أموال واشنطن.. دعم نزيه للمعارضة أم تأجيج للصراع السوري؟

الأحد 01/نوفمبر/2015 - 01:52 م
طباعة أموال واشنطن.. دعم
 
منذ بداية الثورة السورية عام 2011م وقبلها تُقدم الولايات المتحدة الأمريكية المساعدات المالية للمعارضة السورية، ولكن بعد عام 2011م زادت وتيرة هذه المساعدات المالية لترتفع إلى نحو 500 مليون دولار من عام 2002م؛ مما يطرح التساؤل: ما جدوى هذه المساعدة الأمريكية؟ وهل هي دعم نزيه للمعارضة؟ أم أنها تساعد في تأجيج الصراع في الداخل السوري؟ وإلى متى سوف تستمر؟
أموال واشنطن.. دعم
 إجابة السؤال الأخير أجابت عليه وزارة الخارجية الأمريكية بإعلانها عن تقدم مساعدات جديدة بقيمة 100 مليون دولار للمعارضة السورية لتنفيذ مهمات تشمل دعم المجالس البلدية وناشطي المجتمع المدني، وإن هذه المساعدة الأمريكية تُسْهم في إبقاء مدارس مفتوحة الأبواب للأطفال السوريين وتأمين الكهرباء وبنى تحتية للمياه ودعم وسائل إعلام مستقلة والمجتمع المدني لمحاسبة إداراتهم المحلية وبناء قدرة المعارضة المعتدلة على أداء دور في سوريا.
وبذلك تكون الولايات المتحدة قد أعلنت وبشكل صريح عن استمرار تقديم الدعم المالي للمعارضة السورية، وهو ما يدفعنا إلى الإجابة على السؤال الأول عن جدوى هذه المساعدات التي دائما "لا تنجح" على حسب صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، التي قالت في إحدى تقاريرها: إن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) أجرت مراجعة سرية، لتكشف عن أن العديد من المحاولات السابقة من قبل الجهاز لتسليح ودعم قوى خارجية سرًّا، كان لها تأثير ضئيل ومحدود جدًّا على النتيجة طويلة الأمد لأي صراع، وتعد المساعي المستمرة للوكالة لتدريب ثوار سوريا، أحدث مثال على اعتماد رئيس أمريكي لاحتمال استخدام وكالة التجسس لتسليح وتدريب الجماعات المتمردة سرًّا.
أموال واشنطن.. دعم
وذكرت أن دراسة داخلية للـ"سي آي إيه" انتهت إلى أن هذه المساعي قلما تنجح، وأن هذه المراجعة لا تزال سرية حتى الآن، وهي واحدة من عدة دراسات للسي آي إيه جرت بين عامي 2012 و2013، في خِضَم الجدل الدائر في إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما حول كيفية التدخل في الحرب الدائرة في سوريا، وخلصت إلى أن كثيرًا من المحاولات التي قامت بها الوكالة في الماضي لتسليح القوى الخارجية بشكل سري، كان لها تأثير ضئيل على النتائج طويلة الأمد للصراع، بل إنها كانت أقل فاعلية حينما كانت هذه الميليشيات تقاتل دون أي دعم أمريكي مباشر على الأرض.
وتابعت: "نتائج الدراسة أدت إلى تنامي الشكوك العميقة بين بعض كبار المسئولين في إدارة أوباما، حول الحكمة من تسليح وتدريب أعضاء في المعارضة السورية المنقسمة في الأساس، وقال أحد كبار المسئولين السابقين بالإدارة الأمريكية، والذي شارك في النقاش حول تقرير سري شريطة عدم ذكر اسمه: "أحد الأشياء التي كان الرئيس أوباما يريد معرفتها: هل نجح هذا الأمر من قبل؟"، واستطرد: "كان التقرير شديد الصرامة في استنتاجاته".
أموال واشنطن.. دعم
وقالت برناديت ميهان، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، إنه "من دون توصيف أي من المنتجات الاستخباراتية المحددة، كان الرئيس يشير إلى حقيقة أن توفير الأموال أو الأسلحة فحسب إلى إحدى حركات المعارضة هو أبعد ما يكون عن ضمان النجاح، وكنا واضحين تمامًا إزاء ذلك من البداية، حينما أوضحنا استراتيجيتنا في سوريا، وكان ذلك هو السبب وراء التأني في تقديم الدعم إلى المعارضة السورية المعتدلة؛ حيث كان الهدف- بمزيد من الأهمية- أحد عناصر الاستراتيجية متعددة الأوجه؛ من أجل تهيئة الظروف للوصول إلى حل سياسي للنزاع".  وعلى الرغم من ذلك أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية مارس 2015م أنها تعمل مع الكونجرس لتقديم مساعدات غير قتالية للمعارضة السورية بقيمة نحو 70 مليون دولار؛ ليصل مجمل المساندة الأمريكية إلى قرابة 400 مليون، وإن هذه الأموال تهدف إلى توفير خدمات مجتمعية أساسية، ومساندة وحدات منتقاة من المعارضة السورية والتدريب الأمني الرقمي وتوثيق جرائم الحرب وغيرها من انتهاكات النظام السوري
أموال واشنطن.. دعم
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي «أليستير باسكي» في بيان: "لطالما قلنا: إن الأسد يجب أن يرحل وأن يتم إبداله من خلال انتقال سياسي عبر التفاوض يكون مُعبِّراً عن إرادة الشعب السوري، وإنه بهذه المساعدات غير الفتاكة التي أعلن عنها في الذكرى السنوية الرابعة لقيام الثورة على «الأسد» يصل مجمل المساندة الأمريكية إلى قرابة 400 مليون دولار".
وقال لوخ كيه جونسون أستاذ الشئون العامة والدولية بجامعة جورجيا والخبير في شئون الاستخبارات: "إن تاريخ دعم الولايات المتحدة للجماعات المسلحة مشوب بالكثير من الاختلاط، وإنك بحاجة إلى أناس جيدين ومخلصين فعلًا ومستعدين للقتال على الأرض وزاد مسار النزاع السوري من الشكوك المثارة حول ولاء وقدرات المعارضة السورية؛ فسنوات الحرب الأهلية الدامية، قد أدت إلى انقسامات عدة بين القوات التي تحارب قوات الأسد الحكومية، مع ازدياد عدد المقاتلين الذين يدينون بالولاء إلى الجماعات المتطرفة مثل تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة"".
أموال واشنطن.. دعم
مما سبق نستطيع أن نؤكد على أن الولايات المتحدة بشكل عام دائمًا ما تبحث عن مصالحها من خلال الدعم المادي لأي فصيل مسلح معارض في أي دولة في العالم، ولكن الحالة السورية تتمازج فيها الرغبة الأمريكية  بين الدعم النزيه للمعارضة للتخلص من النظام السوري وتأجيج الصراع السوري من أجل تحقيق مصالحها على أنقاض المتصارعين. 

شارك