تقرير "جنكنيز" عن نشاط الإخوان.. لعبة التوازنات البريطانية
الخميس 17/ديسمبر/2015 - 03:46 م
طباعة

جاء التقرير الذى أعدته بريطانيا اليوم الخميس 17 ديسمبر 2015، بشأن نشاط جماعة الإخوان المسلمين، ضمن اللعبة السياسية التي تقوم بها لندن لإرضاء دول المنطقة كالإمارات والسعودية وغيرهم، حيث خلص تقرير لجنة التحقيق البريطانية في نشاط جماعة الإخوان، إلي ارتباط الجماعة المباشر بالتطرف، فيما أكد رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون أن أى علاقة مع الإخوان المسلمين أو التأثر بهم مؤشر على التطرف، دون الإعلان المباشر إلي أن الإخوان جماعة إرهابية، ما يؤكد على أن لندن تتبع سياسة الموائمات لإرضاء دول المنطقة.

وكان التقرير قد تم تأجيل إعلانه بسبب ضغوط عربية ودولية، بعد أن جاء التقرير في صالح الجماعة ونفى عنها دعاوى الإرهاب، واتهم وزراء في مجلس الوزراء البريطاني بعدم نشر التقرير حتى لا يثيروا غضب السعودية وحلفاء آخرين.
وتعرضت الحكومة البريطانية إلى ضغوط من قبل حلفاء مثل السعودية تطالبها بحظر نشاط الإخوان المسلمين في بريطانيا لكنها لم تجد دليلا يقود إلى فرض هذا الحظر.
وكانت إحدى دول الخليج هددت بوقف صفقة اقتناء أسلحة من بريطانيا قيمتها مليار جنيه استرليني ، والحد من استثماراتها ووقف التعاون الاستخباراتي إذا لم تقم الحكومة البريطانية باتخاذ إجراءات تستهدف جماعة الإخوان ، التي صنفتها تلك الدولة على أساس أنها تنظيم إرهابي.
وفى بداية التقرير، قال السير جون جنكينز، أحد أكبر المسئولين الحكوميين البريطانيين وأكثرهم خبرة وكان يشغل منصب السفير البريطاني لدى السعودية، أنه قام في تقرير للجنة التحقيق التي كلفها رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، بالنظر في أعمال وتاريخ جماعة الإخوان المسلمين، وعرض اليوم أمام البرلمان البريطاني.
وأوضح أن أجرى تقييماً لوجهات نظر الإخوان بشأن العنف والإرهاب، ولجوء الإخوان المسلمين في مصر وفروع أخرى تابعة لهم إلى أعمال العنف، مؤكداً خلال تقريره أن حسن البنا قبل باستغلال العنف لأغراض سياسية، ونفذت الجماعة خلال حياته اعتداءات، بما فيها اغتيالات سياسية ومحاولات اغتيال ضد أهداف من رموز الدولة المصرية وضد مصالح بريطانية ويهودية.
وأضاف جينكنز في تقريره أن أبرز منظري الإخوان سيد قطب تبنى أفكار المنظر الهندوباكستانى أبو العلاء المودودى، مؤسس الحزب الإسلامي "الجماعة الإسلامية" لترويج عقيدة التكفير القائم على وصم مسلمين آخرين بالكفر أو الارتداد، ووصم دول حالية بأنها غير إسلامية واللجوء للتطرف العنيف سعيا لتأسيس مجتمع إسلامي ودولة إسلامية، وأن الجهاد ليس فقط روحيا أو دفاعا عن النفس. وتعقيباً على ذلك، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، أن التحقيقات التي تجريها بلاده حول التطرف أظهرت علاقات غامضة للإخوان مع جماعات العنف والإرهاب.
وفي وقت سابق قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، إن التقرير بشأن مراجعة أنشطة جماعة الإخوان سوف ينشر بالتزامن مع نشر الاستراتيجية الجديدة للحكومة لمكافحة التطرف، كما أصدر توجيهاته في أبريل 2014 ببدء المراجعة بهدف تحديد إن كانت الجماعة تشكل خطرا على الأمن القومي البريطاني.
وأرجع كاميرون أسباب تأخر نشر التقرير والتأجيل المستمر إلى نقطتين هما "المسائل المتعلقة بسياسات أوسع واستراتيجية أوسع"، قائلاً: "نعتبر أن المسائل المتعلقة بسياسات أوسع تنشأ من المراجعة والاستراتيجية الأوسع، ومن الواضح أنه سوف يكون هناك حاجة فيما بعد للقيام بتدابير أكثر شمولاً في البرلمان المقبل، لمواجهة تهديد التطرف على الولايات المتحدة، ودعم المجتمعات المحلية لتحدي أولئك الذين يعارضون القيم البريطانية".

وكان كاميرون قال الشهر الماضي إن التقرير سينشر قبل حلول أعياد الميلاد لكنه أشار إلى أن الحركة لن تحظر في بريطانيا بوصفها مجموعة إرهابية.
وخلص تقرير اليوم الخميس 17 ديسمبر، إلي قول كاميرون بأن مراجعة بلاده لسلوك عناصر الإخوان، كشفت أن قطاعات من الجماعة لها علاقة مشبوهة بقوى التطرف والعنف، مشيرًا إلى أنه يأمل في تحقيق بعض التقدم في إعادة تفاوضه على علاقة بلاده بالاتحاد الأوربي، خلال لقائه مساء اليوم ، مع قادة الدول الـ27 خلال قمة المجلس الأوربي.
وقال كاميرون في بيان مصاحب للتقرير إن هناك قطاعات من الإخوان لها علاقة مشبوهة بقوة مع التطرف المشوب بالعنف، أصبحت الجماعة كفكر وكشبكة نقطة عبور لبعض الأفراد والجماعات ممن انخرطوا في العنف والإرهاب.
وأضاف أن حكومته ستكثف مراقبتها بشأن آراء وأنشطة أعضاء الإخوان المسلمين، قائلا: "وجد أن لفروع الجماعة صلة بما وصفه بالتطرف العنيف مضيفا أن قرار حظر الجماعة من عدمه في بريطانيا مازال قيد المراجعة".
وأكد على أن الحكومة ستقوم بالتدقيق والفحص في أفكار الجماعة وأعضائها في بريطانيا، كما ان بريطانيا ستمتنع عن اصدار تأشيرات السفر لأعضاء الجماعة الذين يدلون بتصريحات متطرفة.
وقال إن الجماعات المتحالفة مع الإخوان المسلمين والمتأثرة بها تصنف بريطانيا احيانا بأنها معادية بشكل كبير للدين الاسلامي والهوية الاسلامية، وتساند هذه الجماعات الهجمات التي تقوم بها حركة المقاومة الاسلامية حماس.
وأضاف: لذلك فإن العديد من اوجه عقيدة الاخوان المسلمين ونشاطاتها تتعارض مع القيم البريطانية كالديمقراطية وحكم القانون والحرية الشخصية والمساواة والاحترام المتبادل والتسامح مع الاديان والمعتقدات المختلفة."
وجاء في تصريح أصدره رئيس الحكومة بالتزامن مع نشر التقرير، "لأقسام من حركة الإخوان المسلمين علاقات غامضة جدا مع العنف المتطرف، فقد كانت - كعقيدة وكتنظيم - جسرا عبر من فوقه بعض من اللذين انخرطوا لاحقا بالعنف والارهاب."

ومن جانبه، اعترف مكتب "آى تى إن" المكلف من قبل جماعة الإخوان بفشله في حظر نشر تقرير الحكومة البريطانية بشأن نشاط الجماعة.
وذكر مقال بصحيفة "ذي جارديان" البريطانية أن جماعة الإخوان المسلمين تستعد لتقديم طعون قضائية بخصوص تقرير للحكومة البريطانية حول الإخوان، موضحا أن الجماعة تعتبر أن التقرير الذي طال انتظاره حول الإسلام السياسي خضع لاعتبارات نتيجة للتأثير غير الملائم الذي مارسته دول حليفة لبريطانيا تعادي الديمقراطية بالشرق الأوسط.
الصحيفة ذكرت أن التقرير الذي أمر كاميرون، بإنجازه حول نشاط الإخوان داخل المملكة المتحدة، من المتوقع أن يدرج فرض بعض القيود على الجماعة والمؤسسات المقرّبة منها، في خطوة سيصورها الوزراء على أنها "عملية قمع بحق الإسلاميين.
ولفت التحقيق إلى أن الجماعة لن تقف مكتوفة الأيدي، حيث أكد فريق المحامين الذين انتدبتهم الجماعة بأن أي انتقادات لا تقوم على أسس صلبة سيتم الطعن فيها داخل المحاكم البريطانية.
من جانبه قال طيب علي، أحد المحامين ضمن فريق الترافع عن الإخوان لصحيفة "ذي جارديان": "ننتظر نشر التقرير، وفي حال ورود انتقادات سلبية لا داعي لها أو مبالغ فيها، فسنقوم بالشروع في إجراءات قانونية للطعن فيها.
وأضاف طيب للصحيفة أنه تم الوقوف على حالة تشير إلى تأثر التقرير بشكل غير ملائم بالضغط الذي مارسته قوى خارجية معادية لانتشار الديمقراطية في الشرق الأوسط"، وبأنه تلقى ضمانات من المحامين التابعين للحكومة بأن جماعة الإخوان المسلمين سيتم "تبليغها بالتقرير وستمنح الحق في الرد على الانتقادات، مضيفًا أن هذا الأمر هام للغاية، لأن أي انتقادات لا أساس لها من الصحة ستؤثر على صورة وسمعة أكبر منظمة ديمقراطية بالشرق الأوسط.
كما أوضح المقال أن التقرير الذي أشرف عليه جون جنكينز، سفير بريطانيا سابقا لدى المملكة العربية السعودية، يدعو على ما يبدو إلى تشديد المراقبة على جماعة الإخوان والمؤسسات التابعة لها ببريطانيا.
ولفت إلى أن نتائج التقرير كان مبرمجا لنشرها في يوليو 2014 لكنها تأجلت لوقت طويل، دون أن يقدم مكتب رئيس الوزراء البريطاني أي توضيحات بهذا الشأن.
وتواصل بريطانيا لعبة الموائمات لإرضاء حلفائها في المنطقة، حيث يري مراقبون أن التقرير انتهي منذ فترة ولن يتم إعلانه ما يؤكد على أن لندن متواطئة مع الإخوان المسلمين، في ظل عدم اعترافها بأنها جماعة إرهابية حتى الآن.