محنة سورية.. من يطلق على الإنسانية رصاصة الرحمة
السبت 09/يناير/2016 - 11:17 م
طباعة
إنه لمن المؤسف حقًا أن يتداول الإعلام الغربي معاناة السوريين داخل بلادهم نتيجة اشتداد المعارك بين الجيش السوري والجماعات الإرهابية والمعارضة المسلحة من جانب، وبين تنامى الضربات الجوية من روسيا وفرنسا وبريطانيا والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، في الوقت الذى لا يهتم فيه الإعلام العربي والمصري خاصة بمثل هذه المحنة الحقيقية التي يمر بها الشعب السوري، رغم أن مصر وسوريا كانتا دولة موحدة في خمسينيات القرن الماضي، وحتى الآن هناك ما يعرف في المؤسسة العسكرية المصرية بالجيش الثاني والثالث الميداني، في حين لا يوجد الجيش الأول لأنه كان الجيش السوري هو بمثابة الجيش الأول وخاصة في حرب أكتوبر 1973.
وأجد احراجا كبيرا بسبب عدم مسئولية تجاه ما يحدث من قضايا اقليمية تؤثر بلا شك على الأوضاع الداخلية، وعدم القاء الضوء على معاناة السوريين فى داخل بلادهم، وفى البلاد التى هجروا إليها بحثا عن الأمان ومعيشة افضل، وفرار الملايين منهم إلى لبنان وتركيا والأردن والمانيا وغيرها من البلدان.
أشعر بالخجل تجاه تخاذل المنظمات والمؤسسات الأهلية التى تهتم بالمساعدات لتقصيرها فى شحن الرأى العام المصري والعربي للتخفيف عن معاناة السوريين ومحاولة جمع مزيد من التبرعات المالية والعينية وتقديمها إلى أهلنا فى سوريا، حتى لا يضطروا إلى تناول لحوم القطط والكلاب والحشائش نتيجة النقص الحاد فى السلع الغذائية ومتطلبات الحياة اليومية، وهو ما رصدته الديلي ميل البريطانية مؤخرا وغيرها من الصحف المهتمة بمتابعة تطورات الساحة السورية، وما ترتب عليه من انتشار الجوع ووفاة كثير من السوريين لنقص الطعام.
وأشعر بدهشة شديدة جراء عدم وضوح الموقف المصري من الأزمة السورية، وبالرغم من إيماننا بأن الشعب السوري وحده من يحدد مصيره ومستقبله، ولكن فى ذاك الوقت ملايين السوريين يعيشون بالخارج، وملايين السوريين بالداخل لديهم محنة حقيقية وأزمة كبيرة يتطلب من مصر "الكبرى" أن يكون لها دور، وأن لا يترك هذا الملف بتعقيداته إلى السعودية وايران أو للقوى الدولية التى تتعامل مع الأزمة وفقا لمصالحها وليس وفقا لمعاناة السوريين وأزمتهم، والنظام المصري يتحمل المسئولية بلا شك لأن مصر وسوريا كانت دولة فى الماضي والشعبين لديهم صداقات وروابط تاريخية وحضارية وثقافية لا ينكرها أحد، ولابد من التعامل مع الموقف طبقا لحساسية الوضع الراهن، فإذا لم تتدخل مصر بقوة لحل الأزمة فمن يتدخل؟!
والحقيقة أننى أدرك أيضا أن هناك معاناة حقيقية للشعب اليمنى والشعب الليبي نتيجة ما تمر به الدولتان من أزمة كبري، واستمرار الحرب بالوكالة بين دول قوى عربية واقليمية للتغلغل فى الدولتين والحصول على مطامع خاصة، وأن الإعلام العربي والمصري مقصر أيضا فى التعامل مع أزمتي اليمن وليبيا، لذا لابد من الاهتمام بهذه المحن جميعا إذا كان لدينا ولو جزء من الانسانية التى فقدها الكثيرين بعد أن اعمت المصالح القلوب والعقول!