خطوات للتحقيق بالحادث.
بعد مقتل أبرز قيادات
في هذا السياق توعد أحد قادة الميليشيات المتحالفة مع المؤتمر، مصطفى الشركسي، بالرد في الوقت والمكان المناسبين وبقوة على ضرب المروحية الذي أسفر عن مقتل أكثر من 10 أشخاص، بينهم آمر المنطقة الغربية في ميليشيات "فجر ليبيا".
وكشف الشركسي أن المروحية كانت تقل- بالإضافة إلى المسلحين- موظفين مصرفيين "كانا ينقلان أموالًا إلى موظفين حكوميين".
واتهمت ميليشيا فجر ليبيا، مجموعات مسلحة موالية لجيش القبائل، بإسقاط المروحية في البحر إلى الغرب من طرابلس؛ حيث سارعت الميليشيات في مدينة الزاوية المتحالفة بدورها مع المؤتمر وحكومته غير الشرعية إلى مهاجمة بلدة ورشفانا.
وعلى الرغم من نفي جيش القبائل في ورشفانا والذي يوالي الحكومة الشرعية علاقته أو القوات المساندة للجيش بإسقاط الطائرة المروحية في منطقة الماية، ومطالبته بتشكيل لجنة متخصصة للتحقيق في هذا الحادث الذي يشكل ضربة لفجر ليبيا، اندلعت المواجهات بين الطرفين.
من جانبها نفت القيادة العامة للقوات المسلحة المرتبطة بالحكومة الشرعية، أي مسئولية عن الحادث، قبل أن تشير على لسان مدير المكتب الإعلامي إلى أنها تملك الشجاعة الكافية لتبني أي عملية تنفذها وحداتها في أي منطقة في البلاد، فيما تنصلت كافة القوى من ذلك الحادث.
واختلف المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، فيما بينه بشأن عدد الركاب الذين كانوا على متن المروحية وعدد القتلى؛ الأمر الذي يزيد من غموض هذه الحادثة، في حين تحدثت مصادر من الميليشيات عن انتشال 13 جثة من بين 19 شخصًا كانوا على متن المروحية، من بينهم 3 قادة في فجر ليبيا.
فيما قالت مصادر في فجر ليبيا: إن القادة القتلى كانوا يستقلون المروحية بسبب المخاوف الأمنية على الطريق الساحلية غربي العاصمة.
متابعون للشأن الليبي قالوا: إن مقتل بودية والرماح يمثل ضربة موجعة لميليشيا فجر ليبيا التي تعمل على إفشال الحوار بين مختلف أطراف الأزمة للاستمرار بالسيطرة على العاصمة، وإقامة إمارة خاصة بجماعة إخوان ليبيا والمجموعات المتشددة المتحالفة معها.
بعد مقتل أبرز قيادات
ويرى مراقبون أن التضارب حول العملية، يثير شكوكًا حول ارتباط عملية إسقاط الطائرة بخلافات داخلية بين سلطة الأمر الواقع؛ مما دفع إحدى الجهات إلى التخلص من آمر المنطقة الغربية في "فجر ليبيا"، حسين أبو دية، بالإضافة إلى المسئول العسكري، سالم صقر.
وكانت فجر ليبيا تشترط الإطاحة بقائد الجيش الفريق أول خليفة حفتر، وإدماج عناصر الميليشيا في الجيش وتمكين قيادييها من أن يصبحوا قيادات عسكرية بارزة في الجيش، وهو ما ترفضه حكومة عبدالله الثني والبرلمان المعترف به دوليًّا ومقره طبرق.
كان البرلمان الليبي المعترف به دوليًّا، رفض الحكومة التي اقترحها المبعوث الأممي برناردينو ليون، وطالب بضمانات دولية تكفل بقاء حفتر واستمرار الجيش موحدًا وعدم إدماج الميليشيات فيه؛ لأن ذلك سيمنع المؤسسة العسكرية من مواصلة الحرب على الإرهاب في بنغازي والشرق عمومًا، في ظل وجود تحالف بين المجموعات الإسلامية المتشددة "داعش والقاعدة" مع قيادات بارزة للميليشيات التي تدعم الموقف ضد العمليات التي يقوم بها الجيش في مدينة بنغازي.
ومع سقوط أبرز قادة الميليشيا، ستواجه ليبيا الفترة القادمة، أحد أمرين: إما مرحلة هدوء نسبي قد تؤدي إلى نجاح الحوار الليبي وعودة الاستقرار، وإما أن تدخل في حالة فوضى غير مسبوقة قد تؤدي إلى مزيد من الصراعات بين المسلحين والجيش الليبي.

شارك