مسيحيو المغرب .. مخاوف من التشدد ومطالبة بالحقوق
الأحد 13/ديسمبر/2015 - 01:16 م
طباعة
ناشد مسيحيون مغاربة الملك محمد السادس، بحمايتهم الأمنية مما سموه "التضييقات" التي يتعرضون لها، والترخيص بإقامة أنشطتهم التعبدية واحتفالاتهم الخاصة بتوجههم العقائدي بكل حرية، سواء في بيوتهم ومنازلهم، أو داخل مقرات الكنائس الرسمية بالبلاد.
مخاوف مسيحي المغرب:
وقال "بولس المغربي"، وهو لقب ممثل عن "الكنيسة المغربية"، في تصريحات لجريدة هسبريس، إنهم يستعدون في الأيام القليلة القادمة لتوجيه رسالة رسمية إلى الملك محمد السادس بخصوص مطلب الحماية الأمنية لهم، والسماح لهم بممارسة طقوسهم التعبدية بكل حرية".
وشدد "بولس المغربي"، الذي قال إنه يتحدث بلسان "الكنيسة المغربية"، على أن عددا من المسيحيين المغاربة لا يطمحون إلى شيء، سوى سماح السلطات الأمنية لهم بحرية ممارسة عقيدتهم، سواء في بيوتهم، أو داخل بعض الكنائس الرسمية، بدون تضييق أو ملاحقة قانونية".
وتساءل المتحدث، بالقول: "هل باستطاعة الحكومة، التي يقودها حزب العدالة والتنمية، والملك خاصة أن يقوم بحمايتنا سواء من ردة فعل المتطرفين إذا ما ظهرنا إلى العلن؟"، موضحا أن "مجموعة كبيرة منا تريد ذلك، إذ إن هناك بعض الأفراد يفضلون أن يقوموا بالعبادة بشكل سري".
وكشف "بولس المغربي" أنهم تلقوا اتصالات عديدة من وسائل إعلامية داخل وخارج البلاد، تخللتها أحيانا اتصالات هاتفية تتضمن تهديدات لهم من جهات سماها بالمتطرفة، وهو ما جعلهم يغلقون الخط الهاتفي المتوفر مؤقتا" بحسب تعبيره، قبل أن يردف بأن "هناك العديد من المسيحيين المغاربة الذين انخرطوا بشكل سري داخل الكنائس الرسمية".
وبخصوص ماهية ومعنى "الكنيسة المغربية"، أفاد المتحدث أن مصطلح الكنيسة يعني في معتقدنا: جماعة المؤمنون، وبالتالي الكنيسة المغربية هي جماعة المؤمنون المغاربة، وكما أننا لسنا كنيسة واحدة، بل مجموعة كنائس، أي جماعات، تنضوي تحت اسم الكنيسة المغربية.
تاريخ الوجود المسيحي:
يعود وجود المسيحيين بالمغرب إلى العصور الأولى، لانتشارها على يد مبشرين عبروا اليها من فلسطين والدول المجاورة فاعتنق الكثيرون من المغاربة الايمان المسيحي وخاصة من البربر" الامازيغ" وقد بنيت الكنائس على مساحة المملكة، ولكن بدأ الانتشار المسيحي بالانحسار وعدد المسيحيين ينخفض مع وصول الفتوحات الاسلامية الى المغرب بقيادة عقبة بن نافع حوالي سنة 681م.
اما عن الوجود المسيحي في العصر الحديث، كان للتبشير المسيحي "التنصير" والاجانب دورا في اعادة وجود المسيحية في المغرب، ففي عام 1900 كان بالمغرب سبع جمعيات تبشيرية موزعة على مركزا بفاس ومكناس وصفرو ومراكش. وفي عام 1921 بلغ عدد المبشرين اثنين وثلاثين موزعين في بركان، الدار البيضاء، وجدة، كرسيف، القنيطرة، مراكش، الجديدة، مكناس، الصويرة، واد زم، الرباط، آسفي، سطات، تاوريرت، تادلا وتازة. ولم تخف البعثات المسيحية منذ 1915 رغبتها في تنصير المغاربة،مستعينة بأمثال ميشو بيليرمتشجعة بنتائج التمسيح لدى القبابلية بالجزائر،ومن هنا بدأ الشعور بضرورة تمسيح الأمازيغ المتمردين الذين لا يمكن استيعابهم إلا بتمسيحهم.
وبحسب إحصائيات أسقفيّة الرباط وصل عدد الأهالي المنصرّين إلى (158) عام 1939 وعدد أفراد الجالية المسيحية بالمغرب إلى 200,000 بين عامي 1940 و1941. وغداة الحرب العالمية الثانية دعا الأسقف (بالفرنسية: Lefèvre) اليسوعي بالمغرب إلى تأسيس مدرسة فلاحية في تمارة ولكن الدعوة بدأت تخبو بعد صدور التصريح الدولي لحقوق الإنسان عام 1948 فبدأت مرحلة الحوار الحر، عن طريق الكرم والإحسان وأصبحت جمعية (بالفرنسية: Maroc Monde) منبرًا للودادية المغربية التي تضم يهودًا ومسلمين ومسيحيين.
وفي عام 1944 ظهرت مجلة (بالفرنسية: Terres d’Afrique) لصاحبها (بالفرنسية: Paul Butin) ثم (بالفرنسية: Méditerranée) عام 1946 لمحاربة الإدارة المباشرة التي كانت تمارسها الحماية.
بدأت بعد الإستقلال (1956- 2005) بدأت مرحلة الحوار أو التسامح وقد بلغ عدد المسيحيين في أسقفتي الرباط وطنجة (478,000) أي 5.2% من عدد السكان؛ علمًا أنه عقب استقلال المغرب اضطّر عدد كبير من المسيحيين خصوصًا من الأقدام السوداء ورجال الدين الهجرة.
وفي عام 1983 تقرر وضع نظام رسمي للكنيسة المسيحية بالمغرب في رسالة وجهها الملك الحسن الثاني يوم 30 ديسمبر 1983 إلى البابا يوحنا بولس الثاني.
و بغض النظر عن وجود مسيحيين من اصل مغربي في المملكة اليوم، لا بد من الإشارة الى انه يسكن في المغرب مئات الآلاف من المسيحيين الأجانب يمعملون في مجالات مختلفة، وهم ينحدرون من دول أوروبية واميركية وآسيوية وافريقية. وبحسب احصائيات غير رسمية فهم يشكلون حوالي 5 بالمئة من السكان، موزعين على مختلف المناطق في المملكة وبشكل خاص في المدن الرئيسية والكبرى، كالدار البيضاء وطنجة. كذلك تنتشر في المغرب كنائس ومراكز خدماتية مسيحية مثل كاتدرائية الدار البيضاء وكنيسة القديس اندرو في مدينة طنجة. هذا بالإضافة الى كنائس أخرى غير معلن عنها رسمياً يقوم بالخدمة فيها.
عدد مسيحي المغرب:
وبلغ عدد معتنقي الديانة المسيحية بالمغرب في 2012، 400 ألف مسيحي بحسب تقديرات غربية.
وأشارت عدد من الصحف إلى تحول بين 25,000 إلى 45,000 مغربي للمسيحية في السنوات الأخيرة. ويعود هذا النمو المتزايد بسبب المواقع المسيحية والفضائيات المسيحية التي تنتقد الإسلام. وحسب تقرير للدراسات بالولايات المتحدة بتعاون مع السفارة الأمريكية بالمغرب، أفاد واعتمادًا إلى استطلاع الرأي، بأن عدد المغاربة ممن تحولوا إلى المسيحية خلال الربع الأول من العام 2012 وصل إلى 8,000 شخص. وينتمي المسيحيين المغاربة إلى مدن مختلفة والى شرائح إجتماعية مختلفة، الشريحة الأكبر من معتنقي المسيحية هي من الشباب فضلًا عن وجود عائلات بكاملها اعتنقت الديانة المسيحية.
و يتكون المجتمع المسيحي المغربي من كنيستين رئيسيتين وهي الكنيسة الرومانية الكاثوليكية والبروتستانتية. معظم المسيحيين يقيمون في الدار البيضاء والمناطق الحضرية مثل الرباط.
القسم الأكبر من مسيحيي المغرب هم من ذوي الإصول الأوروبية خصوصًا الفرنسيّة والإسبانيّة ممن سكنوا إبّان الإستعمار، بالإضافة إلى سكان محليين من أصول مسلمة وغالبًا ما يمارسون شعائرهم الدينية بسرية وبكنائس خاصة فيهم وأغلبهم اعتنق البروتستانتية بشكل خاص.
تملك الكنائس المسيحيّة خاصًة الكنيسة الرومانية الكاثوليكية العديد من المؤسسات الإجتماعية والتعليميّة. على سبيل المثال تضم مؤسسات التعليم الكاثوليكي بالمغرب ست عشرة مؤسسة موزعة على الأراضي المغربية، أربع مؤسسات بالقنيطرة، وخمسًا في الدار البيضاء، وثلاثًا في مدينة الرباط، وواحدة في مكناس، واثنتين بالمحمدية، وواحدة في مراكش.
وفي 2013 افتتح معهد الموافقة في العاصمة الرباط والذي يهدف إلى تكوين المكونين الدينيين المسيحيين الكاثوليك والبروتستانت. والجامعة أحدثت بتعاون بين معهد باريس الكاثوليكي وكلية اللاهوت البروتيستانتي باستراسبورغ. وتهدف مؤسسة معهد الموافقة إلى توفير التدريب الأكاديمي في اللاهوت باللغة الفرنسية، وسيكون في خدمة الكنيسة بالمغرب. وقد تم وضع برنامج أكاديمي جاد وشامل على مدى 5 سنوات يسعى إلى التوازن بين متطلبات واحتياجات اللاهوت البروتستانتي والكاثوليكي في سياق بيئة مسلمة مثل شمال أفريقيا.
مطالب بحقوق:
ومع ارتفاع موجهة التطرف والتشدد طالب مسيحي المغرب من الحكومة والملك محمد السادس، بحمايتهم من موجهة التطكرف والاعتداء عليهم بسبب العقيدة، وبعدما أن أفتى المجلس العلمي الأعلى في المغرب بقتل المرتد، هناك تخوف كبير من طرف المغاربة المسيحيين أن يكونوا هم أول ضحية سيتم تقديمها لتنفيذ هذه الفتوى.
كما طالب أحد المغاربة المسيحيين بحقوق سبعة للمسيحيين من بينها: حق تغيير العقيدة، حق تسمية الأطفال تسمية مسيحية، حق زواج المغربيات المسيحيات بمسيحيين أجانب، حق الاجتماع والعبادة، حق الحصول على الكتاب المقدس باللغات المحلية، حق تدريس أبناء المغاربة المسيحيين في مدارس خاصة وإعفائهم من التربية الإسلامية.
الدستور والمسيحية:
وطبقًا للمادة الثالثة من الدستور المغربي "يضمن للجميع ممارسة حرية المعتقدات"، لكن يحظر القانون الجنائي المغربي التحول إلى ديانات أخرى غير الإسلام.
وفي 28 أغسطس 2013 اعتقلت السلطات المغربية شاب يعتنق المسيحية يدعي محمد البلدي بمدينة تاونات بتهمة "زعزعة عقيدة مسلم" وفق المادة 220 من القانون الجنائي، وتم الحكم عليه بعامين ونصف سجنا نافذا وغرامة مالية قدرها 5000 درهم.
يبدو المسيحية في المغرب ستدخل محني اخر، وستدفع ثمن التطرف والتشدد، مع وصول حزب العدالة والتنمية "المحسوب علي جماعة الاخوان المسلمين" الي الحكم، فهل سنفتح القصري الملكي علي مطالب مسيحي المغرب، ويبقي علي صورة التسامح المعروف بها أم ان سيبقي الوضع كما هو عليه.