تجدد الخلافات المتتالية لإخوان الأردن يُهدد بـ"تصدع" الجماعة وذراعها السياسي
الخميس 05/نوفمبر/2015 - 04:19 م
طباعة
لا تكف جماعة الإخوان المسلمين في الأردن عن إظهار خلافاتها السياسية التي تنشب كل فترة بين أعضائها بسبب المصالح والمنافع الحزبية التي ترغب في تحقيقها الجماعة، بمشاركتها في الحياة السياسية، وهو ما أحدث انشقاقًا بين أعضائها جعل الكتلة المتشددة تسيطر على الجماعة وتواجه كل من يخالفها الرأي بالفصل والإقصاء من التنظيم.
وتجسدت تلك الإجراءات القمعية مؤخرًا في إعلان حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، عن فصل 7 من أعضائه تقدموا قبل يومين باستقالتهم من الحزب اعتراضاً على نهجه وسعياً لتأسيس حزب موازٍ، وقال الحزب في بيان: "قرر المكتب التنفيذي لحزب جبهة العمل الإسلامي في جلسته التي عقدها يوم الثلاثاء 3/11/2015 إنهاء عضوية سبعة أشخاص من أعضائه نظراً لقيامهم بنشر إعلان يتضمن إنهاء عضويتهم من الحزب وبصورة غير أصولية وقانونية، وأن عضوية هؤلاء الأشخاص منتهية اعتباراً من تاريخ 1/11/2015م" .
اللافت أن الـ7 من مؤسسي جمعية جماعة الإخوان المسلمين هم من طلبوا إنهاء عضويتهم من حزب جبهة العمل الإسلامي اعتباراً من 1 من شهر نوفمبر 2015م، وهم المراقب العام للجمعية الذنيبات، وأمين السر خليل عسكر، ممدوح المحيسن، وعلي الطراونة، جبر أو الهيجاء، قاسم الطعامنة ومحمد القرامسة، ويعود سبب الاستقالة وفق ما صرح به المراقب العام لجمعية جماعة الإخوان المسلمين الدكتور عبد المجيد الذنيبات إلى أن الجمعية بصدد إنشاء حزب جديد؛ احتجاجًا على موقف الحزب المنحاز من الجماعة وتعبيرًا عن عدم الرضى عن موقفه من عدد القضايا المحلية والإقليمية.
وتعد هذه الخلافات حلقة من حلقات الخلافات الداخلية لجماعة الإخوان المسلمين الأردنية التي بلغت أشُدها، إثر تصريحات تصعيدية ضد مؤسسات الحكم أطلقتها شخصيات محسوبة على تيار الصقور المسيطر على مقاليد حكم الجماعة، في حين دعت شخصيات محسوبة على تيار الحمائم إلى التخلص مما وصفتها بـ"العناصر التأزيمية" داخل التنظيم القوي، فيما اعتبرت أخرى أن تصريحات بعض قادة الإخوان "لا قيمة لها".
ولاحت نذر الخلاف في الأفق خلال الأيام الماضية بعد قيام حمزة منصور الأمين العام لحزب بجبهة العمل الإسلامي بإرسال برقيات تهدئة إلى النظام في خصوص الملف المصري، قرئت من قبل دوائر القرار على نحو إيجابي، خلافاً للبرقيات الساخنة التي قدمها مراقب الجماعة (الصقوري) همام سعيد وحليفه القوي زكي بني أرشيد، صاحب النفوذ الواسع لدى الإخوان، الذي لم يتردد في اتهام أركان الدولة بدعم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ضد الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي، الآتي من رحم الجماعة الأم.
وصعد الخلاف مجدداً داخل الجماعة التي تحشد أنصارها من خلال المساجد بعد إعلان القيادي الحمائمي البارز نبيل الكوفحي، نجل القيادي التاريخي في الجماعة أحمد الكوفحي، ترشحه للانتخابات المحلية وقتها، على رغم إعلان «الإخوان» مقاطعتهم لها، لكن الكوفحي عاد ليعلن خلال الساعات الماضية، وعلى نحو مفاجئ، عدوله عن الترشح لأسباب قال إنها «صحية»، في حين علم أن تراجعه جاء بعد أن قرر قادة التيار المتشدد إخضاعه إلى محاكمة داخلية تضمن إطاحته من تنظيم الجماعة القوي.
هذا وتواجه جماعة الإخوان المسلمين في الأردن أزمة هي الأخطر في تاريخها منذ تأسيسها 1945، بعد حصول مجموعة من قياديي الجماعة على قرار حكومي بإعادة ترخيصها كجمعية تابعة لوزارة التنمية السياسية، مما أدخل الجماعة في جدل واسع حول الشرعيات، مع تبادل الاتهامات بالمسئولية عن الأزمة بين المكتب التنفيذي المتهم بـ"التعنت" والمجموعة التي تقدمت بطلب الترخيص ويتهمها خصومها "بالانقلاب والاستقواء بالدولة".
ويمكن إرجاع أسباب الخلاف الرئيسية داخل جماعة الإخوان في الأردن لما يلي:
1- اتهام كل من تيار "الحمائم" و"اللجنة التحضيرية لإصلاح جماعة الإخوان المسلمين" لقيادة الجماعة الحالية ممثلة في المكتب التنفيذي الذي يرأسه الدكتور همام سعيد بقيادة تيار إقصائي، وبالعمل على تحريك تنظيم سري داخل الجماعة، وبتزوير الانتخابات من خلال "شراء الأصوات" و"شراء الذمم"، بينما يرد المكتب باتهام معارضيه برفض الخضوع لنتائج الانتخابات.
2- اتهام تيار "الحمائم" لقيادة الجماعة بالتعنت ورفض مبادرات الإصلاح، وعدم الالتفات للأصوات المعارضة لها، واللجوء بدلا من ذلك لتشويه هذه المعارضة، والاعتماد على شرعية الصندوق بدلا من شرعية التوافق، بينما يقول المكتب: إن دعاوى الإصلاح تتم خارج أطر الجماعة وتسعى للانشقاق عليها مبادرة زمزم مثالًا.
3- الاختلاف على برنامج الجماعة وعملها؛ حيث يتهم "الحمائم قيادة" الجماعة برفض العمل بأجندة وطنية أردنية وإيلاء القضية الفلسطينية الأهمية الكبرى في برامجها، وعدم الاهتمام بالقضايا الوطنية وهموم الأردنيين، وبالعمل لمصلحة تيار من حركة حماس يريد السيطرة على إخوان الأردن، بينما ينفي المكتب هذه التهم ويرد بعض مؤيديه باتهام تيار "الحمائم" بالتخلي عن دعم "القضية المركزية للأمة".
4- الطبيعة السرية للجماعة، والجدل حول برنامج الجماعة وأجندتها الوطنية، وعلاقة الإخوان بحماس وما يسمى "التنظيم الدولي". فالسرية هي المسئولة عن الصراع حول ما يسميه تيار "الحمائم" التنظيم السري الذي يقول الدكتور شرف القضاة (أحد زعماء هذا تيار "الحمائم") إنه موجود منذ الستينيات، وهو نفس الأمر الذي يؤكده الأستاذ عبد المجيد ذنيبات (رئيس اللجنة التحضيرية للإصلاح)؛ حيث يقول الرجلان: إن التنظيم السري قديم جدا، ولكنه ازداد قوة وتأثيرا في السنوات القليلة الماضية.
مما سبق نستطيع أن نؤكد أن هذه الخلافات جزء من خلافات تاريخية شهدتها الجماعة في الأردن بداية من عام 1997، عندما قدمت قيادات بارزة استقالاتها من الجماعة احتجاجًا على قرار مقاطعة الانتخابات النيابية، وفي عام 2007 عندما أعلنت قيادة الجماعة حل نفسها إثر خسارة فادحة منيت بها في الانتخابات، وفي الأعوام 2009 و2010 على خلفية قضايا تنظيمية بينها مطالبات بفصل ما عرف بالمكاتب الإدارية الخارجية المرتبطة بعلاقة تنظيمية بين الإخوان الأردنيين وحركة حماس الفلسطينية وهو ما يؤشر على أن الخلافات داخل الجماعة تتصاعد؛ مما يدفع بقوة نحو تصدع التنظيم الإخواني في الأردن.