بعد تنفيذ عملية إعدام 5 رجال بتهمة التجسس لبريطانيا من قبل تنظيم الدولة "داعش" على يد ملثم تزايدت الشكوك في بريطانيا بشأن إمكانية أن يكون هذا الملثم والذي عرف بجلاد "داعش" الجديد الذي ظهر في شريط الإعدام  الذي بثه تنظيم الدولة "داعش" على المواقع الالكترونية الخاصة به، هو المواطن البريطاني سيدهارتا ذر الذي فر إلى سورية أواخر عام 2014، وتحدثت الصحف البريطانية عن تكهنات قوية بأن يكون "سيدهارتا ذر" المكنى بـ"أبو رميثة" هو الجلاد الجديد الذي ظهر في شريط الإعدام مؤخرا.

أبو رميثة معروف للحكومة البريطانية منذ سنوات بتشدده، وسبق أن شارك في مظاهرات ضد السفارة الأمريكية وسط لندن، وظهر في وسائل إعلامية ودعا إلى تطبيق الشريعة في بريطانيا. وكانت شرطة اسكوتلنديارد قد اعتقلت أبو رميثة بتهمة التحريض، لكنه بعد الإفراج عنه بكفالة عام 2014 فرّ إلى سوريا، والتحق بـ"داعش" في مدينة الرقة، وظهر هناك في شريط فيديو وهو يحمل مولوده الجديد الرابع في يد وبندقية في اليد الأخرى. وعمل في مؤسسة تؤجر قصوراً اصطناعية ،فيما قال أحد شركائه، لهيئة الإذاعة البريطانية، إنه متأكد تماماً من أن صوت هذا الرجل الملثم الظاهر في الفيديو هو صوت ذر. ظهر أيضاً في الفيديو صبي يتحدث الإنجليزية بلكنة بريطانية. وذكرت القناة الرابعة البريطانية أن أحد سكان جنوب لندن قال إنه تعرّف على الصبي، وإنه حفيده عيسى داري، الذي اصطحبته معها إلى سوريا ابنته غريس داري، المعروفة باسم خديجة، وهي من أصل نيجيري تحولت إلى الإسلام. يُذكر أن سيدهارتا ذر أب لأربعة أطفال، وكانت الشرطة البريطانية اعتقلته في سبتمبر 2014 مع عدة أشخاص، من بينهم أنجم شودري المعروف بأفكاره الموالية لـ"داعش"، حيث سبق أن ظهر ذر في وسائل إعلامية دولية ودعا إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في بريطانيا، وإلى أن تغطي النساء أجسادهن بالكامل في الأماكن العامة. 

وتشير تقارير صحفية إلى أن سيدهارتا يُشرف الآن على إعلام تنظيم داعش الدعائي في الإنترنت، وأنه ألّف عام 2015 كتاباً دعائياً تحت عنوان "الدليل الموجز للدولة الإسلامية" بالغ فيه في تصوير رغد العيش في المناطق التي يسيطر عليها "داعش"، مشيراً إلى أنها أفضل من نيويورك ولندن، معدداً أنواع الشوكولاته المشهورة المتوافرة في تلك المناطق.

وأقرت كونيكا ذر، شقيقة المشتبه به، بأن صوت الجلاد يشبه قليلا صوت شقيقها، لكنها في المقابل استبعدت أن يكون هو بالذات، وتعهدت بأن تقتله بنفسها إن ثبت فعلا أنه الفاعل، في حين لم يصدر عن السلطات البريطانية أي تعليق رسمي بالخصوص حتى الآن.. 

وتم الكشف في العام الماضي عن أن "سيدهارتا ذر" هو صاحب الدفاع الطويل الذي نُشر في صحيفة "The Telegraph"، والذي قال فيه إن عنف تنظيم داعش ليس أسوأ من العنف الذي تمارسه ضد هذا التنظيم قوات التحالف الدولي، كما تصدى للدفاع عن "السفاح جون"، محمد موازي الذي قتل في غارة جوية أمريكية في نوفمبر من العام الماضي 2015، واصفا إياه بأنه متعلم ومتحضر وليس بالهمجي!

وعن الدليل الموجز الذي قدمه ابو رميثة عن الدولة الاسلامية فهو مقسم إلى تسعة فصول، هي:

يتحدث فيه البريطاني عن صعود دولة الإسلام وتأسيسيها، وإنتاجاتها البصرية العالية الجودة وخصوصاً صليل الصوارم الذي "يزرع الرعب في قلوب المنافقين". كما يذكر ما قام به أمراء الإسلام كأسامة بن لادن وأيمن الظواهري إلى حين مجيء أبي بكر البغدادي "الذي أنجز ما عجزت عنه المنظمات الأخرى ألا وهو تأسيس دولة الإسلام".

يقول أبو رميثة: "لم أظن أني سأتمكن في حياتي من أن أشهد قيام دولة الإسلام، ناهيك عن أن أعيش فيها، لكن ها أنا الآن، أسعى جاهداً كي أراها تصل إلى روما وما بعدها". بهذه الكلمات الرومانسيّة يصف البريطاني حلمه الذي تحقق ويتغنى بأمجاد دولة الإسلام، التي يتنامى نفوذها، ويقول: "إذا أردت أن تعرف المزيد عن هذه الدولة الناشئة والحياة في ظلها فتابع القراءة واستعد للقيام بالمهام الممتعة".

ويتناول في هذا الفصل انواع الأطعمة التي تتنوع حسب طبيعة الجنسيات التي تتألف منها دولتهم فيقول: "يبدو أن تنوع المقاتلين في دولة الخلافة وتعدد جنسياتهم يفتح الشهية، فكلٌ يأتي بأطباقه المميزة المعدة وفق الشرع الإسلامي. وأهم الأطعمة المتوافرة التي يذكرها البريطاني هي الشاورما، الكباب، الفلافل، العجة، سندويش الجبنة. يشرح بشكل مبسط كلٌّ من هذه الأطعمة، إضافة إلى كوكتيلات عصير الفواكه والشاي والقهوة. ويقول للقارئ: "لا تهتم إن تركت وراءك مقهى الكوستا. ستكون سعيداً إن قلت لك أن دولة الخلافة تقدم أفضل اللاتيهات وأنواع الكابوتشينو"، هذا بالإضافة إلى البوظة والمكسرات. لكن الأكثر إغراءً هو أن دولة الخلافة فيها ألواح شوكالا "سنيكرز"، "كيت كات"، "باونتي"، "تويكس"، "كادبوريز"، و"كيندر سوربرايز" أيضاً.

وبلمحة دعائية يخاطب فيها المجتمع الأوروبي يقول ابو رميثة "يعتمد الطقس على مكان إقامتك في دولة الخلافة، لكن بشكل عام يسود المناخ المتوسطي إلى جانب المناخ الحار في بعض المناق الصحراوية. ويقول أبو رميثة إن موجات الحرّ تشبه تلك التي يشهدها العالم بشكل عام، "إلا أن سهول حلب الخضراء ستنسي المقيمين الجدد هذا الحر"، كما أن موجات البرد والصقيع تضرب المناطق الشمالية من الدولة، بالإضافة إلى تساقط بعض الثلوج.

وقد خصص هذا الفصل عن وسائل النقل فيقول: "لا توجد حدود من صناعة الإنسان بين أرجاء دولة الخلافة، فهي "مملكة متوسعة"، وقد قامت بإزالة الحدود بين سوريا والعراق. وتوفر هذه الدولة المواصلات لسكانها من باصات وسيارات أجرة صفراء، كما بإمكان الفرد أن يمتلك وسيلة نقل خاصة به، بالإضافة إلى أن الدراجات النارية الصينية منتشرة بين السكان أكثر من السيارات ويراوح ثمنها بين 300 و400 دولار أمريكي.

وبنوع من الخطاب الدعائي والترغيب لجذب عناصر جديدة وخاصة الذين يتعاملون في مجال التكنولوجيا يقول ابو رميثة "لا داعي للحديث عن التكنولوجيا المتوافرة، فإصدارات دولة الإسلام تكفي للتعريف بها. وإضافة إلى التقنيات التي يستخدمها الجناح الإعلامي، هناك تقنيات مستخدمة على أرض المعركة، فدولة الإسلام تضمّ الكثير من المخترعين الذين يوفرون خبراتهم لخدمتها، و"يمكن تحويل سيارة مدنية إلى منصة إطلاق صواريخ بسهولة".

ويتحدث في هذا الفصل عن تنوع الجنسيات في تنظيم الدولة "داعش" على اعتبار ان هذا التنوع يتفوق على تنوع المدن الغربية الكبرى فيقول "إذا كنت تظن أن لندن أو نيويورك هما من المدن الكوزموبوليتية، فعليك أن ترى التنوع الذي تحويه دولة الإسلام"، يقول البريطاني مؤكداً أنه التقى فيها بأناس من مختلف بقاع العالم، وأغلبهم من ذوي الكفايات المدهوشين بالحياة في ظل دولة الإسلام. ولا ينسى الحديث عن المعاناة التي كان يعيشها الناس في ظل حكم صدام حسين والنظام السوري، إلا أن تطبيق الشريعة الآن "جعل الجميع يغرقون بالنشوة"، يقول.

وينتقل في هذا الفصل للتعريف بالعملية التعليمية في ما يسميه دولة الخلافة فيقول "دولة الإسلام ليست فقط منظمة عسكرية كما يروج الإعلام، بل تحوي، إلى جانب التدريب الميداني، مرافق عامة من جسور ومستشفيات وطرق مواصلات، بالإضافة إلى نظام تعليمي متميز. لا داعي للقلق إن كان لدى المهاجر أطفال، فالمدارس هنا تعلم العربية والرياضيات والعلوم، والآن أصبح بالإمكان تعلم الطب. كما أن دولة الإسلام لا تدرّس الشذوذ الجنسي، ونظرية التطور، والموسيقا والدراما.

في هذا الفصل الأخير، يتناول البريطاني النظام الاقتصادي في "دولة الخلافة". ويلفت إلى أنها لا تعتمد على المساعدات الغربيّة لكنها تعتمد على دعم الدول المسلمة. كما أن توسعها واعتمادها على الغنائم يجعلاها أقوى. ويبشر البريطاني بانهيار أوروبا وأمريكا والدول العربية التي لا تتبع دولة الخلافة، وكل الدول التي لا تتبع شرع الله وتعاليم النبي محمد ويختم: "حين نصبح في شوارع لندن وباريس وواشنطن سيكون المذاق مرّاً، فنحن لن نريق دماءكم فحسب، بل سندمر التماثيل أيضاً ونمحي تاريخكم، والأكثر ألماً أننا سندخل أطفالكم في الإسلام. حينها سيهتفون باسم دولة الإسلام ويلعنون آباءهم".