جرائم الحشد الشعبي تعود للواجهة وتضع "العبادى" فى مأزق جديد أمام العالم
الأربعاء 16/ديسمبر/2015 - 12:02 م
طباعة

على الرغم من أن الحديث عن وجود جرائم لمليشيات الحشد الشعبي الشيعية العراقية ضد السنة العراقيين تثير حفيظة الحكومة العراقية وتنفى وجودها باستمرار الا أن وثائق جديدة كشفت عنها وكالة "رويترز" أكدت على وجودها وأن الولايات المتحدة الأمريكية تجاهلت كثير من الانتهاكات التي كانت ترتكبها الحشد في العراق ما يضع هذه الميلشيات في مأزق جديد أمام العراقيين والعالم .

وحملت الوثائق الإدارة الامريكية مسؤولية إذكاء انقسام العراق طائفيا وعرقيا بسبب تغاضيها عن كثير من التجاوزات ما ساهم في زيادة قوة هذه الميليشيات بالاضافة الى اتهامات خطيرة للولايات المتحدة بتجاهل عمليات قتل وتعذيب ترتكبها ميليشيات ترعاها الحكومة العراقية وكشفت عن فضيحة تعود الى عام 2005 م حيث عثر جنود أميركيون داخل أحد مباني الشرطة العراقية على 168 سجينا في حالة مروعة نتيجة لتعرضهم للتعذيب والتجويع ليكشف العثور على هذا السجن السري الستار عن عالم من الخطف والتعذيب والاغتيالات يقف وراءها في ذلك الوقت ما يمسى بدائرة التحقيقات الخاصة التي كان يرأسها قياديون في منظمة بدر وهي إحدى المنظمات المسلحة العراقية التي تأسست في إيران وعادت للعراق بعد سقوط نظام صدام حسين.
الغريب على حسب الوثائق أن الحكومة العراقية في ذلك الوقت لم تتحرك لوقف تلك الانتهاكات أما الولايات المتحدة فأجرت تحقيقات انتهت نتائجها حبيسة الأدراج ولذلك تعود المخاوف اليوم من انتهاكات جديدة وسط تجاهل من الحكومة والولايات المتحدة كما حدث منذ عشرة أعوام فمنظمة بدر الآن هي مكون أساسي من ميليشيات الحشد الشعبي التي تقاتل داعش في العراق بل إن رئيسها هادي العامري هو قائد هذه الميليشيات وكشفت ايضا عن أن إدارة الرئيسين جورج بوش الابن وباراك أوباما عملت مع منظمة بدر في مناسبات عدة وأن واشنطن التي تسعى لهزيمة المتطرفين في العراق تجاوزت بشكل مستمر عن مخالفات ترتكبها الفصائل الشيعية وأن هذه التجاوزات أدت لإذكاء انقسام العراق طائفيا وعرقيا كما ساهم التغاضي عنها في زيادة قوة هذه الميليشيات حتى باتت توازي القوات الحكومية إن لم تتفوق عليها.

جرائم الحشد سبق وحذر منها الأزهر الشريف حيث أعرب في بيان له يوم الأربعاء، 11 مارس 2015 م عن بالغ القلق لما ترتكبه ما تسمى بـ”مليشيات الحشد الشعبي” الشيعية المتحالفة مع الجيش العراقي من ذبح واعتداء بغير حق ضد مواطنين عراقيين مسالمين لا ينتمون إلى داعش أو غيرها من التنظيمات الإرهابية وأنه يدين بشدة ما ترتكبه هذه المليشيات المتطرفة من جرائم بربرية نكراء في مناطق السنة التي بدأت القوات العراقية بسط سيطرتها عليها خاصة في تكريت والأنبار وغيرها من المدن ذات الأغلبية السنية.
وأوضح البيان أن ما ترتكبه هذه الجماعات من عمليات تهجير وقتل وإعدامات ميدانية ومجازر بحق المدنيين السنة، وحرق مساجدهم، وقتل أطفالهم ونسائهم بدم بارد بدعوى محاربة تنظيم داعش لهو جريمة وحشية يندى لها جبين الإنسانية جمعاء وعلى المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان للتدخل الفوري والعاجل لوقف هذه المجازر، وعلى الحكومة العراقية والمرجعيات الدينية المعتدلة في العراق إدانة مثل هذه الاعتداءات بشكل واضح، والتدخل الفوري لوقفها وضمان عدم تكرارها وعلى الجيش العراقي أن يدقق النظر في اختيار القوات التي تقاتل إلى جواره، وأن يتأكد أنها تقاتل “داعش” لا أهل السنة، وألا يسمح للميليشيات المتطرفة بالقتال تحت رايته وأن توحد القوات العراقية جهودها في مواجهة الجماعات المتطرفة والميليشيات الطائفية حفاظا على وحدة واستقرار البلاد.

وعلى الرغم من اعتراض الحكومة العراقية والحشد الشعبى على حديث الأزهر الشريف رغم صدقه الا أنها سرعان ما كشف مقربون منها على ان حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي يواجه قادتهم في اطار حربه على الارهاب باعتبارهم قادة للكتل النيابية، إضافة إلى كونهم من قادة الحشد الشعبي الذي يتحمل العبء الأكبر في العملية العسكرية ضد داعش، ما يعني أن أي إجراء بحق هؤلاء الرؤوس سينعكس سلباً على عمل الحشد الشعبي، وأن أي ضعف يصيب عمل الحشد الشعبي سيؤثر سلباً على موقع العبادي ودوره وأن تأجيل معاقبة رؤوس الفساد هو الخشية من تضعضع التحالف الشيعي تحديداً وارتداده على الحشد ودوره في محاربة داعش خاصة في هذه المرحلة التي تشهد فيها عملية إعادة بناء الجيش والقوات المسلحة عراقيل كثيرة سياسية ومالية وإدارية ولوجستية.
وبمرور الوقت أثبتت الأيام وجود جرائم للحشد الشعبي حيث أعلنت عشائر عراقية يوم الجمعة 23 أكتوبر 2015م عن أن ميليشيا الحشد الشعبي تقوم بأعمال انتقامية وأكدت مصادر عشائرية في محافظة صلاح الدين شمال بغداد، أن ميليشيات الحشد الشعبي تقوم بعمليات انتقامية كبيرة في بيجي، وانه بعد منع الشرطة المحلية من دخول المدينة، بدأت الميليشيات في تفجير العمارات السكنية والمباني الحكومية ومنازل تعود لضباط سابقين في الجيش العراقي ممن شاركوا في الحرب العراقية الإيرانية.

من جهة أخرى، أظهرت رسالة أرسلها عدد من قادة فصائل ميليشيات الحشد الشعبي إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي، خلافا كبيرا في العلاقة بين العبادي وقادة الحشد وبدأت الخلافات تتسرب من خلف الكواليس إلى العلن لتطرح نفسها وبوضوح على الساحة السياسية العراقية، وتركزت حول تمويل فصائل ميليشيات الحشد الشعبي وتسليحها ومستقبلها حيث قام أحد قادة الفصائل يدعى أبو مهدي المهندس بتوجّيه رسالة إلى رئيس الحكومة العراقية العبادي، يعرب فيها عن استيائه من الموازنة الهزيلة المخصصة للميليشيات وبضرورة وجود مقر رئيسي ومعسكرات ومراكز تدريب للميليشيات وأسلحة وعتاد، إضافة إلى تشكيل هيئة أركان تضم الحشد إلى جانب الجيش والشرطة.
هذه الرسالة سبقتها خلاف بين العبادي وقادة ميليشيات الحشد الشعبي في أكثر من مناسبة، لعل أبرزها كان الخلاف على مشروع قانون الحرس الوطني، والذي كان يفترض أن ينص على جمع الفصائل الشيعية المختلفة والمقاتلين من المحافظات السنية في تشكيل واحد يكون رديفاً للقوى الرسمية، وينحصر نطاق عمله داخل حدود كل محافظة ويتبع للمحافظين ولكن قادة ميليشيات الحشد الشعبي رفضوا مشروع قانون الحرس الوطني بتحريض من طهران، واعتبروه بمثابة محاولة لسحب الصلاحيات من قادة الحشد الحاليين.

مما سبق نستطيع أن نؤكد على وجود جرائم مليشيات الحشد الشعبي الشيعية العراقية ضد السنة العراقيين سوف يستمر ما دامت الحكومة العراقية تنفى وجودها وباستمرار وهو ما يضعها في مأزق وإحراج كبير أكام العراقيين والعالم .