الرفيق اوبامافيتش (товарищ Абрамович )
الثلاثاء 15/ديسمبر/2015 - 08:55 م
طباعة
فى مطلع القرن الماضى أستيقظ العالم على خبر الانهيار المفاجىء للاتحاد السوفياتى, كان الحدث مفاجئاً و غريبا, و بدا للمتابع ان الجنس السلافى فى طريقه ليخسر كل شىء حتى سيادته على اراضيه التى يعيش عليها منذ قرون, وأتجهت الانظار نحو جمهورية روسيا الاتحادية التى تحتشد بثقافات و عرقيات مختلفة فى إنتظار لحظة التفكك و الإنهيار, فالمشهد السياسى و الإجتماعى وقتها كان يشير بوضوح إلى أن الانهيار قادم لا محالة و الموضوع مسألة وقت فقط. الأوضاع السياسية تشير إلى عدم سيطرة الحكومة المركزية على الأقاليم و طغت النزعات الإنفصالية على دواعى المركزية, و بدأت بوادر الإنهيار الإجتماعى فى إتجاه بوصلة مشاعر الغالبية العظمى من الشباب فى تلك الفترة نحو الغرب و خاصة العيش على النموذج الامريكى و كان هذا الوضع الاشد خطورة برأيى, فالأمة الروس لها طبيعة خاصة جدا لا يعرفها الا من عايشها و درسها, فهى أمة تعشق ثقافتها و ترتبط بتراثها و أرضها بشدة, وقتها شاهدنا محاولة تفريغ روسيا من أثمن ما تملكه, عقولها فى جميع المجالات و التخصصات النادرة و رأينا هجرة الألاف منهم الى أمريكا و سويسرا و إيران و بالطبع إسرائيلو غيرها من البلدان التى قدمت لهم الإغراءات مما يفوق قدرتهم على مقاومتها. شاهدت بنفسى النمط الموسيقى الذى تحول كثير من الشباب لسماعه, فالمحلات تصدح بأغانى تافهة باللغة الروسية على الانغام الأمريكية الشيطانية المتوترة, كان هذا النمط من الاغانى الموسيقية التى كان يسمعها الشباب وقتها و يشير بوضوح و بشدة الى انهيار القيم العظمى التى تربت عليها الأمة الروسية, الشباب تحول لقرأة القصص الامريكية التافهة بعد ان كان يغتنم وقت المواصلات فى قراءة نفائس الكتب. كان كل شىء يوحى ببداية النهاية حتى جاء بوتين بفترتى و لايته, الفترة الاولى و هى التى استعاد فيها بعض من الكبرياء الروسى ثم الفترة الثانية و هى التى وضع فيها روسيا على بداية طريق الانطلاق, عندما أقول طريق الإنطلاق فقط فذلك لأن الحلم وقتها لم يكن ليتجاوز ان تجد روسيا مكانا لها بين كبار أوربا, فالمؤكد وقتها أن أحداً من بين أفراد الامة الروسية لم يكن ليجرؤ على الحلم بسيادة العالم.
بدأ باراك حسين أوباما الرئيس الرابع و الاربعين لأمريكا فترة ولايته الاولى فى 4 نوفمبر سنة 2008 حاملاً لقب "الأول"| كثيراً, فهو أول رئيس أمريكى من أصول أفريقية و أول رئيس أمريكى ذو بشرة داكنة, و أول رئيس جده مسلم (باراك اوباما ينتمى للكنيسة المسيحية المثيولودية), بالإضافة لكونه اول رئيس أمريكى يتفائل بقدومه العالم الاسلامى خيراً. اللافت للنظر ان باراك أوباما تقلد السلطة فى امريكا بعد انتهاء الفترة الثانية لولاية فلاديمير بوتين و تحوله ليترأس الحكومة الروسية,بعدما فعل ما يفوق الخيال فى الثمان أعوام الى تقلد فيها مقاليد الحكم, وإن كانت معرفتى بالشعب الروسى تجعلنى أصدق معجزته التى تحولت لواقع لأنه من أمة فقط كانت تحتاج لقائد يعيد شحذ همتها و يجدد دوافعها. على الجانب الأخر مع تولى باراك أوباما للحكم فى أمريكا نجد أن الرجل بذل قصارى جهده لتضييق الفجوة بين أمريكا و روسيا
فقاد أمريكا من فشل لفشل و من أزمة لأزمة, فالشعب الأمريكى تشتت بصره بين فشل أوباما الشخصى و بين فشل شريكته (هيلارى كيلنتون) وزيرة الخارجية التى جابت العالم شرقه و غربه شماله و جنوبه من أجل و نشر القيم الامريكية الفاسدة عبر العالم و لكنها فشلت بجدارة بإعترافها الضمنى فيما اعتبرته هى مذكرات رحلتها. أقول ان باراك اوباما لم ينجح فقط فى تضيق الفجوة بين امريكا و بين روسيا بل أن الرجل مع إقتراب فترة ولايته الثانية من نهايتها أستطاع أن يجعل روسيا قائدة العالم, فقد تمكن أوباما من جعل العالم يكفر بكل القيم الامريكية, فالرجل نجح فى كشف مخططات امريكا لاشعال الحروب حول العالم و خير مثال هنا هو الملف السورى, فقد خرج السيد أوباما ليعلن للعالم بكل صلف انه سيدك سوريا و (يخرب بيتها و يشتت شملها) لان جيش النظام السورى قام بضرب الجيش الحر المعارض بالاسلحة الكميائية و اعلن الرجل لا فض فوه ان الدك سيبدأ يوم الخميس فى نهاية الاسبوع و إنه لا رجعة فى ذلك تحت أى مسمى, و لكن قبل ان يأتى هذا الخميس الموعود كانت روسيا قد اظهرت للعالم الصورة الحقيقية للوضع, فعن طريق الاقمار الصناعية كشفت روسيا للعالم أن الجيش الحر المدعوم من أمريكا هو من الذى أستخدم الاسلحة الكميائية ضد خصومه. فى أثناء الازمة الاوكرانية شاهدنا أوباما يهدد و يتوعد روسيا بالويل و الثبور و عظائم الأمور إذا أقدمت روسيا على ضم أقليم القرم ذو الاغلبية الروسية و إنه بمساعدة حلفائه فى الإتحاد الأوربى سيفرضون عقوبات إقتصادية رهيبة من شأنها أن تقوض الإقتصاد الروسى و تجعل شعبه يموت جوعاً. الان و بعد مرور أكثر من عام ماذا حدث, نعم بالفعل فرضت العقوبات الإقتصادية و لكن دول الإتحاد الأوربى هى من تأثرت بإعتراف هذه الدول, أما سكان أقليم القرم فينعمون بدفء الوطن الروسى بعد الإنضمام الرسمى و القانونى لجمهورية روسيا الإتحادية, هذا بعض من فيض من مأثر السيد اوباما الذى يستحق لقب عن جدارة و إستحقاق (الرفيق أوباما).
عزيزى السيد أوباما نحن نرى العالم الأن شرقه و غربه يتسابق لشراء السلاح الروسى و يسعى حثيثاً للانضمام لأى تجمع سياسى او اقتصادى تدعو إليه روسيا, بينما فى عهدك الميمون سيد أوباما خسرت امريكا بسبب سياستك الكثير من مناطق نفوذها, و أصبحت تتلقى اللطمات الواحدة تلو الأخرى, لقد سألنى أحد الاصدقاء الأمريكان ممن ينتمون للحزب الديمقراطى ( حزب اوباما): "لماذا يفعل اوباما بنا ذلك لقد فقدت امريكا الكثير و تحولت لدولة تابع و ليست دولة سيادة فى عصر أوباما لماذا؟. حتى الحزب الديمقراطى شعبيته أنهارت, أنا لن أنتخب مرشحه القادم و كثيرون سيفعلون مثلى". كان ردى عليه سيدى لأ هو لم يفشل بل انه حقق الهدف بنجاح فهو ( الرفيق أوبامافيتش - товарищАбрамович ), نعم و لما لا فالرفيق اوبامفيتش يتصرف بطيش و نزق ليس له الا تفسير واحد هو أنه رجل معجب النمط الروسى فى كل شىء, الحياة و السياسة, فهو النمط الانسانى الذى يهتم بالبشر و لا يناقض التعاليم الاساسية للأديان السماوية فلم نسمع مثلا ان رئيس روسى بارك زواج المثليين و هنأهم بصدور حكم لصالح الاعتراف بزواجهم, و لم نسمع يوماً ان روسيا دمرت دولة اخرى بدعوى انها تملك اسلحة نووية ثم كشفت الايام كذب ادعائاتها, و لم نسمع ان روسيا تدخلت لتغير نمط الحياة و ثقافة و سلوك بلدان فى اسيا لان نمط المعيشة فيها لا يتناسب مع القيم و الثقافة الامريكية التى تعتمد بالاساس على التفسخ الاخلاقى و العيش ضد النواميس الكونية, و لم نقرأ يوما ان روسيا دخلت بقواتها للاستيلاء على ثروات البلاد حول العالم كما يحدث من أمريكا التى تعتمد فى إقتصادها على السلب و النهب لمقدرات الاخريين.
فشكرا ايها الرفيق أوبامافيتش