أزمة اللاجئين.. صداع في رأس ميركل وأوروبا
الإثنين 28/ديسمبر/2015 - 11:42 م
طباعة

لاتزال أزمة اللاجئين تُربك السياسات الألمانية للحكومة الحالية، وسط الانتقادات الشديدة التي وجدت بها نفسها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في ظل دعوات من داخل حزبها، بضرورة أن يكون هناك حد لاستقبال طالبي اللجوء واللاجئين، حتى ولو رفضت ميركل ذلك، حيث تواجه صعوبة بالنظر إلى مكانتها كرئيسة حكومة، خاصة عندما تعبر عن اعتقادها أنه على الدول الأوروبية الأخرى أن تنظر للموضوع بنفس النظرة.
ويرى محللون انه بسبب موقف ميركل من اللاجئين فشلت حتى الآن خطتها لتوزيع "عادل" للاجئين داخل الاتحاد الأوروبي بشكل ذريع، حيث يرى شركاؤها الأوروبيون أنه لماذا يجب علينا تحمل العواقب، إذا كانت ميركل ترسل إلى العالم إشارات مشجعة؟

ويدعو مراقبون ميركل على ألا تهتم كثيرا ولهذه الدرجة بردود فعل اليمينيين من أمثال مارين لوبان أو فيكتور أوربان؛ فوجهة نظر رئيس المجلس الأوروبي، البولندي دونالد تاسك، لها وزن أقوى من ذلك بكثير، والذى أكد أكثر من مرة صعوبة موجة اللاجئين وأنها بلغت مستوى كبيرا جدا أعلى من إمكانية توقفها، وأن محاولة إجبار كل دول الاتحاد الأوروبي على قبول حصص من اللاجئين، هي مسألة قريبة من الإكراه السياسي".
على الجانب الآخر يملك الغضب بعض السياسيين الألمان، وقالوا إن رئيس المجلس الأوروبي قد تجاوز سلطاته، ويجب عليه فقط أن يسعى للحصول على إجماع. لكن الطلقة ارتدت على من أطلقها: توسك يعرف أن أغلبية كبيرة جدا من حكومات دول الاتحاد الأوروبي تقف وراءه، وميركل هي التي غردت خارج السرب .

ومثل هذه الانتقادات الواضحة لنهج ميركل، حتى من قبل أشخاص دعموا ميركل في أمور أخرى تساهم في ظهور مزيد من الخلافات مستقبلا، فمؤخرا قال مارك روتى، رئيس الوزراء الهولندي، الذي ينتمي للحزب الديمقراطي المسيحي: "كما نعرف من الإمبراطورية الرومانية، فإن الإمبراطوريات الكبرى تنهار، عندما لا تكون حدودها محمية بشكل جيد."
من جانبه قال وزير المالية الألماني فولفجانج شويبله فقد شبه الهجرة غير المنضبطة بـ"بانجراف ثلجي"، يمكن أن يتسبب عند حدوثه كل "متزلج غير حذر".
وبالرغم من ذلك أبقت ميركل على نهجها، وتسبب ذلك دون رغبة منها، في تعميق الصراعات الداخلية في أوروبا، وتري الأحزاب اليمينية في كل مكان تتقدم للأمام في الانتخابات، كما يزداد التساؤل بشأن منطقة شنجن، الخالية من التفتيش على الحدود.

وهناك ما يشير إلى وجود آثار جانبية خطيرة في بريطانيا، التي ستنظم عام 2017، على أبعد تقدير، استفتاء شعبيا حول مواصلة البقاء داخل الاتحاد الأوروبي أو عدم ذلك، في ظل رغبة ميل نحو الانسحاب من الاتحاد الأوروبي- كنتيجة مباشرة للهجرة غير المنظمة إلى الاتحاد الأوروبي، ورغم أن بريطانيا بإمكانها الانسحاب من أي نظام بشأن توزيع اللاجئين، كما أنها أيضا ليست شريكة في اتفاق شنجن، إلا أن الحسابات البريطانية تعتبر أنه "إذا كانت ألمانيا في غضون سنوات قليلة ستمنح الجنسية لملايين اللاجئين، فإنه سيصبح لهؤلاء إمكانية الاستقرار في بريطانيا، بناء على حق حرية التنقل داخل الاتحاد الأوروبي."
يأتي ذلك في الوقت الذى أطلق فيه الاتحاد الأوروبي العديد من المبادرات الصحيحة بخصوص سياسات اللجوء مثل: مكافحة أسباب الهروب، ومساعدة البلدان المجاورة لسوريا، والسماح بهجرة محدودة للأيدي العاملة. لكن حتى مع قيام كل تلك المبادرات بدور ما- رغم عدم انتظار نتائج كثيرة منها- فلا مفر من إغلاق حدود أوروبا نهاية الأمر. ويتعين على الاتحاد الأوروبي عدم الاعتماد على تركيا وحدها، من خلال قيامها بمنع اللاجئين من التوجه إلى أوروبا. أوروبا نفسها هي التي يجب عليها أن تتولى هذه المهمة الثقيلة في المقام الأول.
والقضية الكبرى عام 2016 تتجلى في مسألة تأمين الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، وإذا فشل ذلك فسيكون نائب رئيس المفوضية الأوروبية فرانس تيمرمانز محقا في تحذيره أنه "لن تفشل شنجن فقط وإنما أوروبا".
ميركل نفسها صرحت قبل سنوات نفس الكلام عند الحديث عن اليورو. وهذه المقولة تنطبق الآن أكثر على موضوع الهجرة.