جماعة الإخوان بين "الحل" ومبادرات "لم الشمل"
الخميس 24/ديسمبر/2015 - 04:26 م
طباعة

تصاعدت في الأسبوع الماضي دعوات من داخل جماعة الإخوان مطالبة بحل الجماعة وتقسيمها إلى مجموعتين على الأقل وتفاعلا مع هذه الدعوات ودفاعا عن حل الجماعة من قبل الكيان الصهيوني، نشرت مواقع تابعة لجماعة الإخوان تقريرا بعنوان "إعادة تشكيل الإخوان المسلمين في مصر"، نشره معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي عبارة عن تحليل لـ"إريز شتريم"، تناول فيه العواقب الخطيرة على استقرار مصر والأمن الإقليمي جراء قمع جماعة الإخوان المسلمين، عبر قتل أنصارها واعتقال الأخرين واعتبارها منظمة إرهابية، وتفكيك بنيتها التحتية الاقتصادية والاجتماعية. حسب معهد الدراسات الإسرائيلي
وأشار إلى أن حالة اليأس والإحباط لدى الإخوان المسلمين تقود إلى متغيرات بعيدة جدًا في هيكل وأيديولوجية وطبيعة نشاط الحركة ومؤيديها في مصر.
وحذر من أن تلك العملية الخطيرة من المرجح أن تكون لها عواقب جسيمة ليس فقط على استقرار مصر، وإنما للأمن الإقليمي أيضًا.
وتحدث عن أن الإخوان المسلمين في مصر واحدة من أكثر الحركات السياسية نفوذًا وتأثيرًا في التاريخ الحديث بالشرق الأوسط، وكان يتوقع أن تستمر في حكم مصر سنوات كثيرة حتى جاء صيف 2013م.
وأشار إلى أن الإسلاميين لهم أصول متجذرة في مصر، ومن غير المتوقع محوهم من الخريطة، لكن هناك خطر متزايد من أن

أن الجماعات التي تدعو إلى أيديولوجية أكثر راديكالية، ومن بينها حركات الجهاد العالمي ستملأ الفراغ الذي تركه الإخوان المسلمون.
وذكر أن الطبيعة المركزية والهيكل الهرمي غير المرن في الإخوان عبر تاريخ الجماعة، لم يعد موجودًا الآن، فصناعة القرار في الجماعة لم تعد مركزية، لذلك فإن الخلايا التي تعمل في الميدان تتمتع الآن بحرية أكبر في الحركة.
وأضاف أن قيادة الإخوان، سواء التي في السجون أو في المنفى، غير قادرة على فرض قرارات على الأعضاء المطلوب منهم تنفيذ سياسة الجماعة، كما يشعر شباب الجماعة بالعجز وفقدان الرؤية، كما أن صدمة المواجهة مع الإجراءات القمعية للنظام قادت إلى تغييرات داخل القيادة وتعميق الانقسام الداخلي، وانتقادات حادة من قبل الشباب للقادة كبار السن، خاصة أولئك الذين يقيمون في تركيا أو قطر.
وتحدث عن أن الضغط الذي يمارس من قبل النظام والانقسام بين القيادة في الخارج والنشطاء والقادة في مصر، لا يتناسب مع الطابع الهرمي التقليدي الذي ظهرت عليه الحركة لسنوات طويلة.
وأشار إلى حدوث تقارب بين الجماعة والفكر السلفي، فكثير من الشخصيات الدينية التي تشجع على المقاومة العنيفة للنظام على القنوات التي ترعاها الإخوان في تركيا، هم شيوخ سلفيون وليسوا معروفين بانتمائهم للإخوان، مضيفًا أن القمع المشترك الذي يتعرض له الإسلاميون يمسح الخط الفاصل بين الجماعات الإسلامية.
وذكر أنه من الصعب تقدير نسبة مشاركة الإخوان في موجة الإرهاب بمصر والهجمات، التي أصبحت روتينية يوميًا، والتي تسببت في تكلفة باهظة لأرواح أفراد الأمن والقضاة والسياسيين الداعمين للنظام وآخرين، فمعظم النشطاء الإسلاميين في مصر ليسوا فعليًا أعضاء في أي منظمة، وليس بالضرورة أن يكون هناك ربط مباشر بين العنف والإخوان.
وحذر من أن تنظيمات مثل "داعش" و"القاعدة" تحاول حاليًا ملأ الفراغ محل الإخوان، وتسعى لاستمالة أعضاء في الجماعة ونقل الهجمات من سيناء إلى داخل مصر.
وعلى جانب آخر فقد كثرت التساؤلات حول مصير الجماعة في أزمتها الحالية خصوصا بعد اصدار التقرير البريطاني والذي ألمح بأن الانتماء للإخوان انما هو انتماء للتطرف ومن بين من تحدث عن مصير الجماعة في ظل هذه الظروف

الكاتب والمحلل السياسي عزام التميمي، المقيم في لندن والذي تربطه علاقات بالجماعة، حيث قال: “أزمة الإخوان ليست أزمة غير مسبوقة فقد مرّت الجماعة قبلها بمحن صعبة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي”، في إشارة إلى ملاحقة الرئيس المصري الأسبق جمال عبدالناصر للكثير من قياداتها وكوادرها، وإصدار قرارات إعدام بحق بعضهم.
واستدرك التميمي: “يبدو أن حجم الأزمة الحالية (مشيراً إلى الخلافات والضغوط الدولية)، أكبر مما سبقها لأن حجم الجماعة حينما وقعت الكارثة كان كبيراً جداً وممتداً جداً، فجاءت التداعيات بحجمه”.
وربط التميمي بين استمرار الجماعة وبين تمسّكها بالاعتدال، في قراءة مستقبلية لدور الجماعة قائلاً: “ما يُبقي هذه الجماعة حية ويمدها بالقدرة على الصمود واستئناف المسير، ولو بعد حين، هو الفكر الذي يميزها عن غيرها من حيث اعتداله ووسطيته وشموله”.
وأضاف التميمي، مدير معهد الفكر السياسي الإسلامي في لندن: “لكن من المبكر جداً أن يحكم على الجماعة بأنها وصلت إلى مداها وأن عمرها قد انقضى، خاصة إذا تذكرنا – كما أشرت آنفاً – أن ضربتي الخمسينيات ثم الستينيات من القرن الماضي للجماعة جعل البعض يكاد أن يكتب نعياً لها”.
ومتطرقاً إلى خيارات الجماعة المتاحة، مضى التميمي قائلاً إن “المعضلة فيما يجري أن لا أحد يملك بديلاً عملياً للجماعة، سواء ممن ينقدها من داخلها أو من يندد بها من خارجها، والبديل الذي يقترحه البعض سبقهم إليه أصحاب تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، وهو بديل مدمر، لا يبقي ولا يذر، يبدأ بإهلاك الآخر وينتهي بإهلاك الذات”.
ولم يستبعد التميمي انتهاء الجماعة إن لم تتخذ خياراً سريعاً لمعالجة أزماتها، قائلاً: “تبقى الحقيقة التي لا مراء فيها، وهي أن مشروع الإخوان المسلمين مشروع إصلاحي بشري، من يقومون عليه يجتهدون، قد يصيبون تارة ويخطئون تارة أخرى، وهو ككل مشاريع البشر ليس أبدياً ولا معصوماً ولا منزهاً، وإنما يستمر ما قدر الله له أن يستمر، وبحسب ما ييسر الله له من أسباب النجاح”.
ويرى الأكاديمي

عبدالخالق عبدالله، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات، أن الجماعة في مأزق كبير.
وعن رؤيته لواقع جماعة الإخوان قال عبدالله: “أعتقد أنها عاشت عصرها الذهبي خلال ثورات الربيع العربي التي انطلقت في ديسمبر 2010، من تونس، وخلال عهد مرسي، وانتهى هذا العصر، وأعتقد أن يكون بلا رجعة”.
وأضاف: “الإخوان اليوم يعيشون واحدة من أسوأ لحظاتهم منذ 80 عاماً، وتقرير الحكومة البريطانية وصفهم بأنهم جماعة بها تطرف، وحتى الآن موقعهم التاريخي أصبح على المحك، وأصبح طريقه أضيق من أي وقت مضى”.
وكان ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني، أعلن الخميس الماضي، في تقرير عن نشاط الإخوان بدأ العمل فيه من أبريل 2014، أن جزءاً من الإخوان “له علاقة غامضة للغاية مع التطرف”، وأن الانتماء لجماعة الإخوان أو الارتباط بها “يعتبر مؤشراً محتملاً للتطرف”، وهو ما رفضته الجماعة، في تصريحات لقياداتها مؤخراً.
والأزمة الثالثة داخل تنظيم الإخوان خلال العام الجاري بعد أزمتين في مايو ، وأغسطس، وصلت ذروتها الاثنين الماضي عقب إعلان مكتب الإخوان المسلمين في لندن إقالة محمد منتصر، من مهمته كمتحدث إعلامي باسم الجماعة وتعيين طلعت فهمي متحدثاً جديداً بدلاً منه”، وتلا ذلك تدشين موقع جديد، واستمرار بيانات مضادة بين قيادات بالجماعة ومكاتب تنفيذية بها، حول إدارة التنظيم وشكل الثورة التي ينتهجونها ضد السلطات المصرية.
وحول خياراتهم المستقبلية في ضوء تصاعد الخلافات والضغوط الدولية، قال عبدالخالق عبدالله: “الإخوان بين خيارين: إما المسير في طريقهم الحالي، وهذا سيؤدي بهم إلى الانتحار، أو إعادة النظر في تكتيكاتهم، وقياداتهم، وقناعاتهم وهو أمر صعب عليهم”.
واتفق

مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية (غير حكومي)، مع عبدالخالق، في أن مأزقاً كبيراً تعيشه جماعة الإخوان، ويضيف: “بل إنها في أضعف حالاتها”.
وحول مستقبل الإخوان قال: “نتحدث عن جماعة لها طابع تنظيمي هرمي، تعيش في ظروف خلاف، وارتباك والتباس بين قياداتها وشبابها، وهناك حالة من حالات الاستقطاب الدولي، والمال يلعب دوراً، لكن هذا كله لا يؤدي إلى زوال الإخوان، هذا مستحيل، ولكن يعمل على إضعافهم”.
ورداً على سؤال بخصوص إمكانية تجاوز قرارات الإخوان لمشهد الخلافات والضغوط الدولية، أوضح أنه “في ظل تواجدهم بالحكم وضحت أخطاء استراتيجية وعدم حرفة سياسية، والآن هم يعلمون أنهم في معركة ليست سهلة، وأنها لن تنتهي بسهولة؛ لكن ما قد يتم هم من يجيبون عنه من خلال خياراتهم المستقبلية التي في كلّ الأمور تبدو صعبة”.
وأشار إلى أن التقرير البريطاني لن يكون نهاية المطاف بخصوص الضغوط الدولية على الجماعة، مستبعداً أن يطول التحالف الإسلامي الذي أنشأته السعودية مؤخراً جماعة الإخوان.
وحول تقرير بريطانيا حول الإخوان، مضى قائلاً: “كلام ديفيد كاميرون عليه كثير من الملاحظات، فهو متأخر وليس واضحاً مع ولا ضد، وربما خرج بضغوط مُورست على بريطانيا، ولكن هو جزء من حلقة الصراع الدائرة منذ 30 يونيو 2013، و3 يوليو 2013 ضد الإخوان”.
وأشار إلى “صعوبة رجوع الإخوان بمصر للمشهد في ظل واقع سياسي رافض لها على الأقل الآن، ووجود حركة من حركات الواقع الإقليمي والدولي رافض لها أيضاً، ويضعها في ارتباط مع الإرهاب”.
وكانت السعودية قد أدرجت، في السابع من مارس 2014، الإخوان المسلمين كبرى الحركات الإسلامية التي يقع مركزها الرئيسي بالقاهرة، على قائمة “الجماعات الإرهابية”، وفي نهاية ديسمبر 2013، أعلنت الحكومة المصرية جماعة الإخوان “جماعة إرهابية” وحظرت جميع أنشطتها.
وحول محاولات لم شمل الجماعة أطلق 44 قيادياً بجماعة الإخوان المسلمين (كانوا نواباً سابقين بمجلس النواب المصري)، أمس الأربعاء 23 ديسمبر 2015، مبادرة لـ "لم شمل" الجماعة، وإنهاء الخلافات القائمة بين عدد من قياداتها في الداخل والخارج.
وبحسب بيان لهم، قال أصحاب المبادرة، وأبرزهم

القيادي بالجماعة حلمي الجزار (الموجود خارج مصر): "إن سعيهم لحل الأزمة الداخلية للجماعة جاء إدراكاً لخطورة الوضع الراهن، وتأثيراته ليس فقط على مستقبل الدعوة، بل على مستقبل الأمة كلها، وتمسكاً بوحدة الصف وتصويب مساراته".
والقيادات الإخوانية التي كانت ممثلة لحزب الحرية والعدالة (المنحل قضائياً)، في البرلمان المصري الأسبق، طرحت في مبادرتها التي جاءت في 8 صفحات، حلاً للأزمة الحالية عبر 3 أمور هي: "الثوابت، والقواعد، والإجراءات".
فطرحت المبادرة 5 ثوابت، هي:
- الإسراع برأب الصدع والحسم وعدم التردد.
- التعجيل بتشكيل هيئات شورية لكل المستويات الإدارية بالجماعة.
- الانتهاء من اعتماد رؤية استراتيجية تتسق مع الثورة وتتماشى مع الصف الإخواني.
- المؤسسية والشفافية والمحاسبة داخل الجماعة.
- تمثيل مناسب للشباب والمرأة في كافة المستويات داخل الجماعة".
وطرحت المبادرة 6 قواعد وضوابط لحل الأزمة تتمثل في:
- التغيير عبر الانتخابات الداخلية بالجماعة.
- استبعاد كل من أمضى في موقعه دورة انتخابية واحدة.
- سرعة إجراء انتخابات في جميع فروع الرابطة التي تجاوز مسؤولوها 4 سنوات.
- الوقف الفوري من جميع الأطراف لكافة أشكال التراشق الإعلامي أو التشهير التنظيمي، أو استخدام الأدوات التنظيمية أو المادية لتغليب رأي على آخر.
- وجوب تمثيل الخارج في الانتخابات القادمة بالنسبة لمجلس الشورى (هيئة رقابية)، أو مكتب الإرشاد (هيئة تنفيذية).
- تعديل اللوائح، وتحديد المهام، والفصل بين الاختصاصات، وفك الاشتباك بين الجهات، واعتماد معايير العدالة والنزاهة.
وعلى مستوى الإجراءات، طرحت المبادرة، أمرين هما:
- إجراء انتخابات شاملة (مجلس شورى جديد، مكتب إرشاد جديد، مجلس رابطة جديد، مكتب خارجي جديد).
- جمع أصحاب الرأي والخبرة والاختصاص، وشركاء الثورة، ووضع جميع الرؤى الاستراتيجية التي تم التوصل إليها للوصول إلى رؤية استراتيجية واضحة المعالم، يلتزم بها الجميع بعد اعتمادها من مجلس الشورى العام خلال شهرين من تاريخ انتخابه.
ولم تفصح المبادرة عن أسماء الـ 44 شخصية الموقعة عليها، لكن وفق مصدر بجماعة الإخوان، فإن من بين الموقعين، أمير بسام، وعبد الموجود درديري، وحلمي الجزار، وعزب مصطفى، ومحمد عماد الدين، ومحمد الفقي، ورضا فهمي، وعبد الغفار صالحين، وعادل راشد، ومصطفى محمد، وعبد الرحمن شكري، وأيمن صادق وغيرهم.
ووفق المصدر ذاته، فإن المبادرة تم تقديمها مؤخراً إلى اللجنة الإدارية العليا للجماعة، ولرابطة الإخوان المسلمين في الخارج، والتي يمثلها محمود حسين القيادي بالجماعة.
وما زال السؤال الوجودي الخاص بالجماعة في انتظار إجابة ألا وهو: ما هو مصير جماعة الاخوان في ظل الظروف الراهنة داخليا وخارجيا، وفي ظل الانقسام الداخلي الذي يهدد الجماعة؟
مواضيع ذات صلة
إقالة مكتب إرشاد جماعة الاخوان ودعوات لتقسيمها إلى مجموعتين
ملامح انقسام "الجماعة".. الإخوان بين المصالحة والتصعيد ضد الدولة
الصراعات الداخلية تسيطر على جماعة الإخوان
اعترافات نائب المرشد تحرج "الإخوان".. وانقسامات جديدة داخل الجماعة
تصاعد حدة الأزمة الداخلية لجماعة الإخوان وحل مكتب إخوان الخارج
جماعة الإخوان بين التقرير البريطاني والانقسامات الداخلية
الصراع على الزعامة يعصف بجماعة الإخوان الإرهابية
استمرارًا لتصعيد الأزمة.. مكتب "إخوان الخارج" يرفض قرار حله