هل يتحول قضاء "حديثة" المحاصر بالعراق إلى مقبرة جديدة لـ"داعش"؟

الأربعاء 06/يناير/2016 - 02:09 م
طباعة  هل يتحول قضاء حديثة
 
 منذ أعلن تنظيم الدولة "داعش" عن وجوده وهو مصر على تنفيذ شعاره "باقية وتتمدد" بشكل منهجي ففي الوقت الذي خسر فيه أحد أهم معاقله في العراق "الرمادي"، ويحاول الآن توسيع تمدده بالتوسع في الشمال الغربي بقضاء مدينة "حديثة" التي يفرض عليها حصارًا خانقًا يهدد بحدوث كارثة إنسانية بها منذ أكثر من عام. 
 هل يتحول قضاء حديثة
وتتمثل أهمية القضاء فيما يلي: 
1- قربه من العاصمة العراقية بغداد والتي لا يبعد عنها سوى بـ  260 كيلومترًا مما يشكل تهديدًا مباشرًا عليها.
2- يقع بالقرب من واحد من أكبر سدود العراق على نهر الفرات هو "سد حديثة" واستيلاء داعش عليه يعد تهديدًا مباشرًا لبغداد. 
3- يقع بالقرب من أكبر قاعدة عسكرية جوية في غربي العراق، هي "قاعدة عين الأسد" التي تتواجد فيها القوات العراقية، إضافة إلى جنود وضباط أمريكيين، وهو ما قد يؤدي إلى استخدامه كقاعدة داعشية لمهاجمتها. 
 هذه الأهمية تجعل القضاء في مرمى استهداف "داعش" من ناحية بروانة غرب الرمادي بمحافظة الأنبار وقال نعيم الكعود شيخ عشيرة "البونمر": "إن مسلحي داعش يهاجمون حديثة وناحية بروانة من أربعة محاور، وإن القوات الأمنية ومقاتلي العشائر تم استنفارها لصد الهجوم، وإن التنظيم شن الهجوم بعد وصول إمدادات له، عبارة عن أرتال كبيرة من الموصل مركز محافظة نينوي شمال غربي العراق وقضاء "هيت" ومناطق غرب الأنبار ومن سوريا أيضًا، مؤكدًا وجود عشرات السيارات المفخخة قرب منطقة "بروانة"".. هذه التطورات دفعت قائممقام قضاء حديثة مبروك حميد إلى وصف الوضع في القضاء وناحية بروانة بالخطير جدا، وقال: "إن هناك أرتالًا كبيرة من التنظيم وصلت إلى الناحية والقضاء تتضمن العشرات من السيارات المفخخة وعلى الحكومة العراقية التدخل العاجل لإنقاذ القضاء والناحية ومنع سقوطهما بيد التنظيم". 
 هل يتحول قضاء حديثة
داعش بدأت بالفعل في هجوم واسع على قضاء "حديثة" من ناحية بروانة حديثة في يوم 4-1-2016م مستغلة سوء الأحوال الجوية التي منعت التحالف من ضرب تجمعاته في اليوم الأول، وأدى الهجوم إلى مقتل 25 من مسلحي العشائر الذين يحاربون مع القوات العراقية المشتركة إلا أن الهجوم الذي شنه "داعش" من عدة محاور لم يفلح في استعادة التنظيم السيطرة على ناحية بروانة الاستراتيجية، وردت القوات العراقية والعشائر عليها بإحباط هجومها على القضاء ومحيطها، ودمرت 40 سيارة مفخخة وقتلت العشرات من عناصره وأعلنت قيادة العمليات المشتركة في بيان لها اليوم الثلاثاء 6-1-2016م عن استعادة منطقة بروانة من التنظيم والقضاء على عناصره وأسلحته الثقيلة بالكامل، وأعلنت "خلية الإعلام الحربي" عن مقتل "ثامر محمد مطلوب حسين المحلاوي" وزير حرب داعش مع ثلاثة من مرافقيه بضربة جوية في معركة حديثة بالأنبار في غارة للقوة الجوية العراقية، بناحية بروانة التابعة لقضاء حديثة في الأنبار وهو قائد الهجوم العسكري لتنظيم داعش على مدينة حديثة ويعتبر أحد أبرز قادة داعش وعمل مع الزرقاوي وكذلك أبو عمر البغدادي، وكلف من قبل أبوبكر البغدادي بالهجوم على حديثة، وكذلك قتل معه هدوان الراوي أحد أبرز قادة داعش في المنطقة الغربية للعراق وكان الحاسم الأساسي في المعركة ضد داعش وصول الفرقة الذهبية. 
 هل يتحول قضاء حديثة
وقد سبق لداعش إسقاط مروحية للجيش العراقي في منطقة آلوس شرق مدينة حديثة أثناء تقديمها الدعم لعناصر الجيش العراقي في المعارك التي يشنها في المنطقة، وهاجم المدينة بعدة سيارات عسكرية ملغمة؛ مما أدى لمقتل خمسين على الأقل من عناصر الجيش والصحوات في محاولة لاقتحامها وردت مصادر عسكرية عراقية بالتأكيد على أن القوات العسكرية المتمثلة في قيادة عمليات الجزيرة والبادية، وبمساندة العشائر وطيران التحالف الدولي، أحبطت هجمات تنظيم الدولة الرامية لاقتحام القضاء، وقتلت وجرحت العشرات من عناصر التنظيم.
 الأمر في القضاء لم يكن مقتصرًا فقط على هجمات داعش، بل يواجه سكان القضاء الذين يبلغ عددهم 100 ألف نسمة من غياب المساعدات الإنسانية؛ حيث كشف الشيخ علي الجغيفي أحد وجهاء القضاء أن القضاء يعاني من نقص الغذاء والدواء، ولا يوجد هناك حل حقيقي لمعضلته. وطالب الحكومة العراقية بإيجاد حل مناسب لإنقاذ العوائل هناك، التي بدأت تشعر بأنه لا أحد يرغب بمساعدتها، وأن هناك رتلًا من 130 سيارة تحمل مساعدات لأهالي حديثة قادمة من بغداد لم تتمكن من دخول مدينة كربلاء منذ أيام؛ بسبب منع السلطات دخولها، رغم وجود أمر من قائد عمليات الجزيرة والبادية وجهات حكومية أخرى، لكن سلطات كربلاء ترفض دخولها وهي عالقة الآن بين حدود كربلاء والأنبار.
 هل يتحول قضاء حديثة
 وقال حيدر مجيد المتحدث باسم غرفة عمليات الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي: "إن المساعدات التي أُرسلت إلى قضاء حديثة مرتين متتاليتين- عبر جسر جوي- من قبل الحكومة لم تكن كافية؛ وذلك لحاجة الأهالي إلى المزيد منها بسبب الطوق المفروض على مدينتهم، وإن الوضع الإنساني للأهالي مأساوي للغاية بسبب نقص المواد الأساسية؛ حيث حدثت حالات وفاة، أما سكان المدينة فمصرون على تحدي الوضع وعدم الاستسلام له". 
 هل يتحول قضاء حديثة
مما سبق نستطيع التأكيد على أن تنظيم الدولة "داعش" مصر على تنفيذ شعاره "باقية وتتمدد" بشكل منهجي فبعد خسارته للرمادي يأمل في توسيع تمدده بقضاء "حديثة" الذي يعاني من الحصار الخانق، فهل ينجح التنظيم الدموي في ذلك أم يتحول قضاء "حديثة" إلى مقبرة جديدة له.

شارك