"بابا الفاتيكان": للإسلام قيم بَنَّاءة والأصولية في كافة الأديان

الثلاثاء 01/ديسمبر/2015 - 11:47 ص
طباعة بابا الفاتيكان: للإسلام
 
"لا يمكن أن تلغي ديانة لمجرد وجود بعض أو كثير من الجماعات الأصولية في مرحلة ما في التاريخ"، مشيراً إلى أن الأصولية موجودة في كافة الأديان. جاء هذا التصريح المهم لبابا الفاتيكان فرنسيس الأول رداً على سؤال حول الهجمات الإرهابية التي نفذتها جماعات إسلامية أو منتسبة للإسلام. 
وحول العديد من لفتات الصداقة والاحترام تجاه المسلمين، قال البابا فرنسيس: "إن الحوار ممكن، فلديهم الكثير من القيم. وهي قيم بناءّة. لدي صديق مسلم، من قادة العالم. نحن قادران على التحدث فيما بيننا. لديه قيمه، ولدي قيمي. هو يصلي، وأنا أصلي أيضاً. هنالك العديد من القيم: الصلاة والصوم".
وأضاف البابا: "لا يمكنك أن تمحي ديانة لمجرد وجود بعض أو كثير من الجماعات الأصولية في مرحلة ما في التاريخ. صحيح، كان هنالك دائماً حروب بين الأديان. ونحن أيضاً بحاجة لطلب الغفران: فكاترين دي ميديشي لم تكن قديسة، فتلك الحرب استمرت ثلاثين عاماً، مذبحة عيد القديس برثلماوس. علينا أيضاً أن نطلب الصفح"، وذلك في إشارة منه إلى حرب الثلاثين عاماً في القرن السابع عشر، والتي شهدت تأليب الكاثوليك ضد البروتستانت".
وتابع البابا أمام الصحفيين: "على متن الطائرة البابوية العائدة إلى العاصمة الإيطالية روما بعد جولة في ثلاثة بلدان إفريقية: "لكن لديهم (المسلمين) قيماً، والحوار ممكن. فاليوم ذهبت إلى مسجد، وأراد الإمام أن يأتي معي. البابا والإمام على حدّ سواء في سيارة الباباموبيل. فكروا في جميع الحروب التي خضناها نحن المسيحيين. لم يكن المسلمون مسئولين عن احتلال روما".
وكان البابا فرنسيس قد التقى ممثلين عن الجماعة المسلمة في مسجد كودوكو في عاصمة جمهورية إفريقيا الوسطى بانغي ووجه البابا خطابا استهله معرباً عن امتنانه الكبير على حفاوة الاستقبال الذي لاقاه، لافتاً إلى أن زيارته لهذا البلد الإفريقي لن تكتمل إن لم يلتقي بالجماعة المسلمة. هذا ثم أكد البابا فرنسيس أن المسيحيين والمسلمين إخوة، وبالتالي ينبغي أن يتصرفوا على هذا الأساس، وأشار في هذا السياق إلى الاضطرابات الأخيرة وأعمال العنف التي شهدتها البلاد وجرت لدوافع دينية.
وشدد البابا في هذا السياق على ضرورة أن يكون من يؤمن بالله رجل سلام، مذكّرا بأن المسيحيين والمسلمين وأتباع الديانات التقليدية عاشوا بسلام لسنوات طويلة في تلك الربوع. ومن هذا المنطلق سلط البابا الضوء على ضرورة الحفاظ على الوحدة من أجل وقف الأعمال والممارسات التي تشوه وجه الله، وترمي غالبا إلى الدفاع عن المصالح الخاصة على حساب الخير العام. وتابع قائلاً: يجب أن نقول معاً "لا للحقد، لا للانتقام، لا للعنف خصوصاً ذلك الممارس باسم الدين وباسم الله لأن الله سلام".
بعدها اعتبر البابا أنه في هذه الأزمنة المأساوية التي نعيش فيها شاء المسئولون الدينيون، المسيحيون والمسلمون، الارتقاء إلى مستوى التحدي وقد اضطلعوا بدور هام من أجل استعادة التناغم والإخوة بين الجميع. ولذا- قال البابا- "أود أن أعبر لهؤلاء عن امتناني وتقديري، كما لا بد أن نذكّر بمبادرات التعاضد التي أظهرها المسيحيون والمسلمون حيال مواطنيهم المنتمين إلى ديانات مختلفة إذ قدموا لهم الضيافة والحماية خلال الأزمة الأخيرة التي عصفت بالبلاد على غرار ما حصل في أنحاء أخرى من العالم".
هذا ثم أمل البابا أن تعطي الانتخابات الوطنية المقبلة مسئولين للبلاد يكونون قادرين على توحيد سكان جمهورية إفريقيا الوسطى ليصيروا هكذا رمزا للوحدة الوطنية لا ممثلين عن بعض فصائل المجتمع. في هذا السياق شجع البابا الجميع على جعل البلد بيتًا مضيافًا لجميع أبنائه، بدون أي تمييز يستند إلى الانتماء العرقي، السياسي أو الديني. وتمنى أن تتمكن جمهورية إفريقيا الوسطى، الواقعة في قلب القارة الإفريقية، من أن تقدم للقارة برمتها دفعا في هذا الاتجاه، مشيرًا إلى أن هذا البلد قادر على التأثير إيجابيًّا والإسهام في إطفاء نيران التوتر الراهنة والتي تمنع الأفارقة من الإفادة من النمو الذي يستحقونه.
في ختام خطابه إلى الممثلين عن الجماعة المسلمة في مسجد كودوكو في عاصمة جمهورية إفريقيا الوسطى طلب البابا من الحاضرين أن يصلوا ويعملوا معًا من أجل المصالحة والأخوة والتضامن بين الجميع، دون نسيان الأشخاص الذين تألموا أكثر من غيرهم جراء الأحداث الأخيرة.

شارك