جماعة الإخوان بين التقرير البريطاني والانقسامات الداخلية
الأحد 20/ديسمبر/2015 - 02:51 م
طباعة
حسام الحداد
رغم أن التقرير البريطاني حول نشاط جماعة الاخوان الارهابية جاء كالصفعة حسب وصف دار الافتاء المصرية في بيان لها واصفة التقرير البريطاني الفاضح للإخوان المسلمين ب«الضربة الأقوى للجماعة منذ الإطاحة بهم من حكم مصر»، حيث أدمنوا العنف واتخذوه سبيلاً للحكم والحفاظ عليه ومن ثم استعادته، وأكدت أن الموقف البريطاني يمثل بداية لانحسار وحصار نشاط الجماعة في الخارج.
وأكدت الإفتاء في بيان لها أمس السبت 19 ديسمبر 2015: أن تقرير الحكومة البريطانية ضد الإخوان يمثل صفعة قوية ليس فقط للجماعة الإرهابية وإنما لجميع التيارات والجماعات المتحالفة معها والمتعاونة في أعمال العنف والتخريب التي عاناها المجتمع المصري على مدار فترة حكم الجماعة وما تلاها من أحداث، حيث تناول التقرير أعمال العنف والقتل التي نفذتها الجماعة خارج حدود بريطانيا، وخاصة ما قامت به في مصر عقب ثورة الثلاثين من يونيو.
وأشارت الإفتاء إلى فشل الجماعة في خداع العالم الخارجي عبر تبني خطاب خارجي سلمي ينبذ العنف ويتبرأ منه، بينما الخطاب الداخلي والممارسات الواقعية تشير إلى تورط الجماعة في التحريض على ارتكاب أعمال عنف وتخريب والتحريض عليها، ودعمها عبر تمويلات خارجية خدمة لأهداف الجماعة والأطراف الداعمة لها.
ورصدت الإفتاء التباين الكبير في خطاب الجماعة في الداخل والخارج، ومحاولتها الدائمة إعلان السلمية ونبذ العنف في الخارج لدى الدول والمنظمات الدولية، بينما خطاب الداخل يدعو ويحفز بل ويدعم أعمال العنف والقتل تحت مسميات وهمية على شاكلة «السلمية المبدعة»، و«الردع الثوري»، وهي مصطلحات استخدمتها الجماعة لتخفي خلفها أعمال العنف والتخريب، وتجنب الاتهام بتبني العنف ودعمه.
محمود عزت، نائب المرشد العام للجماعة
إلا أن الجماعة لا تلقي بالا للتقرير البريطاني حتى الأن ومشغولة بصراعاتها الداخلية فقد واصلت اللجنة الإدارية، التي تدير جماعة الإخوان داخل مصر، إجراءاتها التصعيدية ضد محمود عزت، نائب المرشد العام للجماعة، حيث أعلنت تعيين أمين عام جديد للجماعة فضلت إخفاء هويته، رغم تمسك مجموعة عزت بمحمود حسين في المنصب.
وأعلنت اللجنة (لجنة فبراير) أيضاً عن عزمها إجراء انتخابات لمجلس شورى، ومكتب الإرشاد، بعد الانتهاء من إعداد اللائحة الجديدة، فيما دعت بعض قيادات الجماعة إلى تولى الدكتور يوسف القرضاوي قيادة التنظيم في الفترة الحالية، على أن تبايعه جميع فصائل الجماعة.
واعترفت اللجنة، في بيان لها أمس السبت 19 ديسمبر 2015، بوجود خلاف داخلي بالجماعة، وقالت إن البعض يحصر هذا عن جهل أو قصد في مسألة الثورية والسلمية، لكنه في الحقيقة يتعدى ذلك إلى منهجية الإدارة وأسلوب اتخاذ القرار ومرجعيته، خاصة في ظل انتهاء مدة مكتب الإرشاد، فضلا عن استحالة انعقاد نصابه القانوني بسبب وجود عدد من أعضائه بالسجون.
وأوضحت أنه على رأس مهامها «التأسيس لمرحلة جديدة وإجراء تعديلات اللائحة والإعداد لانتخابات تأتى بمن يعبر عن الصف في ظل هذه المتغيرات، ويدير الدفة باجتهاد صحيح بعدما أخفقت اجتهادات سابقة في الوصول للأهداف».
وتابعت أن «حلول هذه المشكلات لن تتم عبر وسائل الإعلام، ولا ينبغي له ذلك، وإن كان من حق الجميع معرفة الحقائق والشفافية في عرضها، لذا سنتواصل عبر الإعلام بإطلالة حول أهم النتائج ونسعى للحل بالطرق الصحيحة، فيما وراء ذلك، ويعيننا حالياً لجنة تقصى حقائق في الداخل والخارج، بعد الموافقة على تشكيلها».
وشددت على أنها في حالة انعقاد دائم في هذه الفترة، وأنها تدرس العديد من الأمور واتخذت بعض القرارات سيتم تمريرها لمستويات العضوية في المسارات المتعارف عليها.
وقد كشفت الأزمة الأخيرة عن حجم الخلافات الداخلية للجماعة مما اضطرها مؤخرا تحت وطأة الأزمة الداخلية العنيفة التي تتعرض لها، إلى الكشف عن عدد من التفاصيل التنظيمية حرصت على إخفائها خلال الـثلاثة أعوام الماضية بسبب الظروف الأمنية، حيث كانت الجماعة تحيط التفاصيل الخاصة باللجنة العليا لإدارة الجماعة بالداخل بسياج شديد من السرية والكتمان، واتبعت نفس الأسلوب فيما يتعلق ببعض هيئات الجماعة بالخارج.
الرئيس المعزول محمد مرسى
و من بين المعلومات التي تكشفت خلال الأزمة الأخيرة، أن الجماعة شكلت لجنة عليا لإدارة شئونها داخل مصر تضم 11 عضوًا أسماءهم غير معلنة لاعتبارات أمنية، لكن رئيس اللجنة هو الدكتور محمد عبد الرحمن المرسى، عضو أخر مكتب إرشاد قبل الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسى من السلطة في يوليو 2013. ووفقًا لمحمد منتصر المتحدث الإعلامي للجماعة، فإن القيادي الإخوان المهندس عبد الفتاح السيسي، الذى لقى مصرعه في يوليو الماضي أثناء اجتماع تنظيمي إثر اقتحام قوات الأمن لشقة في مدينة 6 أكتوبر كان يتولى منصب الأمين العام لهذه اللجنة. ويعتقد أن عددًا من قيادات الجماعة تناوبوا على قيادة التحركات المركزية للجماعة داخل مصر، سواء قبل تشكيل هذه اللجنة أو تركوا في عضويتها بعد تشكيلها؛ ومنهم محمد وهدان عضو مكتب الإرشاد وحسين إبراهيم الأمين العام لحزب الحرية والعدالة المنحل، وتم إلقاء القبض عليهم، بالإضافة إلى على بطيخ عضو مجلس شورى الجماعة، وفقًا لاعترافه على إحدى الفضائيات الإخوانية عقب هروبه من مصر إلى تركيا، وكذلك حسين إبراهيم، الأمين العام لحزب الحرية والعدالة بالإضافة إلى محمد كمال عضو مكتب الإرشاد. وهناك خلاف حول صلاحيات اللجنة ومدة عملها بين فريق يرى أنها تمثل بديلاً لمكتب الإرشاد وبالتالي تتمتع بجميع صلاحيات المكتب، وفريق آخر يرى أن اللجنة مؤقتة ومدة عملها لا تتجاوز الـ6 أشهر وفقًا لقرار مجلس شورى الجماعة الذى انعقد في يونيو الماضي.
الدكتور أحمد عبد الرحمن أمين حزب الحرية والعدالة
ولجنة إدارة الأزمة بالخارج ويتولى رئاستها الدكتور أحمد عبد الرحمن أمين حزب الحرية والعدالة بالفيوم سابقًا وتعرف إعلاميا باسم "المكتب الإداري للإخوان المصريين بالخارج"، وتم تشكيلها عبر انتخابات شارك فيها الإخوان المصريين المقيمين في عدة دول؛ منها قطر وتركيا واليونان وماليزيا، وتضم في عضويتها مجموعة من الأعضاء منهم عمرو دراج وزير التعاون الدولي في عهد الرئيس المعزول، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة "المنحل"، ويحيى حامد وزير الاستثمار في عهد الرئيس المعزول، وأيمن عبد الغنى أمين شباب حزب الحرية والعدالة "المنحل"، وصهر خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة، ومحمد البشلاوى الصادر ضده حكم بالإعدام في قضية أحداث مكتب الإرشاد، والقياديين طاهر عبد المحسن وعبد الحافظ الصاوي.
إبراهيم منير نائب المرشد العام لجماعة الإخوان
ثم رابطة الإخوان بالخارج وهي رابطة تابعة للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان وتمارس عملها من قبل ثورة يناير ويتولى إدارتها إبراهيم منير نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المقيم فى لندن، ويشاركه في إدارتها محمد سودان المتحدث باسم لجنة العلاقات الخارجية بالجماعة، ومحمود الإبيارى أحد مسئولي الإعلام في مكتب لندن والمسئول عن تحرير نشرة رسالة الإخوان الأسبوعية.
ومجلس شورى الجماعة ووفقًا لنص المادة 12 من اللائحة الداخلية لجماعة الإخوان، فإن مجلس شورى الجماعة يتشكل من خمسة وسبعين عضوًا على الأقل وتسعين عضوًا على الأكثر يختارون بطريق الاقتراع السرى من بين أعضاء مجالس شورى المحافظات؛ وتم إلقاء القبض على عدد كبير من أعضاء مجلس شورى الجماعة في أعقاب عزل محمد مرسى عن السلطة، لكن محمود حسين الأمين العام أكد في لقائه الأخير مع قناة إخوانية، أن نحو ثلثي أعضاء مجلس الشورى العام متواجدين خارج السجون إما خارج مصر أو داخلها. ومن بين المعلومات التي تكشفت خلال الأزمة الأخيرة، أن مجلس الشورى العام للجماعة اجتمع في مايو الماضي، واتخذ مجموعة من القرارات منها تشكيل لجنة تتلقى الاقتراحات لتعديل اللائحة الداخلية للجماعة، وإقرار تشكيل اللجنة العليا لإدارة شئون الإخوان بالداخل، لكن لم يتم الكشف عن آلية إجراء الاجتماع.
الشيخ محمود الفقي، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان
وحول الأزمة الطاحنة التي تمر بها الجماعة أكد الشيخ محمود الفقي، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان، أن حصار الإخوان في أوربا بعد التقرير البريطاني الذي قال إن هناك علاقة بين الإخوان والمتطرفين سيؤدى إلى وضع تحركات الجماعة تحت الميكروسكوب، بالإضافة إلى المشكلات التي تعانى منها الجماعات بالداخل من وجود انشقاقات بين صفوف الشباب على القيادات القديمة، والفشل المستمر للجماعة على الساحة الداخلية، مؤكدا أن هذه الأمور تعنى خروج الجماعة من الساحة السياسية.
وقال الفقي إن القيادات الدموية التي هيمنت على الجماعة منذ بيعة القبور ومصطفى مشهور، وانحرفت الجماعة عن فكر البنا إلى فكر سيد قطب، مؤكدا أن الجماعة ستتحول إلى ماض وتراث كتراث القرامطة وخلال خمس سنوات لن يكون هناك أثر للإخوان، على حد قوله.