المفاوضات الروسية السعودية حول سوريا.. بداية إيجابية أم تعقيد جديد للأزمة؟

الثلاثاء 08/ديسمبر/2015 - 11:05 ص
طباعة المفاوضات الروسية
 
على الرغم من التباين الواضح فى المواقف السعودية الروسية حول سوريا الا أن هذا الامر لا يمنع من التباحث بين الطرفين حول الأزمة  وهو الامر الذى فتح له مؤتمر الرياض الذى ترعاه المملكة العربية السعودية للمعارضة السورية  افاق  جديدة حيث بحث وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، القضايا الإقليمية والوضع في سوريا.
المفاوضات الروسية
وأبدى لافروف خلال اتصال هاتفي تأييده لمشاركة أكبر عددٍ من ممثلي المعارضة السورية في مؤتمر الرياض بهدف مساعدة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، في تشكيل وفد معارضة موحد كما بحث الجانبان خطط العمل ضمن إطار المجموعة الدولية لدعم سوريا، بما في ذلك عقد اجتماع جديد لمعالجة القضايا المتعلقة بتشكيل قائمة المنظمات الإرهابية على الأراضي السورية بالاضافة الى  استعداد بلاده للمشاركة في محادثات الأزمة السورية المزمع عقدها في نيويورك يومي الثامن عشر والتاسع عشر من شهر ديسمبر 2015م ، وذلك بعد دعوة تلقاها من نظيره الأميركي مشترطا للمشاركة أن يتم التوصل إلى إجماع في مواقف الأطراف الدولية قبل المحادثات، خصوصاً حول تصنيف المجموعات الإرهابية في سوريا والمجموعات المعتدلة التي يمكن أن تلعب دورا في العملية الانتقالية.
 هذا التناغم الظاهرى في الموقف السعودى لا يعنى قبول السعودية بالتدخل الروسى الفج لصالح الرئيس السورى بشار الأسد في سوريا فقد سبق وأعلنت عبر  مندوبها في الأمم المتحدة، عبدالله المعلمي، خلال كلمته أمام الجمعية العام للأمم المتحدة، برفض  الغارات الروسية التي استهدفت مواقع مدنية سورية في ريفي حمص وحماة، وأدت إلى مقتل 36 مدنياً؛ بينهم أطفال ونساء في سوريا وطالبت بوقفها  وإن الرياض قلقة من العمليات الروسية في سوريا.
المفاوضات الروسية
هذا الحديث يؤكد على أن  الموقف الروسى والسعودى ما زال متضادين فمنذ بداية الصراع في سوريا  وروسيا تدعم الحكومة السورية بمساعداتٍ عسكرية وتدريبٍ وقدرات استشارية ثم قرّرت  تحت دعوى  طلب الرئيس السوري بشار الأسد، التدخّل عسكرياً في سوريا إلى جانبه، وظاهرياً لهزيمة داعش في حين كانت السعودية قد طلبت ولا تزال من الأسد التنحّي من السلطة في مناسبات عدّة. وهذه ليست المرة الأولى التي تدعم فيها المملكة العربية السعودية وروسيا معسكرين متضادّين لاّ أنّ محاولةً لإعادة العلاقات بين السعودية وروسيا بدأت خلال حكم الملك عبدالله، ولا تزال قائمة حتى اليوم لا تزال السعودية وروسيا تبحثان عن بناء جسور بينهما  وحتى خلال الأزمة السورية، كانت الزيارات مستمرة بين السعودية وموسكو"
 المحلل السعودي حسن المصطفى،  أشار الى أن زيارة الأمير بندر بن سلطان لموسكو مرات عدّة، حيث التقى الرئيس فلاديمير بوتين، كانت من أجل  عقد اتفاقات حول الوضع في سوريا وإيجاد أرضية مشتركة بين وجهات نظر مختلفة  وفي مرحلة ما، كان هناك فرصة للتوصّل إلى اتفاق بالحدّ الأدنى بين الجانبين، ولكنّ ذلك لم يحدث لعدة أسباب اقتصادية وسياسية، بالإضافة إلى العملية التي استغرقت وقتاً طويلاً بسبب البيروقراطية في السعودية".
المفاوضات الروسية
 وقال الدكتور عماد سلامي، البروفسور المساعد في العلوم السياسية والشؤون الدولية في الجامعة اللبنانية الأميركية أنّ التوتّر بين السعودية وروسيا ليس بسبب دوريهما في سوريا و أنّ تدخّل روسيا في سوريا قد يعرّض وجود السعودية للخطر،  وسوف يقوّي تدخّل روسيا في المنطقة الدور الإيراني، منذ حصول أقوى تحالف في المنطقة بين روسيا وإيران ونتيجةً للقوة التي يتمتع بها التحالف الروسي- الإيراني والتراجع في الدور السعودي، لن يكون شيعة المنطقة على صلة بالهوية العربية وسوف يحاولون بناء هوية شيعية طائفية على علاقة بالحماية الإيرانية والروسية".
 وقدم بوريس زيلبرمان نائب مدير العلاقات في الكونغرس الأمريكي في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات رؤية جديدة قد تباعد بين الموقفين الروسى والسعودي في سوريا حيث أشار الى إن “بوتين بتدخله العسكري في سوريا نسي أمراً مهماً وخطيراً، أن حدث فسيغير قواعد اللعبة، وسيدخل موسكو في مستنقع لن تخرج منه إلا مهزومة حيث  تجاهل ما حصل للاتحاد السوفيتي في أفغانستان، الذي حدث بشكل أساسي حين قررت السعودية بالتعاون مع أمريكا دعم المجاهدين في أفغانستان بالعدة والعدد، ولا يخفى على أحد الآن غضب جميع الفصائل السنية المقاتلة في سوريا من المحاولات الروسية لدعم الأسد، سواء كانوا من الجهاديين أو المعتدلين، كما لا يخفي أن هناك دعوات سعودية لإنهاء الغارات الجوية الروسية.
المفاوضات الروسية
وأضاف: “قد تبدو الأمور على السطح بأن هناك علاقة صداقة بين المملكة العربية السعودية وروسيا،  ففي يوليو 2015م أعلنت المملكة العربية السعودية أنها ستستثمر ما يصل إلى 10 مليارات دولار في المشاريع الروسية الزراعية والأدوية والخدمات اللوجستية، وقطاعات العقارات والتجزئة الحقيقية، كما وقع الطرفان هذا الصيف اتفاق تعاون للطاقة النووية، يرافقه تقارير عن صفقات الأسلحة القادمة المحتملة لكن في الوقت نفسه، الحرب الاقتصادية السعودية ضد روسيا جارية، رغم أن إيران هي الهدف الأساسي، إلا أن الروس يشعرون بالعبء الأكبر فبعد أن أصبح من الواضح بشكل متزايد أن روسيا وإيران ملتزمان بدعم نظام الأسد في سوريا، رفض السعوديون الحد من زيادة المعروض من النفط في الأسواق العالمية، الأمر الذي أضر بالاقتصاد الروسي والإيراني بشكل واضح، حيث استندت ميزانياتهما على 80-90 دولاراً للبرميل، في حين وصل سعر النفط حالياً إلى 45 دولاراً”.
 وشدد على أنه إذا  قررت السعودية دعم المجاهدين المتشددين، وتزويدهم بالأسلحة المتطورة، فإن القتال في سوريا سيسير على خطا الجهاد الأفغاني، لكنه سيجعل من العالم مكاناً أكثر خطورة، خاصة أن بعض الدعاة السعوديين وصفوا الصراع مع روسيا بأنه صراع ديني، بعد أن وصفت الكنيسة الأرثوذوكسية في روسيا، التدخل الروسي العسكري في سوريا بأنه معركة مقدسة وأن سوريا ستكون مقبرة للروس، وأنها ستكون أفغانستان أخرى لموسكو. 
 مما سبق نستطيع أن نؤكد على أن المفاوضات الروسية السعودية  الجديد حول سوريا كما هى بداية ايجابية  قد تكون  ايضا بداية لمزيد من تعقيد الأزمة التى يقف فيها كلا الطرفين على النقيض وأن التناغم الروسى السعودى الأخير يخفى التباين الواضح  بين الطرفين  حول سوريا . 

شارك